الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

مصر تحيي ذكرى اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر بتجربة وطنية

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شاركت مصر اليوم دول العالم احتفالها بإحياء "اليوم العالمى لمكافحة الاتجار بالبشر"، الذى حددته الأمم المتحدة ليكون يوم ٣٠ يوليو من كل عام، بهدف إعطاء دفعة جديدة للجهود الدولية الرامية إلى القضاء على الجريمة التى تمثل الرق الحديث، والعمل على وضع تصور للخطوات العملية المستقبلية التى تعزز التحرك العالمى لمواجهة هذه الجريمة المنظمة متعددة الابعاد، إلى أن يكسب العالم معركته ضد الاتجار بالبشر، فكل تقدم محرز، وكل خطوة جديدة فى الاتجاة الصحيح، وكل نداء من أجل المساعدة يساهم فى انقاذ حياة الكثيرين من ضحايا هذه الجريمة ويخفف معاناتهم.
وتشارك مصر فى إحياء ذكرى هذا اليوم بتجربة وطنية فى هذا المجال، حيث تقدم نموذجا يحتذى به فى دول ومناطق أخرى من العالم.. مشاركة مصر فى هذه المناسبة جاءت اليوم من خلال قيام اللجنة الوطنية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، التابعة لرئاسة مجلس الوزراء، بتنظيم "احتفالية " لعرض هذه التجربة والجديد فيها، وذلك بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة، ومشاركة المجلس القومي للطفولة والأمومة، وبمقر الهيئة العامة للاستعلامات بمدينة نصر والذى سيفتتحها ضياء رشوان رئيس الهيئة فى وقت لاحق، وذلك تأكيدا على أهمية دور الإعلام الحيوى والأساسى فى مناهضة هذه الظاهرة ونشر التوعية بشأنها.
جريمة الاتجار بالبشر، شهدت تصاعدا غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة، حيث تمثل نوعا من الرق الحديث الذى يعتمد على الانتهاك الصارخ لحقوق الانسان وكرامته، ويمثل تهديدا لادميته وسلامته، وقد تحولت هذه الجريمة لظاهرة عالمية عابرة للحدود تفرض نفسها على الاجندة الدولية، مما أدى إلى تأثر مصر بها مثل غيرها من الدول، وتحرص مصر على مواجهتها رغم أنها لا تزال محدودة النطاق فيها بسبب المنظومة الاجتماعية والاخلاقية السائدة فى المجتمع.
وكان من أثر اهتمام مصر بمكافحة تلك الجريمة، أن انضمت للعديد من الاتفاقيات التى تكافح هذه الجريمة بدءا من اتفاقية الرق الموقع عليها فى جنيف فى عام ١٩٢٦ وانتهاء باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لعام ٢٠٠٠، وانضمت إلى "بروتوكول باليرمو " لسنة ٢٠٠٠، لمكافحة وقمع ومعالجة الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال.
وواجهت مصر جريمة الاتجار بالبشر بأشكالها وصورها المتعددة بحزمة من القوانين والتشريعات، منها قانون الطفل الصادر عام ١٩٩٦، وقانون العمل الصادر عام ٢٠٠٣، وقانون تنظيم زرع الأعضاء البشرية الصادر فى عام ٢٠١٠، وقانون مكافحة ومنع الاتجار بالبشر التي صدرت لائحته فى عام ٢٠١٠، آخرها كان قانون رقم 64 لسنة 2010 لردع عصابات الإتجار في البشر، وتوقيع العقوبة على المجرمين وحماية الضحايا، مع توعية المجتمع بأشكال الجريمة بدء من استغلال الأطفال والنساء مرورا بالإتجار في الأعضاء البشرية؟ وتضمن الدستور المصرى الجديد الصادر فى عام ٢٠١٤ عددا من المواد التى تكفل الحماية للإنسان، ومنها المادة " 60 " التى تحظر الاعتداء على جسم الإنسان وتحظر الاتجار بأعضائه، والمادة " 80 " التى تكفل حماية للأطفال ورعايتهم وترسم أطر التعامل معهم، كذا المادة "89 " التى تحظر كل صور العبودية والاسترقاق وكل أشكال الاتجار في البشر.
