الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"الأمراء".. كتاب يفضح الدور القطري في فرنسا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«باريس» سمحت لـ«الدوحة» باستغلالها دبلوماسيًا فى الضغط على الولايات المتحدة
الدوحة حاولت وقف الرشاوى بعدما فاحت رائحتها
ساركوزى منح القطريين امتيازات مقابل 150 مليون يورو

قبل الحديث عن هذا الكتاب الذى صدر العام الماضى فى العاصمة الفرنسية تحت عنوان «الأمراء.. هل هم حقا أصدقاؤنا؟» قبيل انطلاق الحملة الرئاسية وجعل من دولة قطر ودورها فى تمويل الإرهاب من ناحية وشراء أسهم فى أهم الشركات الفرنسية واحدًا من أهم موضوعات الحملة سخونة وإثارة للجدل، لا بد من الحديث أولا عن مؤلفى الكتاب، لأن خبرتهما بالعالم العربى كمراسلين معروفة للجميع، بعد أن ذاع صيتهما كاثنين من أشهر الرهائن الفرنسيين فى العراق، وذلك قبل إطلاق سراحهما -بتدخل قطرى- أواخر عام 2004.
المؤلفان كريستيان شينو وجورج مالبرونو، يعملان أيضا فى عدة صحف فرنسية، ومنها صحيفة «لوفيجارو» واسعة الانتشار، وقد أصدرا من قبل عدة كتب عن العالم العربى والقضية الفلسطينية وصدام حسين ومذكراتهما أثناء فترة اعتقالهما كرهائن، وأخيرًا كتابًا مهمًا عن قطر بعنوان «قطر أو أسرار الخزانة الحديدية» عام 2013 (وسنعرض له فى مقال لاحق) ثم كتاب «الطرق المؤدية إلى دمشق.. أو الملف الأسود للعلاقات الفرنسية السورية» عام 2014.
وفى بداية الكتاب يؤكد المؤلفان أنهما اعتمدا فى كتابته على الوثائق الدبلوماسية، ومنها وثائق وزارة المالية، وعلى مقابلات شخصية تعد بالمئات مع أبطال لعبوا أدوارًا مهمة وسرية فى النفق المظلم الطويل الذى يربط باريس بالدوحة، وإن فضل أغلبهم ألا تنشر أسماؤهم.
يكشف الكتاب فى بدايته عن معضلة فرنسية كبرى فى التعامل مع دولة قطر على وجه الخصوص، وهى أن أجهزة المخابرات الفرنسية المعروفة بتاريخها الطويل فى التعامل مع العالم العربى، كانت تحذر باستمرار الطبقة السياسية الفرنسية من خطورة وجود المال القطرى المتزايد داخل فرنسا، ومن خطورة التعاون الدبلوماسى والعسكرى معها فى ساحات الصراع الخارجى، ليس فقط على الجهة السورية أو العراقية، وإنما أيضا فى ليبيا، بل وفى مالى وتشاد. ويكشف الكاتبان أن المخابرات الفرنسية وقادة عسكريين كبارا أبدوا امتعاضًا ثم اعتراضا على هذا التداخل والتعاون الفرنسى القطرى فى الخارج، كما يكشف الكاتبان عن وجود استقالات من ضباط ودبلوماسيين فرنسيين احتجاجًا على هذا التعاون الذى أظهرت الأيام فيما بعد أنه كان بالفعل وبالًا على فرنسا. ومن هنا جاء العنوان الجانبى للكتاب: «هل هم حقًا أصدقاؤنا؟».
إن أهمية هذا الكتاب الذى صدر عام ٢٠١٦ هو أنه سمح للكثيرين خلال عام واحد لإصدار كتب كثيرة حول الخطر القطرى على فرنسا فى الداخل وفى الخارج، وما زالت المطابع تدور لكتب أخرى ستصدر فى الأشهر المقبلة، وهى بلا شك أشهر حبلى بالمفاجآت على خلفية أزمة دول الخليج ومصر مع هذه الدولة الصغيرة التى لعبت دورًا ربما أريد لها أن تلعبه، وربما لأن الطموح الجامح لقادتها والذى غفلوا عن أنه يتجاوز منطق الجغرافيا والتاريخ نظرًا لصغر حجم الدولة. لا شك أن سراديب العلاقة القطرية مع التنظيمات الإرهابية لم تتكشف كلها بعد، ولكن تبعث كل هذه الكتب الصادرة فى باريس والكاشفة عن الوجه الحقيقى لقطر الأمل فى قرب طى صفحة الإرهاب الأسود.


