الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

محافظات

"البوابة نيوز" داخل فيلا ديليسبس رمز الاستعمار وفرض الامتياز على مصر 99 عامًا.. تمثال مخلوع وفيلا مهجورة آخر ما تبقى من المهندس الفرنسي

فيلا دليسبس
فيلا دليسبس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قصة حفر قناة السويس تبدو طريفة مثل حكايات ألف ليلة وليلة وكأنها مكتوبة على جبين مصر بالدم والعرق والدموع كتبها نابليون بونابرت عندما جاء إلى الشرق بحثًا عن قاعدة ينطلق منها ليكرر تجربة الإسكندر الأكبر وبدأت القصة أثناء سفر فردينالد ديليسبس من الإسكندرية إلى القاهرة مع والي مصر سعيد باشا وذو الفقار باشا الأخ الأكبر للوالي وما أن قال الوالي "إنني أريد أن يسجل اسمي في التاريخ باعتباري واحدا من الذين جلبوا لمصر الإزدهار وليس الحرب " حتى تلألأت أعين ديليسبس فكانت هذه الجملة هي الثغرة التي من خلالها تحدث عن مشروعه فقال له أتريد أن يسجل التاريخ عهدك بأنه العهد الذي ازدهرت فيه مصر يمكنني أن أخبرك كيف تفعل هذا فإنني أعرف وسيلة لذلك. 
وبالفعل كان أول الغيث قطرة وتحدث فيرديناند عن مشروع حفر قناة السويس وعرض خططه على الوالي مؤكدًا له أنها سوف تكون قناة عملية غير مكلفة بل وسوف تجلب الحظ وتحقق مكسبا جيدا اكثر مما تتكلف حفرت قناة السويس واستمرت رئاسة ديليسبس لنحو 35 عامًا بدأت منذ عام 1859 حتى 7 ديسمبر 1894.


في 25 أبريل 1858 ضرب ديليسبس أول معول إيذانا بحفر قناة السويس بمشاركة مليون فلاح مصري مات منهم أكثر من 120 ألف أثناء عملية الحفر على إثر الجوع والعطش والأوبئة والمعاملة السيئة ومعظمهم لم يستدل على جثمانه ودفن في الصحراء أو تحت مياه القناة. 
وفي 16 نوفمبر 1869 كان حفل افتتاح قناة السويس على 3 منصات خشبية كبيرة على شاطئ البحر خصصت المنصة الوسطى للضيوف وعلى رأسهم خديوي مصر وخصصت المنصة اليمنى العلماء المسلمين فيما خصصت المنصة اليسرى لأحبار الدين المسيحي ورجال الاكليروس 
واستمرت رئاسة ديليسبس لنحو 35 عامًا بدأت منذ عام 1859 حتى 7 ديسمبر 1894، اختلف الكثير من المؤرخين على ديليسبس البعض يراه رمزا للاستعمار وفرض الامتياز على مصر 99 عاما والآخر يؤكد أنه صاحب الفضل فى إخراج مشروع قناة السويس إلى حيز الوجود وآخرين يرونه شخصًا دخيلًا على المشروع الذي حاول المصريين حفره 22 مرة بين هذا وذاك لم يتبق من تاريخ ديليسبس سوى قناة السويس التي مازالت شاهدا على إرادة وقوة المصريين على مر العصور وفيلا ديليسبس داخل مدينة الإسماعيلية والتي كانت شاهدة على حقبة تاريخية هامة في حياة منطقة إقليم قناة السويس وأخيرا تمثال ديليسبس المخلوع الذي ظل مرفوعا لسنين طويلة عند مدخل القناة فى مدينة بورسعيد يرقد منذ نصف قرن ويزيد فى أحد مخازن ورش الترسانة البحرية ببورسعيد بعد أن أسقطه أهالى المدينة عن قاعدته إبان العدوان الثلاثي «إسرائيل وبريطانيا وفرنسا» على مصر عام 1956.



ومن داخل فيلا ديليسبس صاحب فكرة شق قناة السويس نرى مقتنياته التي كانت شاهدا على حقبة تاريخية هامة في حياة منطقة إقليم قناة السويس حيث تعد فيلا ديليسبس تحفة معمارية ومن أقدم المنشآت التي أقيمت على أرض مدينة الإسماعيلية سنة 1862 وبنيت على طراز منازل الريف الأوروبي تقع في شارع محمد على بقلب المدينة شاهدة على تاريخ المدينة عندما بدأ العمل في شق قناة السويس.



الدبلوماسي ديليسبس لم يكن مهندسا لكنه استعان بالهندس نجريلي في مشروع حفر قناة السويس وكانت الملكة أوجيني إمبراطورة فرنسا "عمته" قامت بتشغيله في أول الأمر في القنصلية الفرنسية بالإسكندرية ومن خلال صداقته لأسرة على باشا للحصول على امتياز قناة السويس لمدة 99 عامًا.
وتعتبر فيلا ديليسبس من أول المباني التي بنيت بمحافظة الإسماعيلية وهي عبارة عن دور أرضي يعلوه طابق آخر تحيط به حديقة محاطة بسور، ويوجد بسور الحديقة حوض للغسيل من الرخام يعتبر تحفة معمارية نادرة فضلا عن غرف الاستراحة المزينة بالزخارف الخشبية والقرميد.


