الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"داعش" بعد تحرير الموصل.. 4 سيناريوهات لأعضاء التنظيم

تحرير الموصل
تحرير الموصل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
1. البقاء فى العراق وحرب عصابات ميدانية
2. الخروج إلى مناطق ضعيفة أمنيًا
3. عودة المقاتلين الأجانب إلى الغرب
4. الهروب إلى العمق السورى
سيطرت القوات العراقية بدعم من التحالف الدولى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على معظم أحياء الجانب الغربى من مدينة الموصل، بعد أن أحكمت سيطرتها على الجانب الشرقى، لتقترب خسارة تنظيم داعش لمعقله الرئيس فى العراق منذ يونيو 2014. ومع انهيار رمزية الخلافة والسيطرة على مسجد النورى، الذى أعلن زعيم تنظيم داعش المتطرف أبو بكر البغدادى فى يوليو 2014 عن إقامة ما سمى بـ«الخلافة» على أراض تشمل مناطق من سوريا والعراق، يكون التنظيم فى نهاياته.
ومع نهاية التنظيم الإرهابى، يطرح البعض تساؤلا.. ما مصير عناصر التنظيم وقادته الذين قدر أسامة النجيفى، رئيس البرلمان العراقى سابقا، عددهم بسبعة آلاف داخل الموصل، و12 ألفا فى محيطها أغلبهم أجانب، وذلك قبل انطلاق عملية «قادمون يا نينوى» لاستعادة المدينة فى 17 أكتوبر 2016.
فيما تفيد تقارير الأمم المتحدة أن عدد عناصر التنظيم تقلص إلى أقل من ألف، ما يعنى أن البقية إما قتلوا وإما هربوا، ويرى خبراء سياسيون وأمنيون أن ثمة تضخيما فى عدد عناصر التنظيم الذى سيطر على مناطق واسعة فى الدولتين العراق وسوريا.
ورغم إعلان التحالف والجيش العراقى قبل انطلاق عملية «قادمون يا نينوى» فى ١٧ (أكتوبر) ٢٠١٦، أنه سيحرر الموصل قبل نهاية العام، إلا أن تحرير الجانب الشرقى فقط من المدينة تطَلّب ثلاثة أشهر، مما يدل على صعوبة عملية التحرير.

٤ سيناريوهات أمام داعش
ويبقى أمام عناصره وقادته أربعة سيناريوهات، بعد تحرير الموصل، وهى الخروج إلى مناطق ضعيفة أمنيا، أو البقاء فى العراق والانتشار فى مناطقها، أو عودة الأجانب إلى بلادهم ليقوموا بممارسة ما تعلموه من إرهاب، أو الانتقال إلى الجوار السورى.

الخروج إلى مناطق ضعيفة أمنيا
يميل بعض المقاتلين من عناصر تنظيم داعش، بحسب شهادات زملاء لهم فروا من المعارك، إلى الهروب إلى مناطق صحراوية شاسعة أو جبلية وعرة فى دول تشهد نزاعات عرقية واضطرابات أمنية.
ومن المرجح أن يهرب بعضهم إلى دول الساحل وغرب إفريقيا، حيث تنشط جماعة مثل «بوكو حرام» فى منطقة حوض بحيرة تشاد، وتستهدف دولا فى وسط وغربى إفريقيا منها نيجيريا والكاميرون وتشاد والنيجر، فيما ينشط فرع التنظيم فى الساحل والصحراء شمالى مالى والنيجر.