قصة السفير الكوارى
تحت عنوان «فى الغرفة الخفية داخل سفارة قطر فى باريس» يبدأ المؤلفان بما يسمى «الجشع المريض للسياسيين الفرنسيين»، وهو ولع فرنسى ببريق المال، تلقاه القطريون واستخدموه كطُعم فعال على مدى سنوات طوال، كان فيها السفير القطرى فى باريس، محمد الكوارى، ينفق ببذخ ليس فقط بفتح موائد سفارته بأفخر أنواع الطعام والنبيذ لضيوفه من الفرنسيين، سياسيين كانوا أو برلمانيين أو صحفيين، بل كان ينتهز فرصة قدوم أصغر الأعياد وأقلها أهمية حتى يرسل لأى شخصية مؤثرة ساعات الرولكس التى يصل ثمن بعضها إلى ٨٠ ألف يورو، ويرسل لزوجات هؤلاء أفخر الحقائب والملابس التى تحمل توقيع أشهر العلامات التجارية لكبرى بيوت الأزياء فى باريس.
وما لبث السفير محمد الكوارى (وزير الثقافة القطرى الحالى ومرشحها لمنصب المدير العام لمنظمة اليونيسكو) أن أصبح نجمًا من النجوم المجتمع الفرنسى، ولا يعرف أحد على وجه الدقة كيف استطاع هذا الدبلوماسى القطرى، الذى لم يكن يتكلم كلمة فرنسية واحدة عند وصوله إلى باريس، أن يتحول خلال سنوات قليلة إلى متحدث بالفرنسية وعارف بسحرها. وتحول الرجل من دبلوماسى إلى خطيب بلغة «فولتير»، وكانت هداياه قد فعلت فعلتها فى الطبقة السياسية الفرنسية، وأضافت إليه رونقا آخر وجاذبية لا تقاوم، إلى الحد الذى يرى فيه مراقبون كثيرون أن السفير محمد الكوارى كان الصاروخ الأول الذى أطلقته قطر للإيقاع بفرنسا، والتأثير على سياستها الداخلية والخارجية، وهى التى لا تتجاوز مساحتها مساحة العاصمة الفرنسية.
ويكشف الكاتبان قائمة بأسماء السياسيين الفرنسيين والبرلمانيين الذين راحوا ينشئون جمعيات صداقة فرنسية قطرية فى كل مدينة للحصول على المال من السفارة القطرية، وراحوا يقدمون خدماتهم الإعلامية والسياسية - وبالطبع التجارية- للسفير الذى كان أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثانى قد أعطاه شيكا على بياض ينفق منه كما يشاء وبدون حساب، ليس فقط لشراء المؤسسات الصناعية الفرنسية الكبرى ونادى كرة القدم الشهير باريس سان جيرمان، بل أيضا ضمائر وعقول النخبة السياسية الفرنسية.
وتحول وزراء وهم فى مناصبهم إلى أدوات فى يد السفير لخدمة مصالح قطر فى فرنسا، ومنهم رئيس الوزراء اليمينى الأسبق دومنيك دو فيلبان، وأيضا رئيس الوزراء الاشتراكى الأسبق إيمانويل فالس، ووزراء مثل جان مارى لوجوين ورشيدة داتى.


التحول الكبير
عند تولى الرئيس نيكولا ساركوزى الرئاسة فى فرنسا، نشأت بينه وبين أمير قطر وقتها حمد بن خليفة آل ثانى، علاقة خاصة وحميمة، لدرجة أن ساركوزى أعطى لدولة قطر امتيازات غير مسبوقة فى كل استثماراتها بفرنسا، ومنها إعفاءات ضريبية لم تحصل عليها أى دولة أخرى، وأصبحت كل زيارة للرئيس الفرنسى إلى الدوحة فرصة لإعطاء محاضرة تدفع قطر له فيها - كما يذكر الكاتبان - ما لا يقل عن ١٥٠ ألف يورو.
ورغم هذا التدافع الفرنسى للإفادة والاستفادة من البذخ القطرى، فإن المؤلفين يعطيان نماذج نادرة لوزراء تعاملوا بترفع مع سطوة المال القطرى فى باريس، ومنهم حالة برونو لومير، عندما كان وزيرًا للزراعة (يحتل الآن منصب وزير الاقتصاد فى أول حكومة للرئيس إيمانويل ماكرون)، إذ تلقى ساعة سويسرية يتجاوز ثمنها ٨٠ ألف يورو، فما كان منه إلا أن أودعها فى خزانة الوزارة، وما زالت موجودة بها حتى اليوم.
