الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"الشائعات" سلاح قديم لهدم الدول.. خبراء: زادت بعد ثورة 25 يناير بفعل اللجان الإلكترونية.. وتنتشر في زمن الاستقطابات السياسية.. و"فيس بوك" و"تويتر" في قفص الاتهام

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على الرغم من أن المصريين يؤمنون بالمثل الشعبي القائل "مفيش دخان من غير نار"، إلا أنهم يتناسون هذا المثل في حال الشائعات، التى ينتهي بها الحال إلى سراب لا صحة لوجودها، ومع تطور استخدام الشبكة العنكبوتية وزيادة عدد مواقع التواصل الاجتماعي خلال السنوات الأخيرة، ازدادت أيضًا الشائعات في الانتشار، فنشر الإشاعة لا يتطلب عناءً كثيرًا، فقط الضغط على زر الكيبورد.

وخلال السنوات التي تلت قيام ثورة 25 يناير لم يسلم المجتمع المصري من الشائعات، بعدما أصبحت سلعة سهلة التداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي تجد طريقها إلى عقول الكثير من المواطنين الذين ينشرونها على أنها حقائق مسلم بها، الأمر الذي جعل المؤسسات الرسمية بالدولة إلى نفيها، والتأكيد على أنها تدخل ضمن إطار الحرب الممنهجة على مؤسسات الدولة أو ضمن الوسائل التي تستخدم لأغراض سياسية وأحيانا ما تستخدم على أنها خطأ في التداول.

قبل عدة ساعات تم تداول شائعة في صورة تسجيل صوتي للعقيد أحمد المنسي، قائد الكتيبة 103، الذي اغتالته أيادي الإرهاب خلال الهجمة الغادرة التي استهدفت عناصر الجيش المصري برفح، ما دعا العقيد تامر الرفاعي المتحدث الرسمي للجيش المصري إلى نفي ذلك التسجيل الذي رسخ في عقول الكثير من المصريين على أنه حقيقة مسلم بها دون التيقن من مصدر ذلك التسجيل، كما ظهرت مؤخرًا شائعة تعد الرابعة من نوعها حول وفاة رئيس مجلس الوزراء الأسبق الدكتور كمال الجنزوري الذي يبلغ من العمر 84 عامًا ليخرج وينفي تلك الشائعات.

وفى السياق، قال الدكتور أيمن ندا، أستاذ الرأي العام بكلية الإعلام جامعة القاهرة: إن نشر وتداول الأخبار الكاذبة أمر لا نجده منتشرًا في المجتمعات أو الدول التي يوجد بها شفافية في تبادل وتوضيح المعلومات للرأي العام بشفافية، مؤكدًا أن الأخبار الكاذبة يتم تداولها في الدول النامية بصورة كبيرة؛ نظرًا لأن تلك الدول لا يوجد بها شفافية واضحة ويوجد لديها حجب للمعلومات.
وأكد "ندا" أن نشر الأخبار السلبية أمر يعود إلى أن مثل تلك الأخبار تشكل عامل جذب لدى أي شخص، ولهذا فهي تعد قيمة إخبارية يتم التعامل معها داخل وسائل الإعلام، ويظهر هذا عبر وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا، مشيرًا إلى أن حل مشكلة تداول الشائعات يكون من خلال المهنية وحرية تداول المعلومات.

وأوضح الدكتور عبدالحميد زيد، أن الشائعة رسالة مجهولة المصدر تزداد وتنتشر بالمجتمعات ولكن سرعة انتشار الشائعة متوقف على أهمية الموضوع بجانب الغموض الذي يحاط بالحدث أو الواقعة، فكلما كان الموضوع مهمًا وهناك غموض ونقص في المعلومات كلما زاد انتشار الشائعة في السرعة، لكن الشائعة تستخدم من فترات طويلة لأن المجتمع مستقطب وهناك قوى كثيرة متنافرة للتأثير على نفسية المواطن أو استغلال حدث فقلب الحقائق أحد أغراض الشائعات؛ لكي يفهم الناس بأن الوضع متأزم، وهناك عدم تواصل بين القوات المسلحة على سبيل المثال، فالقوى المناهضة لدور الدولة تستغل الشائعة أو الغموض الخاص بالحالة أو الخبر لكي تحقق أغراضا معينة.
وأضاف زيد: "في المجتمعات التي يكون بها استقطاب وفترات التحول السياسي السريع وحينما يكون المجتمع به درجة الوعي والتعليم منخفضة، وحينما يكون هناك إعلام غير مهني وغير متخصص ولا يدحض الشائعات الإعلام أصبح إعلامًا خاصًا، وتخلى عن الرسالة ويلهث وراء تحقيق الأرباح، فالإعلام يروج لخبراء ليسوا خبراء، ويعطي أطراف الأمانة دون أن يكونوا أمناء، وهو ما يسبب حالة من اللغط الإعلامي ليتسبب هذا في نشر الشائعات في النهاية يجب على مؤسسات الدولة أن تقدم الشفافية للمعلومات وشرح المشكلات بشكل مفصل حتى لا يلجأ الأشخاص لتصديق الشائعات".

وعن أسباب انتشار الشائعات، قال سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع، أن الشائعة تنتقل من شخص إلى آخر، وأنها لا تحمل فكرة جديدة أو معلومة مفيدة، بل هي تتناول أخبارا ومعلومات عن موضوع أو أشخاص أو موقف ما دون إسناد، وسواء كانت معلومات صحيحة أو غير صحيحة أو مفبركة، فهي في جميع الحالات لابد لها وأن تحتوي على جانب غامض، وظيفته إثارة الجدال والتساؤل والنقاش وإثارة البلبلة حول موضوعها.
وأضاف "صادق" أن الشائعات ليست ظاهرة مستحدثة ولا جديدة على مجتمعنا، بل إنها من قديم الأذل وهي موجودة، ولكن زادت الفترة الأخيرة بسبب انتشار مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك وتويتر، وأيضا وجود مواقع بير السلم، على حد تعبيره، والتي تهدف إلى إثارة البلبلة ونشر الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار أحيانًا.

وقال الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة: إن من يقومون بترويج الشائعات إما أن يكون عدوا واعيا، ويعرف ماذا يفعل وماذا يقصد بترويج هذه الشائعات والاستفادة من وراء ترويجها سواء منفعة عامة أو خاصة، وإما أن يكون صديقا جاهلا، روج هذه الشائعة بحسن نية، أو أن يكون مروج الشائعة صاحب مصلحة بحيث يستفيد من ترويجها.
وعلق "فرويز" على إشاعة وفاة الدكتور كمال الجنزوري الأخيرة قائلًا: "تم إشاعة خبر وفات الجنزوري أكثر من 5 مرات، وهي تسمى شائعة غائصة، بمعنى أنها تطفو لفترة وتغوص فترة أخرى، ومن يطلقونها أشخاص معينون، بحيث يحاولون توصيل رسالة معينة عن فترة وجوده في الحكومة، وخير دليل على ذلك عند وجود خبر إشاعة وفاته تجد طائفة كبيرة من الشعب حزينة عليه".