الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

شيرين عبدالوهاب فنانة بدرجة «مستفزة»

شيرين عبدالوهاب
شيرين عبدالوهاب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تنتمي شيرين عبدالوهاب إلى جيل الألفية الثالثة، ذلك الجيل الفنى الذى اختلفت موسيقاه كثيرًا عن استايل الموسيقى فى فترتى الثمانينيات والتسعينيات، وبدأت الموسيقى الإلكترونية تأخذ موضعها فى الألبومات الصادرة بالإضافة إلى مناطق التجريب فى الموسيقى والاختلاف عن السائد بعض الشىء.


خرجت شيرين عبدالوهاب وسط هذا الزخم؛ واصطبغت بروح العصر؛ أو ربما العصر هو ما فرض عليها ذلك؛ لكن تهمة الاقتباسات الموسيقية من الأغنيات العالمية التى غلفت موسيقى الثمانينيات والتسعينيات، ظلت تلاحقها منذ انطلاقتها الأولى وحتى يومنا هذا؛ وفى هذا التقرير نتعرض لأغاني شيرين عبدالوهاب، ليس بصفتها الفردية، ولكن كواحدة من جيل كامل؛ لنقف على سر نجاحها فى اكتساب الشهرة، مقارنة بفنانين كثيرين بدأوا معها نفس المسيرة لكنهم ضلوا طريق الشهرة والنجومية.
من الاقتباس إلى نجاح مفاجئ يغلفه الغموض.. أين الفكر الموسيقى؟
كانت أول معرفة الجمهور بشيرين الوهاب عندما سمعوا صوتها مركبًا على لحن مسروق من أغنية فرنسية لداليدا غنتها عام ١٩٥٦ بعنوان «فلامنكو»، وكان صوت شيرين يشتبك مع صوت محمد محيى فى أغنية له على نفس لحن داليدا بعنوان «بحبك» ضمن ألبوم «صورة ودمعة» الصادر له عام ٢٠٠١. 
الأغنية كانت مبهجة واستمتع بها الكثيرون، وتساءلوا عمن تكون صاحبة هذا الصوت الأنثوى الذى يرافق صوت محيى؛ ولم يستمر السؤال كثيرًا حتى أجابتهم بنفسها فى أغنية مصورة بعنوان «آه يا ليل»، صدرت ضمن ألبوم مشترك بينها وبين تامر حسنى فى العام التالى، لتبدأ من بعده فى إصدار ألبوماتها المنفردة تباعا التى كان أولها «جرح تانى» عام ٢٠٠٣ وآخرها «أنا كتير» الصادر فى نهايات العام ٢٠١٤، لتدشن شيرين عبدالوهاب نفسها كواحدة من أنجح المغنيات على ساحة الغناء العربى؛ لكن أسباب هذا النجاح ظلت مجهولة وتشغل بال الكثيرين.
للنجاح فى عالم الأغنية أسباب رئيسية، منها صوت المغنى واللحن والكلمات والتوزيع، ويعتقد البعض أن أغانى شيرين ليست متفردة على مستوى هذه العناصر جميعا، فهى ليس لها توجه واضح فى اختيار الألحان، وليست صاحبة قرارات تجبر ملحنيها على صياغة جمل موسيقية تناسب فكرها الموسيقى الذى لم يتضح أنها تملكه حتى الآن، فتعاونت مع معظم الملحنين المنتشرين فى الوسط الموسيقى المصرى، منهم رياض الهمشرى وأحمد محيى وعمرو مصطفى وخالد عز، فضلا عن محمد رحيم الذى لحن لها عددا كبيرا من أغنياتها، وكل هؤلاء أسماء معروفة يتعاملون مع شيرين وغيرها، بل ربما يكون محمد رحيم مثلا قدم لـ«إليسا» ألحانا أكثر روعة من تلك التى قدمها لشيرين.
الأمر بالمثل يتكرر معها على مستوى التوزيع، فقد تعاملت مع كثيرين، كان أبرزهم محمد مصطفى طليقها، وتوما، ولا يوجد أى تشكيل للآلات الموسيقية نستطيع أن نقول إنه فريد من نوعه، بل إن معظمها يأتى تجاريًا ومماشيًا للسوق، وأحيانا تكون التوزيعات غير دقيقة، من حيث ملاءمة موضوع الأغنية ولحنها، فعلى سبيل المثال عندما وزع «توما» أغنيتها «ومين اختار» فى ألبومها الأخير، اعتمد فى بدايتها على نغمة مستفزة بالباص جيتار، ليغلظ بذلك صوت الإيقاع بحجة أنها العصرية والحداثة وإلى آخره من المصطلحات، لتكتشف فى النهاية أن الأمر ما هو إلا تجارة وتعبئة أغنية والسلام.


