الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

«البوابة نيوز» تحاور أول مصرى هارب من معاقل «داعش» بالرقة.. عبدالكريم المصرى: أنقرة سهلت دخول الإرهابيين لسوريا.. وندفع لـ «الجيش التركى» 150 دولارًا عن مرور كل فرد

داعش - صورة ارشيفية
داعش - صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
سافرت لأنصر المسلمين فانتهى بى المقام فى سجون «داعش».. وزعماء التنظيم الإرهابى يقتلون بعضهم على القيادة

أجرت «البوابة» حوارًا مع عبدالكريم المصرى، أحد عناصر تنظيم داعش الإرهابى الهاربين منه خلال الفترة الماضية.


وقال المصرى إنه اعتنق الفكر الجهادى بعد ثورة 25 يناير، وسافر إلى تنظيم داعش عقب الثورة السورية على نظام الرئيس السورى بشار الأسد، ودخل إلى مدينة الرقة السورية عبر الحدود التركية، مشيرا إلى أن منسقي الهجرة فى التنظيم نظموا عملية الدخول إلى «معاقل داعش».
واعتبر «عبدالكريم المصري» فى حواره أن أبوبكر البغدادى زعيم داعش الحالى مجرد «دمية» بيد قيادات داعش الخفية، مشيرا إلى أن زعماء داعش يقتتلون فيما بينهم للسيطرة على التنظيم، وإلى نص الحوار.
■ ما الذى دفعك للانضمام إلى تنظيم داعش؟
- قصة سفرى بسيطة جدا، لما قامت الثورة السورية فى ٢٠١١ كانت وسائل الإعلام تضج بمشاهد المجازر التى ترتكبها قوات النظام السورى والشبيحة ضد المدنيين، وشاهدت فى مرات عديدة نساءً سوريات يستنجدن بالمسلمين لنصرتهم، وكان ما دفعنى لاتخاذ قرار السفر هو مقطع فيديو شاهدته يظهر فيه جنود سوريون نظاميون يغتصبون امرأة داخل مسجد، فأخذتنى الحماسة، وبدأت أخطط فعليًا للسفر إلى سوريا والالتحاق بتنظيم داعش، وحاول بعض من معارفى إثنائى عن الإقدام على هذه الخطوة، لكن حماستى أعمتنى عن ذلك.
■ وكيف خرجت من مصر؟
- الخروج من مصر فى تلك الفترة كان سهلًا ومتاحًا، كل ما عليك هو تجهيز نفسك وحجز تذكرة سفر إلى تركيا، ومن هناك تدخل إلى مناطق سيطرة داعش، وكانت كل هذه الخطوات تتم بالتنسيق مع أفراد من تنظيم داعش يطلق عليهم «منسقو الهجرة»، وما إن وصلنا إلى تركيا استقبلنا أفراد من التنظيم، وصاحبونا حتى عبرنا الحدود التركية السورية، وفى تلك الفترة كان هناك تساهل كبير من تركيا، وبخاصة ضباط حرس الحدود الأتراك، الذين كانوا يتقاضون على المهاجر الواحد الذى يعبر الحدود ١٥٠ دولارًا أمريكيًا وقتها.
■ وماذا فعلت بعد أن وصلت للتنظيم؟
- بعد أن وصلنا إلى مناطق التنظيم، استقر بنا المقام فى مدينة الرقة أكبر معاقل داعش فى سوريا، وانخرطنا على الفور فى الدورة الشرعية التى يشترك فيها كل العناصر الجدد داخل داعش، ولم أستطع بعدها الالتحاق بالدورة العسكرية، لأن ذراعى كسرت فتم إلحاقى بالأعمال الإدارية طوال فترة بقائى داخل التنظيم.
■ وكم قضيت داخل الرقة، وماذا كان دورك؟
- قضيت بالداخل ما يقارب سنة ونصف السنة، وكنت أعمل فى الشئون الإدارية بالدواوين الخدمية كديوان الزراعة وديوان الخدمات العامة، قبل أن يتم اعتقالى من قبل عناصر التنظيم، حيث أمضيت حوالى عام داخل سجن تابع لداعش، بعدما اكتشفوا أنى لا أوافقهم فيما يفعلون، وأننى أنوى ترك التنظيم والخروج من الأراضى التى يسيطر عليها فى أقرب فرصة سانحة، ورأيت داخل هذا السجون تعذيبًا، وأهوالًا لا توصف.
■ ما الذى دفعك إلى التفكير فى الهرب من التنظيم؟
- ما دفعنى لهذا هو ملاحظاتى التى وجدتها منذ أول يوم دخلت إليهم، لأنى كنت أظن أنهم يتعاملون بدين الله وشرعه، ولكنى وجدت منهم أفعالًا ليست من الدين فى شيء كتعذيب الناس حتى يعترفوا بما لم يفعلوه والقتل لمجرد الشك بدون ثبوت أى تهمة فقط وغيرها من الأمور التى لم أتصورها.
