الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

"يهوذا القرن".. الباحث الفلسطيني فايز أبو شمالة لـ"البوابة نيوز": تجنيد الشباب العرب بجيش الاحتلال ورقة سياسية بيد "تل أبيب" دافعها الفقر

الكاتب والباحث الفلسطيني
الكاتب والباحث الفلسطيني فايز أبو شمالة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"إسرائيل تتاجر بهم سياسيًا للدفاع عن نفسها" هكذا وصف الكاتب والباحث الفلسطيني فايز أبو شمالة، ظاهرة المجندين العرب بجيش الاحتلال في حواره لـ"البوابة نيوز" خلال ملف "يهوذا القرن"؛ مؤكدا أن المغريات المادية وراء الارتكاز الرئيسي في جذب الفقراء للتجنيد.. وإلى نص الحوار:
• في البداية كم هو نسبة المجندين.. وهل هناك تقارير رسمية بأعدادهم ؟
تبلغ نسبة العرب الفلسطينيين في إسرائيل 20% من مجمل السكان، ولكن الذين ينخرطون في العمل مع الجيش الإسرائيلي لا يتعدى 1% فقط، ويقدر عددهم بعدة آلاف، ومعظمهم بعيد عن القرار، هم أدوات تنفيذ، وقصاصي أثر، وحراس حدود، وعمال مطبخ ونظافة.
• كيف ترى هذا التحول الجذري من الرفض لوجود اسرائيل الى الخدمة في جيشها ؟
الرفض الجذري لجود دولة إسرائيل قائم لدى أكثر من 95% من الشعب العربي في فلسطين المغتصبة 48، فقط 5% يخدمون في الجيش الإسرائيلي، وذلك لاعتبارات مالية، واعتبارات نفسية، ولخلافات عائلية، ومشاكل شخصية، وهم أقرب في خدمتهم للجيش إلى الانتقام الشخصي من القناعة السياسية.
• ما هي المغريات التي تضعها إسرائيل لجذب الشباب للخدمة لديها ؟
المغريات المالية هي الأهم وفق تقديري، والمكافآت المالية، والاستثناء الوظيفي والتمايز في العمل الذي يحققه كل من يحصل على شهادة الخدمة في الجيش، ثم يأتي عامل التفاخر الكاذب أمام النفس، بأنه جندي إسرائيلي، وأنه يدافع عن دولته إسرائيل، يلي ذلك الشعور بالانتقام من المجتمع العربي الذي يعيش فيه.
• وهل يحتاج الاحتلال لتسليح هؤلاء الشباب ام القصة متاجره سياسية ؟
يحتاج العدو الإسرائيلي لهؤلاء المجندين العرب في الأعمال الشاقة الخطيرة، حيث يزجهم في الصفوف الأولى من دوريات الحدود، وفي المراقبة من خلال أبراج المراقبة، ويحتاجهم في الأعمال الخطرة مثل تفكيك المتفجرات، القيام بقص الأثر، وشم رائحة المتفجرات، وفي كل عمل يخشى فيه الإسرائيليون على اليهود من الإصابة والتأذي النفسي، يزج فيه الجندي العربي.
• وبرايك ما هي الدوافع النفسية التي تجعل الشخص يقبل هذا العرض ؟ 
جملة من الدوافع، فبالإضافة إلى الدوافع المادية، فهنالك أمراض نفسية، ومنها حب الظهور، والتباهي بالعمل مع الإسرائيليين، والوقاحة الاجتماعية، ومنها الانتقام من العرب.
لقد كان معي في سجن نفحة الصحراوي سجين عربي من مدينة يافا المحتلة، عمل جنديًا إسرائيليًا قبل أن يلتحق بالمقاومة والتنظيمات الفلسطينية، وقد بدأت قصة السجين حين تزوج أبوه العربي الفلسطيني أمه اليهودية، فجاء إلى الدنيا غريبًا، فإذا اختلف مع أقرانه العرب في اللعب، وشتموه، قالوا له: يا ابن اليهودية، وفي تقديري هذا سبب دفعه لينتقم، ويلتحق جندي بالجيش الإسرائيلي، وكما قال لي: أطلق النار على عرب بلا شفقة، ولكن تعامل زملاؤه الجنود الإسرائيليين معه في المعسكر بتمايز، وشتمهم له في كل حين بجملة "أنت عربي"، جعلته في لحظة يستفز، ويثأر لعروبته، ويطلق عليهم النار، ليقيم معنا في سجن نفحة الصحراوي سنوات.
• هل يستطيع هذا الشاب ان يدمج بين عروبته ودينه وبين خدمته فى جيش الاحتلال على الأقل نفسيا ؟
من الصعب التأقلم مع أعدائه، بإمكانه أن يكون خنزيرًا في سلوكه، أن يسمع شتم الدين، وشتم العرب، والبصق على القرآن ولا يثور، وهذا ما يحرص القادة الإسرائيليين على تحذير الجنود الإسرائيليين من التصرف المثير أمام الخادم العربي، خشية ردة فعله.
ولكن وفق تقديري، فإن معظم الجنود العرب العاملين في الجيش الإسرائيلي يعانون انفصام في الشخصية، وهم مرضى، وتتمزق أرواحهم بين عميق الثقافة الإسلامية والعربية، وسطحية الحياة في وسط جنود يهود يحتقرون الغريب ويسخفون حياته وفق معتقدهم.
• ما مدى القهر الذي يشعر به الفلسطيني وهو ينتهك من ابن وطنه ؟
بالعكس، لا يشعر بالقهر، فقد يكون أقسى من اليهودي، وقد يكون مبالغًا في قهر العربي، فطالما رضت نفسه أن يحمل السلاح، ويصير جنديا إسرائيليًا، فهو حريص على أن يثبت كفاءته، ويرتقي، وهذا ما أثبته الضابط العربي الدرزي غسان عليان الذي أصيب في الحرب الأخيرة على قطاع غزة سنة 2014، فقد كان قائد المجموعة، وعاد لمقاتلة الفلسطينيين قبل أن تبرأ جراحه، كدليل على الوفاء لليهود.
• أخيرا برأيك من هو المسؤول على ضياع فكر الشباب وتحويلة بهذا الشكل ؟
القيادات العربية التي تلتقي مع الإسرائيليين، مشاريع السلام التي خدعت العرب، فبعد اتفاقية كام ديفيد انهارت القيم، وبعد الهزائم العربية في أكثر من حرب تخلخلت الثقة بالإنسان العربي والجيش العربي، فوقع العشرات من الشباب فريسة الضياع والوهم، والهروب من الانتماء لأمة عربية يشعرون أنها مهانة ومهزومة ومنقسمة ومتخلفة، فيلجئون إلى الوهم، والانتماء إلى مجتمع يظنون أنه قوي ومتماسك، لذلك يلتحقون للعمل في الجيش الإسرائيلي كعبيد، أسهم في تقييد حريتهم الواقع العربي الذي لا يحترم الإنسان، ولا يراعي حقوقه المدنية والسياسية.

للعودة للملف من هنا