الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

فوز منتخب الفراعنة يعيد للأذهان علاقة المثقفين بالكرة

لقطة من مباراة مصر
لقطة من مباراة مصر واوغندا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بقدر ما أثار فوز منتخب الفراعنة على المنتخب الأوغندي في إطار التصفيات الأفريقية المؤهلة لبطولة كأس العالم المقبلة لكرة القدم، الفرحة في نفس ووجدان كل مصري بما في ذلك جموع المثقفين فإن هذا الانتصار الجديد للكرة المصرية بتداعياته يعيد للأذهان العلاقة الوثيقة والطريفة بين المثقفين والساحرة المستديرة. 


وتتصدر مصر مجموعتها في التصفيات الأفريقية المؤهلة لمونديال 2018 برصيد بلغ تسع نقاط بينما تأتي أوغندا في المركز الثاني برصيد سبع نقاط وغانا ثالثا برصيد خمس نقاط والكونغو في المركز الأخير بنقطة واحدة.
ولئن توالت تعليقات لمثقفين حول مباراة الثلاثاء الماضي بين منتخبي مصر وأوغندا ضمن التصفيات المؤهلة لمونديال 2018 في روسيا فإن مباريات المنتخب الوطني تحظى دوما باهتمام خاص من جانب المثقفين المصريين فيما يتحدث البعض الآن عن "النظام الكروي العالمي الجديد" كقضية مثيرة حتى للجدل الثقافي.


والذاكرة الثقافية المصرية لن تنسى تأملات كروية للكاتب والأديب الراحل إبراهيم أصلان تومىء للعلاقة بين الأدب والساحرة المستديرة بقدر ما تكشف عن عشق هذا الراحل العظيم للعبة الجميلة وهو الذي كتب من قبل عن أهمية "الإيقاع الصحيح على المستطيل الأخضر وخارجه" وقال" إن الإيقاع الصحيح هو ملمح الشخصية المتكاملة على مستوى الأفراد والفرق والمجتمع كله".
وصاحب "مالك الحزين" و"بحيرة المساء" و"عصافير النيل" و"خلوة الغلبان" هو الذي قال في سياق تأملاته الكروية وتناوله لأوضاع منتخب الفراعنة منذ أكثر من ثمانية سنوات" إن المرء يعرف بإيقاعه حتى ليمكن القول أنك إن لم تمتلك إيقاعك الشخصي فأنت لاتمتلك شيئا".
وفيما أعاد إبراهيم أصلان الذي قضى في السابع من يناير عام 2012 للأذهان ان الملاكم الأعظم محمد على كلاي كان يحقق انتصاراته بفضل ايقاعاته الشخصية الراقصة وهيمنتها على ايقاعات منافسيه فقد لفت كذلك إلى أن لاعبي منتخب الفراعنة عندما يمتلكون إيقاعهم الخاص "يتحول الفريق إلى حشد من جمل موسيقية تتفاعل وتتقدم في منظومة متماسكة".
وإذ حذر صاحب "وردية ليل" و"حكايات فضل الله عثمان" والذي يعد من ابرز كتاب جيل الستينيات في مصر من ان فقد المنتخب الوطني لايقاعه و"عودة كل لاعب مجرد جملة شاردة يعني وقوع النشاز وفقدان حلاوة الانسجام" فانه تحدث عن حقيقة مازالت تجلياتها تعتمل في المشهد المصري حتى اللحظة الراهنة وبعد اكثر من خمسة اعوام على رحيل ابراهيم اصلان آلا وهي:"الفرحة الهائلة" للمصريين عندما يفوز منتخبهم الوطني بأداء جماعي مبهر كما حدث في المباراة الأخيرة مع منتخب اوغندا.
وفي هذا السياق قال صاحب "يوسف والرداء" والذي تحولت روايته الشهيرة "مالك الحزين" الى فيلم "الكيت كات":الأمر المدهش الذي لاخلاف عليه ذلك الأثر الهائل الذي يتركه الأداء الجماعي بجمالياته المبهرة على الناس باختلاف مشاربهم "ويمنح الفرح الهائل حتى لهؤلاء الذين لايشاهدون كرة القدم ولايعرفون الفارق بين ضربة المرمى وضربة الجزاء".