وفاحت رائحة هذه الرشاوى باهظة الثمن، وبدأت الألسنة تنطلق وتتحدث عن هدايا أسطورية يقدمها السفير باسم دولته، وأعطى هذا صورة فاسدة وغير مشرفة للطبقة السياسية الفرنسية، وانفجرت رائحتها الكريهة بعد رحيل السفير وانتهاء ولاية الرئيس ساركوزى، وقدوم سفير قطرى جديد (هو الشيخ مشعل آل ثانى) كانت مهمته الأولى هى محو صورة الدولة الراشية، ونفض أتربة الفساد التى أثارها السفير السابق حول السفارة.
السفير الجديد فوجئ بعشرات الطلبات اليومية من وزراء وسياسيين وبرلمانيين وإعلاميين يطلبون الهدايا والمزايا التى كانوا يحصلون عليها من السفير السابق، وعندما امتنع السفير الجديد انطلق هؤلاء للهجوم على قطر فى وسائل الإعلام، وأصبح المرتشى يشكو الراشى أمام الرأى العام. ومن هنا تفجرت فى وسائل الإعلام قصص الفضائح المتعلقة بشراء السفارة القطرية لضمائر وذمم الطبقة السياسية الفرنسية لتنتقل بعدها إلى ملف العلاقات الخاصة بالتسليح مع قطر، ومنها إلى الملف الشائك الخاص بتمويل قطر للإرهاب.


من هنا بدأ تمويل الإرهاب
يروى الكاتبان فى فصل مثير بعنوان «العقود الكبرى ومرآة الوعود الكاذبة»، أن العلاقات العسكرية لفرنسا مع دول الخليج خصوصا السعودية كان يحكمها - منذ أواخر الستينيات - العلاقة الخاصة بين الجنرال ديجول والملك فيصل، وكيف أن هذا الأخير كان يرى فى فرنسا قوة عظمى «تعويضية» أو موازية للولايات المتحدة، ويروى المؤلفان كيف أن هذه العلاقة بين الرياض وباريس قد تطورت بدءًا من عام ١٩٧٠ والأعوام اللاحقة عندما ساعد الفرنسيون الرياض فى لحظة خلاف سعودى أمريكى حول القدس والقضية الفلسطينية، على إنشاء أول جهاز مخابرات برئاسة الأمير تركى الفيصل، وأن فرنسا وضعت خطط تسليح للسعودية طوال الثمانينيات تحت عنوان «سوارى ١» و«سوارى ٢»، وهى عقود تحصل فيها السعودية على ٤ فرقاطات لافايت وسفن حربية أخرى، و٥٠ طائرة هليكوبتر، وتدريب ٢٠٠ ضابط سعودى فى الكلية البحرية الفرنسية فى مدينة بريست، وإنشاء حرس سواحل سعودى فى البحر الأحمر والخليج العربى.
وعند وصول الرئيس نيكولا ساركوزى للحكم فى باريس أراد أن يعطى للعلاقة الخاصة التى جمعته بأمير قطر - كما أسلفنا- بعدًا خاصًا فى مجال التسليح. ولكن هذا التعاون العسكرى بين دولتين أمر معروف وتمارسه فرنسا مع دول أخرى كثيرة فى العالم العربى مثل مصر والجزائر والمغرب فما الذى يجعل من التسليح الفرنسى لقطر أهمية خاصة؟
يقول الكاتبان: إن التعاون الفرنسى القطرى فى المجالات الخارجية كان يقابله، ليس فقط شراء أسهم فى الشركات الفرنسية الكبرى، ولا شراء واحد من أهم نوادى كرة القدم فى فرنسا وأوروبا كلها (باريس سان جيرمان)، ولا شراء ضمائر وذمم الطبقة السياسية الفرنسية، وإنما أيضا مقابل منح قطر امتيازات خاصة فى التعامل مع قضية الإسلام والمسلمين فى فرنسا، وهو موضوع خطير توقف عنده الكاتبان طويلا.
