الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الدواء فيه "عجز قاتل"

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تطفو أزمة الأدوية مرة جديدة، رغم تصريحات وزارة الصحة، التى لَحِقت الزيادة الأولى فى أسعار الدواء، فى مايو 2016، كانت تؤكد أن الوزارة أعطت مُهلة 3 أشهُر، بحد أقصى، لمُصنعى ومُنتجى الدواء لتوفير النواقص فى السوق، وإلا شطب مُنتجات تلك الشركات من الإدارة المركزية للصيدلة بالوزارة فى حالة عدم توافرها، وهى أيضًا ذات التأكيدات التى خرجت من أفواه مسئولى وزارة الصحة بعد زيادة أسعار الأدوية للمرة الثانية، مطلع فبراير 2017، إلا أن أزمة نواقص الدواء طَفت على السطح مُجددًا خلال الأيام الماضية، بعدما اتخذت شركات الدواء من «عِلاج المرضى» قِبلة وورقة ضغط لزيادة الأسعار لمرة ثالثة.
«البوابة» تَحَرت تفاصيل الأزمة من أطراف عدة، كما رصدت أهم نواقص الأدوية فى الصيدليات وداخل المستشفيات، لتكتشف أن إعلان وزير الصحة، أحمد عماد، مُنذ أيام قليلة، بأن نواقص الأدوية 25 صنفًا فقط، مجرد «أحلام»، ليس لها علاقة بالواقع، بالإضافة إلى أن وعود الوزير للمرضى بعدم رفع أسعار الدواء، ما هى إلا «ضحك على الدقون».

رحلة عذاب للبحث عن العلاج
300 % ارتفاعًا فى سعر النواقص فى السوق السوداء.. الموزعون يبلغون الصيدليات بالأدوية الناقصة لتخزينها