هل يبخل الشعراء بكلماتهم المتميزة على شيرين؟
ربما أزمة شيرين عبدالوهاب تتضح أكثر فى كلمات أغنياتها، فأحيانًا تجد لها ألبوما مخصصا فى معالجة موضوع معين، وتتفق على ذلك معظم أغانيه، مثل ألبومها الأول «جرح تانى»، إذ دارت جميع أغنيات هذا الألبوم حول فكرة «الحبيب النذل»؛ وهو شىء جيد ربما يكون راجعا إلى المنتج صاحب الرؤية الثاقبة نصر محروس، الذى كان بمثابة كشاف مواهب فى هذه الفترة.
فى ألبوماتها الأخيرة، بدأت شيرين تنوع فى كلمات أغانيها، من حيث روح المفردات، فتجد فى بعض الأغنيات كلمات رومانتيكية بعض الشىء، وأخرى كلماتها «كاريكاتورية» تميل إلى كلمات الغناء الشعبى إلى حد ما. 
نادر عبدالله أحد أبرز الشعراء وكتاب الأغانى فى مصر، وهو أحد الذين تعاونوا مع شيرين، فهو شاعر مختلف له مفرداته الخاصة، لكنه كان عاديًا مع شيرين رغم ذلك، فلم يقدم لها كلمات متفردة بالمقارنة مثلًا بكلمات أغنيته «أواخر الشتا» التى كتبها لإليسا. يتبقى الآن عنصر الصوت، وهو الأمر الذى لا يوجد فيه تدخل من شيرين، لأنه موهبة طبيعية، وربما هو الذى دفع المنتج نصر محروس إلى الرهان عليها فى البداية، ما فتح لها باب الشهرة، قبل أن تتمرد عليه بشكل مثير للجدل.




مغنية لا مطربة رغم خامة الصوت النادرة
طبقة صوت شيرين تكاد تكون من الطبقات النسائية غير المنتشرة، لذلك فهى تعلق بالآذان عند سماعها، والدليل على ذلك أن مغنية تسمى «سمية» صوتها ينتمى تقريبا إلى مثل طبقة شيرين، قدمت أغنية بعنوان «اعتبره قلب وراح» حققت نجاحا كبيرا للغاية، دفع شيرين نفسها إلى أداء الأغنية بصوتها، لأسباب لا تعلمها إلا شيرين، ولا يسع المراقبون إلا تخمينها، وهى بالتأكيد أسباب تجارية، فقد كانت شيرين وقتها حققت شهرة إلى حد ما، وبالتالى فإن من يسمع الأغنية بصوت شيرين لن يتذكر «سومة»، هذا إذا استطاع التفريق بين الصوتين أساسا.
يتأرجح صوت شيرين في طبقة الكونترا آلتو، وهى الطبقة الأهدأ عند النساء، لكن مجالها الصوتى أقل بقليل من المجال الملائم للتطريب، الذى يتجاوز أو يقترب من الأوكتافين، فمجال شيرين الصوتى يتجاوز الأوكتاف بمسافة بسيطة جدا وبالكاد، فيبدو للمستمع أثناء أدائها لبعض الجمل فى أغنيات معينة بأن نفسها قصير.



