الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

«الجماعة» في عصر ناصر.. المسلسل ما له وما عليه «2-2»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نعود إلى جانب العيوب، فى جولتنا مع مسلسل «الجماعة ـ ٢»، استكمالًا لحديثنا الأربعاء الماضي: المسلسل فى الميزان.. ما له وما عليه..
الملاحظة الخامسة: 
الحق أننى إذا سئلت عن أهم المآخذ على المسلسل فى رأيي، لقلت: إن المأخذ والعيب الأكبر، وحتى قبل وأهم من كل ما سبق أن ذكرت.. أنه لم يتضح فى المسلسل، أن قيادة وثورة عبد الناصر -خاصة منذ انتصاف الخمسينيات- صعدت وحققت انتصارات على خصومها فى الداخل والخارج، وبينهم «جماعة الإخوان»، ليس فحسب بكفاءة كبيرة لدى الدولة ومقدرة على كشف المؤامرات والمحاولات الانقلابية ضد الثورة، ومحاكمة ومعاقبة المتآمرين، وإنما أولا وقبل كل شيء جاء الصعود العظيم، بما لدى عبد الناصر من مشروع تحرر وطنى وعدل اجتماعى وتنوير ثقافى، التفت من حوله جماهير الشعب المصري، والعربى كله، على نحو يفوق أى تصورات، وهو المشروع الجذرى الثوري، التقدمى العروبي، الذى لا نزال وغيرنا نراه ملهمًا وطريق خلاص للوطن وللأمة، لكن نعود فنقول إن وحيد حامد لو كان جسد ذلك -ولو فى حدود معقولة- يمكن أن تحتملها طبيعة مسلسل (هو عن الإخوان فى عصر ناصر.. وليس عن ناصر)، لكان معنى ذلك أن حامد يرى فى مشروع عبد الناصر ما نرى، لكنه ينتمى فكريًا إلى مشروع آخر تمامًا، ليبرالى تقليدي، بعيدًا عن توجه وروح ومنطق مشروع عبد الناصر.. وهذا حقه، فلا يدعى حامد ولم يفصح يومًا سوى عن ذلك، ولا يجب أن ننتظر مثل هذا الذى ننشد، إلا (من محفوظ عبد الرحمن، أو يسرى الجندى مثلًا)... لكن يظل عندنا، أن ما رصدنا فى هذه الملاحظة، يمثل خللًا، ونقصًا أساسيًا فى العمل.
الملاحظة السادسة:
بل إن اعتداد هذا المشروع الناصرى بالإسلام ورسالات الدين، والدور الرائع والواسع لثورة ناصر من أجل الإسلام وبالفهم التقدمى الحقيقى الصادق للدين، وسواء داخل مصر وأزهرها ومحطاتها الإذاعية (إذاعة القرآن الكريم) أو فى إفريقيا والعالم.. كل هذا، قد اكتفى المسلسل بأن أشار إليه إشارة سريعة للغاية، بينما كان يستحق فى سياق عمل كهذا رصدًا ووقفة أوضح بكثير.