فكرة القدم او "الساحرة المستديرة" كما رأى ابراهيم اصلان وغيره من الكتاب والمبدعين سواء في مصر أو العالم ككل توحد بين الناس كما انتصارات المنتخبات الوطنية "تعمق من احساسهم بكبريائهم الوطنية".


ومن هنا حق للكاتب والناقد الرياضي حسن المستكاوي أن يقول إن كرة القدم "تعزز الكبرياء الوطني" وأن يشيد بعد المباراة الأخيرة بين منتخبي الفراعنة واوغندا بالبيان الذي اصدره الاتحاد المصري لكرة القدم بشأن "الجمهور العظيم" الذي تابع هذه المباراة بمشاعر وطنية.
وأضاف المستكاوي برؤيته الثقافية التي تميزه كناقد كروي كبير: "البطل الأول والدائم هو الناس" وقد "ذهب الجمهور في مجموعات شبابية وضمن اسر مصرية تحب اللعبة..ذهب الجمهور محتفلا باحثا عن المتعة وفي ذلك لايختلف المصريون عن غيرهم من الشعوب التي تقف خلف منتخبات بلادها وتؤازرها وتحتفي ببطولاتها وبانتصاراتها".
ولفت إلى أن "تحليل هذا الرابط بين انتصارات كرة القدم وبين انفعالات الشعوب وأفراحها يجب أن يتسم بالعمق وبفهم لتأثير اللعبة وكيف أنها تأثيرات رياضية وسياسية واجتماعية".
واستشهد حسن المستكاوي بمقولة للكاتب الصحفي الفرنسي باسكال بونيفاس جاء فيها:"كرة القدم هي الظاهرة العالمية الأوسع والأعرض ومركز العولمة وتناقضاتها وامبراطوريتها" معتبرا أن هذه اللعبة الجميلة باتت جزءا من الثقافة الغربية وآدابها لكن كرة القدم "تعولمت شأن الظواهر الثقافية الآخرى".
وفيما يستعد منتخب الفراعنة للقاء الجديد في إطار التصفيات الافريقية المؤهلة لكأس العالم في روسيا وهو اللقاء المقرر يوم الثامن من شهر أكتوبر المقبل في ستاد برج العرب مع منتخب الكونغو، حذر الكاتب والناقد حسن المستكاوي من "اعتبار الفوز على اوغندا تأهلا لكأس العالم" مشيرا الى ان " الفوز على اوغندا على اهميته لا يعني اننا وصلنا الى روسيا ففي الطريق مباريات وحسابات اخرى". 
وإذ تتوالى طروحات مثقفين حول كرة القدم على نحو يعيد للأذهان علاقة عشق لكتاب كبار وسادة ابداع الكلمة بالساحرة المستديرة او كرة القدم ومن بينهم فى مصر اديب نوبل نجيب محفوظ والعلامة الراحل محمد محمود شاكر-جاءت اطلالة كروية لكاتب الأورجواى الشهير ادواردو جاليانو وكأنه يؤكد على هذه العلاقة بين ابداع القلم والابداع على المستطيل الأخضر!. 
وإذا كان أديب نوبل المصرى وهرم الرواية العربية نجيب محفوظ قد أشار مرارا فى كتاباته واحاديثه وحوارات اجريت معه لعشقه لكرة القدم واجادته لمهارات الساحرة المستديرة وانخراطه كلاعب فى مبارياتها أيام الصبا وباكورة شبابه قبل أن يكرس حياته للإبداع بالكلمة فإن العلامة والمحقق المصرى الراحل محمد محمود شاكر عرف ايضا بحبه لكرة القدم وهو ماينطبق على ثلة من المبدعين بالكلمة من بينهم سيد الابداع فى الأورجواى ادواردو جاليانو.