سمية- قلب وراح


قلب وراح بصوت شيرين


تهمة السرقات تلاحق أغنياتها الوطنية
اقتباس الألحان الموسيقية من مطربين أجانب فى مصر أمر شائع جدا؛ لكن الاقتباس من ملحن موسيقى عربى مشهور له طابع مميز؛ فهذا ما يثير التعجب.
مع مطلع السبعينيات من القرن الماضى أطل الفنان العملاق وديع الصافى على جمهوره، بأغنية «دار يا دار» فى فيلم «نار الشوق»؛ وتمتعت الأغنية بحالة حزن استطاع أن يعبر عنها وديع بجمله اللحنية البراقة، التى تتيح للمستمع مساحة من الخيال؛ وتركزت براعته فى اختياره لمقام شعبى شرقي، وهو مقام بيات الذى يتعلق بأغانى الفلكلور؛ لكن البراعة تتمثل فى تطويع حالة الحزن فى هذا المقام؛ ما يشعره أنه مقام صبا وليس بيات؛ فالصبا الأميل لحالة الحزن؛ كان اللحن فريدا واحتفت به مكتبة الموسيقى العربية؛ لكن غير المتوقع أن يعيد الملحن خالد عز نفس هذه النوتة فى لحن جديد لأغنية لشيرين عبدالوهاب، إهداء لشهداء القوات المسلحة الذين ذهبت أرواحهم فى أعمال إرهابية بعنوان «سلم ع الشهدا اللى هناك» وتميزت الأغنية بطابع حزين لها نفس حركة أغنية «دار يا دار» ونفس مقامها.


جميع أغانى شيرين عبدالوهاب الوطنية دارت حولها الظنون والاتهامات؛ منذ الأغنية التى غنتها للرئيس مبارك بمناسبة عودته من رحلة العلاج بألمانيا فى العام ٢٠١٠ بعنوان «ريسنا ريسنا»؛ وبعد ثورة ٣٠ يونيو أطلقت أغنية «مصر مين شال همها» والتى دخلت قائمة الأغنيات التى استحوذ عليها الظل ولم تنل النجاح الكافى؛ وكان لحنها خاص بأغنية لعمرو مصطفى نحمل اسم الإرهاب؛ لكن شيرين لم تنكر نسبة اللحن إلى عمرو؛ وهذا على عكس ما حققته أغنية «ما شربتش من نيلها» فى العام ٢٠١٠.




سلم ع الشهدا- شيرين


وديع الصافي- دار يا دار


مصر مين شال همها- شيرين


الإرهاب- عمرو مصطفى


«أحلام» و«البينك فلويد» يضعانها فى قفص الاتهام
فى عام ٢٠٠٩، طرحت المطربة الخليجية أحلام أغنيتها «هذا اللى شايف نفسه» من الحان الكويتى فيصل الراشد، بإلإيقاع الخليجى المعتاد والمكون من وحدتين زمنيتين، ليتفاجأ الجمهور بشيرين عبدالوهاب فى عام ٢٠١٤ تطرح أغنيتها «قلة النوم» ضمن ألبومها «أنا كتير» ألحان وليد سعد وتوزيع توما، وقد لوحظ بها تشابه على مستوى الخط اللحنى لأغنية أحلام، تشابه قد يصل إلى حد السرقة الموسيقية، فالاختلاف البارز فى الأغنيتين، يكمن فى شكل الموسيقى نفسها، حيث تجاهلت الإيقاع الخليجى فى أغنية أحلام وأقحمت أغنيتها فى إطار موسيقى «البوب».


لم تكتف شيرين بالاقتباس من الأغنيات العربية فقط؛ بل كان التشابه الأبرز فى أغنيتها «ده مش حبيبي»، ضمن ألبوم «اسأل عليا» الصادر فى العام ٢٠١٢، فقد استخدم الموزع أشرف محروس البيانو بشكل متقطع ليعبر عن الترقب قبل أن تدخل آلة الناى ثم الكمنجات، لتتصاعد الحالة حتى تصل إلى صوت شيرين، المقدمة وتحديدا توليفة البيانو شبيهة بما قدمته الفرقة الأسطورية بينك فلويد فى مقدمة أغنية «آمال كبيرة».



