الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الذهب الأبيض في اليوم الأسود

القطن- صورة أرشيفية
القطن- صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
القطن المصرى «طويل التيلة»، كلمة تربينا عليها وسمعنا عنها الكثير فى مناهجنا الدراسية باعتباره أفضل أنواع القطن فى العالم والأكثر طلبًا فى الدول الصناعية الكبرى، حيث يعتبر القطن المصرى من السلع القيمة والمتميزة والتى لعبت دورا مهما وحيويا فى التاريخ الاقتصادى والاجتماعى والسياسى فى مصر خلال القرنين الماضيين، وساعد المناخ المصرى الفريد والتربة الخصبة المثالية للزراعة على انتشار زراعة القطن فى الأراضى المصرية. 
بدأت زراعة القطن فى مصر مع رجل فرنسى قام بزراعة بذرة قطن وأنتجت ثلاث بالات طويلة من الذهب الأبيض والتى بيعت بسعر مرتفع جدا فى فرنسا، ونتيجة لذلك اكتشف حاكم مصر فى ذاك الوقت محمد على باشا أن المناخ فى مصر مناسب للزراعة فضلا عن تواجد بذور القطن الممتازة التى ستعطى قطنا مصريا فاخرا.
ومع انتشار مساحة الرقعة الزراعية فى مصر ودخول عدد من الزراعات الجديدة والتى كان من أهمها القطن وخاصة طويل التيلة منه، والتى اشتهرت به مصر بعد ذلك، أنشأ محمد على باشا كلية الزراعة بشبرا لدراسة العلوم الزراعية والتى كان هدفها تعليم الطلاب التطبيقات الزراعية الحديثة واستحداث أساليب موحدة لزراعة القطن فى جميع أنحاء المحافظات. وزادت أهمية القطن فى مصر بعد الانتهاء من حفر قناة السويس مما ساهم فى عبور الكثير من السفن بين أوروبا وآسيا وغيرها دون الحاجة للإبحار فى القارة الإفريقية العظمى مما ساهم فى زيادة حجم النشاط التجارى للقطن المصري، ومع الطلب المتزايد على القطن المصرى تم التوسع فى زراعته لتلبية متطلبات مصانع الغزل والنسيج فى أوروبا. 
ومنذ أوائل القرن التاسع عشر وحتى وقت قريب تمتع القطن المصرى بخواص زراعية وصناعية تجعله دائما عنوانا للجودة والفخامة، ولكن مؤخرًأ بدأ القطن المصرى فى التراجع عالميًا مع وجود منافسين له فى عدة دول مما أدى إلى انهيار زراعة القطن وانهيار صناعة الغزل والنسيج فى مصر. وهو الملف الذى تفتحه «البوابة» لمحاولة الوقوف على الأسباب الرئيسية للأزمة ومحاولة معالجتها فى السطور القادمة..

الأزمة تهدد 10 آلاف مؤسسة
«الزراعة»: لا نستطيع إجبار الفلاحين على زراعة القطن
غرفة النسيج: التهريب وعدم توافر الغزول أدى لتوقف 90
مصنع جمعية الأقطان: ننتج ٦٥٠ ألف قنطار.. والمغازل تحتاج ٥ ملايين
أكد الدكتور حامد عبدالدايم، المتحدث الرسمى لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، أنه كان من المقرر زراعة ٢٥٠ ألف فدان قطن هذا العام، بينما تم زراعة ٢٠٠ ألف فدان قطن فقط بسبب عدم الإعلان عن أسعار الأقطان للمزارعين، خاصة وأنه من المتوقع ارتفاع أسعار الأقطان هذا العام نتيجة الإقبال على القطن المصرى طويل التيلة وكذلك احتياجات المغازل المحلية من الأقطان الطويلة والقصيرة.
وقال عبدالدايم لـ«البوابة»: إن الوزارة لا تستطيع إجبار المزارعين على زراعة القطن دون الحصول على سعر مربح أو مجزٍ وزيادة المساحات لسد احتياجات المغازل المحلية، مشيرا إلى أن وزارة الزراعة ليس لديها مانع لزيادة مساحات القطن من أجل الصناعة المحلية والوصول بالمحصول إلى أعلى جودة، وأن الوزارة أعدت كميات تقاوى هذا العام لزراعة ٢٥٠ ألف فدان ولم يتم زراعة سوى ٢٠٠ ألف فدان فقط.