وبقدر ما يثير الجدل ويتناول مواطن الخلل والوجع فى هذا العالم ويهجو الرأسمالية المنفلتة فى كتابه "ابناء الأيام" ويهاجم الأسبان فى عقر دارهم جراء خطايا تاريخية ارتكبت أثناء ما سمى باكتشاف العالم الجديد ضد السكان الأصليين فان ادواردو جاليانو لم يتخل عن عشقه الأثير "للساحرة المستديرة" حتى أنه أهدى مقتطفات من هذا الكتاب إلهام لفريق برشلونة الاسباني الذي بدا مؤخرا وكأنه يواجه محنة بعد انتقال لاعبه الشهير نيمار الى فريق باريس سان جيرمان بصورة اثارت جدلا واسع النطاق في العالم ككل.


وإذ يرى كاتب اورجواي الشهير ادواردو جاليانو أن اللاعب الأرجنتينى ونجم فريق برشلونة ليونيل ميسى هو أفضل لاعب فى العالم فان الكاتب والشاعر المصري الكبير فاروق جويدة استحسن فكرة دعوة مشاهير كرة القدم في العالم مثل ميسي وكريستيانو رونالدو نجم فريق ريال مدريد لزيارة مصر غير أنه رأى أيضا أنه من المفيد توجيه دعوات مماثلة لمثقفين وفنانين كبار في العالم.
وقال فاروق جويدة" إن تجارب رجال الأعمال المصريين مع نجوم الكرة العالمية فكرة ناجحة وتركت آثارا بعيدة على السياحة المصرية، ولكن هناك جانبا آخر يجب أن نهتم به وهو الثقافة" داعيا رجال الأعمال لتبني فكرة توجيه دعوات لمشاهير المثقفين في العالم لزيارة مصر كما يحدث مع نجوم كرة القدم.
ولئن كان الراحل العظيم نجيب محفوظ حاضرا دوما فى الوجدان المصرى والعربى كأحد أعظم من حملوا أمانة الكلمة وأبدعوا في عالم الرواية فإن ادواردو جاليانو له حضوره الإبداعي المتوهج فى الأورجواى وامريكا اللاتينية فضلا عن اسبانيا التى يكتب بلغتها ويعشق كرتها كما يقدمها فريق برشلونة ونجمه المهاجم ليونيل ميسى. 
وعنوان كتابه "ابناء الأيام" الذى اهدى جاليانو مقتطفات منه لفريق برشلونة مستلهم من تصور الكاتب للبشر الذين يحبهم فهم على حد قوله "ابناء الأيام التى صنعتهم..وهم اللاهثون دائما وراء الحقيقة والحياة".
ويرى نقاد أن كتاب "أبناء الأيام" يجسد مواقف هذا الكاتب الإشكالي حيال العديد من القضايا الإنسانية والتاريخية والاجتماعية التى يعالجها بقدر كبير من الجرأة والتحدى والخروج عن التفكير السائد تقليديا.


ويوصف جاليانو الذي ولد عام 1940 فى مونتفيديو "بالكاتب المثير للجدل والمشاكس دوما" فيما ينتقد ادواردو جاليانو فى كتابه الجديد هؤلاء الذين ينظرون للعالم "من ثقب الباب" حتى لا يرون منه سوى ما يحلو لهم..مؤكدا على سمو قيمة الحرية ومدافعا عن العدالة وحقوق البشر والطبيعة معا.
وفيما اعتبر جاليانو ان "فريق برشلونة الكتالونى العملاق" يقدم المتعة الكروية الصافية بقدر مايلبى طموحات هؤلاء الذين يرون ان "الساحرة المستديرة لابد وأن تحتفل باللاعبين والجمهور معا وتكون عرضا للمتعة على المستطيل الأخضر" فإنه بحكم رؤيته وميوله لن يشعر بالارتياح حيال الصفقة التي انتقل بها نيمار من فريق برشلونة الى فريق باريس سان جيرمان ووصفت "بالصفقة المشبوهة".
ففجأة تجيء أحداث تتحول معها الساحرة المستديرة إلى شهقات دهشة مثل القصة الغريبة والحافلة بالظلال لانتقال النجم البرازيلي نيمار من برشلونة الى باريس سان جيرمان لتثير جدلا في كل مكان حول ما يكمن من نوايا خلف القصة والصفقة ومآرب وأماني تراود البعض لتغيير النظام الكروي العالمي !.