يقول كريستيان شينو وجورج مالبرونو: إن السعودية تمول وتساعد فى بناء وتشغيل ٨ مساجد فى فرنسا، وإن تكلفة كل مشروع على حدة تتراوح بين ٢٠٠ ألف و٩٠٠ ألف يورو، بإجمالى ٣.٨ مليون يورو حتى عام ٢٠١١.
ومع هذا فإن هناك ملاحظتين مهمتين حول التمويل السعودى:
- إن السعودية ليست وحدها التى تقوم بتمويل بناء المساجد فى فرنسا، حيث أنفق المغرب ٦ ملايين يورو عام ٢٠١٦، وأنفقت الجزائر مليونى يورو.
- إن السعودية، وعلى عكس الشائع بين الناس، لا ترسل أبدًا أئمة إلى المساجد التى تمولها، ويبقى التأثير الأقوى على هذه المساجد للجزائر والمغرب.
وبدخول قطر على الخط لإنشاء مساجد عملاقة وتمويل عمليات تنمية اقتصادية فى ضواحى المدن الفرنسية الكبرى، من أجل التأثير على مئات الآلاف من شباب المسلمين الذين يعيشون فى الضواحى الفقيرة للمدن الكبرى، أثار المشروع ضجة كبيرة فى الرأى العام الفرنسى، الذى بدأ يتساءل عن السبب الذى يدفع دولة لتمويل بناء مسجد وتمويل إنشاء جمعيات فى الضواحى الفقيرة، بحجة المساهمة فى حل مشكلات البطالة لدى الشباب الفرنسى!
ويضيف الكاتبان أن قطر ذهبت أبعد من ذلك، عندما اقترحت على الرئيس ساركوزى إنشاء مجلس أعلى لكل الجمعيات والكيانات والمساجد فى فرنسا، وذلك على غرار المجلس الذى تنضوى تحت رايته كل الجمعيات اليهودية والذى يتمتع بسلطة واسعة. وعندما وافق الرئيس ساركوزى على ذلك ذهب إليه السفيران الجزائرى والمغربى للاحتجاج على تدخل الدوحة فى شئون المسلمين فى فرنسا إلى هذا الحد.
ويشير الكاتبان إلى أن قطر دعمت تجديد مسجد باريس الكبير بين عامى ٢٠٠٢ و٢٠٠٣ بمبلغ مليون يورو وكذلك مساجد أخرى فى مدن أقل أهمية مثل مدينة نانت، إلا أن أخطر هذه المشاريع القطرية الخاصة بالمساجد هو مشروع إنشاء أكبر مسجد فى أوروبا وهو مسجد ميلوس بالقرب من مدينة ميلوز.
ويكشف الكاتبان عن الظهور الخطير الذى تقوم به المؤسسات الخيرية القطرية، وخاصة «قطر للخير»، فى عمليات تمويل إنشاء المساجد، ومنها لا يعرف على وجه الدقة كيف يتسلل المال المخصص للمساجد إلى جماعات وأفراد متهمين بالإرهاب.


هكذا «عسكرت» قطر حركة الاحتجاج فى سوريا
وتحت عنوان «قطر أسوأ تلميذ» استعرض الكاتبان سجل الإرهابيين القطريين الذين يعملون تحت ستار العمل الخيرى، وبعضهم مطلوب للعدالة الأمريكية، وعلى رأسهم الشيخ عبدالرحمن بن عمرو النعيمى، الذى كان حلقة الوصل منذ عام ٢٠٠٠ مع تنظيم القاعدة فى العراق، ومع جبهة النصرة فى سوريا، ومع تنظيم الشباب المجاهدين فى الصومال. 
ويقول الكاتبان، إن العلاقة الوثيقة بين النعيمى والديوان الأميرى معروفة للجميع، وإن النعيمى أسس فى جنيف عام ٢٠٠٤ مؤسسة «الكرامة»، وهى جمعية أهلية تدعو إلى مقاومة الاحتلال الأمريكى للعراق. وهنا يتساءل الكاتبان عن السياسة المزدوجة لقطر تجاه الولايات المتحدة، فهذه الأخيرة تحميها بقاعدتها العسكرية فى «العديد»، بينما تقوم قطر بدفع أتباعها لمهاجمتها على الجبهات الخارجية.
ويعطى الكاتبان تفاصيل أخرى كثيرة عن دور النعيمى فى توصيل الأموال إلى جماعات إرهابية، ويقولان إنه ليس وحده من يمول الإرهاب ويقيم فى قطر، وإنما هناك ١٢ ممولا آخرين يقيمون فى قطر ويتمتعون بحمايتها.