وأضاف أن الوزارة تستهدف العام القادم زراعة مساحات أكثر نتيجة ارتفاع المساحات المزروعة بأقطان الإكثار، وزيادة كميات البذور لزيادة المساحات المزروعة لكفاية الصناعة المحلية من الغزول، مشيرا إلى أن المزارعين يسعون كغيرهم للربح والحصول على أعلى الأسعار من زراعتهم.
من جانبه، قال المهندس وليد السعدنى رئيس الجمعية العامة للأقطان إن مصر لديها شركات غزول فى المناطق الحرة، استيعابها يبلغ أكثر من مليون قنطار قطن طويل وفائق الطول لإنتاج غزول رفيعة، مؤكدا أن هناك ٨ مغازل تحصل على هذه الأقطان، فى الوقت الذى يبلغ إنتاج مصر ٦٥٠ ألف طن فقط لا تكفى المغازل المحلية.
وأضاف السعدنى لـ «البوابة»، أننا نستهلك فى المغازل المحلية جميعها ٥ ملايين قنطار سواء أكانت غزولا أو قطن شعر يتم غزله، مشيرا إلى أن القطن طويل التيلة من السهل تسويقه عن القطن قصير التيلة الذى لا يجود فى الأراضى المصرية، ومن الممكن زراعة القطن قصير التيلة فى الأراضى الجديدة للمغازل المحلية بدلا من الاستيراد من الخارج، حيث إن القطن الخارجى مدعوم من بلد المنشأ لمزارعينهم واستخدامه فى المغازل المصرية يدعم المنتج الأجنبى.
وطالب «السعدني» وزارة الزراعة بزراعة الأقطان القصيرة فى الأراضى الجديدة لسد الفجوة الاستيرادية من الخارج لأقطان سيئة على حساب الأقطان المصرية ذات الجودة العالية، ومن الممكن زراعة أقطان الأراضى الجديدة فى أراضى المليون ونصف فدان التى من الممكن أن تعطى أقطانا رخيصة الثمن يتم زراعتها بتكنولوجيا عالية لتنافس الأقطان المستوردة وتقلل من التكلفة لأكثر من ٥٠٪ .
وأوضح أن الزراعة اليدوية للأقطان مكلفة، مطالبا بتخصيص قطعة أرض لجمعية الأقطان لتخوض تجربة زراعة الأقطان قصيرة التيلة بعملية ميكنة كاملة لتخوض التجربة بـ١٠ آلاف فدان فى مشروع المليون ونصف المليون فدان.
على جانب آخر أكد محمد المرشدى، رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات، أن التهريب وعدم توافر الغزول القطنية أدى إلى توقف ٩٠٠ مصنع وتعثر ما يقرب من ٢٥٠ مصنعًا فى منطقتى المحلة وشبرا الخيمة، وهو ما دفع الغرفة إلى رفع توصياتها لوزير الصناعة بالتركيز على الحد من عملية التهريب التى ستؤدى إلى انقراض صناعة الغزل والنسيج فى مصر، مؤكدًا أن قرارات الوزارة التى تم إعلانها بالنسبة لهذه الصناعة سيتم تنفيذها.
وقال «المرشدي» إن قرارات صناعة الغزل والنسيج خلال الفترة الماضية أدت إلى إعادة تشغيل ٥٠٪ من المصانع المتوقفة، وأن الغرفة طالبت خلال اللجنة المُشكَّلة بوضع هذه القرارات، فرض الرقابة النوعية على الغزول المصبوغة والملونة وجميع أنواع المنسوجات وتطبيق المواصفات القياسية على واردات الغزول من منسوجات وملابس جاهزة ومفروشات وغيرها من الصناعات لحماية المستهلك من حيث السلامة الصحية.
