الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

السيارة الطائرة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل يمكن للسيارة أن تطير؟ يقول عالم الاجتماع العراقى على الوردي، وهو يتحدث عن المنطق الأرسطى الذى أعاق تقدم العقل الإنسانى وسجنه ألفى سنة فى ما يسميه المناطقة المقدمة الكبرى، ثم المقدمة الصغرى، فالنتيجة، انطلاقًا من أعلى إلى أسفل، خلافًا للمنهج الاستقرائى المقلوب.. يقول (الوردى) لنطبق هذه القاعدة على الطيارة: الحديد لا يطير، الطيارة حديد، إذن فالطيارة لا تطير. فكيف طار الحديد إذن، والطيارة تنقل ملايين العباد عبر القارات حاليًا؟ لو أردنا الانتظار أمام مسلمة أرسطو حتى اليوم، لبقينا نركب الخيل والبغال والحمير والجمال حتى الساعة.
ويذكر الوردى أن أهل العراق حين أبصروا السيارة للمرة الأولى قالوا إن فيها بالتأكيد جنيا داخلها يحركها! لكن حين أبصروا الطيارة للمرة الأولى قالوا: فقط الموت لا يقدرون عليه.
وحاليًا يعمل الفنيون بحماس لإنتاج السيارة المحلقة فى الأفق. النموذج الأول هو الذى تم إنتاجه فى دبى بدولة الإمارات العربية المتحدة من نوع «إيهانج ١٨٤» (Ehang ١٨٤)، وهى سيارة ترتفع من الأرض شاقوليًا، وتعرج إلى السماء حتى ارتفاع ١٠٠٠ متر، وتمضى مثل بساط الريح بسرعة ٦٠ كم فى الساعة، وحتى مسافة ٣٠٠ كم، وتنزل بلطف إلى الأرض، بفعل الحساسات التى تتفقد مكان الهبوط، ويكفى أن تدخل فيها فتغلق الباب، وتكبس زر التشغيل، وتعين الهدف على لوحة كمبيوتر، فتمضى بك حيث تريد.
السيارة الطيارة تسافر بالليل والنهار، فهى لا تسأم ولا تحتاج لقيادة، بل تقود نفسها بنفسها، وتعمل فى الريح والحر ومعظم الظروف، الخوف عليها فقط من الصواعق الرعدية؛ لأنها تعمل بالكهرباء. إنها لا تبعث بالغازات السامة ولا تلوث الجو، ومن المفروض أن يبدأ تصنيعها مع صيف عام ٢٠١٧. إنها أقرب للخيال العلمى، وهى الوعد الذى تحقق مما تنبأ به جول فيرن قبل أكثر من قرن. شكلها بيضاوى وفيها أربع عنفات، وثمانية موتورات إلكترونية.
وقد خضعت السيارة الطائرة للتجربة وثبت نجاحها، بيد أن الإمارات تخطط لما هو أكثر منها، وهو سيارات تسير من دون سائق فى الطرق السريعة عام ٢٠٣٠.
ويقول مدير «الإير باص»، توم أندرس، إن ما سيحصل فى العقد المقبل لن يكون أقل من ثورة فى عالم التنقل، والسبب هو تقدم التكنولوجيا وتوفر الذكاء الصناعى وتقدم بطاريات الليثيوم، وحساسات أدق، وأنظمة طيران محكمة، وموتورات إلكترونية فعالة، ومواد بناء الكابينة الخفيفة.
إنه باختصار عصر «الفى تول» (VTOL)، وهى اختصار لأربع كلمات: ارتفاع شاقولى وهبوط قائم (Vertical take off Landing).
وحاليًا فى ألمانيا ينطلق مشروعان من هذا النوع، الأول فى مدينة كالسروه، بتدشين مشروع الفولوكوبتر، وهى طائرة بمقعدين مزودة بـ١٨ عنفة، تشبه لعب الأطفال «الأتارى»، وتمت صناعتها عام ٢٠١٦ ونجحت تجربتها، ويتوقع بيع ١٠ إلى ٢٠ ألف نسخة منها سنويًا خلال العقد المقبل، والثمن التقديرى للسيارة الواحدة منها فى حدود ١٠٠ ألف يورو.
المكان الثانى هو جيلشينج، ويقوم عليه أربعة رواد متحمسون باسم مؤسسة طيران ليليوم.
كما وصلت فكرة «السيارة الطائرة» إلى مجموعة وادى السيليكون، فأسسوا مشروع «هافانا» برمز (A٣)، وستكون تجربتها مع نهاية عام ٢٠١٧، وهم يعملون فى جو من السرية والتكتم لوجود منافسات شديدة حاليًا، ويقولون إن مشروعهم سيكون جاهزًا للانطلاق مع عام ٢٠٢٦.
وبالطبع نحن أمام اختراع بقوانين جديدة، فلا بد من تعديل قوانين السير حذفًا وإضافة، لمن يحلِّق فوق الغيوم، ويعتلى ظهر السحب!
وهكذا فالتكنولوجيا تتقدم، ومعها تتخلق ظروف أخلاقية جديدة وقوانين تناسبها.
نقلا عن «الاتحاد» الإماراتى