الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

بالصور.. "عزيزة آدم".. سيدة كسرت تقاليد الصعيد

عزيزة آدم رئيس قرية
"عزيزة آدم" رئيس قرية الشغب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"عزيزة آدم".. سيدة كسرت تقاليد الصعيد

"عزيزة آدم".. اسم طالعتنا به حركة التنقلات التي أصدرها محمد بدر محافظ الأقصر مؤخرًا لتطوير منظومة العمل، وذلك من خلال "تكليف عزيزة محمد أحمد آدم بتسيير أعمال رئيس مجلس قرية الشغب بمدينة إسنا لمدة عام وهي واحدة من بين سيدتين تولت منصب رئيس قرية في الحركة.
لم يكن تولي "عزيزة آدم" منصب رئيس قرية الشغب، الأمر اللافت بالحركة، وإن كان مهمًا نظرًا لعدم اعتياد أهالي الصعيد على تولي سيدة تلك المناصب، ولكن كان اللافت، قصة كفاح تلك السيدة وكيف شقت طريقها للوصول إلى المنصب كاسرة كل التقاليد والعادات البالية في سبيل أن تكون نموذجا يحتذى به بل ويحتفى به إن لزم الأمر لتحصل على ليسانس الآداب وتتحول من عاملة إلى رئيسة قرية متحدية كل الظروف والعادات والتقاليد والأعراف لتحقق ذاتها وطموحها. 


اسمها عزيزة محمد أحمد آدم من مواليد 15 أغسطس 1967، عمرها 49 سنة، من قرية الحميدات شرق بمدينة إسنا تزوجت من ابن عمها سيد محمد حسن ويعمل موظفا في شركة كيما أسوان، وكان عمرها 14 عامًا، لديها 3 أبناء "محمد ومحمود وأسماء" وانفصلت عن زوجها لأسباب عائلية بعد 7 سنوات فقط من الزواج وسافر وتركها مع أولادها ثم تدرجت في مراحل تعليمها، بدأت بشهادة محو الأمية حتى حصلت على ليسانس الاجتماع إلى أن أصبحت رئيس قرية وكانت تربي الطيور وتبيعها لتنفق على أبنائها لتكفيهم مذلة السؤال وقامت بدورها كأم وأب وطالبة ومسئولة وكلها مهام أنجزتها بنجاح.


"البوابة" التقت عزيزة، والتي بدأت حكايتها قائلة:"نشأت في أسرة متوسطة الحال بقرية الحميدات وكان ممكن أن تكون قصة حياتي عادية وروتينة مثل أي سيدة تتعلم وتتزوج وتنجب وتجلس في منزلها ولكني اخترت طريقًا مختلفًا، لم يكن لدينا تعليم أساسي في قريتي في السبعينيات، ذهبت للتعليم حتى وصلت للسنة السادسة، إلا أن أسرتي رفضت ذهابي لأداء الامتحانات، بسبب الأعراف التي كانت متواجدة في ذلك الحين، وأخرجني أهلي وزوجوني في سن 14 سنة كعادة أهل القرية".


وتابعت: "تزوجت وأنجبت ثم حدث طلاق بيني وبين زوجي ووجدت نفسي أبا وأما لأولادي بدون عائل وبدون مصدر رزق، ولا أريد لأحد أن يحمل همهم وكان أمامي خيارين إما أن أخرج ابني الأكبر "محمد" من المدرسة وهو كان في الصف الخامس الابتدائي ليعمل وهو صغير ليصرف على أخواته أو أنا أقوم بتغيير مسار حياتي".


وأضافت عزيزة: " لجأت إلى الله ليلهمني الخيار الصحيح وبالفعل اخترت إني أتعلم مع أولادي وإني أفيد المجتمع بدلا من أصبح عالة عليه، ولكن العقبة أنه لم يكن معي ما يثبت إني حصلت على الشهادة الابتدائية فأرشدني أحد الأشخاص إلى وجود شهادة محو أمية استطعت أن امتحن وأقدم للشهادة الإعدادية وبالفعل دخلت أنا وابني محمد في المرحلة الإعدادية وكنا بنذاكر مع بعض وفي المرحلة الثانوية أهلي رفضوا خروجي، ولكن تمردت على تقاليد المجتمع الذي أعيش فيه وقررت إكمال تعليمي وكنت بذاكر في البيت وأذهب للامتحان فقط وفي أولى ثانوية عرفت بوجود مسابقة حكومية سنة 2000 لتعيين 170 ألف عامل ولكن لم يكن معي سوى الشهادة الإعدادية فقررت أن أقدم بها وباستمارة دخولي الثانوية وواجهت اعتراضات أخرى لكن تمردت مرة أخرى وقدمت في السر وبالفعل حصلت على الوظيفة بعد عامين أثناء دخولي لامتحان الصف الثالث الثانوي وأصبحت عاملة خدمات معاونة بمجلس قرية الدير وامتحنت الثانوية العامة ونجحت بتقدير 84% ثم ساويت بالثانوية العامة بوظيفة كاتب رابع على الدرجة الرابعة".