الملاحظة السابعة:
نقطة أخرى لها أهميتها.. إن المسلسل لم يقصر قط فى عرض توجهات ومنطق «جماعة الإخوان»، سواء فى عهد مؤسسها حسن البنا (الجزء الأول) أو فى عهد من أعقبوه (الجزء الثاني)، بل إن هذا الأخير أفاض فى ذلك، خاصة فى حلقات النهاية من خلال تحقيقات مؤامرة الستينيات، وردود قطب وزينب الغزالى والعناصر الفاعلة فى الجماعة، وقد أوردت الحلقات أحاديث وإجابات تفصيلية لهم بالنص والحرف فيما قالوا.. وهذا حسن، لكن لم يتمكن المسلسل من تقديم الردود، والتفنيد، على الوجه المطلوب والضروري، فى مواجهة منطقهم الذى بدا تمسكهم الواضح به، ولم يكن كافيًا بعض تعقيبات أو امتعاض لوكلاء النيابة الذين يحققون.. لقد سمع جمهور المسلسل خطاب «الإخوان»، أكثر مما تابع مناقشة معهم ضد أفكارهم فى مثل: مغالطات مقولة «الحاكمية» وخرافة «الخلافة» وتكفير كل من لا يرى الإسلام، على النحو الذى يرون فيه بالتمام!.. إلى ما غير ذلك، وفى هذه الملاحظة: لا نقول إن وحيد حامد لم يوفق فكريًا فى نظرنا.. (كما فى الملاحظتين السابقتين)، وإنما هو لم يوفق.. دراميًا، لأنه هو نفسه بالتأكيد ضد مفاهيم «الإخوان»، لكن لم يحصل على طريقة مناسبة لتفنيدها عبر الدراما، بالقدر الضرورى والذى فيه كفاية.
الملاحظة الثامنة:
فى مسلسل «الجماعة ـ ٢»، من الناحية الفنية والحرفية، نحن أمام مخرج مقتدر (شريف البنداري)، تمكن بجهد واضح من تجسيد موفق إلى حد ملحوظ، للرؤية والسيناريو (اللذين كما أسلفنا، لنا حولهما ملاحظات سلبية مؤكدة)، ومن عناصر المخرج للوصول إلى التوفيق، التصوير والمونتاج وموسيقى عمر خيرت الرصينة، المعبرة الملائمة لموضوع العمل، وفى مقدمة ما يلفت النظر فى جهد المخرج اختياراته للممثلين وإدارته لهم، وليس فحسب الممثلين اللامعين، وإنما أيضًا وبنفس القدر الممثلون غير المشهورين الذين قدمو أداء لافتًا مقنعًا، أما اللامعون والراسخون ففى مقدمتهم عبد العزيز مخيون (دور المرشد حسن الهضيبي)، وصابرين (الإخوانية القيادية زينب الغزالي).. إنهما دوران يعبران عن نضج كامل للممثلين الكبيرين، أما الذين لفتوا الأنظار بقوة ابتداء من هذا المسلسل فهم عديدون يتقدمهم محمد فهيم (فى دور سيد قطب)، ومعظم الذين مثلوا مجلس قيادة الثورة (مثل زكريا محيى الدين)، ومعظم الذين مثلوا شخصيات جماعة الإخوان كهولًا وشبابًا...
أما الممثل الأردنى ياسر المصري، فى أداء شخصية جمال عبد الناصر، فقد بدأ الحلقات بأداء طبيعى مقنع، واستمر على ذلك فى معظم الحلقات، إلا أنه فى بعض المشاهد، وهو فى جلساته العادية كان يتحدث بروح عبد الناصر، وهو يتوجه بخطاب إلى الجماهير، والحق أنه كان على الإجمال متقبلًا، وصار يعنى فى الأخير إضافة حقيقية إلى جوار عدة أسماء مهمة، أدت من قبل شخصية قائد ثورة يوليو التاريخي.
خواطر من دفتر الملاحظات:
الخاطرة الأولى: 
الحجاب أو أى ملبس: حرية شخصية..
لكن من المؤكد أن الإخوان والسلفيين استخدموه كنقطة بدء.. ونقطة ضعف مواتية: لينتشروا من خلاله.. أى لأغراض حزبية وسياسية.
وليوحى انتشاره.. بأن المجتمع كله أصبح مواليًا لهم منتميًا إليهم..!!.
ولذلك: نلاحظ فى حديث عبد الناصر المشهور: أن مرشد الإخوان الهضيبى بدأ عرض طلبات الإخوان عقب قيام ثورة يوليو بطلب فرض الحجاب، وطلب رفض الفنون، مستهدفين السيطرة على السلطة وعلى الثورة، بحمق وغباء لا مزيد عليهما.
