الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة البرلمان

أقول لك نكتة: "مرّة واحد برلماني"

ولكنه ضحك كالبكاء

مجلس النواب- صورة
مجلس النواب- صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يوصف المصري بأنه «ابن نكتة»، لا يتخلى عن سخريته حتى في أحلك الظروف، وليس كل الضحك فرحًا، ألا تقول العرب: «شر البلية ما يُضحك»، ألم يصف شاغل الدنيا المتنبي حال مصر بقوله: «وكم ذا بمصر من المضحكات.. ولكنه ضحك كالبكاء.
«المبكيات المضحكة»، في مفارقات مسرح الكوميديا البرلمانية، التي دفعت الناس في مشاهد كثيرة إلى «الاستلقاء على أقفيتهم» من شدة الضحك على «النكات اللاذعة الحارقة الساحقة»، وهي كثيرة ومتواترة ومتكررة، والغريب حقًا أن الذين أطلقوها كانوا إذ يفعلون ذلك ترتسم على وجوههم ملامح الجدية الصارمة.

«مرتضى»: عليّ الطلاق مش حالف.. و«الشريف» رفع المصحف
كوميديا البرلمان انطلقت مع عبارات أدلى بها «أعضاء موقرون» مبكرًا، حتى قبل بدء جلساته، وكانت ضربة البداية مع المستشار مرتضى منصور، الذي حلف بالطلاق على أنه لن يؤدي القسم باحترام الدستور.
البرلمان الذي انتخب أعضاؤه بعد الدستور فيه عضو يقول: «عليّ الطلاق مش حالف على احترام الدستور».. فلا تخرج قبل أن تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
أما السلفيون فلم يفوتوا فرصة حلف اليمين بدورهم، للمشاركة في المسرحية بدور رئيسي، وهم الذين اعتادوا لعب أدوار الكومبارس، حيث رفع أحمد الشريف النائب عن حزب النور المصحف أثناء أداء القسم الدستورية بأول جلسة من جلسات انعقاد البرلمان، ما أدى إلى حدوث هرج ومرج تحت القبة.

عجينة.. نائب لـ«الكبار فقط»
النائب إلهامي عجينة من أشهر نجوم الغرائب والطرائف البرلمانية، ففور دخوله المجلس طالب النائبات، بالاحتشام وارتداء ملابس تليق بهيبته ووقاره، ما أثار استياء كبيرًا من أعضاء المجلس وعضواته اللاتي تقدمن بشكوى لرئيس المجلس.
غير أن شهرة عجينة أصبحت فوق السحاب بعد تصريحاته بأن نصف رجال مصر ضعفاء جنسيًا، مضيفًا «حتى اسألوا مراتي»، واستند النائب في حديثه إلى أن مصر أكبر الدول المستهلكة للمنشطات الجنسية، وطبيعي ألا يتناولها إلا ‏الضعيف، مضيفًا: «ختان الإناث يقلل الشهوة الجنسية لديهن، ‏وإذا بطلنا الختان سنحتاج رجالًا أقوياء، إذا كان فيه حد مش عاجبه كلامي، يعتبر إني بتكلم عن نفسي».‏
تلك التصريحات فجرت أعاصير السخرية على مواقع التواصل، ليواجهها النائب الموقر بتصريح «أنا راجل جدا واسألوا مراتي».. برضه!
وفي سياق «الأفعال إياها»، فوجئ أعضاء بالبرلمان بأن النائب أسامة شرشر يرسل لهم على جروب «واتس أب» الخاص بأعضاء المجلس، فيديو إباحيًا، وأحيل شرشر إلى لجنة القيم، ليدفع بأن «حسابه مسروق».
وبالعودة إلى «عجينة» مجددًا، فالرجل لم يكتف بتصريحاته +١٨ بل امتدت لتقديمه مقترحًا رسميًا للدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، بضرورة عمل تحليل مخدرات لكل أعضاء البرلمان، بمن فيهم رئيس المجلس، فضلًا عن رئيس الحكومة، والوزراء، والمحافظين، مع الالتزام بعمل تلك التحليلات بشكل دوري، كل عام.