وأكملت عزيزة قصة كفاحها قائلة: "كنت بتفرج على التليفزيون لمدرسين يشرحوا علم الاجتماع ودرسته في الثانوية التحقت شعبة أدبي وأصريت إني أدخل كلية الآداب قسم اجتماع مهما كان المجموع عشان أعرف أحل مشاكلي ومشاكل المحيطين بي وبالفعل دخلت الكلية وبرغم ظروفي الأسرية كنت أحرص على حضور جميع المحاضرات النظرية هذا بالإضافة إلى الشق العملي، وكان ذلك عام 2006 وتخرجت وحصلت على ليسانس الآداب جامعة جنوب الوادي، وتدرجت في كل الوظائف والأقسام بمجلس قرية الدير، وبعد انضمام مدينة إسنا لمحافظة الأقصر أصبحت سكرتير وحدة محلية لقرية الدير في 2010 بعد تقدمي بطلب لشغل هذا المنصب واستمريت به إلى أن صدر قرار بتعييني رئيسا لمجلس قرية الشغب".



وأضافت عزيزة":"من منطلق معاناتي مع الأهل والعادات والتقاليد وعدم وجود من يمد يديه لي لذا قررت الاهتمام بالمرأة المعيلة وأنشأت جمعية أهلية تحمل اسم "جمعية تنمية البيئة والمرأة والطفل" وهي تهتم بالمرأة في قريتي الحميدات لعدم وجود أي جمعيات بها وتهتم أيضًا بنظافة الشوارع والأطفال وصحتهم وكان أول عمل للجمعية هو الاهتمام باستخراج بطاقات الرقم القومي وشهادات الميلاد للسيدات وقمت من خلالها بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة بالأقصر، بعمل أكثر من 1000 بطاقة رقم قومي للسيدات و100 شهادة لساقطات القيد وغيرها من الخدمات ومازالت الجمعية تؤدي خدماتها التطوعية بالتعاون مع جمعية الأورمان وجمعية رسالة في المشروعات الخيرية".


وحول السبب في إصرارها على شق طريقها، قالت عزيزة:" كان عمري وقت أن تركني زوجي 24 عامًا وكنت أم لثلاثة أطفال الأكبر كان عمره 8 سنوات وليس لي أي مصدر دخل، وأصبحت امرأة مطلقة من هنا كان التصميم على تغيير حياتي ورفضت أن يصرف إخواتي عليا وقررت أعمل بالأعمال الحرة حيث خصصت غرفة من منزلي كمزرعة دواجن بعدها تعرفت على مهندس واستطعت الحصول منه على طيور لتربيتها وبيعها وأمصال لكسب رزقي وتربية أولادي، ووقتها أدركت تمامًا أنني لو كنت أملك شهادة ما كنت واجهت كل هذه الصعوبات، فتعلمت مع أولادي والمزرعة كبرت واستطعت أن أنجح بعملي وأقوم بدوري كأم وطالبة وسيدة منزل وموظفة في وقت واحد".


وحول أحلى لحظات نجاحها، قالت: "شعرت بسعادة حقيقية عندما تم تكريمي من جانب اللواء سمير فرج كأم مثالية على مستوى محافظة الأقصر في عام 2010، بعدما استطعت أن اتخطي بأبنائي جميع الصعاب، وألحقتهم بالتعليم العالي، واجتازوا مراحل تعليمهم بتفوق ولدي "محمد" حصل على كليه تربية وهو حاليا مدرس لغة عربية بمعهد الشيخ الأمير الأزهري و"محمود" خريج كلية الألسن جامعة عين شمس قسم روسي ويعمل مرشدا سياحيا بالغردقة والثالثة "أسماء" تعمل فني صحي ممرض بمستشفى إسنا بعد أن حصلت على دبلوم التمريض والحمدلله أنا حاليا جدة لـ5 أحفاد هم "تسنيم وإسراء وسما وياسمين ويوسف" حيث استطعت أن أزوج أبنائي كلهم، الأكبر لديه 3 بنات والأوسط لديه بنت والصغرى لديها ولد وأنا فخورة بنا جميعا كأسرة لأننا لم نقصر وساعدنا في خدمة المجتمع على أكمل وجه".


وحول قصة كفاحها أكملت عزيزة قصتها قائلة: "كنت أنا وأولادي أسرة مقاتلة كأننا في "خندق" نقاتل فيه ونحارب فيه الجهل والفقر والمرض والعادات والتقاليد البالية التي ترفض عمل المرأة وتعليمها كنا نجلس فيه على طبلية واحدة نذاكر مع بعض ونحل المسائل مع بعض ومكناش ناخد دروس ولا نشتري ملخصات اشتغلنا ونجحنا بمجهودنا والحمدلله ربنا كلل كفاحي بالنجاح".


وفي ختام اللقاء، قالت عزيزة:"سمعت بتعييني رئيس مجلس قروي الشغب من الفيس بوك بعد أن رآه أبنائي وأقاربي واتصلوا يهنئوني وأوجه الشكر لمحافظ الأقصر، لاختيارهم لي وسأفعل ما في وسعي لتطوير وتنمية القرية والنزول لأرض الواقع"، مؤكدة أن وصولها لذلك المنصب هو بمثابة تتويجًا لرحلة كفاحها ونضالها من أجل أسرتها وأنه برغم فرحتها إلا أنه يعد مسئولية كبرى تدعو الله أن يساعدها في القيام بها".