الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

أديب بن جواد بن محمد حامل مفتاح كنيسة القيامة في حواره لـ"البوابة القبطية": الامتناع عن زيارة بيت المقدس يضعفنا ويدفع المغتصبين إلى التمادي

أديب بن جواد بن محمد
أديب بن جواد بن محمد حامل مفتاح كنيسة القيامة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اعتداء الأحباش أفقد مطران مصر بصره وسط المصلين بدعم الإسرائيليين
المحتلون يرون المسلمين والمسيحيين عربًا والانتهاك واحد فى حق الجميع 
جيش مصر العمود الفقرى للعالم العربى.. وأدعو السيسى للحفاظ عليه



جاء دوره فى حفظ المفتاح المقدس لـ «الباب المقدس»، مفتاحين من الحديد يزن الواحد منهما 250 جرامًا، وحزمة من الفرمانات تقدر بـ 165 فرمانًا، يستكمل مسيرة آبائه وأجداده حراس كنيسة القيامة، بيده مفتاح القيامة وعيناه تنظران للأقصى وما يجرى من أحداث، يؤمن بما يحفظه، وينتظر على الدوام ظهور النور المقدس بأورشليم، إنه أديب بن جواد بن محمد، حارس قبلة الحجاج المسيحيين، حاورته «البوابة»، يتحدث كما لو كانت مملكة خاصة، بيته الذى يعرف أدق تفاصيله، على أعتابها وقف أجداده تناوبوا الحراسة، حفظوا أمنها وآمانها، عائلة بدأت رحلتها مع صلاح الدين الأيوبي، وتوالي السلاطين والولاة والمحتلون، تغير كل شيء وتبدلت الأمور مع متغيرات الحياة، بينما ظلوا حراس كنيسة القيامة والختم المقدس ثابثين محتفظين بالفرمانات والمفاتيح إنهم «آل غضية الهاشمي»، فإلى نص الحوار. 
■ بداية، هل ترى أن إسناد مسئولية حمل مفتاح كنيسة القيامة عبء، وسط الأجواء الراهنة بالقدس؟
- لم تكن الكنيسة حملًا علينا، حتى فى هذه الظروف، وآبائى وأجدادى مضوا بظروف أحلك من تلك الظروف التى نشهدها حاليًا، والأحداث لم تمنعنا يومًا عن تقديم الخدمة للكنيسة بصورة كاملة.
■ ما طبيعة الدور الذى تقوم به، هل يقتصر على حفظ مفتاح كنيسة القيامة أم حمايتها؟
- مهمتنا أمانة الكنيسة وحمايتها، وكذلك «الختم المقدس»، وهو الذى نستخدمه فى ختم «القبر المقدس»، ليلة سبت النور، تمهيدًا لخروج «النور المقدس»، بعد تفتيش القبر بواسطة مطران من كنيسة الروم الأرثوذكس، ومطران الأرمن الأرثوذكس فى وجودى، للتأكد من خلو قبر المسيح من أى شعلة. وعقب التفتيش نخرج جميعًا، ويغلق القبر ويختم بختمى الشخصي، لتبدأ الأعياد عند إخواننا المسيحيين.
■ متى بدأت حكاية مفتاح القبر؟
- كانت فكرة تسليم مفتاح القيامة لعائلتى منذ حرر صلاح الدين الأيوبى مدينة بيت المقدس من الصليبيين سنة ١١٨٧، وقتئذ طالب بسماع قصة كنيسة القيامة، وما فعله الخليفة عمر بن الخطاب، فقص عليه الشيوخ أن الكنيسة تعرضت للهدم من قبل سلاطين متزمتين وعبثوا فى أملاك الكنائس، وعليها قرر أن يحذو حذو الخليفة، حيث قام بإرجاع ممتلكات الكنائس الشرقية لأصحابها المسيحيين، والحفاظ على العهدة العمرية، والتى تنص على إعطاء الأمن والأمان للمسيحيين فى بيت المقدس، والحفاظ على المعالم الدينية للمسيحيين.
عُهد بمفاتيح كنيسة القيامة لآل البيت «عائلة آل غضية الهاشميين المقدسيين»، وكانوا فى ذلك الوقت شيوخ المسجد الأقصى الشريف، واستمروا فى ذلك حتى والدي، والذى توفى عام ١٩٩٢، وكانوا علماء وأشراف بيت المقدس، لضمان الحفاظ على الكنيسة وعدم المساس بها وبممتلكاتها، ومنذ أن سلمت مفاتيح كنيسة القيامة للعائلة وحتى يومنا هذا لم يحدث أى ضرر لكنيسة القيامة وما حولها من ممتلكات للكنيسة.