ارضعوا لبن الحمير.. واوعوا «تنهقوا»
اقترح النائب إيليا باسيلي، عضو لجنة الصحة، زيادة مدة الدراسة في كليات الطب إلى ١٠ سنوات، مؤكدًا أن هذا الاقتراح جاء أثناء مناقشة مع ممثل وزارة الصحة في البرلمان، حول ضرورة عدم منح رخصة مزاولة الطب للطلبة، إلا بعد استكمال فترة التدريب، وهي ثلاث سنوات، وليس قبل ذلك، لتصبح المدة ١٠ سنوات كاملة.
وبما أن الشأن طبي، فإن النائبة زينب سالم تقدمت بمشروع قانون، بإخصاء المتحرشين.. وإذا سألت عن كيفية تحقيق ذلك، فالجواب هو بواسطة الأطباء الذين سيدرسون ١٠ سنوات طبعًا.
أما النائب أحمد عبداللطيف الطحاوي، عضو لجنة الشئون الصحية، فلم يجد أزمة في وجود قطط بالمستشفيات وسط المرضى، ولم يحذر من خطورة انتقال الأمراض السارية منها إلى الذين وهنت عظامهم، وصارت أجهزتهم المناعية هشة، معتبرًا أن تواجد تلك الثدييات اللاحمة في المنشآت العلاجية «من حقوق الحيوان»، فماذا عن حقوق المرضى يا حضرة النائب الموقر؟
ومن الشأن الطبي، نعرج إلى التغذية، حيث طالب النائب رفعت داغر، عضو لجنة الزراعة بالبرلمان، بالاستفادة من لبن الحمير لما يحتويه من فائدة كبيرة للأطفال، قائلا: «إن الدول الغربية تستخدمه في صناعة الجبن، وليس ذلك فقط، فلبن الحمير مثل لبن الأم تمامًا، ويقلل من الكوليسترول الضار»، وحسنًا فعل النائب حين لم يقل إن هذا اللبن يرفع مستويات الذكاء، ولا يؤدي إلى أن «ينهق الذين يرضعونه حتى فطامهم في عامين».. لكن هل يصبح الذي رضع من حمارة أخًا للجحش في الرضاعة؟ سؤال يحتاج رأيًا شرعيًا، هذا والله أعلم.

"دعم مصر" يحتل مقعد "كمال الشاذلي"
النائب معتز الشاذلي، ابن رجل الحزب الوطني القومي، الراحل كمال الشاذلي، فخخ الجلسة العامة الأولى، عندما صمم و«راسه ألف سيف»، أن يقعد على كرسي أبيه.. فهو الأحق وهو الأجدر.
غير أنه حين توجه إلى «ميراث الأب»، وجد النائب طارق الخولي عضو ائتلاف «دعم مصر» جالسًا، فاكفهر غضبًا، وحاول أن «يحرر» الكرسي السليب.
وأمام رفض الخولي، وإصرار الشاذلي، تدخل موظفو الأمانة العامة لفض الاشتباك، وأقنعوا «الشاذلي الصغير» بالجلوس على مقعد آخر.
لا تغضب يا شاذلي، فإذا كان الكرسي المنشود للحزب الوطني بالأمس، فليس أحق به من «دعم مصر».

محاربة البطالة بـ«المراحيض العمومية»
معروف أن الرزق «يحب الخِفيَّة»، وهي مقولة يبدو أن النائبة غادة عجمي تؤمن بها إلى درجة أنها استغلت تواجدها بالبهو الفرعوني بمقر المجلس، خلال فعاليات الأسبوع الأول لانعقاد البرلمان لجمع اشتراكات من النواب للسفر إلى الإمارات بقيمة ٤٥٠٠ جنيه للفرد، منوهًة بأن الفترات القادمة ستشمل تنظيم رحلات للإمارات وشرم الشيخ والأقصر.. ربنا يرزقك يا فندم!
وفي تصريح «فهلوي آخر» للنائبة ذاتها، دعت العاملين بالخارج إلى ضخ ٢٠٠ دولار في الاقتصاد المصري، وقالت: «لو كل مصري عايش بالخارج بعث هذا المبلغ ستحل المشكلة الاقتصادية»، وتلك نظرية اقتصادية لو سمعها كارل ماركس لصرخ من فوره: «يا خرابي».
وعلى المنوال ذاته، رأي النائب أشرف إسكندر، أن «الخِفّية» ستقضي على البطالة، لكن كيف وإزاي؟ عبر اقتراحه بإنشاء دورات مياه عمومية متطورة في جميع شوارع القاهرة والجيزة مقابل تذكرة دخول سعرها ٥٠ قرشًا.
إذن.. فإن حل البطالة سيكون بالمشروع القومي لبناء مراحيض.
كما تمثلت «الخفة والخفيّة» معًا، في تقدم نواب بفرض ضريبة على دخول مواقع التواصل، دون أن يشرحوا آلية تحقيق ذلك، أو الجهة التي ستحصل الأموال.. طيب اقفلوها وارتاحوا.
أما النائب نادر مصطفى، أمين سر لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، فشدد على ضرورة تسجيل مستخدمي المواقع الإباحية لبياناتهم الشخصية، من رقم هاتف وبيانات جواز السفر، لإتاحة تلك المواقع لهم، وتقييد استخدام تلك المواقع، وهو الأمر الذي يتنافى بالطبع مع الحرية الشخصية، لكن لا بأس هذا متوقع إذا كان النائب أبوالمعاطي مصطفى عضو اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، يجهر تحت القبة بوجوب محاكمة الأديب العالمي «الراحل» نجيب محفوظ، بتهمة خدش الحياء العام.