■ من وجهة نظرك هل نجح داعش فى إقامة دولة حقيقية فى مناطق سيطرته عبر إقرار الدواوين وإقامة الحدود؟
- تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، لم يقم ببسط سيطرته ولا إنشاء دولته فى الفترة الماضية، إلا بسبب سماح القوى العظمى له بإقامتها لأغراض معينة، وكانوا هم أكبر المستفيدين منها.
والتنظيم نجح فى ذلك، لأنه كان يمتلك مجموعة كبيرة من الرجال والجنود المسلحين المستعدين لبذل أنفسهم، من أجل إقامة دولة الخلافة كما يسمونها، مع عدم وجود قوى حقيقية تقاتل هذه الدولة الوليدة، وبالفعل نجح التنظيم فى إنشاء خلافته، ولكن عندما بدأت الحرب الحقيقية بمشاركة دول التحالف الستينى التى تقودها الولايات المتحدة الأمريكية تغيرت الأمور جذريًا، وظهرت حقيقة هذه الدولة كتنظيم عصابات لا يرقى إلى مرتبة الدويلة فضلًا عن الدولة.
■ بما تفسر لجوء أبوبكر البغدادى إلى توكيل اللجنة المفوضة بإدارة شئون المناطق فى رسالته المكتوبة فى مايو الماضي؟ 
- أبوبكر البغدادى ليس هو المتحكم الفعلى فى تنظيم الدولة، وهو مجرد واجهة «قرشية» تضفى على تنظيم داعش صفة الخلافة وشروطها، وهو فى واقع الأمر مجرد ألعوبة بيد من يحركونه من خلف الستار، تماما كما كما كان سلفه أبوعمر البغدادى من قبل ألعوبة بيد أبوحمزة المهاجر المصري، وهو ما كشفته الرسائل الخاصة بين أبوحمزة المصرى وأسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة السابق، والتى نشرها القاضى العتيبي، القاضى الشرعى السابق بتنظيم دولة العراق الإسلامية.
أما عن الرسالة التى كتبها البغدادى ونشرتها اللجنة المفوضة فى شهر مايو الماضي، وتضمنت التشديد على رفع الظلم عن المسلمين، فما هى إلا حقنة تخديرية لإسكات جنوده وإعلامهم بأنه لا يحب الظلم، ولكنه فى واقع الأمر «كبيرهم الذى علمهم السحر»، وهذه هى نفس طريقة أبومحمد العدنانى المتحدث السابق باسم تنظيم داعش الذى كان يعبر فى كلماته دائما عن رفضه للظلم، ولكن فى نفس الوقت كان مسئولًا عن أكبر ديوان للظلم داخل داعش وهو ديوان الأمن.
■ كيف ترى بيان اللجنة المفوضة الأخير المعنون بـ«ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حى عن بينة»؟ 
- البيان الأخير الذى أصدرته اللجنة المفوضة المعنية بإدارة شئون التنظيم والذى أكد على اعتبار التكفير أصلًا من أصول الدين الظاهرة يرد على كل من يشكون أن هذه دولة إسلامية أو على منهج السلف والصحابة، ويؤكد لهم بلسان حال التنظيم أنها «دولة خوارج».
■ ولماذا اعترض عليه مفتى التنظيم السابق تركى البنعلى وغيره من طلبة العلم فى التنظيم؟
- هؤلاء جميعًا كانوا شركاء فى وصول تنظيم الدولة لما هو عليه من الغلو، لأنهم كانوا فى مرحلة ما «أسياد الشرعيين» ولهم فتاوى واضحة فى تكفير الكثير من المسلمين، ولكنهم كانوا فى مرحلة خارجية أقل من المرحلة الحالية.
والخوارج معروفون بطريقتهم المثلى، وهى تكفير كل من لا يوافقهم الرأى الكامل فيما يذهبون إليه، ولقد ظن تركى البنعلى وأبوعبدالبر الكويتى وغيرهما بسذاجتهم، أنهم فى دولة خلافة حقيقية تجيز لهم أن يعترضوا على الأمور الشرعية التى يظنونها «مخالفة»، ولكنهم اصطدموا بالحقيقة وهى التكفير ثم القتل واتهام قوات التحالف الدولى بقتلهم.
■ ما حقيقة الخلاف بين تيار الحازمى وتيار البنعلى داخل داعش؟
- تنظيم الدولة «داعش» عبارة عن ثلاثة تيارات وليس تيارًا واحدًا، الأول هو تيار البنعلى والقحطانى وأبوالمنذر، الثانى هو التيار المقرب من فكر أحمد الحازمى المشهور بعدم العذر بالجهل، والتيار الثالث هو التيار العادى الذى خُدع فى تنظيم الدولة مثلى أنا.
التيار الأول سيطر على مقاليد الأمور داخل التنظيم فى فترة من الفترات، وكان يعادى التيار الحازمى ويقتل كل من يجده معتقنًا لفكره، لكن اليوم تغير الحال وصعد التيار القريب للحازمى، فبدأ فى معاملتهم بالمثل واسترداد الحقوق منهم، أما التيار الثالث فهو مغلوب على أمره، تورط ولم يجد مخرجًا من ورطته وكلا التيارين يناطح فيه ويعاديه.