■ كيف تحمون الكنيسة فى ظل وجود محتل؟
- المحتل الإسرائيلى ملتزم بالإستاتيكو، والذى يعنى «يبقى الحال على ما هو عليه»، والذى تم توقيعه ١٨٥٢ من قبل السلطان عبدالحميد ابن السلطان عبدالمجيد، ونحن فى قلب هذا الإستاتيكو، فاحترم كل المحتلين والذين حكموا القدس الإستاتيكو، وحتى تاريخنا هذا تحترم إسرائيل الإستاتيكو.
■ بحكم مكانتك شهدت النور المقدس من قبر المسيح، فما تعليقك على المشككين فى ظهوره بصورة طبيعية؟
- ما نقوم به داخل مقمورة القبر وبعد تفتيشه وبعد ختم القبر، أذهب إلى البطريرك ثيوفيلوس، وبعدها أصطحبه إلى القبر مرة أخري، وأصطحبه من البطريركية إلى كنيسة نصف الدنيا، وبعدها يدخل المقمورة ويرفع الصلوات حتى خروج النور.
كما أثق وأؤمن بالبطريرك ثيوفيلوس، وأعرفه بشكل شخصي، وأنا لا أشكك فى النور المقدس، وبشكل شخصى أنا أؤمن وأؤمن وأؤمن، وإيمانى هذا نابع من إيمانى بالبطريرك، ومعرفتى الشخصية بأنه على درجة عالية من الأمانة والإخلاص.
■ هل يميز الإسرائيليون المحتلون بين المسيحيين والمسلمين؟
- الإسرائيليون لا يميزون على أساس دينى، يروننا فى نظرهم كلنا عربًا، وما يحدث فى الأقصى يحدث أيضًا فى كنيسة القيامة، وإغلاق الأقصى فى الأعياد يقابله إغلاق لكنيسة القيامة فى الأعياد.
فى الأعياد تغلق الطرق والمعابر أمام المسيحيين الخارجين للاحتفال، ويعتدى عليهم فى أعيادهم، والجدار الذى يفصل بين البلدة الجديدة والقديمة، ويمنع المسيحيين للوصول للكنيسة للاحتفال بعيد الفصح، هو نفسه ما يحدث فى رمضان وفى العيد يُمنع المصلون من الوصول للمسجد الأقصي، وأؤكد ثانية أننا جميعًا بالنسبة لهم «عرب».
■ يتردد أنه عندما توفى والدك، أقيمت عليه الصلوات بالمسجد وشاركها مطارنة جميع الكنائس؟
- بالفعل، حينما توفى والدى عام ١٩٩٢، كان دخول جثمانه للصلاة عليه بالمسجد الأقصى تزامن مع صلاة الظهر، ولم يكن بحضور البطاركة العظماء بطريرك الأرمن وبطريرك الروم والأرثوذكس، دخلوا إلى المسجد الأقصى وأقاموا الصلوات المسيحية، قبل إقامة الصلاة الإسلامية ودفنه، وهذا شيء مُشرف ما زال يداعب مخيلتى حتى اليوم.