وأعرب «المرشدي» عن قلقه بشأن أزمة ارتفاع أسعار الغزول واستمرار هذا الارتفاع خلال الفترة المقبلة والتى من المتوقع أن تبقى لمدة أشهر، مما يزيد من ارتفاع أسعار الملابس فى الفترة المقبلة، بالإضافة إلى زيادة عدد المصانع المهددة بالإغلاق؛ نظرًا لاستمرار نزيف خسائرها الفادحة وزيادة إعلان حالات الإفلاس بين رجال الصناعة النسيجية. وأضاف أن الأزمة بدأت تظهر على سوق الملابس بعد أن ارتفعت أسعار الغزول بنسبة ١٥٠ ٪ خلال الفترة الماضية وهو ما تسبَّب بدوره فى ارتفاع سعر تكلفة الإنتاج وأضعف قدرة المستهلك على الشراء، ومن الممكن أن تتراوح زيادة أسعار الملابس الجاهزة ما بين ٨٠ إلى ١٠٠٪، لأنه لا يمكن التحكم فى أسعار الأقطان عالميًّا.
وأشار «المرشدي» إلى أننا محكومون بالسعر العالمي؛ خاصة أننا نعمل طبقًا لتجارة حرة وآليات السوق العالمية، وارتفاع الأسعار ليس سببه مصانع النسيج المصرية وإنما هى عوامل خارجة عن إرادة الحكومة والصنّاع بسبب ارتفاع أسعار الغزول والقطن عالميا.
وأكد المرشدى أن زراعة القطن فى مصر انخفضت بشدة مما أثَّر فى إنتاج مصانع الغزل والنسيج، حيث انخفضت المساحة المزروعة بالقطن بحسب إحدى الدراسات بنسبة قدرها ١١.٤٪ وهذا يدل على مدى انحسار المساحة المزروعة من القطن. 
مشيرا إلى أن أكثر من ثلثى مصنعى المنسوجات يستخدمون القطن قصير التيلة والذى يتم استيراده من الخارج؛ لأن زراعته غير متوافرة فى مصر، بينما نزرع القطن طويل التيلة ونصدّره لدول كبرى وهو ما يضر بمصلحة المصانع التى ترتبط بعقود مع أسواق خارجية والتى يمكنها أن تتعثر فى الوفاء بها.
واختتم «المرشدي» تصريحاته بأن صناعة النسيج والملابس من أعرق وأهم الصناعات التحويلية وتعمل بها أكثر من ١٠ آلاف مؤسسة صناعية وتصل استثماراتها إلى ٥٠ مليار جنيه، ويعمل بها رُبع القوى الصناعية العاملة، حيث يصل عدد العاملين بها إلى أكثر من مليون فرد بطريقة مباشرة وغير مباشرة وتساهم بنحو ٣٥٪ من ناتج قطاع الصناعات التحويلية ويجب أن يتم الاهتمام بها واتخاذ قرارات سريعة وفعَّالة لاستمرار هذا القطاع الضخم فى الصناعة الذى تميزت به مصر على مستوى العالم.

«كفر هلال» تستغيث بـ «السيسي».. مصانع القرية تشكو الإهمال والكساد.. وتطالب بتجربة «دمياط للأثاث».. وارتفاع أسعار المواد الخام يدمّر صناعة الغزل والنسيج بالمنوفية.. ومستثمر: نساعد فى القضاء علي البطالة.. ونعمل «ورديتين»
«كفر هلال» إحدى قرى مركز بركة السبع بمحافظة المنوفية، والتى حُفر اسمها فى سجل التاريخ ضمن القرى الأكثر شهرة فى عالم الغزل والنسيج على مستوى العالم، حيث تحتوى على أكثر من ٣٠٠ مصنع للمنسوجات، بخلاف المنازل التى تعد مصانع مصغرة، فلا يوجد منزل إلا وبه من يعمل فى صناعة المنسوجات، إلا أنه بمرور الوقت سقطت تلك المصانع بسبب جشع التجار والمستوردين، بعد أن عانت تلك المصانع من الإهمال، بسبب عدم توفير الدعم اللازم لهذه الصناعة الاستراتيجية مما جعلها فريسة سهلة تحت أنياب المنتج الأجنبى.
