الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

التاريخ يشهد.. "حرية الصحافة مرهونة باستقلال المطابع"

احدى المطابع في العصر
احدى المطابع في العصر الملكي -صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من خلال رصد تاريخ الطباعة في مصر يستطيع الباحث استنتاج أن حرية الصحافة المصرية واستقلالها مرهون باستقلالية المطابع التي تمثل جسرا بين الجريدة الورقية وذهابها إلى يد القارئ؛ فكانت مصر أول دولة عربية تعرف عالم المطابع والصحافة، في زمن محمد علي باشا خلال القرن التاسع عشر، عقب افتتح مطبعة بولاق عام 1821، وإصدار جريدة الوقائع المصرية؛ بعد ذلك بعدة سنوات ك أسس الشوام في مصر في الفترة ما بين سبعينيات القرن التاسع عشر وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية أكثر من 220 صحيفة.
فشهد عام 1874 شهد وصول سليم تقلا إلى الإسكندرية قادمًا من لبنان، ثم تبعه أخوه بشارة في العام التالي، وأسسا مطبعة ودار الأهرام في الإسكندرية قبل نقلها إلى القاهرة، لتصبح أهم جريدة مصرية منذ أعوامها الأولى.
وكان سليم تقلا مقربًا من الخديوي إسماعيل والأسرة الحاكمة، لذا لا عجب في أن تتخذ الجريدة موقفًا مناهضًا من ثورة عرابي، فقام الثوار بحرق مطبعة الأهرام، بعد ذلك أنشأ جبرائيل أكبر مطبعة في الشرق الأوسط باسم مطبعة الأهرام وكان أول من جعل للأهرام مكاتب ومراسلين في معظم عواصم العالم في مطلع القرن العشرين‏، ونال أوسمة عديدة أهمها وسام الخديوي عباس‏ حلمي الثاني، وشارك في تأسيس نقابة الصحفيين المصريين عام 1941.
عام 1890، أسس نجيب متري وجرجي زيدان مطبعة ودار المعارف التي ساهمت في نهضة الرواية المصرية في القرن العشرين. ولكن زيدان اختلف مع متري وانفصل عنه ليؤسس مطبعة ودار الهلال عام 1892.
وفي عام 1888، وصل اللبناني يعقوب صروف إلى القاهرة، ونقل معه مجلة المقتطف التي أسسها في بيروت منذ عام 1876؛ ويمكن القول إن مجلة المقتطف علامة فريدة لصحافة متخصصة بشكل مبكر، إذ تميزت بمواضيع ومقالات علمية وفلسفية وفنية بعيدًا عن أسلوب النشرات الصامت وقتذاك، خاصة في مجالات الجبر والحساب والهندسة والفلك والطبيعة والكيماء والفلسفة والتاريخ، وكان صروف يبحر بين كافة تلك العوالم دون أن يشعر القارئ بالملل.
وإلى جانب مجلة المقتطف، شارك صروف في تأسيس جريدة المقطم بالقاهرة وجريدة الخرطوم بالسودان، ما يجعله واحدًا من أهم رجالات تجارة الصحف في زمنه.
وفي عام 1925 صدرت مجلة روز اليوسف، وظلت الفنانة فاطمة اليوسف ترأس غدارتها حتى غادرت الحياة عام 1958 وترأس مجلس إدارة وتحرير روز اليوسف ابنها الأديب الكبير إحسان عبد القدوس حتى تأميم المؤسسة ومطبعتها عام 1960.
أتت ثورة 23 يوليو 1952 وظهرت النزعة إلى تمصير الاقتصاد برمته ورفض تملك الأجانب لرؤوس الأموال حتى لو كانوا عربًا؛ وبعد تأميم الصحافة المصرية فى الخمسينيات، تدهورت أوضاعها على جميع المستويات، سواء على صعيد المحتوى أو المطابع أو حتى مستوى دخول الصحفيين وأيضا نظرة المجتمع للصحفيين، وظلت صناعة مطابع الصحف الى عام 2008 حكرا على الصحف القومية، حيث كانت مؤسسات الأهرام والأخبار والجمهورية وحدها من تمتلك مطابع قبل إنشاء مطبعتى جريدتى المصرى اليوم والنبأ.
ويعد احتكار الدولة المصرية لمطابع الصحف وضعا غريبا جدا مقارنة بالدول الأخرى، حيث إنه عادة ما تكون مطابع الصحف فى الدول الأخرى مستقلة وغير تابعة لأى صحف سواء حكومية أو مستقلة، وذلك لضمان عدم تحيز تلك المطابع للصحف التى تتبعها.