ولا غرابة أيضًا أن بداية عودتهم للانتشار علي يد نظام السادات، كانت نقطة البدء فيها أيضًا، وما اعتبروه نقطة ضعف تستغل، نفس الموضوع، ارتدي الحجاب أختي المسلمة، وإلا مصيرك نار السعير وبئس المصير!
المفارقة: أن الإخوان وسائر الوهابيين أرادوا الحجاب لأغراض سياسة.
وأن المرأة لدينا فى الأغلب الأعم وافقت واستجابت، لكن حولته إلي زي قومي، لا ديني! وحولته من مسألة سياسية لدي تلك الجماعات إلي مسألة اجتماعية!!
الخاطرة الثانية:
أسمح لنفسى -وأرجو التماس العذر لصراحتى- بأن أعيب علي بعض الذين ينخرطون فى الجهد العام السياسي والثوري: إنهم يحصرون أنفسهم فقط فى مسائل سياسية ومن منطلقهم فقط! رجاء يا إخوانى وسعوا اهتماماتكم ومطالعاتكم، اقرأوا شعرًا وروايات، استمعوا إلى موسيقى وشاهدوا أهم فنون المسرح والسينما والتليفزيون ومعارض الرسم والنحت.
لا تكتفوا بسياسة اليوم، ولكن أوصلوها وأصلوها بسياسة الأمس، أى التاريخ... وهكذا.
صدقونى، سيفيدكم ذلك، حتى فى العمل والتعامل المتعلقين بما هو سياسى مباشرة لديكم.
الخاطرة الثالثة:
سيكون نهار وأنهار، ويكون خير كثير، لأن الله هو الحق والعدل، ولأن الإنسان يحمل طيبة كبيرة وإصرارًا على التطوير والوصول إلى ما «يعدل المايل».. رغم شرور تحيق وأخطار تحدق تظل الحياة ملحمة مميزة زاخرة تستحق، ويظل الإنسان كائنًا وكيانًا ووجدانًا جميلًا، جديرًا بأن يسعد كثيرًا، ويرضى، ولسوف يرضى أكثر من كل ما كان ومضى.
الخاطرة الرابعة:
«ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة».. هذا هو جوهر الإسلام.. تؤكد هذه الآية الكريمة الحديث الرائع المدهش «اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا.. واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا»، ليس هناك أجمل وأبلغ من ذلك على الإطلاق.
الخاطرة الخامسة:
مشكلة البعض فى الخبث والعرض، ومشكلة البعض الآخر فى الجهل والسذاجة، البعض الأخير يمكن أن نحاورهم ونحصل علي نتيجة، والبعض الأول مستحيل!
الخاطرة السادسة:
سيظل صوت المرأة ثورة حقيقية، ولسوف تنتصر لنا كل ثورة حقيقية.
الخاطرة السابعة:
إن لم يكن المبدعون والفنانون الحقيقيون، والبشر الذين داخلهم فنان حتى لو كانوا لا يمارسون الفنون، يستحقون محبتنا، فمن يستحق المحبة إذن!؟
الخاطرة الثامنة:
كم من وجوه مبتسمة
لأنها مقاومة
ببسالة وعزم
للحزن والألم.
الخاطرة التاسعة:
الحياة ملحمة فيها كل الأشياء وكل الصنوف من البشر، من الأجمل والأنبل إلى الأحط والأخبث، وكل ما بينهما من درجات! كانت هكذا وستظل، المهم أن يتسلح النبل، ويخوض معركته بأقصى ما يمكنه: من (دهاء خير).
الخاطرة العاشرة:
إن الفجر لمن صلاه.
يا رب.. املأ قلوبنا خيرًا وبركات، وحياتنا نورًا ورضا، وعفوًا وعافية، وتيسيرًا لكل أمر، وارزقنا من حيث لا نحتسب.
اللهم استجب.