الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

موسيقار الأجيال يحصد "قمح تشايكوفيسكي"

 محمد عبدالوهاب
محمد عبدالوهاب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى العام ١٩٤٦، أنتجت شركة «بيضا قطان للإنتاج السينمائى» فى مصر فيلم «لست ملاكا»، إخراج محمد كريم، وبطولة موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب؛ الذى تغنى فيه بأغنية «القمح الليلة» من ألحانه وكلمات حسين السيد.
الأغنية التى انتشرت انتشار النار فى الهشيم؛ لأنها تتعلق بثقافة شعبية مصرية أصيلة منذ عهد الفراعنة وحتى الآن؛ وهى موسم حصاد القمح؛ فقد جاءت فى الفيلم فى إطار أوبريت، قصته تدور حول عهد الفراعنة؛ الذين دشنوا عيدا للاحتفاء بهذه المناسبة، وتظل حالة الفرح بحصاد القمح عيدا حتى الآن فى قرى الريف المصرى. لاقت الأغنية قبولا كبيرا؛ لدرجة أنه تم السخرية منها فى فيلم «٤ بنات وضابط» بطولة نعيمة عاكف؛ وتحتل نصيبا جيدا فى البث فى محطات الإذاعة حتى وقتنا هذا؛ لكن تلك الأنغام التى خطفت الملايين، وذهبت بهم لجمال الريف المصرى ونسماته، هى ليست نغمات مصرية أصيلة، ففى الأغنية اقتباس طويل من الموسيقى الغربية، وبالتحديد من الموسيقار الروسى بيتر إليتش تشايكوفيسكى فى عمله الأشهر «بحيرة البجع»، وبالتحديد فى مشهد الباليه، الذى ذهبت فيه كلارا إلى مدينة الشيكولاتة؛ تأخذ هذه الفقرة الموسيقية مدة الثلاث دقائق من الغنوة التى لا تتجاوز الخمس دقائق، غلفها عبدالوهاب بإيقاع ريفى مصرى على صوت الدفوف والبندير، ملتزما بالمقام الرئيسى الذى صار عليه تشايكوفيسكى «الماجير»؛ ومن ثم يغادرها عبدالوهاب ويدخل فى لحن آخر للكلام تسيطر عليه الروح الغربية نفسها. تقول كلمات الأغنية التى كتبها الشاعر الغنائى حسين السيد: «القمح الليلة الليلة عيده، يا رب تبارك وتزيده، لولى ومشبك على عوده، والدنيا وجودها من جوده، عمره ما يخلف مواعيده يا رب تبارك وتزيده، لولى من نظم سيده متحكم بين عبيده، أرواحنا ملك إيده وحياتنا بيه، هلت على الكون بشايره ردت للعمر عمره/ والأمر الليلة أمره يا رب احميه/ يا حليوة أرضك راعيتيها والنظرة منك تحييها/ من شهدك كنت بترويها والخير أهى هلت مواعيده، يا رب تبارك وتزيده، والنيل على طول بعاده فات أهله وفات بلاده، جاله يجرى فى ميعاده علشان يرويه، والخير فاض من إيدينا لما النيل فاض علينا، احميه يا رب لينا يا رب احميه، النسمة عرفت مواعيده هزت من شوقها عناقيده، والقمح الليلة الليلة ليلة عيده يا رب تبارك تبارك وتزيده».
وقد بدأ تشايكوفسكى فى تأليف «كسارة البندق» فى العام ١٨٩١، وأنهاها فى عام ١٨٩٢، وهى عبارة عن باليه من فصلين، مأخوذ عن قصة اقتبسها الكاتب الفرنسى ألكسندر دوماس الأب، والتى اقتبسها من قصة «كسارة البندق وملك الفئران» لأرنست هوفمان؛ وكان الانطباع الأول للنقاد الموسيقيين فى أوروبا بعد سماع تلك المقطوعة أن تشايكوفيسكى تأثر بالموسيقى الفولكلورية للريف الروسي؛ وربما يكون هذا الرأى يحيلنا إلى سر استقبال الناس فى مصر بحفاوة لتلك الغنوة وشعورهم بجو الريف فيها. ومنذ أواخر الخمسينيات من القرن الماضى تعرض موسيقار الأجيال فجأه وبلا مقدمات لهجوم حاد حول السرقات الموسيقية والاقتباس من الموسيقى الكلاسيكية الغربية، قادها الصحفى محمد التابعى وعدد من الموسيقيين، من أبرزهم الموجى.