«شخلل».. كل سنة وأنت طيب يا باشا
إذا تأملت مقترحات النواب لحل الأزمة الاقتصادية، سترى عجبًا، وتسمع صخبًا، وقلما ستجد كلامًا ذا جدوى، والأمور كلها تسير وفق منهج «شخلل عشان تعدي».
هذا ظهر في مقترح للنائب الوفدى بدوي عبد اللطيف، يطالب فيه بإلغاء الخدمة العسكرية للقادرين ماديًا مقابل دفع مبلغ ٥٠ ألف جنيه، حيث يرى أن الأموال أهم وأفيد للدولة من أداء الخدمة، وهو الأمر الذي قوبل بحملة رفض شرسة من أعضاء البرلمان.
وفي إطار الاقتراحات الاقتصادية أيضًا، رأى النائب معتز محمود، رئيس لجنة ‏الإسكان والمرافق بمجلس النواب، حينها، منح الجنسية المصرية للعرب مقابل دفع مبلغ مالي قدره ‏‏٥٠ ألف جنيه عقب التحري عنهم من قبل الأجهزة الأمنية‎.‎
على أن الشأن الاقتصادي ذاته تجلى صادمًا خلال اجتماعات اللجنة الخاصة المنوطة بمراجعة المحور السادس من بيان الحكومة، لأخذ القرار النهائى بالموافقة على البيان من عدمه، حيث اقترح النائب أمين مسعود الاستفادة من «ثروة مصر من جلود التماسيح» قائلا: «ابني شاري إمبارح جزمة جلد تمساح بـ٨ آلاف درهم بما يعادل ٢٠ ألف جنيه مصري».
وفي البرلمان الذي اشترى فيه ابن نائب حذاء بهذا الرقم الاستفزازي، رأى النائب عاطف مخاليف أن «المواطن المصري يكفيه جنيه واحد يأكل ويشرب بيه الصبح».
وفي الوقت الذي وافق فيه المجلس على رفع كل من يتجاوز راتبه ١٥٠٠ جنيه، طالب النائب طلعت خليل، بعدم رفع اسمه من منظومة مستحقى الدعم، نظرًا لأنه يعيش تحت خط الفقر، مشددًا على رفضه التنازل عن بطاقة التموين بمقتضى قرارات وزارة التموين نحو تنقية البطاقات التموينية، هذا رغم أن النواب يحصلون على مكافأة شهرية من البرلمان تتراوح بين ١٥ و٢٠ ألف جنيه.
أما النائب علي الكيال، فطلب زيادة بدل الأعضاء الخاص بالتكنولوجيا بسبب الغلاء، وكذلك زيادة البدل الخاص بالجلسات، واجتماعات اللجان النوعية، حتى يتناسب مع معدلات التضخم التي أحدثتها إجراءات تحرير سعر الصرف وتعويم الجنيه، إضافة إلى توفير أماكن للمبيت للنواب المغتربين، أو صرف بدل مبيت، إلى جانب توفير العلاج للنواب وأسرهم، خاصة الأدوية غير الموجودة في مصر.
علي الكيال طلب زيادة بدل الأعضاء الخاص بالتكنولوجيا بسبب الغلاء، وكذلك زيادة البدل الخاص بالجلسات، واجتماعات اللجان النوعية حتى يتناسب مع معدلات التضخم التي أحدثتها إجراءات تحرير سعر الصرف وتعويم الجنيه.

