الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الشهادات المضروبة "صداع في رأس التعليم"

الدكتور هانى هلال،
الدكتور هانى هلال، وزير التعليم العالى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الشهادة من 50 إلى 70 ألف جنيه.. والوزارة تجبر الطلاب على كتابة تعهدات
ضبط متهم بحوزته خاتم مكتب التنسيق فى 2016.. وأوراق «مضروبة» وشهادتا ثانوية عامة مزيفتان فى 2017

بيزنس يضرب وزارة التعليم العالى وجامعاتها، يهدد منظومة التعليم.. الشهادات «المضروبة»، التى احتلت صدارتها الشهادات السودانية، تلتها شهادات من دول اليمن، وليبيا، والنيجر، وأخيرا شهادات الثانوية الأمريكية، التى فتحت الباب على مصراعيه لفحص جميع الشهادات للثانوية العامة، والمعادلة العربية والأجنبية فى الميزان.

أكد سيد عطا، رئيس قطاع التعليم بوزارة التعليم العالي، والمشرف العام على التنسيق، أنه منذ انطلاق التنسيق لهذا العام تم اكتشاف شهادتين مزورتين لطلاب الثانوية العامة، لافتا إلى أنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد صاحبيها.
وأضاف «عطا» لـ«البوابة» أنه منذ انطلاق شهادات المعادلة العربية والأجنبية، ويقوم مدير مكتب التنسيق بمراجعة الأوراق المقدمة من كل طالب على حدة، لافتا إلى أن هذا العام تم اكتشاف عدد من الشهادات الثانوية السودانية المزورة، مشددا على أن الوزارة ستقف بالمرصاد ضد حالات التزوير وسيتم فرض أقصى درجات العقوبة لكل من تسول له نفسه تقديم شهادة مزورة من خلال إحالة الواقعة فورا للنيابة العامة للتحقيق.
وتابع «عطا» أنه منذ اكتشاف الوزارة الشهادات المزورة، منذ سنوات، وهى تتخذ الإجراءات اللازمة من فحص الشهادات والتأكد من الأختام بكل شهادة على حدة، وتم التوصل إلى عشرات الشهادات المزورة سنويا، خاصة من الشهادات الثانوية السودانية، مشيرا إلى أنه يتم رفض قبول أوراقها وتم التصدى للعديد من الحالات، وصولا لعدد أقل سنويا من حالات محاولات التزوير، لافتا إلى أنه لن يتم ليّ أذرع الوزارة أبدا بشهادات مزورة، أو بإقامات فى دول غير فعلية.
الأوراق المشروطة
وأكد رئيس القطاع أن على الطالب الحاصل على شهادة عربية أو أجنبية تقديم المستند الذى يفيد الإقامة الشرعية (قانونية وفعلية) للطالب وولى أمره من البلد الحاصل منها الطالب على الشهادة الثانوية، وذلك خلال مدة الدراسة التى تمنح الشهادة الثانوية على أساسها ويحسب منها المجموع الاعتبارى لدرجات الطالب، من خلال تقديم إقامة فعلية موثقة من المستشار الثقافى المصرى أو من السفارة المصرية بالدولة المانحة، أو جواز سفر موضح به تواريخ الدخول والخروج خلال فترة الدراسة، بالإضافة لشهادة تحركات موضح بها تواريخ الدخول والخروج.

