الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

يسري حسين عن ديوان "600 طريق للعشق": نقش بديع في كتاب الحب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نشر الشاعر أحمد الشهاوي منذ قليل، على حسابه على موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك"، دراسة عن الطبعة الثانية لكتابي " أنا من أهوى 600 طريق إلى العشق"، للناقد "يسري حسين" التي أرسلها للشهاوي في لندن منذ أيام
وعن الدراسة كتب يسري حسين:
"يبحر أحمد الشهاوي في بحار العشق في رحلة كشف في أمواج العاطفة وجنون الحب ونغم كلمات يصوغها من وهج القلب ويصبها في جمل تنبض بالمشاعر للتأكيد إن العشق هوية الإنسان، وأنه يحمل صفته البشرية، لقدرة على عشق الجمال في المرأة والكون ونهر الطبيعة المتدفق بالصور والآخيلة والموسيقى.
كتاب الشهاوي "أنا من أهوى.. 600 طريق للعشق" نقش بديع في كتاب الحب بقارب مصنوع من كلمات وعواطف وتأمل، وكتابة على جدران الجمال وعاشق في معبد صنعه من تأملات في عالم التصوف وبرديات الحب الملقاة على شواطيء الكون، فالعنق هنا في هذا الكتاب ليس مناجاة وإنما صلاة وتراتيل وغزل في أيقونات الجمال، للتأكيد بأنه في البدء كان العشق ولايزال يحفظ الكون من الإندثار والإنهيار، فالحب يحفظ النوع البشري في أعلى درجاته، والأمم المتعثرة في ديوان العشق يخرج منها الدمار والألم والعذاب، لأنها تفرز كراهية، هذا السلاح المدمر للإنسانية، فالحب هو الحافظ للكون من التآكل والتبدد والسقوط.
الحضارة اليونانية قامت على الحب وأبولو إله الشعر والموسيقى والخيال وشعر الشاعرة الأغريقية "سافو" يبحر في نهر العشق، لذلك تفجرت اليونان بالفلسفة وعلوم السرد الشعري والملاحم.
عندما نحب نبدع وتخرج من القلب الألحان، فيكتب أحمد رامي "أنت الحب" وترسم موسيقى عبد الوهاب نسيم العشق بصوت أم كلثوم.
خلال الغوص في كتاب الشهاوي، نسيت عالمنا المظلم بكراهية، ونقلنا الكاتب لعوالم آخرى تلمس السحاب، حيث جمال العشق المجرد من مصلحة أو مال، أنه حالة ملامسة الوهج والقبض على سعادة، لا يشعر بها سوى العشاق، من أهل الطريق وأنصار حزب المحبة، الذين يتطلعون لنهج الحقيقة في وجه امرأة أو وطن أو سحاب يضم نجوم الحكمة والمعرفة.
العشق ليس حالة واحدة، وطريق العشق متنوع وغير ثابت، لكن ما يمنحه اليقين هو الصدق، لذلك تدفقت ملاحم الغرام من شعراء على مر العصور، كل واحد يصف عشقه وغرامه، ومازلنا نقرأ عنترة وقيس وشكسبير، ونرى في الشعر حياة وزمن الشاعر، فنتكشف إبراهيم ناجي بعد أن غنت له أم كلثوم "الأطلال" فتتعرف على عاشق سحره عطر النساء.
يصدر الشهاوي كتابه بعبارة للحلاج الذي دفع حياته ثمنا لعشق، جذبه نحو الحقيقة ونور الله، فحدث هذا التوحد بين الحب وذات الله.
حالة العشق لا يدري بها سوى اهل الطريق، لأنهم يتلقون الوهج بالقلب، ويتحدثون بلغة لا يفهما سوى العشاق، لذلك حكم الجهلاء على الحلاج بالقتل ورفض أهل عبلة عشق عنتر، لأنه عبد أسود، كأن الحب من سمات البيض وأهل المال.
يقول الشهاوي "المرأة لا تسكن أبدا، لأن السكون موت للحركة، وموت للمرأة.
ومتى سكنت المرأة ماتت، ومثلي لا يحب السكون في اللغة، ولا في المرأة، والمرأة خالقة لغة".
هذه العبارة تكشف عن رؤية تكره الثبات، لأنه يعني الموت، ويمكن رؤية كل شيء من هذا المنظور، فالحركة من جوهر الحياة والسكون هو الموت، والمرأة رمز للحياة وعندما تخمد عاطفتها فذلك الموت، لكن الشهاوي يتوسع في عبارات قليلة ترسم قلبه الذي يعانق الحركة في اللغة والكون والمرأة، باعتبارها هي الحياة ففي كتاب العشق. يسخدم الكاتب مفردات لغوية نحتها من قلبه، وثقافة عريضة وقراءات في عالم التصوف المثير، الذي يكتشف العالم من خلال العشق، الذي ينير الطريق ويقود لهذا التوحد كما قال الحلاج، اذ لا يمكن اكتشاف جوهر الأشياء والكلمات الا بحالة التوحد والذوبان في نهر العشق للمس كنوزه.
موضوعات العشق كثيره مثل الطرق المؤدية اليه، ومن ينزل لبحر الغرام عليه تعلم العوم والغوص، حتى يلمس الوهج أو الحقيقة بأسلوب الفلاسفة، والشهاوي في هذا الكتاب متأمل وعاشق، وشاعر يصوغ كلماته وعبارته بميزان من مشاعر غارقة في العشق بكل أنواعه وأجناسه، فيمكن قراءة نصوص الكتاب من نافذة التصوف والعشق الإلهي، ويمكن أيضا رؤيته من خلال عشق النساء، ومن حب الجمال ورغبة العاشق للوصول لقمة العناق والتوحد عبر لغة تعانق الشفاه وتتغزل في صفحات الألق بكل جماله وبهاء الحضور الطاغي لجميلة على صفحة الأدب والخيال.
تنبض سطور الكتاب بموسيقى نابعة من صياغة وشذرات مقتطعة من قلب الكاتب، تشعر بكل كلمة وكل حرف بإيقاع داخلي متفجر بالأنغام، كأن الكاتب يريد إخفاء وجه عالمنا المعاصر، الذي فجر غياب العشق اشلاء البشر، وكان الأمل بعودة النبض بآيات العشق وعبارات الحب وألفاظ الغرام، نحن في عالم متجهم، لكن أحمد الشهاوي يحاول إغراء الدنيا بنشيد الحب وكلمات العشق وحديث عن المرأة حتى نتذكر جمالها المنزوي تحت نقاب أسود مخيف.
دعوة للعشق والحديث عن الغرام في زمن متفجرات وقبح، فهل تنجح كلمات العشق بأغنواء البشر بالضياء والأمل فينهضوا من سكون وموت؟ لأن العشق في هذا الكتاب الرائع هو الحياة".