الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"اغتيال البراءة" بسبب "الخلع".. حكايات إنسانية لأطفال اتجهوا للشارع واحترفوا التحرش والإدمان.. طبيب نفسي: صدمة انفصال الوالدين تكاد تقتلهم لفقدهم الإحساس بالأمن

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الأطفال هم الضحية الأولى في تفكك الأسرة في قضايا الخلع والطلاق، حيث يفقدون الحنان والعطف ما يضطر كثير منهم بعد أن وجد نفسه خارج مظلة العقاب على ما ارتكب من خطأ يقع في شراك المخدرات والسرقة والانضمام لعناصر إجرامية ليصبح فريسة تباع وتشترى، وفى نهاية المطاف يصبح أحد أبناء الشوارع لا يجد مأوى ولا قوت يومه. 
وترصد "البوابة" بعض الحالات الإنسانية من داخل أسوار محكمة الأسرة لأطفال ترشدوا بسبب مشكلات انفصال الأبوين:

"باسم "طفل في الصف السادس الابتدائي، تحدث إلى "عيون البوابة" قائلا: "منذ طلاق أبى وأمي وأنا لا أعرف ماذا افعل، كانا دائمًا يتحدثا بصوت عالٍ ويتشاجران باستمرار حتى حاولت التحدث مع أبى فضربني، ودائمًا عندما أريد منه شيئًا يضربني مما جعلني أتحمل وإذا أردت أن يذهب معي إلى المدرسة يرفض.
"سئمت من الحياة وعشت تعيسًا ولا أستطيع اللعب مع أصدقائي"، هكذا روى "باسم" صاحب الـ15 عامًا، وحتى تطور الأمر بعدما دب الشجار بين أمي ووالدي وبعدما فاض الكيل قررت الذهاب إلى جدتي ولكنها لم تتحملني، مما جعلني أقرر أن أعود إلى بيتي ولكننى لم أستطع المذاكرة فرسبت حتى حدث الشجار بين أبي وأمي وضربها وأغشى عليها حاولت أن أقف معها فضربني وقررت أمي الخلع.
وقررت أن أعيش مع والداتي ولكنها أرادت الزواج فذهبت لأبى لأجد عنده امرأة أخرى ليس متزوجًا منها، مما جعلني أنفر العيش معهما وقررت الهروب، فلم أجد إلا الشارع فبدأت أدمن شرب السجائر، وامتهنت بيع المناديل في الشوارع وأنام في المترو نهارًا وليلًا.

أما "هالة"، 12 عامًا، في الصف الأول الإعدادي، فروت حكايتها لـ"البوابة" قائلة: أبى طلق أمي وأنا في الصف الأول الإعدادي وتزوجت أمي من آخر، ودائمًا كان يضربني ويسبني لأتفه سبب، حتى هربت من البيت وقابلت رجلًا كبيرًا في السن فأخذني إلى بيته مع زوجته ولكنه حاول التحرش بي فتركته والتقيت بإحدى بنات الشارع التي اتفقت معي على أن نعمل سويًا فذهبت معها لأنى لا أجد مكانًا وخاصة معرفتي تصرفات زوج أمي وأنه يريد التحرش بي، فقررت أن أذهب لأبي فوجدته متزوجًا ولديه أطفال، فمكثت معه حتى حاولت زوجة أبى استغلالي كخادمة، فتركت البيت والآن أنا أتسول مع صديقتي لننفق على أنفسنا وننام في مكان مهجور بأبو النمرس مع مجموعة من المتشردين.
فيما تروى "سلوى" معاملة أبيها لها حيث كان دائم الشجار معها والضرب دون سبب، حتى وصلت لمرحلة الثانوية ولأنه بخيل فقد كان يرفض أن يوفر لي مصاريف الدروس الخصوصية، وعندما طالبته أمي بتوفير نفقاتي انهال عليها بالضرب، فتوجهت للمحكمة ورفعت دعوى خلع ضده.
وأثناء توجهها للمحكمة قررت أن أهرب اعتقادًا منى بأنني سأكون سببًا لعودتهما ولكن ما حدث أن أخذني أحد الرجال، مؤكدًا أنه سيساعدني ليصلح الأمر بيني وبين والدي ولكنه أعطاني لسيدة قوداة تحاول استغلال البنات في الدعارة ولكن الله نجانى واستطعت الهرب منها وذهبت للشرطة ووجدت من أعادني إلى بيت جدتي.
أما "مصطفى" تلميذ الابتدائية، فيروى لنا قيام والده بضرب والدته ضربًا مبرحًا وتعذيبها وطردها من البيت وأنا أصرخ، واستغللت فرصة نوم أبى وقمت بالهروب من البيت وأنا لا أعي شيئًا مما جعلني أقابل رجلًا أخذني، قائلا لي: إنه سيذهب بي إلى أمي وفوجئت به يذهب بي إلى مكان مجهول يسكنه الأطفال وضربني لأعمل بائع مناديل وأقوم بالسرقة، وهربت منه بعد محاولات عديدة، وذهبت إلى منزل أهل أمي.