■ ما تفسيرك لما يروجه الإسرائيليون أن هناك انقسامات بين الأقباط والمسلمين فى فلسطين؟
- هذه دعاية إسرائيلية نحن نرفضها، وليست موجودة فى قاموسنا، وهذا خطأ لا نسمح به، فالحياة فى بيت المقدس تختلف تماما عن أى بلد آخر، فبعد أن أقام الإسرائيليون بوابات إلكترونية تعوق دخول المصلين للأقصي، احتشد المسلمون للصلاة بالمسجد الأقصي، وشاركهم الصلاة الأقباط فوقفوا فى نفس صفوف الصلاة يقرأون الإنجيل المقدس ويصلون، فنحن هنا فى بيت المقدس أحباب وإخوة فى خندق واحد نعانى نفس المشكلات.
■ ما دور الحراك الوطنى المسيحى فى الأزمة الأخيرة فى الأقصي؟
- الحراك الوطنى المسيحى قام بتشكيل وفد من داخل وخارج البلدة القديمة، لزيارة البوابات الإلكترونية التى نصبها الإسرائيليون فى مدخل الأقصي، دائمًا إخواننا المسلمون يتكاتفون معنا، ونحن فى مضايقة من المحتل نقف فى جانبهم وهم يقفون معًا، فنحن نأكل من نفس الطبق، وقلوبنا عند بعضها البعض.
■ هل تتمنى وجود «إستاتيكو» يحمى المسجد الأقصى، على غرار «القيامة» التى تتولى عائلتك حمايتها؟
- عائلتى كانوا شيوخ المسجد الأقصى الشريف من١١٨٧ وحتى عام ١٩٩٢، وهم شيوخ الحرم، وانتهت مهمتنا بوفاة والدي، وأنا لم أتمكن أن أكون شيخا، ولكن الأقصى موجود فى قلوبنا، وكل إنسان فى بيت المقدس يحتفظ بالعهدة العمرية والصلاحية داخل قلبه، وهو النور المنبثق من المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، وفى أى اعتداء على أى أماكن العبادة يخرج الجميع لحمايتها فلا نفرق بين دور عبادة مسيحية أو مسلمة.
■ ما أكبر الاعتداءات التى مارسها المحتل ضد كنيسة القيامة؟
- من وجهة نظري، أكبر اعتداء على كنيسة القيامة، أنها تقع بقلب بيت المقدس، والمحتل من الإسرائيليين، فلا يوجد اعتداء أكبر من هذا، الكنيسة تقع فى نطاق سلطة المحتل.
■ ما علاقتك بالأنبا أنطونيوس مطران الكنيسة القبطية بالقدس حاليًا؟
- الأنبا أنطونيوس شخصية رائعة، وعلاقتى به جيدة، وهو قامة دينية فخمة نفتخر به، فهو يملك من الصفات الحميدة الكثير، فهو أديب ومثقف ويجيد التعامل مع من حوله، وأتمنى أن يوفق فى مهمته كمطران للكنيسة الأرثوذكسية بالقدس.
ومن أهم مواقفه أن أخذ على عاتقه الإشراف على ترميم كنيسة القيامة، وخاصة قبر المسيح ومنطقة رأس القبر، وهى مملوكة للكنيسة الأرثوذكسية، فكان يعمل هذا بنفسه من خلال مروره على العمال والاطمئنان على سير العمل، كما أنه يولى اهتمامًا كبيرًا لأبناء الطائفة ويحرص على التقرب منهم وهو نابع عن حب.