الانتشار داخل العراق
تلجأ الجماعات المسلحة فى حرب العصابات الميدانية إلى التفرق ضمن مجموعات صغيرة عنقودية أصغر منها، عندما تهاجمها قوة أكبر لا تستطيع مهاجمتها، وهذا ما يمكن أن يحدث فى حالة ما بعد سقوط الموصل، فتنتشر المجموعات المقاتلة فى المجموعات الصغيرة الموجودة فى العراق بشكل عام.
هذا السيناريو فى العراق الأكثر احتمالا، فأغلب مقاتلى التنظيم الذين طردوا من محافظات ديالى وصلاح الدين والأنبار، لم يفروا إلى بلدان أخرى بل لجأوا إلى جيوب لا يزال التنظيم يسيطر عليها سواء فى نينوى (تلعفر) أو الأنبار (منها مدن: القائم، وراوة، وعانة) أو فى محافظة كركوك (منطقة الحويجة).
وقد يستفيد التنظيم من هذا السيناريو، خاصة أنه لا يزال يسيطر على أجزاء واسعة من الحدود العراقية السورية، وأن جزءا مهما من عناصره من العراق مرتبط بالأرض، ومن المتوقع استمرار نشاطهم فى العراق حتى بعد طردهم من آخر المدن والبلدات التى يسيطرون عليها.
لكن حتى الآن من المتوقع أن يغير التنظيم خطته من حرب «شبه نظامية» (تخلط بين الحرب النظامية وحرب العصابات) تعتمد على محاولة التمسك بأرض المعركة، إلى حرب عصابات محضة تعتمد على الكر والفر دون السعى إلى السيطرة على الأرض، على غرار ما يقوم به التنظيم فى العاصمة العراقية بغداد.

عودة الأجانب إلى بلدانهم
أحد الخيارات المطروحة أمام عناصر تنظيم داعش بعد معركة الموصل، هو عودة الأجانب إلى بلدانهم التى انطلقوا منها، وقد انتشر عدد منهم غير قليل منذ عام ونصف العام، وقاموا بعدة عمليات فى أوروبا، خاصة فى فرنسا وإسبابنا، بعد أن توعد التنظيم -فى إصدار له- الغرب فى بيان بعنوان «فى عقر داركم سوف تكون المعارك»، ورغم أن المسألة تبدو نظريا شبه مستحيلة، غير أن أعدادا غير بسيطة تمكنت بالفعل من الوصول إلى بلدانها خاصة فى أوروبا وتونس.
ويستفيد كثير من الإرهابيين من صعوبة التعرف على هوياتهم، خاصة من دخلوا منهم العراق بطريقة غير شرعية، فهم بالتالى خارج المراقبة، ويمكنهم التنقل خارج العراق، والحكومة العراقية تحاول منعهم من التدفق على أراضيها، لكنها لا تمنعهم من الخروج.

الانتقال إلى الجوار السورى
إن لم يتمكن مقاتلو التنظيم من الهرب إلى الداخل العراقى، فقد يفرون إلى الجارة سوريا، التى يعتبرها التنظيم امتدادا طبيعيا لمركزه الرئيسى فى الموصل والعراق إجمالا.
ووفق تقارير إعلامية عربية وغربية فإن أعدادا من المسلحين وعائلاتهم فروا بالفعل قبيل انطلاق معركة الموصل إلى سوريا، خاصة أن التنظيم يسيطر على المنطقة الحدودية.
فقد أقام التنظيم الإرهابى، تحسبا لهذا الأمر، شبكة أنفاق كبيرة تسمح بمرور دراجات نارية، وتربط ضواحى مدينة الحمدانية جنوب شرق الموصل بنقاط قريبة من الحدود مع سوريا على مسافة تتجاوز ١٢٠ كليو مترا.
لكن تبدو هذه المسافة طويلة للغاية، ومن المستبعد أن يتمكن التنظيم من إنشائها خلال عامين ونصف العام، خاصة فى ظل الميل الإعلامى إلى تضخيم إمكانيات التنظيم، رغم أن أنفاقه عامة لا تتطلب إمكانيات كبيرة.

فزع السلطات الأمنية
كما يبدو أن المرحلة التالية لهزيمة "داعش" فى العراق وسوريا، لن تمثل هدوءا بالنسبة للسلطات الأمنية فى بعض الدول، إذ إن معظم السيناريوهات المطروحة بشأن مستقبل التنظيم، تمثل خطرا من نوع ما، فعلى مستوى عودة مقاتلى التنظيم إلى الدول التى قدموا منها، يرى خبراء أن السلطات الأمنية فى تلك البلدان، سيتعين عليها معرفة هؤلاء الأشخاص العائدين ومتابعتهم بدقة، نظرا للخطر الذى قد يمثلونه وإمكانية تحولهم إلى (ذئاب منفردة)، قد تقدم على تنفيذ عمليات إرهابية فى أوقات لا يمكن التنبؤ بها.
كما أن فكرة انتقال المقاتلين إلى مناطق صحراوية أو جبلية وعرة فى بلدان تشهد نزاعات داخلية، تحمل أيضا خطرا على تلك البلدان، وهو سيكون بمثابة نقل للصراع، دون تحييد التنظيم، كما أنه سيحمل خطرا على مجتمعات هذه الدول.

