الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

اقتلوا عامل التحويلة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
احبسوا عامل التحويلة، لا تتركوه يَهنأ بفعلته، اقتلوه ألف مرة، أو ارجموه في ميدان عام حتى يكون عِبْرة لمن يعتبر، ثم اشنقوا السائق أو اصلبوه وافقئوا له عينًا، وقطِّعوا لحمه أشلاء وارموها للكلاب، لكن إياكم أن تقتربوا من السيد الوزير، أو رئيس هيئة السكة الحديد، أو أي مسئول في الحكومة؛ إنهم يواصلون الليل بالنهار من أجل راحتكم، يسهرون الليل لخدمتكم، وإن أردتم أن تعرفوا دماء أكثر من 42 شهيدًا و133 مصابًا في رقبة مَنْ فاسألوا الإعلامي أسامة كمال، سيقول لكم الحقيقة كاملة في برنامجه، وهو يستعرض للمشاهدين حوادث القطارات حول العالم، مؤكدًا أن مصر ليست البلد الوحيد الذي يشهد مثل هذا النوع من الحوادث. 
نعم، يا سيد أسامة، الحوادث عمومًا، وحوادث القطارات خصوصًا، تحدث فى كل دول العالم، لكنها لا تحدث أبدًا بهذا الحجم، أو تلك الكيفية التي لا مثيل لها، ولا بهذا السيناريو المكرر للفساد والإهمال والترهل الذي أصاب الدولة المصرية. 
لم يتغير أي شيء بعد ثورة 25 يناير أو بعد 30 يونيو، ما حصل فى قطار الصعيد قبل الثورة، ومن قبله العبَّارة، ومن 20 سنة قطار كفر الدوار، وما قبلهم وما بعدهم، وصولا لقطار خورشيد أو الإسكندرية، فلو كانت حكوماتنا المتعاقبة يهمها المواطن في شيء لأدركت أن إصلاح وتطوير مرافق ومؤسسات منسية ومهملة تخدم عشرات الملايين من المصريين له الأولوية قبل تنفيذ أي مشروعات أخرى.
بالتأكيد كان هناك وقت كافٍ بعد الثورتين لإصلاح الأمر، وتطوير مرافق الدولة كلها، وليس السكة الحديد فقط، ولكن الأولوية والاهتمام الحقيقى ظل لأشياء أخرى ليس لها علاقة حقيقية بالمواطنين البسطاء المهدرة حقوقهم على الدوام. 
هكذا تعوَّد المسئولون على مشاهدة حصرة قلوبنا وحزننا على العشرات من المواطنين الذين يلقون حتفهم،  أو يُصابون في حوادث القطارات المشئومة، فمعظم ركاب القطارين هم من فقراء الشعب لا يملكون شاليهات في الإسكندرية أو الساحل الشمالي، واجتهدوا لادخار بعض المال لقضاء بضعة أيام للترويح عن أنفسهم، وليشتموا مع أسرهم نسمة رقيقة للاستراحة من عناء العمل طوال السنة، لكن للأسف لم يمهلهم سوء الإدارة والتنظيم في مرافقنا العامة أن ينعموا بذلك، وانقلب حلم المتعة البريئة إلى ألم الموت أو الإصابة وحسرة الأهل على فقدان الأحباب..  ليس للفقراء في بلدنا نصيب في فرحة حتى لو قصيرة.