ضبط متلبس
تمكن الأمن الإدارى بجامعة القاهرة فى أغسطس ٢٠١٦ من ضبط أحد الأشخاص المترددين على مكتب التنسيق بالقبول بالجامعات بالمدينة الجامعية للطلبة، يدعى (م.م.ع) من محافظة كفر الشيخ، وحاصل على بكالوريوس تجارة، وذلك خلال قيامه بالاتفاق مع طلاب وأولياء أمور متواجدين بمكتب التنسيق، للحصول منهم على مبالغ مالية ومنحهم شهادات ثانوية عامة سودانية لعمل معادلة بها للالتحاق بالجامعات المصرية.
وتبين بعد ضبطه، أنه صاحب مكتب «للخدمات التعليمية» بكفر الشيخ، وعثر أفراد الأمن الإدارى بحوزته على ٣٨ ألفا و٧٠٠ جنيه، و٣٠٠ دولار، و٢٠ شهادة أصل ثانوية عامة ما بين سودانية وأزهرية، وخاتم خاص بمكتب التنسيق، وإيصالات مدفوعة مقدمًا، وفيزا كارد، وهاتف محمول، وعقود اتفاق سفر للسودان للحصول على شهادة الثانوية العامة.
واتخذ الأمن الإدارى بجامعة القاهرة الإجراءات الخاصة بشأن الواقعة، وتسليم المتهم لقسم شرطة الجيزة بالمضبوطات، لتحرير محضر واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة فى هذا الشأن. 
تنسيق أكثر من مرة
بإعادة فرز نتيجة الطلاب الحاصلين على الثانوية السودانية عام ٢٠١٥، اكتشفت وزارة التعليم العالى أن هناك أكثر من ٣٠ طالبا وطالبة بكليات القطاعين الطبى والهندسى رغم أنه سبق تنسيقهم فى الأعوام الماضية «٢٠١٤ - ٢٠١٣ - ٢٠١٢» لكليات أخرى عن طريق تنسيق الثانوية العامة، مؤكدا أن بعض الطلاب كتبوا أرقاما قومية خاطئة.
وأكدت الوزارة أن على الطلاب الحاصلين على شهادة الثانوية المعادلة السودانية، الذين تقدموا للتنسيق فى عام ٢٠١٥ ولم يسبق لهم الترشح، التوجه مع ولى الأمر لمكتب التنسيق الرئيسى بالقاهرة وإظهار بطاقة الرقم القومى للطالب وولى الأمر.
تعهدات كتابية
استبعدت الوزارة كذلك عام ٢٠١٥، ما يقرب من ١٠٠ طالب من قائمة المرشحين للكليات بعد اكتشاف ترشحهم فى السنوات السابقة لكليات جامعية.
وقال مصدر مسئول: إن من المقرر ترشيح ما يقرب من ٢٠٠ طالب لكليات الجامعات المصرية بعد أخذ توقيعهم على إقرارات مكتوبة تؤكد عدم ترشحهم فى السنوات الماضية عن طريق مكتب التنسيق للقبول فى أى من كليات الجامعات.
وتوقيع الطالب وولى أمره على صيغة تعهد تلغى ترشيح الطلاب حال اكتشاف مخالفتهم قرار المجلس الأعلى للجامعات، الذى نص على استبعاد المرشحين للكليات فى السنوات الماضية من تنسيق هذا العام، للقضاء على التحايل الذى يقوم به البعض للقيد بكليات القطاعين الطبى والهندسي، عن طريق الحصول على الثانوية السودانية.
مكاتب التسفير
تخصص عدد من المكاتب الخاصة فى «بيزنس الشهادات الوهمية»، التى تبدأ فى تسويق الوهم عن طريق إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي، فضلا عن انتشار مندوبين حول معامل التنسيق.
وتعلن تلك المكاتب عن نشاطها كالتالي: «أدخل طب أو هندسة بأقل مذاكرة وأقل مجموع، الثانوية السودانية»، و«دلوقتى تقدر تدخل كلية الطب من ٨٣ ٪، والهندسة من ٧٢ ٪، والصيدلة من ٧٧٪، وطب أسنان من ٨١.٥٪، واقتصاد وعلوم سياسية من ٧٥٪، أو أى كلية أخرى بأقل مجموع وأقل مذاكرة».
يقول الإعلان: «لو أنت ناجح فى الصف الثانى الثانوى فى مصر سواء كنت حاليا فى ٣ ثانوى أو فى الجامعة أو مخلص جامعة تقدر تدرس ٣ ثانوى سودانى فقط، وتدخل أى كلية قمة فى الجامعات المصرية الحكومية، وبدون سفر طول فترة الدراسة.. أنت هتذاكر وهتاخد دروسك فى مصر وهنوفر لك الكتب والمذكرات ومدرسين على أعلى مستوى متفرغين ومتخصصين فى تدريس مواد الثانوية السودانية فقط وسفرك للسودان سيكون أسبوعين الامتحانات».
وتشتهر مكاتب للسفريات فى هذا المجال، وترفع شعار «كليات القمة بين يديك.. ادخل كليات القمة فى الجامعات الحكومية المصرية بأسهل الطرق».
وتستغل هذه المكاتب قلة عدد الطلاب المقيمين بالفعل فى السودان، والاتفاقية الموقعة بين مصر والسودان التى تضمن للطالب حق التعلم والإقامة والتنقل والتملك، وهذه الحقوق الأربعة لا تتوفر لأى طالب مصرى خارج بلاده إلا فى دولة السودان، بجانب أنها لا تشترط السن، وكل ما يتم طلبه هو إقامة ٦ أشهر فقط بداية من أكتوبر وحتى مارس، مرفق بها بيان نجاح الصف الثالث الإعدادى موثقا من وزارة الخارجية المصرية، وبيان نجاح الصف الثانى الثانوى موثقا من الخارجية المصرية وجواز السفر.
رحلة الاعتراف بالشهادات
«سعر الشهادات السودانية المضروبة يبدأ من ٥٠ ألف جنيه للواحدة، وتصل إلى ٧٠ ألفا، وليس الحصول على الشهادة هو الرحلة النهائية لدخول الطالب إلى القطاع الطبى أو الهندسى فى الجامعات الحكومية المصرية، وإنما هى مرحلة أولى حيث إنه من المتبع أن ترفض وزارة التعليم العالى تلك الشهادات وتطعن عليها بالتزوير طبقا لقرار المجلس الأعلى للجامعات الذى ينص على أن يكون الطالب قد قضى أكثر من ٦ أشهر داخل الدولة التى حصل منها على الشهادة، وأيضا أن يتقدم بصورة من جواز السفر الخاص بالطالب للتأكيد على مواعيد خروج ودخول الطالب إلى الدولة التى حصل منها على شهادة، ولكن فى أغلب الحالات يكون الطالب قد سافر إلى الدولة المانحة مثل ليبيا والسودان قبل الامتحانات بأسبوع على الأقل، ومن هذا المنطلق تكون الشهادة مزورة طبقا لقرار المجلس الأعلى». 
يتولى بعد ذلك محام شهير رفع الدعاوى القضائية للطلاب فور رفض تنسيقهم، ويستغل ثغرات القانون التى على إثرها ينتصر الطلاب فى تلك القضايا وتقوم الوزارة «رغما عن أنفها» بتنسيق الطلاب رغم أنها على يقين من تزوير تلك الشهادات. 