وبصرف النظر عن "الظلال القاتمة والملابسات المريبة وشبهات اللعب المالي غير النظيف من الجانب القطري" التي أحاطت بصفقة هذا المهاجم البرازيلي ليكون أغلى لاعب حتى الآن في تاريخ الساحرة المستديرة وهي ظلال وملابسات وشبهات زادت من حدة الجدل فإن الفرنسيين يحلمون بأن يؤدي انتقال نيمار دا سيلفا لفريق عاصمتهم عبر الصفقة التي تتجاوز تكاليفها الفعلية بكثير الرقم المعلن وهو 222 مليون يورو إلى اكتساب بطولتهم الممتازة للدوري والمعروفة بدوري الدرجة الأولى الفرنسي لقوة دفع هائلة تمكنه من منافسة الدوري الإنجليزي الممتاز من حيث الاستحواذ على اهتمام مشجعي اللعبة الجميلة حول العالم.
كما يراود الأمل البعض من الذين تحمسوا لهذه الصفقة في فرنسا في اقتناص فريق باريس سان جيرمان لبطولة دوري أبطال أوروبا الذي لم يفز به الفرنسيون إلا مرة واحدة عندما توج فريق اولمبيك مارسيليا بالبطولة عام 1993 مع أن هذه البطولة من منظور التاريخ ولدت من بنات أفكار فرنسية.
فالفكرة هنا في "قصة نيمار الحافلة بالظلال وأموال قطر المشبوهة أو الأموال التي لا يعلم أحد من أين جاءت على حد تعبير رئيس رابطة أندية الدوري الاسباني خافيير تيباس" تتعلق برغبة تلح على الفرنسيين لتغيير قواعد النظام الكروي الأوروبي، وبالتالي تغيير قواعد استقرت طويلا للنظام الكروي العالمي !.
لكن السؤال:هل يمكن للاعب واحد مهما بلغت اسطورته الكروية أن يغير النظام الكروي العالمي أم أن هذا الرهان على لاعب واحد مهما كانت مهاراته وقدراته يعكس رؤية سطحية بقدر ما يشكل ضغوطا نفسية هائلة ل اقبل لأي لاعب بتحملها؟!.


هناك من المعلقين الكرويين من وصف انتقال نيمار من برشلونة لباريس سان جيرمان "بالزلزال القوي في الكرة الأوروبية" وهناك من اعتبر هزيمة ابارسا امام ريال مدريد ذهابا وايابا في الكلاسيكو الأخير احد توابع زلزال نيمار !.
ثم ان كتابا ومعقلين متخصصين في الكرة الفرنسية مثل آدم وايت وايريك ديفين مضوا يتحدثون على وقع هذا الزلزال عن "الأرستقراطية الكروية الأوروبية" التي ظهرت وفرضت نفسها في العقد الأخير موضحين ان هذه الأرستقراطية الكروية تضم نخبة قليلة من فرق الأندية الأوروبية التي تحظى بالثروة المالية وامجاد البطولات وخاصة دوري ابطال اوروبا فيما لا تسمح هذه النخبة لبقية فرق اندية القارة العجوز بالاقتراب من القمة او دخول النادي الارستقراطي الذي استعصت ابوابه طويلا عليها !.
وهذه النخبة الأرستقراطية من الفرق الأوروبية مثل ريال مدريد وبرشلونة وبايرن ميونيخ وايه سي ميلان وليفربول ومانشستر يونايتد وتشيلسي تضم افضل اللاعبين في العالم على مدى الأعوام العشرة الأخيرة ولم يدخل اي فريق فرنسي ضمن هذه النخبة قبل صفقة نيمار مع باريس سان جيرمان بينما استمر دوري الدرجة الأولى الفرنسي عاجزا لسنوات طويلة عن اكتساب قوة وشعبية على مستوى العالم لمنافسة يتفوق بها على بطولات الدوري الممتاز في انجلترا واسبانيا والمانيا وايطاليا مع أنه يصنف معها ضمن أهم خمس بطولات للدوري في اوروبا.
