الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

قانون بناء الكنائس.. "طفل مشوه" يثير الأزمات

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
واقعة «الفرن» تعيد فتح الملف.. والعلمانيون يطالبون بالتعديل 
«نأمل أن تسفر المناقشات عن صدور قانون حقيقي بلا تعقيدات أو ألغام، أو تورتة بها زجاج، أي بنود جميلة شكلا ومعقدة ومعطلة ومبهمة موضوعا».. هكذا تمنى بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، قبل إقرار قانون بناء الكنائس الجديد، وبعد إقراره أشاد به البطريرك في عدد من تصريحاته، وكذا الأنبا بولا، ممثل الكنيسة في المناقشات لحين خروج القانون متعثر الولادة إلى النور.
ورغم تصدي الكثيرين من المفكرين الأقباط لخروج القانون في صورته الحالية، والذي وصفوه بولادة طفل مشوهًا، لاقي القانون إشادة القيادات الكنسية، ومع أول اختبار على أرض الواقع، ظهر الزجاج المنثور على «تورتة» القانون.


المنيا.. مفجرة الأزمة
أسقف المنيا وأبو قرقاص الأنبا مكاريوس، والذي يلقبه العديد من الأقباط بـ«أسد الصعيد»، فجر الأزمة في بيان صحفي تزامنًا مع ذكرى أغسطس الأسود، وتصدره عبارات حاسمة أن «الدستور يكفل حق العبادة، إلا أن هذا الحق ممنوع على أرض الواقع، وذلك بالإرادة الشخصية لبعض المسئولين المحليين».
وقال: «إن هناك ما يزيد على ١٥ مكانًا مغلقًا بأمر أجهزة الأمن، رغم وجود طلبات رسمية حبيسة الأدراج، وكذلك حوالى ٧٠ قرية وعزبة ونجعًا بلا أماكن للصلاة».
ولم تمض سوى أيام قليلة لتلوح في الآفق أزمة جديدة، عقب منع الأمن أقباط قرية الفرن، من دخول المبنى الكنسي، الذي لا تتجاوز مساحته ٥٥ مترًا، يشهد إقامة الصلوات والأنشطة لأقباط القرية، الأمر الذي دعا أقباطها للصلاة في الشارع خلال قداس عيد العذراء وبعدها خلال قداس الأحد، وأقاموا أنشطة مدارس الأحد ودروس واجتماعات السيدات في الشارع، دون اعتراض أبناء القرية المسلمين.
مما دعا الأنبا مكاريوس للتعليق قائلًا: «لقد رد إخوتنا المسلمون بقوة على ادعاء البعض، بأنهم معترضون وغاضبون من صلاة الأقباط، وستظل صور أقباط قرية الفرن، دليل إدانة للمتعنتين ودليل إصرارهم على الصلاة في أسوأ الظروف». مضيفًا: «إن السواد الأعظم من الأقباط والمسلمين يحيون في ود وسلام، فلا تعكروا هذا الصفو، سواء بالادعاء أو الافتعال».