تعالَ في لبس الناس.. «واتصدّر»
الزي العام أيضًا شكل محورًا «استراتيجيًا» من محاور نقاشات المجلس، فمن مقترح تقدم به عدد من الأعضاء بمنع دخول البنطلونات المقطعة للحرم الجامعي، إلى مناوشات تعلقت بزي النواب تحت القبة، حيث ارتدى أعضاء موقرون وعضوات موقرات «الكاجوال».
الملابس الكاجوال أثارت حفيظة الدكتور علي عبد العال، رئيس المجلس، الذي طالب بعدم ارتدائها مرة ثانية، فيما ارتدت النائبة سيلفيا نبيل، تي شيرت منتخب مصر، فرحًا بما قدمه المنتخب أثناء مشاركته بكأس الأمم الإفريقية.
هذه المظاهر ساهمت في حملات سخرية على الذين «تكجولوا»، إلى درجة أن مدونين على مواقع التواصل قالوا إنه «برلمان سبورت»!
أما النائب رائف تمراز، وكيل لجنة الزراعة بمجلس النواب، فقد باغت أعضاء اللجنة أثناء مناقشة استراتيجية وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى فى مجال النهوض بالقطاع الزراعي، وحضور الدكتور عبدالمنعم البنا وزير الزراعة، بإخراج «شنطة تسوق، وكرتونة وأكياس بلاستيكية وفطير مشلتت وبيض وعسل» أحضرها من منزله محملة بما لذ وطاب من محتويات الوجبة الريفية الشهيرة كـ«عزومة غداء» لزملائه والحضور، وتحولت الجلسة التي كانت من المفترض أن تسطر استراتيجيات الحكومة لسنوات عدة قادمة، لمأدبة غداء، وتبادل التهاني والتبريكات والعرفان.

استشارى نفسى يطالب بفحص القوى العقلية للبرلمانيين
د. جمال فرويز: التأكد من ثبات المسئولين الانفعالي حق للمواطن

شدد الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسي، على ضرورة فحص المرشحين لمناصب مهمة أو قيادية في الدولة، للتأكد من سلامة قواهم العقلية.
وقال لـ«البوابة»: «يجب أن يخضع الأشخاص المسئولون عن أمور الناس لذلك الفحص، حتى نتأكد من أنهم مؤهلون نفسيا وجسديا وعقليا للنهوض بالأعباء الثقيلة التى ستلقى فوق ظهورهم».
وأضاف أن مجلس النواب هو المكان الذى يقترح القوانين التشريعية والدستورية، فيجب على أعضائه أن يكون لديهم الثبات الانفعالي.
وإلى نص الحوار:
■ هل ما ظهر من تصرفات غريبة لبعض النواب له علاقة بالصحة النفسية؟
- بالفعل، نفسية الإنسان عمومًا تتحكم بشكل كبير فى تصرفاته وأقواله، وإذا ما تعرض المواطن أيًا كانت صفته أو منصبه لضغوط، فمن الطبيعى أن يؤثر ذلك على مستوى فكره وفعله وأدائه فى الوظيفة العامة.
رأينا مقترحات غريبة من برلمانيين، منها أن بعضهم اقترح منع تبادل القبلات بين الرجال، وتجريم هذا السلوك، كما أنه تسبب فى إحداث حالة من الجدل غير المبرر من جانب الأعضاء، فضلًا عن أن مثل هذه الأمور يسيء للبرلمان، ويعطى لدى الجماهير العريضة بالشارع شعورًا بتدني كفاءته إجمالًا، فالسيئة تعم في مثل تلك الظروف.
■ ما رأيك في إجراء كشف نفسي على أعضاء البرلمان قبل دخولهم المجلس؟
- مجلس النواب المصري، هو بمقتضى الدستور، أساس الدولة وعلاقاتها الداخلية والخارجية، ويجب على أعضائه تحمل مسئولية اقتراحاتهم، ومن ثم فاللازم والحتمى أن يكون أعضاؤه على أعلى درجات الكفاءة.
في تقديري أن توقيع الكشف الطبي على أعضاء المجلس ليس عيبًا، والمعروف أن المواطنين في الدول الغربية، يعتبرون هذا الفحص أمرًا مهمًا يخضعون له دوريًا، مثلما يخضعون لفحوصات وظائف الكبد والكلي، غير أن هذه الثقافة غير متوفرة للأسف في مصر، والرد على مطلبي سيكون: «عيب هو إحنا مجانين».
في جميع برلمانات ومؤسسات الدول المتقدمة، يوجد إخصائي نفسي للعاملين، لعرضهم على «جلسات تنفيسية» وهي جلسات يخرج فيها العامل الطاقة السلبية والكبت الناجم عن ضغط عمله.
يجب وجود إخصائي نفسي لجميع المؤسسات، ومن الضروري إخضاع أولى الوظائف القيادية لفحص نفسي، لأن المتاعب النفسية شأنها شأن أي اعتلال صحي قد تحدث لسبب أو لآخر، وطالما أن الموظف يعمل بالعمل العام، فمن حق المجتمع التأكد من كفاءته.