تنظيم القاعدة
وجاءت هذه الخسائر فى ظل محاولات تنظيم القاعدة الإرهابى استعادة جماعاته، التى كان قد أخذها منه "داعش" مع إعلان الخلافة المزعومة خلال عام ٢٠١٤، ويتم ذلك من خلال التشكيك فى فكر "داعش"، والبرهنة على فساده بفشل خلافته، لاسيما العمليات الإرهابية التى يتبناها "القاعدة" فى المغرب العربى واليمن، باعتبارهما يضمان أقوى فروع التنظيم، لإغراء الإرهابيين بالعودة إلى صفوفه.
كل ذلك يحدث و"داعش" يفقد أراضيه وخلافته لينتهى الأمر إلى تراجع أغلب المبايعين له عن بيعاتهم، إما ليعملوا بشكل منفصل عنه وإما ليعودوا إلى «القاعدة» كما كانوا.
وهذا ظهر للعلن مع إعلان تنظيم "القاعدة" الشماتة فى الخسائر التى تلقاها تنظيم "داعش" فى مدينة الموصل العراقية، ومدينة الرقة السورية، والتلويح بالخسائر القادمة له فى مدينة بنغازى الليبية، وذلك عبر مجلته الناطقة باسمه، وبحسب المقالات التى نشرتها المجلة، والتى استعانت بدراسات بحثية لمراكز أمريكية، فإن "داعش" ينتظره المزيد من الخسائر فى الأيام المقبلة.
وطعنت "القاعدة" فى عمليات داعش فى أوروبا، من خلال تقرير حمل عنوان "العمليات التى تمت فى أوروبا ليست على علاقة مباشرة بتنظيم داعش"، لافتةً إلى أن العمليات تتم من خلال أفراد ينتمون إلى الفكر المتطرف، دون الانتماء بشكل مباشر لأى جماعة جهادية موجودة فى العالم، ولكن يخطف "داعش" الأنظار من خلال بيانات التبنى فقط.

الساحة الإفريقية
تأتى إفريقيا على رأس أولويات تنظيم "داعش" الإرهابى، من خلال محاولة الانتشار عبر مجموعات مختلفة، لتغطى أى محاولة لسقوط التنظيم، وبذلك اتخذ نقاطًا له فى عدة دول.
ونعرض خطة انتشار التنظيم فى دول إفريقيا، واستهدافها فى المقام الأول لدى التنظيم جاء لكثرة الفقر والإرهاب المنتشر داخلها منذ سنوات، والتى أصبحت سهلة فى يد التنظيم، ومن الممكن أن يحولها إلى مناطق ارتكاز فى أيام معدودة.
فهى القارة الوحيدة التى تنتشر فيها بكثرة التنظيمات المتطرفة فى عدة دول، ولعل رأس هذه الدول، وخاصة فى الآونة الأخيرة هى ليبيا، حيث شكّل معقلين له حول مدينتى درنة شرقى البلاد، وسرت الواقعة فى غربها، كجيوب إرهابية ظهرت إبّان سقوط نظام الرئيس السابق معمّر القذافى فى ٢٠١١، وتسبّبت فى اندلاع معارك دامية بين المجموعات المسلّحة المتناحرة، ولا تزال حتى اليوم تشكّل الإحداثيات اليومية لحياة الليبيين.
وأكدت هذه المخططات ما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى كلمة عقب العملية الإرهابية التى وقعت الشهر الماضى من استهداف المسيحيين فى محافظة المنيا، حيث قال: "إن مهمة الإرهابيين فى سوريا قد انتهت، والآن يسعون للانتقال إلى مصر"، وهذا يعنى أن التنظيم يضع فى حسبانه وبقوة الانتقال نحو إفريقيا.