ومن هؤلاء يذكّر الكاتبان بتفاصيل مثيرة عن الدور الذى يقوم به خليفة السبيعى وجابر بن ناصر المرى، اللذين نظمت أجهزة الدولة فى قطر هروبهما من السجن عام ٢٠٠٩.
ويذكر الكاتبان مقولة أسامة بن لادن الشهيرة عن قطر وهى أن «قطر معبر للجهاد فى العراق وأفغانستان».
ويفتح الكاتبان: الملف السورى الدرامى، لأن الرئاسة الفرنسية ووزارة الخارجية كانت تأتيها تقارير من المخابرات ومؤسسة الجيش عن دور قطرى - تركى خطير فى شراء أسلحة وتمريرها للثوار فى سوريا، وهو ما نبهت إليه أجهزة المخابرات من أن «عسكرة حركة الاحتجاج فى سوريا» ستحول المنطقة إلى جحيم، وهو ما رفضته فى البداية مؤسسة الحكم فى فرنسا.
وتحت عنوان «الدبلوماسية الفرنسية تحت التأثير» يقول الكاتبان: إنه بدءًا من هذه المرحلة فإن التأثير القطرى على الدبلوماسية الفرنسية، وهى دبلوماسية دولة عظمى، تجاوز الحدود عندما أهمل صناع القرار فى الإليزيه ووزارة الدفاع ووزارة الخارجية، التقارير التى كانت تشير إلى أن قطر قد حولت الثورة فى سوريا إلى حروب صغيرة بين جماعات تكفيرية، يهرع إليها شباب أوروبا، وأن التسليح الفرنسى للثوار فى سوريا كان فى الواقع تسليحا لجماعات متطرفة سيخرج منهم الإرهابيون الذين سوف يضربون ويفجرون أنفسهم فى شوارع باريس.
الدور المزعج لقطر فى مربع النفوذ الفرنسى بإفريقيا
تحت هذا العنوان يكشف المؤلفان عن المفاجأة التى وقعت للجيش الفرنسى فى مالى، عندما وجدوا أن هناك طائرات قطرية تنقل متطرفين لإبعادهم عن ميدان القتال، قبل أن يبدأ الجيش الفرنسى عملياته، وأن الأوامر صدرت بأن يترك الفرنسيون الطائرات القطرية حتى تنهى مهمتها. 
ويقول الكاتبان: إن هناك تقارير للمخابرات الفرنسية كشفت عن غضب داخل الجيش الفرنسى، بعد أن أزيح الستار عن تمويل قطر لجماعة أنصار الدين الإرهابية فى مالى، وهى نفس الجماعة التى جاء الجيش الفرنسى لقتالها. ويعلق الكاتبان بأن هذه اللعبة المزدوجة فى مالى وقعت أيضا فى ليبيا، حيث اكتشف الفرنسيون أن حليفتهم قطر تمول وتسلح جماعات جهادية فى بنى غازى ومصراتة، وأنه كادت تحدث مواجهات بين القوات الفرنسية والقوات القطرية هناك، وتم تجنبها فى اللحظة الأخيرة.


استثمارات خرافية لحمد بن جاسم
يقول الكاتبان: إن دولة الإمارات العربية المتحدة تستثمر فى فرنسا ٣.٧ مليار يورو حتى عام ٢٠١٤، بينما تستثمر قطر ١.٧٥٢ مليار يورو، أى نصف ما تستثمره الإمارات، بينما تبلغ استثمارات السعودية ٨٢٩ مليون يورو، ومع هذا فإن الاستثمار القطرى وحده اللافت للأنظار، ذلك أن القطريين يعشقون التشدق بدورهم وأهميتهم، بينما يستثمر الآخرون فى صمت.
وفى المقابل، يقول الكاتبان: إن معظم استثمارات الدول الثلاث تبلغ نحو ٣٠ مليار دولار، تصل فيها استثمارات الأفراد إلى أرقام فلكية، ويذكر منها استثمارات الشيخ حمد بن جاسم رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطرى الأسبق التى تبلغ ١٥ مليار دولار، ويكشفان أن أمير قطر السابق الشيخ حمد يستثمر هو أيضا، ولكن فى مجال آخر، حيث اشترى محلات «لوبرينتان» التاريخية شديدة الفخامة والمعروفة عالميًا، وكذلك مقهى «كافيه دو لا بيه» العريق.