الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

غدًا.. فنزويلا تشهد انتخابات الجمعية التأسيسية الجديدة للدستور

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تجرى غدا الأحد، الانتخابات المقررة فى فنزويلا لتشكيل جمعية تأسيسية جديدة تتولى مهمة وضع دستور جديد للبلاد، الأمر الذى تحتج عليه المعارضة الفنزويلية منذ شهر إبريل الماضى، بتنظيم مظاهرات متكررة عمت شوارع كراكاس فى محاولة للضغط على الرئيس الاشتراكى نيكولاس مادورو للتخلى عن مشروعه المثير للجدل لتعديل الدستور من خلال إعادة تشكيل هذه الجمعية التى تستأثر بها المعارضة حاليا، وتضم الجمعية التأسيسية ٥٤٥ عضوا من بينهم ٣٦٤ يمثلون مختلف القطاعات الإدارية بالدولة، و١٨١ عضوا يمثلون جميع فئات الشعب ٠
مواجهات مستمرة عنيفة، ودامية أحيانا كثيرة بين القوات الفنزويلية وجموع المعارضة، بعد قرار المحكمة العليا بفرض قيود جديدة على نشاط البرلمان الذى تسيطر عليه المعارضة التى طالبت باستقالة أعضاء المحكمة، وإجراء انتخابات مبكرة، معتبره أن مسعى الرئيس مادورو لتشكيل جمعية تأسيسية وطنية جديدة هو التفاف عليها، وتقويض لنفوذها ومنح سلطات أكثر للرئيس بما يحول الديمقراطية البرلمانية والرئاسية فى البلاد لصالحه.
الرئيس مادورو الذى أكد أنه لن يستسلم أبدا للفوضى، ولن يسمح بالقضاء على الثورة البوليفارية، استعان بأغنية الصيف الاسبانية " ديسباسيتو "، بعد تغيير بعض كلماتها لتوجيه الدعوة للمواطنين للمشاركة فى الانتخابات على تشكيل الجمعية التأسيسية الجديدة لوضع الدستور، وهنا أعلن "فونسى" مؤديها أنه لا يجوز استخدام الأغنية أو تغيير كلمات منها لأغراض سياسية، فيما أعرب مؤلفها البنمى الجنسية " إريكا إندر"، عن سخطه من تصرف مادورو.
وكلمة "ديسباسيتو " الإسبانية تعنى باللغة العربية "ببطء"، حيث يتحدث أغلب الفنزويليين الإسبانية، وقد حققت الأغنية رواجا، ورقما قياسيا غير مسبوق فى تاريخ الإنترنت على المستوى الدولى، منذ ظهرت وانتشرت أوائل العام الحالى، وسرعان ما حققت نجاحا كبيرا فى جميع أنحاء العالم، وحصدت منذ إطلاقها وحتى الآن ٢ مليار و٧٥١ مليونا متابعة على اليوتيوب.
وتعيش فنزويلا حاليا واحدة من أصعب الأزمات التى تمر بها منذ تولى الرئيس نيكولاس مادورو مقاليد الحكم فى البلاد، بعد وفاة الرئيس هوجو شافيز قبل ثلاث سنوات، واجتاحت حالة من الفوضى العارمة البلاد على مدى أكثر من 100 يوم، واتسعت أعمال العنف والنهب التى اندلعت خلال المظاهرات الاحتجاجية المناهضة للرئيس مادورو.
إعلان مادورو عن إنشاء جمعية تأسيسية تتولى إعادة كتابة الدستور، ألهب الشارع الفنزويلى، حيث اعتبرتها المعارضة خطوة لتهميش الجمعية الوطنية الحالية، ولم يأبه مادورو بالمعارضة، وقدم مشروعا لتشكيل "الجمعية التأسيسية"، معتبرا أن ذلك حلا للمظاهرات التى تشهدها فنزويلا، والتى يصفها بإنها محاولة مدعومة من بعض الدول للإطاحة بحكومته.
ففى الوقت الذي تقول فيه المعارضة إن الرئيس مادورو يدفع البلاد نحو حكم ديكتاتوري ومسار لا رجعة فيه، يؤكد مادورو أن المعارضة والاحتجاجات ليست إلا محاولة انقلاب ضده بتدبير دول أخرى في المنطقة، وهو ما دفعه إلى إصدار قرار بالانسحاب من منظمة الأمم المتحدة، متعهدا بالمضى قدما فى خطط تشكيل جمعية تأسيسية جديدة لإعادة كتابة الدستور، على رغم من ما اسفر عنه استفتاء الشارع الذى نظمته المعارضة قبل نحو إسبوعين برفض تشكيل هذه الجمعية، حيث مثل الإقبال المرتفع على المشاركة فى الاستفتاء دليلا قاطعا على رفض اقتراح الرئيس، وظهر ذلك واضحا فى الاحتجاجات الواسعة التى عمت البلاد منذ شهر إبريل الماضى.