أزمة لعشر سنوات
أزمة الشهادات الثانوية السودانية بدأت منذ عام ٢٠٠٧، بعدما تقدم ١٥٠٠ طالب وطالبة حينها بـ«مذكرة» إلى مجلس الشعب احتجاجا على عدم قبولهم فى الجامعات المصرية، مؤكدين أن شهاداتهم معترف بها منذ عام ١٩٧٤، وأن الجامعات المصرية تقبل الحاصلين على تلك الشهادة. 
وقال الدكتور هانى هلال، وزير التعليم العالى آنذاك: «إن هؤلاء الطلاب يتحايلون على القانون، فالحصول على الثانوية السودانية بدون الإقامة هناك من أجل الحصول على مجموع كبير والالتحاق بكليات القمة، مخالفة صريحة»، وظلت الأزمة مستمرة، حتى تفجرت الأوضاع فى عام ٢٠١٣ بعدما رفض رئيس قطاع التعليم والمشرف العام على التنسيق بوزارة التعليم العالى منح الطلاب مظاريف التقدم للالتحاق بالجامعات المصرية إلا بعد تقديم ما يثبت أن لديهم إقامة فى السودان، مما أغضب الطلاب وهددوا بالاعتصام آنذاك واللجوء إلى ساحات القضاء، خاصة أن مدير مكتب التنسيق أكد أنه لديه قرار منذ عام ٢٠٠٧ بضرورة تنفيذ تلك الضوابط من أجل قبولهم فى الكليات.
وفى ٣١ أكتوبر ٢٠١٣، قضت محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة بإلزام الدكتور حسام عيسى وزير التعليم العالى آنذاك، بتنسيق الطلاب المصريين الحاصلين على الشهادة الثانوية، وعلى غرار الحكم توالت الأحكام القضائية أمام الدوائر الأخرى.
واكتشفت وزارة التعليم العالى فى عام ٢٠١٥ أكثر من ١٥ شهادة مزورة للثانوية الأمريكية، حيث تم تزوير بعض الدرجات والختم الخاص بالقنصلية البريطانية، مما ترتب عليه إصدار قرار بإرسال الدرجات فور ظهورها، ومطابقة كل شهادة بالدرجات التى أرسلتها كل مدرسة.
وأكد رئيس قطاع التعليم العام أنه لا تراجع عن القواعد التى وضعها «الأعلى للجامعات»، واشترطت لقبول أوراق الطلاب تقديم المستند الذى يفيد الإقامة الشرعية للطالب وولى أمره فى البلد الحاصل منه الطالب على الشهادة الثانوية أثناء فترة الدراسة فى المدة التى تمنح الشهادة على أساسها، وذلك من خلال تقديم إقامة فعلية موثقة من المستشار الثقافى المصرى أو من السفارة المصرية بالدولة المانحة، أو جواز سفر موضح به تواريخ الدخول والخروج خلال فترة الدراسة أو شهادة تحركات موضحًا بها تواريخ الدخول والخروج.
وقال: «إنه يتم تحديد عدد الأماكن المخصصة للطلاب المصريين الحاصلين على الشهادات الثانوية العامة المعادلة العربية من الدول العربية للقبول فى الجامعات والمعاهد الحكومية على أساس النسبة المرنة وهى «نسبة عدد الطلاب المتقدمين للقبول من حملة كل شهادة ثانوية عامة معادلة عربية إلى إجمالى أعداد الطلاب المقرر قبولهم كطلاب نظاميين بالجامعات الحكومية من حملة الشهادة الثانوية العامة المصرية فى نفس العام»، ولا يزال مسلسل التلاعب من «مافيا التزوير» ومواجهته من مسئولى المجلس الأعلى للجامعات مستمرا.