■ هل ما أشيع عن ممارسات عناصر التنظيم ضد السبيات الإيزيديات صحيح، وما رأيك فى التأصيلات الشرعية التى يعتمد عليها فى حكم السبي؟
- نعم ما نشرته وسائل الإعلام عن موضوع السبى حقيقي، وأنا رأيت بأم عينى سبايا كن مملوكات لعناصر داخل التنظيم، أما التأصيلات الشرعية فهى تحتاج لمتخصص شرعى، فالسبى له أصل فى الدين ولكن تحكمه سياسة شرعية أيضا، الرسول عليه الصلاة والسلام كان بإمكانه قتل المنافقين، ولكنه لم يفعل لسياسة شرعية ومطلب ديني، وهو حتى لا يقول الناس إن محمدًا يقتل أصحابه وهكذا الكثير من الأمور الدينية لا بد أن تراعى فيها المصلحة العامة للمسلمين والسياسة الشرعية.
■ ما رأيك فى ثبات التنظيم واستماتته فى القتال فى معركتى الموصل والرقة؟
- استماتة مقاتلي التنظيم فى المعارك شيء طبيعى لما يواجهونه، وهذه طبيعة لدى معتنقى الفكر الحازمي، أما تيار البنعلى فهو يقاتل الآن دفاعًا عن نفسه، وأما التيار الثالث فيقاتل لأنه لا يجد لنفسه مخرجًا، فلم تعد دولهم التى خرجوا منها تقبل عودتهم ولا تريد رجوعهم إلا مقتولين، فهو فى الحالتين مقتول كما يقول المثل العامى «كدا ميت وكدا ميت» لذلك يستبسل فى القتال حتى يموت، وأظنه لو وجد طريقا للعودة ودولة تسامحه وتعيد معاملته بطريقة أخرى كى يندمج فى المجتمع مرة أخرى لعاد إلى وطنه، كما حدث مع الكثير من الشيشانيين عندما أعلنت الحكومة الشيشانية مهلة سمحت لهم بالعودة وإعلان براءتهم من هذا التنظيم وأفكاره المغالية فى الدين، فما كان من الكثير منهم إلا أن عادوا، وحاليا تمت إعادة دمجهم مع المجتمع مرة أخرى.
■ كيف تنظر إلى إعلان التنظيم إنشاء فرع جديد له باسم ولاية مصر؟
- هذا من المضحكات المبكيات، التنظيم يعلم أنه لا يستطيع استكمال مشروعه بالطريقة الحالية ولكنه كعادته يوهم متابعيه ومناصريه بقوته عن طريق إعلان ولايات وهمية لا أصل لها، وهو يستخدم هذا الأسلوب بشكل جيد وللأسف يساعده الإعلام فى ذلك.
■ احكِ لنا عن رحلة خروجك من أراضى تنظيم الدولة وأين استقر بك المقام؟
- رحلة مميتة مليئة بالمخاطر، قتل فيها أناس ونجا الباقون ولكن لا يمكننى الإفصاح عنها كاملة حتى الآن لأنى فى ظروف لا تسمح بذلك.
■ لكن التنظيم يتهم الهاربين منه بأنهم «فارون من الزحف».. بماذا ترد؟
- «يحسبوه زى ما يحسبوه»، ما يهمنى هو أن ما فعلته يرضى ضميرى ويريح بالي، ولو عاد بى الزمن ألف مرة للخلف سأهرب منهم، فأنا لست قادرا على تحمل دماء المسلمين أمام الله يوم القيامة. فالتحذير من إراقة دم المسلم مشهور فى كتاب الله وسنة نبيه.
■ وجه رسالة لرفاقك داخل التنظيم وأخرى إلى مناصريه؟
- أعترض، هم ليسوا رفاقى بل أعدائى. فهذا التنظيم كله أعاديه، أما الذين هم بالداخل فينقسمون إلى نوعين، نوع يتأقلم مع الدولة ويتأقلم كل يوم بما تخترعه من معتقدات جديدة، ونوع آخر لم يجد مخرجًا أو وسيلة أو مكانًا يلجأ إليه لذلك هم مضطرون إلى أن يبقوا مع الأسف، «وأسأل الله أن يجعل لهم مخرجًا ويهديهم للصواب».
■ من وجهة نظرك ما مستقبل داعش؟
- مستقبل داعش متوقف على قرار داعميه وخصوصًا أمريكا، فكما سمحت له بالتوسع وأمرت الجيش العراقى بتسليم سلاحه فى معركة الموصل عام ٢٠١٤، من أجل عمليات توازن القوى، وأرى أن أمريكا فى طريقها لرميهم بعد الانتهاء من استخدامهم كما فعلت تمامًا مع غيرهم.
■ هل تتوقع أن يملأ تنظيم القاعدة الفراغ الذى سيتركه تنظيم الدولة فى الساحة الجهادية؟ 
- ستقوم القوى العظمى بإنشاء فصائل جديدة لهذا الأمر، القاعدة انتهت، وداعش كان حجر أساس فى إنهاء القاعدة.