والآن هل يمكن للاعب واحد اسمه نيمار أن يغير هذا المشهد حتى لو كان من أهم من صنعوا أحد المشاهد الخالدة في تاريخ الساحرة المستديرة جنبا الى جنب مع ليونيل ميسي ولويس سواريز عندما فاز برشلونة في اياب دور الستة عشر للبطولة الأخيرة لدوري أبطال أوروبا عندما فاز البارسا بستة أهداف مقابل هدف واحد لفريق العاصمة الفرنسية وبدد فرحة الفرنسيين بفوز فريق عاصمتهم بأربعة اهداف نظيفة في مباراة الذهاب وحتى لو كان هذا اللاعب يصنف في تقديرات نقاد ومعلقين رياضيين مثل آدم وايت وايريك ديفين ضمن افضل خمسة لاعبين في العالم ؟!.
لعل الموسم الجديد يحمل الاجابة الشافية لهذا السؤال الكبير ولعلها اجابة ستدخل تاريخ الساحرة المستديرة..ولكن في كل الأحوال سيتوقف تاريخ الساحرة المستديرة طويلا امام صفقة نيمار كلحظة كاشفة لمدى التصاعد في قوة تأثير المال في المشهد الكروي العالمي واستخدامه احيانا بطرق تفتقر للشفافية بقدر ماتنزع نحو "اللعب غير النظيف" والتلاعب بنوازع النفس البشرية لشراء افضل اللاعبين بمبالغ فلكية وكتابة مشهد جديد يتجاوز اهم بطولة كروية محلية في فرنسا الى محاولة تغيير النظام الكروي القاري والعالمي.
والسؤال هنا كما اثارته مجلة رياضية مصرية مرموقة هي مجلة الأهلي في عددها الشهري الأخير:"ماتأثير هذا التوجه الذي يتضمن خطف لاعبين من اندية اخرى باغواء المال ورغما عن انديتهم على اخلاقيات ومثل وروح اللعبة الجميلة" التي تميزت بها اندية كبرى في العالم من بينها الأهلي صاحب السجل المضيء في اللعب والممارسات النظيفة وأمثولة المعادلة العبقرية الجامعة ما بين المبادىء السامية وقيم اللعبة الجميلة والروح العملية التي تستجيب على ايقاع العصر لاستحقاقات النمو واشتراطات الازدهار؟!.


ولا وجه للمقارنة الواقعية في السياق الفرنسي الراهن الذي يسيطر عليه هاجس تغييرالنظام الكروي الأوروبي والعالمي مع مافعلته وتفعله اندية كروية كبيرة مثل ريال مدريد عندما عاش النادي الملكي الاسباني ماعرف "بعصر الجلاكتيكوس" في ظل رئاسة رجل الأعمال والسياسي الملياردير فلورنتينو بيريز لهذا النادي بين عامي 2000 و2006 وجذب للفريق ثلة من اللاعبين النجوم من فئة "السوبر ستارز" كزين الدين زيدان ورونالدو وبيكهام ولويس فيجو ومايكل اوين.
لا وجه للمقارنة لأن ريال مدريد كان قد أمسى من أقطاب النظام الكروي العالمي قبل وقت طويل من "عصر الجلاكتيكوس واستقطاب السوبر ستارز بمبالغ كبيرة للغاية" وتوج قبل هذا "الجلاكتيكوس" مرارا بلقب بطل دوري ابطال اوروبا.
ومهما قيل في سياق التخفيف من آثار هذا الخروج الغريب لنيمار من صفوف البارسا وكذلك ما يقال بحق عن أن أي لاعب مهما كانت قدراته واسطورته لا يمكنه بمفرده أن يقرر مصير فريقه فإن الطريقة التي خرج بها هذا المهاجم البرازيلي من برشلونة تركت الكثير من المرارة لدى عشاق البارسا.