تعديل القانون مطلب أساسي
تصاعدت وتيرة الأزمة مؤخرًا، وقاد عدد من المفكرين الأقباط مؤتمرًا جديدًا، للمطالبة بتعديل قانون بناء الكنائس، الذي سبق وطالبوا الرئيس بعد التصديق عليه، لحين تدارك ملاحظات تنسيقية المواطنة.
عقدت مؤتمر صحفي في رحاب الحزب المصري الديمقراطي، لينادوا بتعديلات للقانون، الذي ظهر عواره حال التطبيق، ولم يحل الأزمة التي يعاني منها الأقباط منذ الخط الهمايوني أيام الحاكم العثماني، وطالبوا بتعديلات جديدة على القانون.
أكد كمال سليمان، المقرر العام لـ«تنسيقية المواطنة»، أن هناك مأزقًا بعد مرور عام من اعتماد قانون بناء الكنائس، ويتمثل في عدم تقنين أوضاع الكنائس القائمة والمبنية بدون ترخيص، على امتداد عقود، وأمام عدم الموافقة على ما تحتاجه القرى والنجوع في صعيد مصر من كنائس، والتصدي من جهة الإدارة لمن يصلى فيها بحجة عدم الحصول على ترخيص، وهي الذريعة التي تتخذ لممارسة أعمال إجرامية من المتشددين والمتطرفين ومن يدعمهم.
وأشاد في البيان، بالموقف الداعم والمشرف من غالبية أبناء القرى من المصريين المسلمين، خاصة أهالي قرية الفرن بمحافظة المنيا، وحمايتهم لأقباط القرية عندما أقاموا صلواتهم الكنسية بالشارع بعد إغلاق كنيستهم. 
وأكد «سليمان» أن «التنسيقية» تعاود المطالبة بتعديل هذا القانون، بما يكفل معالجة ما كشف عنه التطبيق من عوار، واعتماد المشروع الذي تقدموا به، تأكيدًا على حق المواطنين المصريين المسيحيين في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية. 
وأكد أن مؤتمر «التنسيقية» خطوة تمهيدية لعقد مؤتمر عام، يضم جميع القوى الوطنية للتأكيد على هذا المطلب، إيمانًا بحق المواطن المصري المسيحي في إقرار مواطنته، وفقًا للدستور والمواثيق الأممية التي وقعتها مصر.


خالفْ تُعرف
وفي الوقت الذي يطالب فيه العلمانيون بتعديل كامل لقانون بناء الكنائس، خرج الأنبا بولا، أسقف طنطا وتوابعها وممثل الكنيسة في لجنة الخمسين لوضع الدستور، والمفوض للحديث عن مجريات تطبيق قانون بناء الكنائس، ليقول بإحدي الفضائيات الأمريكية: «إن القانون الحالي الأفضل على الإطلاق». 
وأكد أن مسودة القانون المقدمة من قبل الكنيسة، التي وافق عليها البرلمان تعُد أفضل المشروعات المقترحة، مؤكدًا أنه رفض وجود لوائح تنفيذية للقانون.
وأثار الجدل أكثر بحديثه عن الخط الهمايوني بقوله: «الخط الهمايوني في حد ذاته ليس سلبيًا، أما شروط العزبي باشا، مثل اللائحة التنفيذية»، وهناك ثلاثة أنواع من الكنائس في القانون، من ضمنها بناء كنيسة جديدة، مما لا يدع مجالا لرفض بناء أي كنيسة.
وأشار إلى أن «القانون حدد الجهة المسئولة لإصدار تصريحات البناء، وهو المحافظ، والقانون ليس به عبارات تحتمل أكثر من معنى، ولم يذكر الجهات الأمنية، بالإضافة إلى أن القانون حدد مدة ٤ شهور لبناء الكنيسة الجديدة، واللجوء إلى القضاء الإداري، إذا تم رفض الطلب».
وعن التقنين، أوضح أن هناك بعض الكنائس غير مرخصة، وكانت منازل وتم تحويلها إلى كنائس، وهناك مطالب بإضافة مادة في القانون، تقول بأن جميع هذه الكنائس تعتبر مرخصة بالتقادم، ولكنه أمر غير قانوني، حال قيام المبنى بالمخالفة للارتفاعات أو إقامته على أراضٍ زراعية أو أثرية أو يكون آيلًا للسقوط، مؤكدًا أن القانون سيتيح ترخيص الكنائس وفقًا للشروط والمحددات، أما الكنائس المغلقة باعتراضات متطرفين، فالأمر يحتاج لمعالجة أمنية وسياسية، وخاصة بشأن الجمعيات الشرعية بالقرى، واستطرد: «الدولة تحب أن تفاجئنا دائمًا وتعطينا المفتاح وتقول لنا روحوا افتحوها».