ويضم الطابق العلوي للمبنى عدة غرف للنوم وحمامات لكنه تقرر عدم المساس بهم من أي شخص للحفاظ عليهم من عوامل الرطوبة وتم تنفيذ مبنى آخر بعد 15 عاما من بناء الفيلا كتوسعة له عبارة عن 4 غرف للنوم وحمامات واستراحة كانت تستخدم لرئاسة هيئة قناة السويس.
كما يوجد بعض المنقولات الشخصية الخاصة بديليسبس وتعد مقتنيات ديليسبس عبارة عن بعض الخرائط والمسودات الخاصة بحفر قناة السويس وعربة مصنوعة من الخشب والحديد تجرها الأحصنة كان يتفقد بها ديليسبس أعمال الحفر بقناة السويس ومكتب معدني وسرير كان ينام عليه محاط بستائر.
في مدخل الفيلا تجد عربة ديليسبس الشخصية التي تَجرها الخيول على نصب تذكاري، بعدما كان يستخدمها المُهندس الشهير للمرور على مواقع العمل أثناء عمليات الحفر، ثم ترى ترمومتر لقياس حرارة الجو وضع في مكانه منذ 120 عاما وما زال يعمل بكفاءته حتى الآن.


ومن داخل غرفة ديليسبس وضع ورق حائط صمم خصيصا في فرنسا ولم تصبه عوامل الجو حتى الآن إلا جزء بسيط منه وعوض عن ذلك بتصميم جزء آخر مقلد، وتم لصقه لكن من الطريف أننا نجد أن الورق الأصلي أكثر جمالا وبريقا من المقلد وعلى حائط الغرفة وضعت الكثير من اللوحات التي تضم صورته مع زوجته والمهندس نجريللي وصورة لبيت ديليسبس في فرنسا وأخرى له مع أصدقائه بالزي العربي وصورة للملكة أوجيني وضعت فوق المكتب وصليب كبير ودعوة حفل تنصيب تمثال ديليسبس في مدخل بورسعيد بعد 30 عاما من حفر قناة السويس وافتتاحها و"كنافا" صنعته زوجه ديليسبس كهدية له وقامت بتطريز أول حروف اسم الدبلوماسي كما تضم الغرفة سريره المعدني تلعوه "ناموسية" واسفل السرير يوجد "طشط" الذي كان يستخدمه في الاستحمام وإبريق كان يملئه بالمياه للاستحمام أو غسيل الأيدي، وبجانب السرير يوجد طاولة صغيرة يعلوها بعض القارورات الزجاجية الزرقاء تخص زوجة ديليسبس حيث كانت تملؤها بمختلف العطور ومكتبه وضع عليه نسخة عتيقة من الإنجيل مكتوب باللغة اللاتينية وقلمان ريشة.


وفي دولاب ديليسبس وضعت بعض الأواني الخاصة ومرآة، ومسن لـ"موس الحلاقة" وفرشاة الحلاقة ومجموعة من كروت "التاروه" وقطع الدومينو والشطرنج.
وبالخروج إلى الصالون رقم 1 تجد "صينية " طعام كبيرة مصنوعة من النحاز ومطعمة بالأحجار النادرة ومدفأة كلاسيكية، أما الصالون رقم 2 يضم العديد من المقاعد القديمة وصورا خاصة بعمليات حفر قناة السويس وأثر لـ"شظية" تم ضربها أثناء الحرب العالمية الثانية لتصيب حائط الصالون وقام الفرنسيون وقتها بوضع زجاج على إثر الشظية ودون على لوحة معدنية تاريخ 1914 كما يضم الصالون جرامفون يعمل بالبطاريات.
فريدناند ديليسبس الدبلوماسي الفرنسي صنع لنفسه مجدا وارتبط اسمه في أذهان المصريين، والعالم أجمع بحفر قناة السويس حقق حلم التجارة العالمية بربط المشرق بالمغرب.
ورحل الدبلوماسي الفرنسي عن مصر بعد أن حقق حلمه تاركا وراءه مشروعا غيّر وجه الأرض وخلف وراءه آثارا شاهدة على عصره ومقتنيات لتعبر عن وجوده على أرض القناة، وتعد فيلا ديليسبس تحفة معمارية من أقدم المنشآت التي أقيمت على أرض مدينة الإسماعيلية سنة 1862، وبنيت على طراز منازل الريف الأوروبي تقع في شارع محمد على بقلب المدينة شاهدة على تاريخ المدينة عندما بدأ العمل في شق قناة السويس.