الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

ماذا لــــو.. تحدثت السيجارة؟

السيجارة
السيجارة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نمكث جميعا فى مصفوفة داخل عِلبة السجائر مُغلفة بصورة جثة ينقصها كفن مُدون عليها «التدخين ضار جدا بالصحة ويسبب الوفاة».
تتمزق رأسها ليدخلها النور كغرفة اعتقال اخترقتها أشعة الشمس، تستولى عليه رغبة صباحية لا تقاوم فى إدخال ذلك السم إلى جسده، قبل أن يزدرد ريقه، فأكون أول المارين لجوفه دونما اعتبار للصحة التى منحها الله إياها.
يلتقطنى من بين عشرين سبيلا للقبر ثم أدلف إلى خلوُف فمه وأمكث بين شفتيه منتظرة القداحة.. قربها إلىّ وبدأت النيران تقترب إيذانا بدخولى للمحرقة. اعتمد سور الشرفة بساعديه رانيًا إلى الصباح الهادئ، أشعل المقدمة وتألقت النيران بفعل النسائم الآتية من الشرفة وأسهب فى أخذ نفس عميق ليتسابق السرطان والدخان والموت إلى كل أجزاء جسده.. بينما أنفاسه تختلط بالدخان الأزرق أمام عينيه، ينفر البعوض «الذى هو ربما أذكى من الإنسان» من السحابة الزرقاء الحاملة للموت.
بعد تلك البداية المعتادة آثر إخراجي من بين شفتيه ووضعنى بين سبابته والوسطى وقد تملكه السُعال حتى كادت أن تُزهق روحه ولكنه متمسك بي.

وثار الدخان الأزرق أمام عينيه وأنفه لوقع الزفير ليختلط بأنفاسه مثلما تتداخل في جسده ومع كل شهيق يقترب أكثر فأكثر إلى القبر.

لقد احترقت باقل من خمسة دقائق بينما هو والموت البطىء صديقان سيألف جسده المرض كما يألف الطعام والشراب فلا تمر بضعة دقائق دونما أن يستقبل فمه سيجارة اخرى.

إنها مأساة متكررة ومتجددة ودائمة.. أن تبدو جثة لا إنسانًا.