لائحة تنفيذية
يبدو أن الرياح لا تأتي بما يشتهي «الأنبا بولا»، وسط تعالي أصوات الأقباط المنادين بتعديل القانون، وتأييد مطلق من الأنبا بولا للقانون، صوت آخر للكنائس الأخرى، الكاثوليكية والإنجيلية ليطالب بعدد من الأمور، وأبرزها وجود لائحة تنفيذية، التي رفضها ممثل الكنيسة الأرثوذكسية في المفاوضات مع الدولة من قبل.
من جانبه، قال الأب رفيق جريش، المتحدث الرسمي للكنيسة الكاثوليكية في مصر، إن قانون بناء الكنائس في ذاته خطوة مهمة وقوية طالما تطلع إليها الأقباط طوال سنوات، ويحمل القانون في طياته مواد وبنودا عظيمة تتيح مجالًا لوجود مبانٍ كنسية.
وأضاف جريش أن ما طرح حال المناقشات حول القانون بأنه لن تكون له لائحة تنفيذية، وهو ما أعلنه من قبل أشرف سلطان، المتحدث باسم مجلس الوزراء، أن قانون بناء الكنائس ليست له لائحة تنفيذية، وذلك بعد صدور قرار تنفيذي له من رئيس مجلس الوزراء رقم ١٩٩ لسنة ٢٠١٧، ونشر في جريدة رسمية فى ٢٦ يناير الماضي. 
وطالب «جريش» بضرورة وجود لائحة تنفيذية للقانون، بعد ظهور مشكلات يعانيها الأقباط في تطبيق القانون وبنوده لتلافي العقبات والعراقيل.


مناشدة الرئيس
من جانبه، أكد الدكتور القس إكرام لمعي، رئيس مجلس الإعلام والنشر بالكنيسة الإنجيلية المشيخية بمصر، تأييده المطلق بشأن تعديل قانون بناء الكنائس، نظرًا لكونه قانونًا معيبًا، ويغفل مطالب الأقباط وتطلعاتهم.
وقال إن الأقباط جزء أصيل من الوطن، والدساتير العالمية والدستور المصرى ومبادئ حقوق الإنسان تعطي الحق في حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية وحرية الرأي والتعبير، ولكن القانون بصورته الحالية والتطبيق العملي مخالف لنصوص الدستور، ولا يوفر المقومات لممارسة حرية العبادة.
وأضاف «أناشد المسيحيين الذين يتم غلق كنائسهم دون وجه حق، الخروج إلى الشارع بطريقة سلمية وممارسة شعائرهم الدينية أمام الجميع، كما فعل أقباط الفرن بمدينة أبوقرقاص بالمنيا، لأن هذا حق لهم وليس منحة، ولا بد من الحكومة المصرية تحقيق مطلب طبيعى لهم». 
وناشد الرئيس عبدالفتاح السيسى سرعة التدخل، وحل الأزمة، بإصدار لائحة تنفيذية لقانون بناء الكنائس، لأن أمر الكنائس في يد الحكومة، والأزمة ما زالت قائمة، ولن تحل إلا بإرادة سياسية.


إجراءات التقنين
فيما أشاد القس ميخائيل، المتحدث الرسمي باسم لجنة تقنين الكنائس التابعة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بإجراءات التقنين وتعاون المسئولين في الدولة مع الكنيسة، لضمان تقنين وضع الكنائس في مصر.
وأكد أن الكنيسة الأرثوذكسية حتى اليوم تقدمت بأوراق ٢٠٠٠ كنيسة تنتظر تقنين أوضاعها، بعد أن استكملت مستندات الملكية والأوراق المطلوبة. وأضاف: معظم الإبراشيات انتهت من تسليم الكنائس التي ينطبق عليها القانون، وأن عددًا من الكنائس، وخاصة القديمة، وبعضها يرجع إلى القرن التاسع عشر، واجهت تحديات في سندات الملكية، والتي لم يكن معترفًا بها في هذا التوقيت، حيث كان معظم الكنائس هبة من أصحاب الأملاك بدون أوراق، مشددًا على أن العمل ما زال جاريًا على قدم وساق.