الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"الشعر أم الرواية".. معركة العقاد ونجيب محفوظ

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في كتابه "اللغز وراء السطور: أحاديث من مطبخ الكتابة" يقر الكاتب أحمد خالد توفيق أنه يعشق متابعة المعارك الأدبية الشَّرِسة التي كانت تدور في العصر الذهبي للأدب العربي المعاصر؛ فهي تعكس حيوية فكرية غير عادية، وتعكس رُقِيًّا شديدًا.
ويروي توفيق أحد معارك العقاد الشهيرة غير المكتملة، ويصفها بأنها معركةٌ مع أديب هامس خفيض الصوت، يفضِّل أن يصغي ولا يتكلم، وبرغم هذا فإن الأديب الخجول هو الذي بدأ الاقتتالَ، ففضَّلَ العقاد الصمت. هذا الأديب الخجول اسمه نجيب محفوظ، والمعركة دارت عام ١٩٤٥.
كتب العقاد في كتاب "في بيتي" بعضًا من آرائه، متصوِّرًا أنه يُجرِي حوارًا مع نفسه، وقد سألَتْه نفسُه عن سبب قلة الروايات في مكتبته، فقال لها إن الشعر أنفس من الرواية بكثير، و"محصول خمسين صفحة من الشعر الرفيع أوفر من محصول هذه الصفحات من القصة الرفيعة".
واستند العقاد بطريقته الصارمة إلى مقياس هو "الأداة مقابل المحصول". كلما قلَّتِ الأداةُ وزاد المحصول، ارتفعت طبقةُ الفن والأدب، وكلما تضخَّمَتِ الأداةُ وقلَّ المحصول، مال إلى النزول والإسفاف، وما أكثر الأداة وأقل المحصول في القصص والروايات!.
ردَّ الأديب الناشئ نجيب محفوظ في صرامة وحِدَّة، كتب مقالًا اسمه "القصة عند العقاد"، يقول في هذا المقال: "الفن -أيًّا كان لونه وأيًّا كانت أداته- تعبير عن الحياة الإنسانية، فهدفه واحد وإن اختلفَتْ كيفيةُ التعبير تبعًا لاختلاف الأداة، القصة لا ترمي لمغزًى يمكن تلخيصه في بيت من الشعر، ولكنها صورة من الحياة، كلُّ فصل منها يمثِّل جزءًا من الصورة العامة، وكلُّ عبارة تعين على رسم جزءٍ من هذا الجزء، فكلُّ كلمة وكلُّ حركة تشترك في إحداث نغمة عامة لها دلالتها النفسية والإنسانية".
أما عن مقياس شيوع الفن في طبقة معينة فلا معنًى له. الموسيقى منتشرة في كل الطبقات، بينما النحت لا يفهمه سوى قليلين، فهل النحت أعظم من الموسيقى؟
لم يردَّ العقاد، ولعل هذا عن تعالٍ واستصغارٍ لشأن أديب ناشئ مثل نجيب محفوظ، أو هو رأى قوةَ منطقِ محفوظ، فكَرِهَ أن يعترف بأن منطقه قد هُزِم.