أحلام- هذا اللي شايف نفسه


شيرين_ قلة النوم


شيرين- ده مش حبيبي


بينك فلويد- آمال كبيرة



البروباجاندا.. أقرب الأشياء إلى قلب شيرين
يقتنع بعض الموسيقين فى مصر بأن الوصول إلى النجومية لا يكون سببه الفن الجيد فقط، لكن هناك طرق أخرى يقتنعون أنها السبب الأساسى للوصول إلى النجومية، وأهمها البروباجاندا وخلق شائعات تجعل أسماءهم تتردد فى جميع أنحاء الجمهورية بل والوطن العربى، إلى جانب الاشتباك مع الكبار ومحاولة مناطحتهم بالطريقة المعروفة للجميع: سأهاجم نجما حتى آخذ من شهرته.
كذلك اختلقت شيرين عبدالوهاب، عشرات الأحداث المثيرة للجدل، والتى قد تلهى الجمهور عن موسيقاها؛ وتجعل سيرتها تتردد بناء على مواقفها وليس أعمالها، ومن تلك المواقف شائعة اعتزالها فى مارس عام ٢٠١٧، وقرار العودة مجددا بعد أيام قليلة؛ وكذلك حادثة طلاقها من زوجها الملحن محمد مصطفى، إضافة إلى حادثة خلعها الحذاء أمام الجمهور فى برنامج «ذا فويس»؛ ومن أبرز المواقف أيضا أزمتها مع نصر محروس، وخلافها مع أنغام فى ٢٠٠٧ كل هذه أزمات كان لا ينبغى أن تلقى تصعيدا إعلاميا، ولكن يبدو أنها تعمدت ذلك من أجل زيادة تداول اسمها لدى الرأى العام.
ويبقى الحدث الأبرز خروجها فى حفل كندة علوش وعمرو يوسف برفقة الفنان تامر حسنى، لكى توجه بعض الرسائل التى تحمل إهانات بالغة للفنان عمرو دياب، ليتكرر المشهد مرة أخرى فى حفل أحيته مؤخرا بدولة تونس، مؤكدة أنها كانت تقصد وتتعمد الإساءة إلى عمرو دياب.







الصداقات المفاجئة قد تصنع التوازن.. وقد تخيب أحيانا
قد يكون الهجوم على النجوم سهلا للحصول على البروباجاندا المطلوبة فى توقيت بعينه، لكن هناك أوقاتا أخرى يكون المطلوب هو عقد صداقات، أو حتى محاولة إعادة صداقات قديمة، وشيرين عبدالوهاب لديها القدرة على أن تفعل ذلك طوال الوقت.
فبعد أن ناطحت شيرين أنغام، وهى من المصنفات فى قوائم «المطربات» بما لها من تاريخ كبير، وليس فى قوائم «المغنيات» مثل شيرين، عادت الأخيرة بعدها بأعوام لتتبرع بوصلات من المدح لـ«أنغام» حتى توحى بأنها تنتمى إلى هذه الفئة من المطربات ذوات الثقل الفنى.
الأمر نفسه حدث مع الفنانة أصالة نصرى، فمرة تجد أخبارا كثيرة عن أن شيرين تجاهلتها عندما رأتها فى أحد المطارات، ويكثر الحديث عن أن هناك أزمة بين شيرين والفنانة ذات الأصل الفنى العريق، أصالة ابنة الفنان والملحن السورى الكبير مصطفى نصرى، الذى تعلم بدوره على يد والده وجد أصالة، حاتم نصرى. وفى مرة أخرى تجد شيرين ضيفة فى أكثر من حلقة من حلقات برنامج «صولا» الذى تقدمه أصالة.
وبالطبع يعرف الجميع الأزمة التى حدثت مع شريك البدايات تامر حسنى، قبل أن تعود لمداهنته فى حفل زفاف عمرو يوسف وكندة علوش، لمعرفتها بما يدور بين الجمهور من مقارنات بين تامر وعمرو دياب الذى هاجمته، بينما كان تامر يقف على المسرح، ثم تظهر بجانب تامر فى إعلان لإحدى شبكات المحمول.
وفى الوقت الذى كانت أغنيتها «ماشربتش من نيلها» تتصدر القنوات كأيقونة لتشجيع منتخب كرة القدم، حاولت شيرين أن تزيد مكاسبها، لكنها فشلت، فقد ظهرت فى أحد البرامج، وكانت تتحدث عن شئونها الخاصة، لتقول فجأة إن مهاجم النادى الأهلى والمنتخب، النجم عماد متعب، يأتيها فى الحلم، غير أن متعب التزم الصمت، ما جعل الجمهور ينسى الموقف سريعا.