الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

زواج البكر غير الرشيد.. النسبة تبلغ 15% والريف يتصدر بـ 56%.. وخبراء: لانعدام الوعى وفكرة "العزوة" المقرونة بالخلفة

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على الرغم من أن المادة 31 مكرر من قانون الطفل رقم 126 لعام 2008 تنص على أنه لا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين 18 سنة ميلادية كاملة، وأنه يشترط للتوثيق أن يتم الفحص الطبي للراغبين في الزواج، للتحقق من خلوهما من الأمراض التي تؤثر على حياة أو صحة كل منهما أو على صحة نسلهما، ويعاقب تأديبيًا كل من وثق زواجًا بالمخالفة لأحكام هذه المادة، إلا أن أعداد الزيجات غير الموثقة وزواج القاصرات ينتشر ويزداد بصورة كبيرة، وهو الأمر نفسه الذى دفع بعض أعضاء مجلس النواب مؤخرًا للسعى إلي تخفيض الحد الأدنى لسن زواج الفتيات إلى 16 عامًا بدلًا من 18 عامًا، مما يضفى الطابع الرسمي علي عشرات الزيجات غير الموثقة في الريف والصعيد المصري.


زواج القاصرات والأطفال أمر لا يمكن إغفاله في المجتمع المصري، خاصة في الريف المصري وقُرى ونجوع الصعيد، حيث أكدت إحصائيات رسمية Hk أن نسبة الزواج المبكر في مصر بلغت حوالى 15%، وتزداد في المحافظات الأكثر فقرًا، ووصلت النسبة ببعض المحافظات إلى 74%، فيما أشارت إحصائية لجمعية حقوق المرأة في 2015 الى أن نسبة زواج القاصرات في مصر تختلف من الريف إلى الحضر، إذ تبلغ نسبته 42% في الحضر مقارنة بـ 56% في الريف، وبحسب تقارير لمنظمة الصحة العالمية فإن 13% من الفتيات المتزوجات في مصر فى عمر من 15 إلى 19 سنة، كما أن متوسط عدد الأطفال للفتاة المتزوجة قبل 18 سنة 3.7 طفل، وهو ما يعد عبئًا ويساهم في زيادة الكثافة السكانية في مصر.
لا يتطلب الزواج غير الموثق للأطفال والقاصرات سوى إثبات حقوق الفتاة المقبلة على الزواج، من خلال ورقة مطبوعة يُطلقون عليها "ورقة منقولات زوجية"، حيث يتم بها إثبات جميع المنقولات والمشغولات الذهبية والأجهزة المنزلية، كحق للزوجة وضمان لها.



يقول محمود عبادى، أحد المتزوجين من قاصر: "وكيل العروس يتسلم ورقة المنقولات الزوجية بعد أن يمضى عليها شاهدان، ثم يتم إثبات الزواج أيضًا عن طريق عقد زواج تصادق من مأذون المنطقة وبإمضاء من شاهدين، على أن يشترط هذا العقد أن يتم إثبات الزواج رسميًا، حينما تصل الزوجة إلى السن القانونية، وإلا التعرض للمساءلة القانونية، إلى أن يتم أخيرًا قراءة السنة بين العريس ووكيل العروس، وإعلان مراسم الزواج بغرض الإشهار".

ويُضيف عبادى: "في حالة رفض المأذون إثبات عقد زواج التصادق لخوفه، أو لأي أسباب أخري، خاصة إذا كان عمر العروس لا يتخطى 13 أو 14 سنة، فيلجأ البعض إلى إثبات الزواج عن طريق ورقة المنقولات الزوجية والإشهار بإقامة العُرس، وأيضًا الاستعانة بمقرئي الجنائز والقبور والمحامين وعوام الناس في قراءة السنة بين العريس ووكيل العروس، مُقابل مبالغ مادية زهيدة".

"زوجتك ابنتي البكر الرشيد على كتاب الله وسنة رسوله وعلى الصداق المُسمى بيننا وعلى ما اتفقنا عليه"، "وأنا قبلت الزواج"، هما الجملتان المستخدمتان فى إجراء مراسم زواج القاصرات في القرى المصرية، ثم الإشهار بإقامة الأفراح، حسبما أكد محمد جمال، إمام مسجد بقنا، مضيفًا أن مأذون القرية غالبًا لا يقبل التورط في زواج فتيات لا تزيد أعمارهن علي 12 عاما، وهو ما يدفع البعض إلى اللجوء إلى مقرئى الجنائز والقبور والمحامين وعوام الناس لقراءة السُنة وإتمام الزواج.

وأشار "جمال" إلي أنه بعيدًا عن زواج الفتيات الناضجات جسديًا ونفسيًا، ولم تصل أعمارهن إلي السن القانونية، فإن قرى الصعيد شهدت انتشارا لزيجات الفتيات اللاتي لم يتخط عمرهن 13 عاما بعد ثورة يناير، خاصة خلال العامين التاليين للثورة، لاعتقاد الكثيرين من أهالي تلك الفتيات بأن زواجهن في تلك السن "سُترة"، وأيضًا من باب تخفيف الأعباء المادية عن كاهلهم، خاصة فى ظل الظروف المادية الصعبة التى تعرض لها كثيرون خلال الشهور التالية للثورة.



من جانبه، قال الدكتور رضا الدنبوقي، المحامي والمدير التنفيذي لمركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية، إن زيادة زواج القاصرات في المناطق الريفية يرجع إلى انعدام الوعي وتراجع المستوى الاقتصادي وفكرة "العزوة" المقرونة بالخلفة الكثيرة، والتي ساهمت أيضًا في تكريس فكرة الثقافة الإنجابية، التي انعكست على تسرب البنات من التعليم في هذه المناطق.

وأضاف الدنبوقي في تصريحات لـ "البوابة" أن انخفاض نسب التعليم للفتيات على وجه التحديد، جعلها تدرك أن دورها في النهاية مقتصر على البيت والأسرة وإنتاج الأطفال، وبالتالي تتحول إلى "طفلة تنجب طفلة" أخرى، ولفت إلى أن هذا النوع من الزواج في أغلبه يتم بشكل "عرفي"، لأن ذلك مخالف لقانون الأحوال الشخصية.

وحول أكثر المناطق نسبًا في معدلات زواج القاصرات، أكد مدير مركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية، أن هذه المناطق تتمثل في محافظة الدقهلية على مختلف مستوياتها ماعدا المحافظة، ومحافظة الشرقية بالكامل، ومحافظة كفر الشيخ، ومحافظة الجيزة – المحمودية والبدرشين-، ولفت إلى أن المعالجة تحتاج إلى التمكين الاقتصادي، والطفلة الأنثى، والاهتمام بالأسرة، وزيادة العقوبة فيما يتعلق بزواج القاصرات، وإيجاد سبل لتنفيذ العقوبات على المخالفين المشاركين (المأذون والمحامين ورئيس القلم الشرعي)، ومن المؤكد أن ذلك سوف يسهم إيجابًا في الحد من زواج القاصرات.