وكان ائتلاف المعارضة في فنزويلا قد دعا إلى إضراب عام يوم الخميس قبل الماضى، احتجاجا على خطط الرئيس نيكولاس مادورو لإعادة صياغة الدستور، وجاءت تلك الدعوة بعد يوم واحد من تصويت 4.98 في المائة من الفنزويليين ضد تعديلات دستورية مخطط لها في استفتاء غير ملزم نظمته المعارضة، وشارك فيه أكثر من ثلث سكان فنزويلا البالغ عددهم 19 مليون نسمة.
ائتلاف المعارضة له مبرراته لرفض تأسيس جمعية تأسيسية جديدة لصياغة الدستور، حيث ترى أنها مناورة من الرئيس للبقاء فى السلطة حيث ستتخذ الجمعية التأسيسية مقرا لها فى مبنى البرلمان، المؤسسة الوحيدة التي تسيطر عليها المعارضة منذ الفوز الساحق الذي أحرزته في الانتخابات التشريعية أواخر 2015، مما يعنى فى واقع الأمر طرد النواب الحاليين الذين لم يتحدد مصيرهم.
ورغم قرار منع الحكومة تنظيم أى مظاهرات من يوم الثلاثاء الماضى حتى يوم غد الأحد، إلا إن المعارضة نظمت أمس الأول " الخميس "، مظاهرة أسفرت عن عدد من القتلى والمصابين، الأمر الذى دعا الأمم المتحدة للدخول على خط الأزمة، ومناشدة المسئولين باحترام حقوق الإنسان وإجراء الانتخابات المقررة غدا بسلام ٠
ومن داخل الحزب الاشتراكى نفسه انتقدت المدعى العام الفنزويلى " لويزا اورتيجا دياز "، خطة الرئيس مادورو الرامية إلى تشكيل جمعية تأسيسية شعبية، مما يعمق انقساما علنيا نادرا بين صفوف " الحزب الاشتراكى " فى الوقت الذى أكد فيه مسئول الحزب المضطلع بمشروع "الجمعية التأسيسية" إلياس جاوا، أن أورتيجا كتبت له رسالة عبرت فيها عن استيائها، مشيرا الى أن هذه الرسالة مجرد تعبير عن رأيها السياسى ولا سلطة لها على تغيير الموقف، ومنذ ذلك الحين وهي تعتبر شخصية محورية داخل الحكومة الفنزويلية، التي يتهمها خصومها بأنها تسعى لتخريب الانتخابات من خلال إنشاء جمعية موازية لها صلاحيات إعادة كتابة الدستور.
وفى ظل عدم وجود بارقة أمل للتهدئة أو تراجع أى طرف عن موقفه، فإن ما يحدث فى فنزويلا الآن يعمق الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تعانى منها بسبب هبوط أسعار البترول وتحقيقها أعلى معدل تضخم فى العالم، مما أدى إلى نقص حاد فى السلع الأساسية وإختفاء معظم السلع الغذائية من الأسواق، ودفعت بالكثير من المواطنين إلى اقتحام الحدود مع دولة كولومبيا المجاورة للحصول على الطعام ٠
بدأت حالة الاضطراب السياسي فى فنزويلا فى شهر إبريل الماضى، وارتفعت حدة مطالب المعارضة بإقالة رئيسها "نيكولاس مادوروا"، وتبادل كل من الحكومة والمعارضة الاتهامات حول محاولة كل منهما الانقلاب على الآخر، وجاء ذلك على أثر إعلان المحكمة العليا في 29 مارس الماضي، بأنها ستتولى سلطات الجمعية الوطنية التي تسيطر عليها المعارضة، وردت المعارضة بأن البلاد تساق إلى حكم الرجل الواحد، وبالرغم من أن المحكمة العليا عدلت عن القرار بعد 3 أيام، إلا إن الاحتجاجات المناهضة للحكومة اشتعلت، وتسببت في قتل عشرات من المواطنين أثناء التظاهرات المناهضة.
نشأت الأزمة الاقتصادية فى فنزيلا نتيجة أنخفاض سعر النفط إلى مستوى ٢٠ دولارا للبرميل فى عام ٢٠١٢، ويمثل النفط نسبة تصل إلى نحو 95% من عائدات صادرات البلاد المستخدمة لتمويل بعض البرامج الاجتماعية التي تقدمها الحكومة، مما تسبب فى أزمة كبيرة لاقتصادها، وأجبر نقص عائدات النفط الحكومة على تقليص برامجها الاجتماعية، مما أدى إلى تآكل الدعم بين مستحقيه الرئيسيين، وانخفاض نصيب الفرد من الناتج الإجمالي المحلى بأكثر من الثلث، وانخفاض واردات البلاد بنسبة ٧٢ فى المائة ولا يزال الهبوط مستمرا خلال العام الحالى.
وحاليا يعيش نحو ١٠ فى المائة من إجمالي السكان في "فنزويلا" في فقر مدقع، بما يعادل نحو 1.5 مليون شخص، وارتفعت وفيات الأطفال الرضع بأكثر من ٣٠ فى المائة بين عامي 2015 و2016، فيما يعاني أكثر من ١١ فى المائة من الأطفال من سوء التغذية الحاد.