كما انطوت على رمزية سيئة الدلالات للنادي الكاتالوني الكبير والعريق الذي يشجعه مثقفون كبار في العالم مثل ادواردو جاليانو واغرت البعض في الصحافة الرياضية الأوروبية للطعن في شخصية النادي والقول بأنها كشفت عن خلايا تدهور واعراض مرض كامن وعوامل تراجع واضمحلال في هوية برشلونة وعجز عن ايجاد الحلول الحاسمة لحماية مستقبل النادي حتى لاتغرب شمس امجاد البارسا.
وقصة نيمار وانتقاله بطريقة ملتوية وبأموال صفقة بعيدة عن الشفافية لنادي باريس سان جيرمان تختلف مثلا عن الاستثمارات الصينية النشطة في عالم الرياضة الأوروبية وخاصة في بريطانيا ولعل احدثها شراء نسبة تصل الى 80 في المائة من اسهم نادي ساوثهامبتون الانجليزي الذي يتنافس فريقه ضمن فرق البريمير ليج لأن هذه الاستثمارات الصينية تتسم بالشفافية حتى الآن ويمكن على اي حال فهم مقاصدها في كرة القدم التي تحولت الى صناعة هائلة ومرحبة بالاستثمارات الأجنبية فيما لم يعد الانجليز يمتلكون بالكامل سوى ثمانية اندية من بين ال 20 ناديا التي تتنافس فرقها في الدوري الانجليزي الممتاز.
وها هو انطونيو كونتي المدير الفني لفريق تشيلسي المتوج ببطولة الدوري الانجليزي الممتاز في الموسم الماضي يعكف على تنفيذ خطة للتجديد والتدعيم يقول ان من شأنها تحويل "فريق البلوز لأفضل فريق في العالم خلال اربعة اعوام لتحقيق حلمه بكتابة اسم تشيلسي كأفضل فريق في العالم وبالتالي تغيير النظام الكروي العالمي ؟!.
والساحرة المستديرة ترحب دوما بالأساطير الكروية الجديدة وقد ترحب بعالم جديد للعبة الجميلة يجمع مابين المباديء السامية والروح العملية لكنها لن ترضى ابدا عن أية محاولات لتغيير النظام الكروي العالمي من خلال "اللعب المالي غير النظيف" !. 
واللعب النظيف على مستوى الأداء والممارسات لا يتعارض مع أي جديد ومفيد في عالم كرة القدم كما يوضح كتاب جديد صدر بعنوان:" عالم جديد شجاع:داخل سبيرز بوتشيتينو" ويتناول فيه المؤلف والكاتب الرياضي الاسباني جوليم بلاجيو مايسميه بقصة الثورة التي قام بها المدير الفني لفريق توتنهام ماوريسيو بوتشيتينو لتطوير اداء فريقه الانجليزي الشهير "بالسبيرز".
ويرى هذا المدرب الأرجنتيني أن المبادىء لا تتجزأ والشجاعة مطلوبة وكذلك الواقعية سواء على المستطيل الأخضر او في كل اوجه الحياة..ويكشف الكتاب النقاب عن خبايا تنفيذ رؤية بوتشيتينو لتطوير السبيرز عبر الاهتمام بالقوة الهجومية الضاربة والتركيز بطريقة الهجوم الضاغط للاعبين بواسل وتبني المواهب الصاعدة من قاعدة النادي العريق.
وبهذه الرؤية الأخلاقية والعملية في آن واحد كتب بوتشيتينو قصة نجاح لفريق توتنهام هوتسبير منذ توليه منصب المدير الفني في عام 2014 ليصبح الفريق الذي كان عالقا في منطقة الوسط من المنافسين الأقوياء على لقب البطولة لأقوى دوري في العالم حتى انه كان الوصيف في الموسم الأخير للبريمير ليج.
ومن يقرأ هذا الكتاب الجديد سيخلص لنتيجة فحواها أن الالتزام بالمبادىء السامية لا يحول أبدا دون كتابة قصة نجاح على المستطيل الأخضر ولا حتى الرغبة في الحضور الفاعل على مستوى النظام الكروي العالمي وهذا مايفعله المصريون بابداعاتهم على المستطيل الأخضر.