الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

اليتيمة والغشاش!

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعيش بمفردي منذ سنوات طويلة، توفى والدي وأنا فى عمر الثامنة عشرة، ثم لحقته أمى وأنا فى عمر الثالثة والعشرين.
منذ فترة طويلة وأنا أعانى حرمانا عاطفيا وفراغا نفسيا كبيرا جعلنى أبحث بلا وعى عن شريك لحياتي.
استغل ذلك كل من دخل فى حياتى أبشع استغلال، فكل رجل منهم يمطرنى بعبارت الحب والغزل والحنان وهو يعلم جيدا أن هذا ما أحتاج إليه، وعندما يشعر أننى تعلقت به يبدأ فى إظهار وجهه الآخر وحقيقته المتوارية، فشخص يصارحنى أنه متزوج، وآخر خاطب، وآخر يحبنى ولكنه لا يستطيع الارتباط الآن، وآخر يريد علاقة جنسية فقط ويدعوننى للتردد على شقته أو يلمح لى أن أستضيفه فى بيتي، إلى جانب التحرشات اللفظية والجسدية من أزواج صديقاتى وأقاربي، وكل ما من الممكن تخيله، فقط لأننى أنثى وحيدة ويتيمة أعيش بمفردي. 
هو كان زميلا قديما فى المدرسة، قابلته فى تجمع لخريجى دفعتنا فى حفل مدرسى على غرار فيلم «ظرف طارق»، كنت أعلم جيدا أنه إنسان مرموق من عائلة جيدة، تقرب منى كثيرا واهتم بى أكثر، تعلقت به جدا وأحببته بجنون وأنا مطمئنة أن حبيبى «ابن ناس» وليس كمن عرفتهم سابقا من الاستغلاليين، إلى أن تلقيت الصدمة التى كشفت لى أنه مجرد غشاش كاذب، شأنه شأن غالبية ذكور هذا المجتمع، علمت من بعض الأصدقاء المشتركين بيننا أنه أنشأ مجموعة خاصة على تطبيق «الواتس آب» يدعو أعضاءه لحفل خطبته بعد ثلاثة أسابيع، تلقيت الخبر وأنا فى قمة دهشتى وصدمتى من قدرته الكبيرة على غشى وإيهامى بأنه يحبنى ويحلم أن أكون له يوما. عندما واجهته لم ينكر، تحجج بأنه مرغوم على الخطبة وأنه لا يحبها وأنها زيجة بمواصفات عائلية فى المقام الأول، لم أصدقه طبعا ورحلت عنه وأنا فى قمة العجز والانكسار، فكرت أن أذهب إلى حفل خطبته وأفضحه وأفسد عليه فرحته، ولكن أخلاقى منعتني، استسلمت لخيبة الأمل وعدت إلى الوحدة والعزلة، وما زلت أدعو عليه حتى هذه اللحظة ألا يذوق السعادة التى أوهمنى بها.
لا أعلم لماذا أصبح الناس بهكذا قبحا وانعدام ضمير، عديمى الخلق والتربية والإحساس، يصومون ويصلون ولا يستحرمون أن يكسروا قلبا أو يطعنوا إمرأة فى شعورها، كان من الممكن أن أصدقه وأستمر فى علاقتى به لأننى حقا أحبه، ولكننى لم أرتض لنفسى أن آخذ شيئا ليس من حقي، لماذا ارتضوا جميعا أن يستغلوا يتمى وفراغى العاطفى لمجرد القيام بنزوة مؤقتة؟
(ن. م. الإسكندرية)

الرد:
هوّنى عليك يا صديقتى الرقيقة، تجاربنا هى التى تصنعنا وتعلمنا أن نخطو كل خطوة بحساب وبعد تفكير عميق وحساب جيد للعواقب، ما مررت به من صدمات عاطفية ليس إلا صقلا لمشاعرك وزيادة فى قدرتك على التحكم فيها وعدم الانجرار خلف احتياج أو فراغ مؤقت.
أعلم جيدا ما تعانين منه، ولكن هناك جانبا مضيئا لوحدتك وهو الحرية، لا تفقدى تلك الحرية من أجل مجرد رجل يشبعك عاطفيا بكلام مزيف، عليك أن تتعلمى أولا حب ذاتك لتصلى لمرحلة عدم القبول بجرحها أو إهانتها أبدا، وبالتالى تتقنين الاختيار ولا تسيئينه مجددا، عليك أن تتخلصى من شعورك بالحاجة لأى إنسان وتدربى نفسك على الاعتماد الكامل على نفسك حتى فى العاطفة، فليس صعبا أبدا أن تعطى لقلبك الاهتمام الذى يستحقه دون اللجوء لأحد أو انتظار تعويض من أحد، وكم من زوجة وخطيبة وصديقة تعانى نفس وحدتك وحرمانك وشعورك بالفراغ بالرغم من وجود شخص فى حياتها، فمعظم العلاقات فى مجتمعنا يا صديقتى قائمة على المصالح والمحافظة على الشكل الاجتماعى والتظاهر بالاستقرار المزيف، وإلا لما لهث وراءك المتزوجون والخاطبون والمرتبطون لكى يقيموا نزوة على حساب فتاة بريئة وزوجة مخدوعة.
اطردى تلك الذكريات المؤلمة من حاضرك ومستقبلك واسجنيها فى زنزانة الماضي، هذا الشخص لا يستحق عناء الكتابة عنه أو التفكير فيه، اعتبريه قرصا مسكنا أخذتيه للتغلب على ألم مزمن وانتهى مفعوله، وحان وقت العلاج الحقيقي، علاج قلبك أيتها الجميلة بالقيام من جديد والاهتمام بالعمل والعلم والثقافة والاندماج فى المجتمع، حتى تجدينه ذات يوم، ذلك الشخص الذى يستحقك، أو لا تجدينه، المهم هو أن تجدى نفسك وتتصالحى عليها وتعديها ألا تسمحى لأحد بكسرها.