«تبلغه والدته بقرب انتهاء علاج والده.. فيذهب الشاب الثلاثيني، ميلاد سمير، إلى عمله ليوقع «إجازة من العمل» يومين، ليبدأ رحلة البحث عن الدواء. قبلها بعدة أسابيع قليلة، كان الدكتور المسئول عن متابعة حالة والد سمير، ذَكَرَ أنه بسبب عدم توافر هذا الدواء فى الصيدليات، سوف يغير الدواء، لكن عليهم بعد ذلك البحث بأى وسيلة عن هذا الدواء، نظرًا لعدم وجود بديل له أيضًا، جاء ذلك بعد العملية التى أجريت لوالد «سمير» بالقرب من «العمود الفقري»، ليذهب بعدها الشاب الثلاثينى فى رحلة معاناة، لمدة يوم ونصف اليوم، للبحث عن دواء «ريمكتان». يقول «سمير» ذهبت تقريبًا إلى كل الصيدليات الشهيرة للبحث عن هذا الدواء، إلا أنه فوجئ بعدم توافره بالأسواق، حتى قال له أحد الصيادلة: «الدواء ناقص من الأسواق.. ولكن باستطاعتى إحضاره لك.. ولكن ثمنه ٣٠٠ جنيه»، وبالفعل أحضر الصيدلى علبة الدواء لـ «سمير» لكن بثلاثة أضعاف ثمنها.
أدوية حيوية
«البوابة» بدأت رحلتها للبحث عن نواقص الأدوية من خلال بعض الصيدليات فى مناطق مختلفة وللوقوف أيضًا على أسباب الأزمة.
البداية كانت عن طريق (م. عبدالله)، ممارس عام يمتلك ثلاث صيدليات بمناطق مختلفة، قال: «العديد من موزعى الأدوية، يتحدثون معى قبل أى أزمة، وينصحونى بتخزين كمية من دواء معين، نظرًا لتعرضه فى الفترة المقبلة إلى الشُح السوقي، وبالفعل أقوم بتخزين كمية على حسب المتاح، وحين تبدأ الأزمة أقوم بإخفاء الدواء نهائيًا ولا أخرجه إلا لمن بالفعل يريده وبحاجة إليه، وعندما تمر تلك الأزمة أقوم بتغيير سعر بيع الدواء القديم إلى سعر البيع الجديد». فيما قالت (إيريني. ج)، تعمل بإحدى الصيدليات فى منطقة المرج، إن أشهر النواقص داخل صيدليتها هو «سيتال شرب للأطفال»، الذى يعمل على خفض الحرارة للطفل، ويقال عنه غير متوفر بالرغم من أهميته، وبالرغم من وجود البديل أمثلة «بارامول أو بارسيتامول»، إلا أنه أحيانًا لا يرضى المريض بالدواء البديل ويرفض أخذ الروشتة كاملة لنقص عنصر واحد منها.
وأضافت إيريني: «ينقصنا أيضًا عقار «أوكسيبرال»، وهو يعمل على توصيل الدم إلى المخ، ويوجد أيضًا له بديل، ولكن ليست المادة الفعالة نفسها، كما أنه هناك عجز فى حقن «سيربروليسين» التى تستخدم فى حالات السكتة الدماغية ونقص نمو المخ».
سوبر ماركت
بينما أضاف (مرقص. ح)، دكتور صيدلى يمتلك إحدى الصيدليات بمنطقة الخصوص، قائلًا: «الصيدلى منا الآن ليس سوى بائع زيه.. زى بائع السوبر ماركت، والمبدأ الأساسى من مشروع افتتاح صيدلية هو المكسب ليس إلا، حتى شركات الأدوية لم تعد تعطى عروضًا مثل قبل، والآن إما أن أبيع بمكسب يكفى التغيرات المادية التى حدثت فى الآونة الأخيرة، أو أن أغلقها وأذهب إلى العمل فى أى حرفة». وعن طريقة تعامله مع الأدوية غير المتوفرة، أردف مرقص قائلًا: «أستطيع إحضار الأدوية، ولكن المشكلة ليست فى إحضار الأدوية غير المتوفرة، ولكن فى كيفية بيعها وبأى سعر سوف تباع! لأننى أضطر إلى مصارحة المريض أو المشترى للدواء، وأقول له سوف أوفر لك الدواء، ولكنك ستترك لى مبلغا معينا يتم تحديده على حسب «قلة الدواء بالأسواق»، هذا إن كان الدواء ليس عندى، أما لو كان عندى، وهو غير متاح بالأسواق، فأقول له يجب عليك أن تأخذ نظير مبلغ مادى معين أدوية من عندي، لكى أصرف لك هذا الدواء ضمن المبلغ».
وتابع مُرقص: «تُلزمنا الدولة بمراعاة فروق الأسعار بين الدواء الجديد والدواء القديم، أو المخزون الذى نمتلكه، ونعمل كصيادلة قدر الإمكان على مراعاة ذلك، ولكن تكمن المشكلة الرئيسية فى عدم مراعاة الشركات المصنعة نفسها لهذا المطلب من الدولة، فيأتى إلىّ بعض الأدوية المخزنة من قبل شركات التصنيع، تحمل سعرين القديم ويكون مشفرا أو موضوعا عليه ختم عشوائى، والسعر الآخر هو السعر الجديد».
سوق سوداء
فيما يخص انتشار السوق السوداء لتجارة الأدوية، قال أحمد سالم، صيدلي، إنه لا يستغرب من انتشار السوق السوداء، نظرًا لقلة حيلة الصيدلى أو الممارس تجاه توافر بعض الأدوية المستوردة، أو انسحاب العديد من شركات الأدوية فى تصنيع أو استيراد المواد الخام لبعض الأصناف، نظرًا لتعويم سعر العملة، وعدم توافر الدولار، فأصبح الأمر على عاتق شركات الأدوية؛ حيث أصبح سعر التكلفة لا يضاهى سعر البيع، وذلك بالرغم من رفع أسعار الأدوية خلال الفترة الأخيرة.