واتخذت العديد من الأطر المؤسسية لمكافحة ومنع جريمة الاتجار بالبشر، جاء فى مقدمتها تشكيل لجنة وطنية لمكافحة ومنع الاتجار فى البشر فى عام ٢٠٠٧ لتكون الجهة الرئيسية المعنية بتنسيق الجهود على مستوى الدولة تجاة مناهضة هذه الظاهرة، حيث تجتمع تحت مظلتها ١٦ وزارة وجميع الجهات والمجالس القومية المعنية بالموضوع،، وإنشاء صندوق مساعدة ضحايا الاتجار بالبشر وفقا للمادة ٢٧ من قانون ٦٤ لسنة ٢٠١٠، والتى نصت على إنشاء هذا الصندوق، وجعلت له الشخصية الاعتبارية، ثم جاء إعداد أول استراتيجية وطنية شاملة للاتجار بالبشر وحماية الضحايا وفقا لأفضل المعايير الدولية التى تكفل حماية حقوق الإنسان والحفاظ على كرامته وإنسانيته.
وتقوم أجهزة الدولة المعنية بالتنسيق والتواصل مع ممثلى المجتمع المدنى، لاستثمار ما لديه من قدرة على التواصل مع كل شرائح المجتمع المصرى، فى ظل دوره الرائد فى زيادة الوعى والمعرفة بأبعاد الظواهر الاجتماعية وأسبابها، ولعبت منظمات المجتمع المدنى دورا متزايدا ورائدا فى مجال مكافحة الاتجار بالبشر، وتقديم الحلول الكفيلة بمواجهتها بما يكفل تخفيف ورفع العبء عن الحكومة ودعم الجهود الوطنية فى مجال مكافحة الاتجار بالبشر.
وجريمة الاتجار فى البشر، هى جريمة استغلال الإنسان، باستخدام القوة أو العنف أو التهديد أو الاحتيال والخداع، أو استغلال حالة الضعف أو الحاجة والفقر،،ويأخذ هذا الاستغلال شكل أعمال السخرة، واستئصال الأعضاء البشرية، والعمل القسرى،والأعمال غير الأخلاقية وكل صور استغلال الأطفال٠
وبسبب ظروف العالم المعاصر وانتشار أدوات وآليات تكنولوجيا المعلومات، والحدود المفتوحة وحرية انتقال الأفراد والمعلومات والسلع باتت هذه الجريمة منظمة وممتدة عبر الحدود وبين كل الدول، وبات المتورطون فيها والممارسون لها أكثر خداعا وتطورا فى أساليبهم، ويمارسون أنشطتهم بمهارة من خلال أنظمة سوق العمالة والاستفادة من التناقضات التى تحدث بين الانظمة القانونية والقومية والمالية المختلفة.
جهود القائمين على مناهضة ظاهرة الاتجار بالبشر بجميع روافدها، "عمالة الأطفال، الزواج القسرى، الزواج الموسمى، والاتجار فى الأعضاء البشرية، الاستغلال الجنسى، وغيرها من الأشكال"، يعظمها فى مصر وجود إرادة سياسية مؤمنة بضرورة مواجهة الظاهرة وتقويضها، وفى مسعى من الدولة لتحقيق ذلك فقد عملت على تقديم القروض متناهية الصغر فى المناطق والقرى الأكثر عرضه لخطر هذه الجريمة كالقرى التى توجد فيها عملية الزواج الموسمى، وعملت على تقديم المساعدة فى شكل قروض لأصحاب العمل لتشجيعهم على تحسين ظروف العمل والحد من عمالة الأطفال، وساعدت على نشر الأبحاث التى تتناول إشكالية الاتجار بالبشر وذلك للتوعية، وتعمل على تدريب أفراد المجتمع المدنى وتدريب الإعلاميين والقائمين على إدارة العدالة من ممثلى الداخلية والعدل والنيابة لتفعيل تنفيذ القانون.