الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

أسرار البنات.. أمي وأزواجها الخمسة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كنت طفلة صغيرة عمرى ما بين السابعة والثامنة على ما أتذكر، كان أبى وأمى يتشاجران كثيرا، كانا يتطاولان على بعضهما بالسباب والضرب أحيانا، وأخيرا انفصلا بطريقة مأساوية، وسرعان ما تزوج كلاهما ليكيدا لبعضهما البعض.
عشت فى البداية فى منزل جدتى أم والدتى، ولكن سرعان ما تذمرت من مسئولياتى وأعبائى كطفلة، فأصبحت أتنقل ما بين منزل والدى وزوجته وما بين منزل زوج أمى.
أريد أن أؤكد لك أن ما يعرضونه على شاشات التليفزيون والمسلسلات عن قبح زوجة الأب وقسوة زوج الأم ليس مبالغة أبدا، ولكننى فى عمرى هذا وبعد تجاربى المريرة تلك، أستطيع أن أؤكد لك أن السبب الرئيسى فى هذا القبح وتلك القسوة هو تفريط الأبوين وتنازلهما عن أحقية أطفالهما فى الحنان والرعاية والاهتمام، فكيف لنا أن نلوم الطرف الغريب؟
كنت أرتاح عند أمى أكثر فى البداية، فقد أنجب أبى طفلين آخرين وكنت أجد نفسى ضائعة بينهما أو بالأحرى خادمة بدون أجر، ورغم قسوة زوج أمى وجفائه إلا أنه كان يغيب كثيرا فى عمله، مما كان يمكننى من تنفس الصعداء قليلا.
إلى أن جاء يوم كنت فيه فى المنزل بمفردى وأمى لم تعد من الخارج بعد وكان الوقت متأخرا، دخل زوج أمى المنزل يسألنى عن أمى أين ذهبت ولماذا تأخرت، لم أعرف بماذا أجبه، ولم يكن هناك تليفونات محمولة وقتها، استشاط غضبا وراح يوبخنى ويشتمنى ويسب أمى بألفاظ نابية، لم أتحمل أن يتكلم عنها هكذا فى غيابها فرددت عليه بحدة وطلبت منه ألا يسبها، فانهال على جسدى الصغير بالضرب والركل، وجذبنى من ملابسى وفتح باب الشقة وطردنى إلى الشارع حافية القدمين، وقال لى بكل إهانة: روحى لأبوكى يصرف عليكى، مش هو يخلف وأنا أأكل وأشرب، وأهان أمى وأبى بألفاظ غير لائقة وأغلق الباب فى وجهى.
وجدت نفسى فى الشارع فجأة، نعم فتاة فى الثامنة من عمرها طردت إلى الشارع حافية القدمين فى منتصف الليل، لم أدر ماذا أفعل وأمى لم تعد بعد ولا أعلم إن كانت ستعود أم لا، وجدتنى أسير على قدمى العاريتين فى الطريق إلى بيت والدى الذى كان فى حى بعيد جدا لا أعرفه سوى بالشبه، ظللت أسأل الناس وأنا أبكى كيف أستطيع الذهاب إلى منزل والدى، سرت أكثر من ثلاثة كيلومترات على قدمى بدون حذاء، إلى أن أخذنى بعض الأشخاص وسلمونى لقسم الشرطة، وهناك تحروا عن والدى وجاءوا به ليتسلمنى.
صدمتى لم تكن مما فعله زوج أمى، فهو تصرف عادى من زوج أم لا يبالى بطفلة تخلى عنها أبواها، إنما جرحى كان أشد عمقا وسوءا من أمى، إذ إنها لم تأت للاطمئنان على أبدا، وتركتنى فى منزل أبى وزوجته اللذين قررا بعد هذا الموقف أن أعيش معهما بشكل دائم، لم تسأل عنى لمدة سبع سنوات كاملة، ولم تأت لزيارتى ولو لمرة واحدة، وأنا التى كنت أنتظرها كل يوم منذ ذاك اليوم الذى رميت فيه بالشارع وحتى كبرت وصرت فى المرحلة الثانوية، وأنا كل يوم أتساءل أين أنت يا أمي؟ لماذا تخليت عني؟
إلى أن تعلمت القسوة أنا أيضا، وصار قلبى مرتعا للجفاء والجفاف ككل من حولى، حينها فقط ظهرت أمى وجاءت إلى مدرستى تطلب منى العفو، أبلغتنى أن زوجها حينها هددها بالطلاق إن خرجت تبحث عنى، وهى وللأسف حينها كان خوفها من أن تحمل لقب مطلقة للمرة الثانية أشد وأهم من خوفها على أنا!
الغريب فى الأمر أن والدتى طلقت منه فعلا بعد تلك الحادثة بعامين بعد أن تزوج عليها، وتزوجت من الثالث والرابع، وجاءت لى الآن وهى على ذمة الخامس، وتطلب منى بكل سهولة أن أسامحها!
لن أسامحها أبدا ولن أسامح منهما أحدا، القسوة التى منحانى إياها لم تدع لهما عندى أى مجال للعطف أو التسامح.
رفضت الحديث معها وتركتها فى مكتب المديرة وذهبت إلى فصلى، وتركت لها رسالة مع جدتى أننى لا أريد أن أقابلها أبدا.
(د.ع. بنى سويف)

الرد
أعلم جيدا أنك لا تريدين سماع العبارات المعلبة عن عقوق الوالدين وفضل برهما ووجوب وصلهما حتى ولو كانا ضالين مضلين، وأعلم أيضا أن شعورك بالظلم والقهر تحول بداخلك إلى بركان من الغضب والاحتقان يترجمه الصوت السلبى بداخلك إلى رغبة فى توزيع الكراهية والرغبة فى الانتقام.
ولكن يا عزيزتى سأتكلم معك بطريقة جديدة ربما تلقى قبولا فى نفسك، وربما تجدين فيها شيئا مختلفا عن أناشيد المحفوظات التى يرددونها على مسامعك دون أن يقدروا حجم ألمك.
فى الحقيقة جميعنا يتألم، جميعنا تعرضنا ونتعرض وسنتعرض لظلم طالما حيينا، ولكن القوة هنا هى ألا نجعل الشر يتمكن منا ويتحكم فينا ويحولنا إلى مسوخ بشعة ترغب فى تكرار الظلم وتجربة الألم على أرواح أخرى.
التعويض الحقيقى يا صديقتى هو ألا تكررى هذا الظلم مع أى أحد، ولا تتحولى أنت أيضا إلى ظالمة، ترفعى وتسامى عن أخطاء من ظلموك- وكونى أفضل منهم بالتسامح والتناسى، وكونى على ثقة أن العدالة موجودة، كما مرت عليك تلك التجارب المريرة قطعا ستكون هناك تجارب سعيدة، وبدون شك سوف تنتصفين لجروحك وتضمدينها فى يوم من الأيام.