وقال الدكتور سعد قرني إخصائي الطب النفسي: حين تكون الأسرة متفككة منحلة بالطلاق مثلًا فإن ذلك التفكك يوثر على الأبناء ويشبه علماء النفس الطفل بالمكتسب لأى تصرف يصدر من أفراد الأسرة.
وتابع "سعد" أن الأسرة هي المنبع الأول للطفل في مجال النمو النفسي والعقلي فيما يصدر عن الوالدين من أمراض سلوكية أخلاقية تكون الأسرة منبعها ويؤثر ذلك أكثر شيء على الأطفال، وتتمثل الآثار الناتجة عن الطلاق على الأولاد الضرر الواقع على الأولاد في البعد عن إشراف الأب إن كانوا مع الأم وفي البعد عن حنان الأم إن كانوا مع الأب، وفي هذه الحالة يكون الأطفال عرضة لوقوعهم تحت رحمة زوجة أبيهم بعد أمهم التي من المستحيل أن تكون بالنسبة لهم أما، فيصبحون عرضة للانحراف.
وأضاف إخصائي الطب النفسي، أن عدم الإشراف على الأولاد من قبل الوالدين واهتزاز الأسرة يعطي مجالًا لهم للعبث في الشوارع والتشرد واحتراف مهن محرمة، لأن صدمة تفكك والديهم بالطلاق تكاد تقتلهم بعدما يفقدون معاني الإحساس بالأمن والحماية والاستقرار حتى باتوا فريسة صراعات بين والديهم خصوصًا إذا تصارع كلٌ منهما من يكسب الطفل في جانبه حتى لو أدى ذلك إلى تشويه صورة الطرف الآخر أمام ابنه واتخاذ كل السبل الممكنة، فيعيش الطفل هذه الصراعات بين والديه مما يفقده الثقة بهما ويجعله يفكر في البحث عن عالم آخر ووسط جديد للعيش فيه قد يعوضه عن حب وحنان والديه إلى الوقوع فريسة في أحضان المتشردين الذين يقودونه إلى عالم الجريمة.
وشدد سعد على أن الطلاق يعد سببا مباشرا في فقد الطفل للثقة بنفسه حيث نجد أن بداخله كمًا كبيرًا من الشعور بالنقص قد يدفعه لبعض التصرفات المرفوضة.
وقال الشيخ فتحي بكير، أحد مفتشى الاوقاف وإمام مسجد: إن طلاق الازواج مشروع وقد أباحه الله لسوء العشرة وقد ظهر منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم حينما جاءته أمراءه تأبي أن تعيش مع زوجها فقال لها الرسول، ردى عليه حديقته، ولكن شأن الاطفال انه يجب أن يربوا تربية سليمة، ومن المؤكد ان كلا الزوجين عليه أن يساهم في التربية الطيبة للأطفال وإن لم يحدث فهما يتحملان الوزور.