■ الأنبا أنطونيوس قال إنه متمسك بحق الأقباط فى دير السلطان، وسوف يعود ولو بعد خمسمائة عام، هل تعتقد أن الحق سيعود؟
- قضية «دير السلطان» معقدة جدًا، وذلك بعد تدخل الحكومة الإسرائيلية فيها، واختلط الحابل بالنابل، فزادت من تعقيد القضية. وكما قالها الأنبا أنطونيوس، قالها المطران الراحل الأنبا إبراهام، ولكن هذه القضية تحتاج إلى نضال ومتابعة، فلن يعود الحق بهذه البساطة، لأن المحتل تدخل فى الأزمة وأخذت شكلًا سياسيًا أبعد.
■ هل هناك مناوشات بين مطران الكنيسة المصرية والمحتل؟
- لا توجد أى مناوشات بين المحتل ومطران الكنيسة المصرية، ولكن الاحتكاكات تحدث فى الأعياد، ولكن على المستوى اليومى لا توجد مناوشات.
■ ما علاقتكم بالأحباش الإثيوبيين محتلي دير السلطان القبطي؟
- كما ذكرهم التاريخ، كان لهم مكان داخل كنيسة القيامة، ولكن قاموا ببيعها إلى كنيسة الروم الأرثوذكس، ولكن لهم كنيسة خارج كنيسة القيامة، ولا يوجد بيننا وبينهم أى اتصالات، ولكن المحتل تعاطف معهم وأصبحت هناك علاقة سياسية تجمع بين الطرفين، وعلى أثرها ساند المحتل الأحباش، وانتزع مفاتيح دير السلطان من المصريين وسلمها للأحباش «الإثيوبيين».
■ هل وجود «الأحباش» يساند المحتل؟ 
- لا أعلم مدى العلاقة السياسية، ولكن ما يظهر أن هناك تفاهما سياسيا، ولكن لا أحد يعلم إلى أى وجهة تتجه تلك العلاقة، ولكن المؤكد أن هناك سرا فى تلك العلاقة، لأن المحتل لا يأخذ خطوة بلا أهداف.
■ ترددت أقاويل أن مطران الكنيسة المصرية الراحل تعرض للاعتداء من قبل الأحباش، فما حقيقة تلك الرواية؟
- لما أكن متواجدا أثناء الحادث، ولكنه حدث بالفعل، ولكن لم يفقد المطران بصره فى لحظة، ولكن بدأ من بعد الاعتداء الذى تعرض له أن بدأ يفقد بصره بشكل تدريجي، وكان الاعتداء خلال قيام المصريين بالصلاة، والتى مروا خلالها بـ«دير السلطان»، وهناك احتشد الأحباش وتم الاعتداء على المطران الراحل، ولا أتذكر تفاصيل أكثر من هذه.
■ هل ترى أن زيارة بيت المقدس تطبيع مع المحتل؟
- الدول العربية ترى الزيارة لبيت المقدس تطبيعًا مع المحتل وعليه منعت شعوبها، ولكنى أرى أن العكس هو الصحيح، فعدم زيارة الأشقاء العرب يضعفنا وهذا ما حدث، وضعفنا هذا جعلهم يتمادون فى اعتدائهم على المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، ولكن زيارتهم تجعل لنا ظهرا نستند إليه، وزيارة العربى تؤازرنا وتسعدنا وترفع من معنوياتنا، فالعربى هو الهواء لأنفاسنا.
زيارة العرب تعطينا القوة والوفود الكبيرة من العرب من الممكن أن تهز المحتل، وتجعلهم يخافون من العبث بالأماكن المقدسة، فأنا لا أراه تطبيعا ولكنه عزوة، والزائر العربى عندما يرى المأساة التى نعانى منها ووقوعنا تحت الاحتلال من المؤكد أنه سيعود مرة ثانية وثالثة بل وعاشرة.
■ روجت بعض الصحف العربية أن كنيسة الروم الأرثوذكس باعت بعضًا من ممتلكاتها للسلطات الإسرائيلية، فهل هذا صحيح؟
- الأماكن الدينية ببيت المقدس تحت الوصاية الهاشمية والمسئول عنها جلالة الملك عبدالله حسين، وإلى اليوم لم أر تقريرا أو وثيقة صادرة من المملكة تقول إن بطريرك الروم باع ممتلكات الكنيسة للمحتل، من يقدر أن يثبت هذا هو الوصى وغير هذا مجرد أقاويل، ونحن نؤمن بحكمة وصلابة الملك وهو المرجع لنا ببيت المقدس والوصى على أماكن العبادة سواء إسلامية أو مسيحية، فالملك هاشمى الأردن ولكنه من سلالتنا فنحن هاشميي القدس.


■ هل ما يحدث فى سيناء من الحرب ضد الإرهاب يؤثر على معيشتكم بفلسطين؟
- طبعًا، ولكن ليس فقط ما يحدث فى سيناء، ولكن ما يحدث فى الوطن العربى ككل يؤثر على مسيرة حياتنا فى بيت المقدس، من جميع النواحى وما نسمعه اليوم فى نشرات الأخبار من سفك دماء سواء فى سيناء، أو سوريا أو العراق يجعلنا مستاءين.
■ ما رسالة حامل مفتاح القيامة لشعب مصر؟
- أولًا أدعو ربنا يعم السلام مصر «أم الدنيا» وندعو شعب مصر أن يزور بيت المقدس، فهى ليست لنا كفلسطينيين، ولكنها لكل العالم ولشعب بمصر، فكنيسة القيامة والمسجد الأقصى ونهر الأردن وكنيسة المهد ليست حكرا لنا ولكن لكل الأمة والمعمورة. ونحن ندعو ونقول يا رب انشر السلام فى مصر وفلسطين وفى الشرق الأوسط واحقن الدماء. فنحن نحبكم فى الله شعب مصر وإن شاء الله نراكم قريبا عندنا.
■ أخيرًا ما رسالتك لخير أجناد الأرض؟
- طبعًا، «جيش مصر» بالنسبة لنا هو الجيش العربى الأصيل، فهو الجيش الذى له إنجازات ترفع الرأس ونتمنى من الرئيس السيسى أن يحافظ على جيش مصر، وهو العمود الفقرى للعالم العربي، وأحييكم وأرسل لهم بركة من كنيسة القيامة وربنا يحميهم ويحقن دماءهم وإن شاء الله يتم القضاء على الإرهاب ليس فقط فى مصر، ولكن فى الدول العربية كلها، ونراهم أول الجيوش التى تفتح فلسطين، فهو الجيش الذى عهدناه الجيش البطل، ونشكركم على خدماتكم التى قدمتموها من شهداء وأبطال.