أسامة عامر، صاحب مصنع، والذى أشار إلى أن صناعة الغزل والنسيج كانت منتعشة بشكل كبير قبل ثورة يناير وكانت تلقى الدعم والاهتمام فى الماضى، حيث زارها الرئيس السابق السادات، والرئيس حسنى مبارك.
وتابع، أن ارتفاع أسعار الدولار بشكل كبير تسبب فى كساد سوق الغزل والنسيج، وبالتالى قلة العرض من العمالة المصرية المدربة والمؤهلة للعمل بالصناعة وخاصة الفنيين الذين بحثوا عن بدائل لتوفير احتياجات أسرهم.من جانبه قال سيد رضا، صاحب أحد المصانع، إن ارتفاع أسعار المواد الخام بالسوق أثر بشكل كبير على الإنتاج فى ظل عدم وجود رقابة على الأسعار، مشيرا إلى أن صناعة النسيج بالقرية بدأت عام ١٩٧٩ وكان الإنتاج والعمل يدويا على أنوال داخل كل منزل وبعدها بفترة تم استيراد «مكن مكوك» إنجليزى من إيطاليا، ومنذ ذلك الوقت بدأت الصناعة فى الازدهار.
وأضاف، أن قرية كفر هلال كانت من أولى القرى التى انعدمت نسبة البطالة بها، لافتا إلى أن هناك نحو ٥ آلاف من أبناء القرية يعملون بمصانعها إلى جانب العمالة التى تأتى من محافظة الغربية، حيث يتم تشغيل المصانع نحو ١٦ ساعة على ورديتين، ولكن الآن بدأت الصناعة فى الانحدار بسبب ارتفاع الأسعار بشكل كبير.
وأكد محمد السيد، صاحب مصنع، أن من ضمن الأزمات التى تسببت فى خسائر كبرى هى قلة المواد الخام، وبالتالى قلة الإنتاج مما تسبب فى عدم قدرتنا على تسديد أجور العمال. 
فى الوقت ذاته وجه أهالى كفر هلال رسالة استغاثة للرئيس عبدالفتاح السيسى بزيارة القرية والاهتمام بها وأن ينظر إليهم والعمل على الارتقاء بصناعة الغزل والنسيج التى من شأنها النهوض بمصر والقضاء على البطالة، مثلما حدث فى دمياط عندما أمر بإنشاء مدينة للأثاث.
على جانب آخر، تحتوى محافظة المنوفية على مصنع للغزل والنسيج بمدينة شبين الكوم، والذى نجح خلال الفترة الماضية فى تخطى الصعاب، وتمكن من إنتاج ثلاثة منتجات جديدة بهدف التصدير للسوق العالمية، تمثلت فى خيوط مبتكرة لم تنتجها الشركة من قبل، بل إن أحد هذه الخيوط تتفرد الشركة بتصنيعه لتكون هى الوحيدة فى جمهورية مصر العربية التى تنتج هذا الخيط.
وأشار المهندس شوقى الصياد، المفوض العام للشركة، إلى أن الشركة استطاعت أن تزيد صادراتها للخارج، بجانب زيادة حصتها المباعة فى السوق المحلية، مشيرا إلى أن إدارة البيع المحلى بالتعاون مع قطاع الرقابة الفنية قامت بإنتاج خيط جديد سيتم طرحه بالسوق المحلية وتصنيعه لأول مرة فى تاريخ الشركة بخلطة جديدة وهو خيط ٢٨/٢ هاى بلك ٨٠٪ صوف طبيعى، ٢٠٪ أكريلك صوفى لتكون شركة غزل شبين هى الشركة الوحيدة من شركات القطاع العام التى تنتج هذا الخيط بتلك الخلطة.

أبعاد المشكلة.. وروشتة الحل
التهريب والتغيرات السياسية يهددان «نسيج مصر»
إغلاق ٦٢٠ مصنعًا في شبرا الخيمة.. والعشرات في المحلة بعد ٢٥ يناير 
«قابيل»: الوزارة تستهدف طرق أبواب الأسواق الإفريقية.. والمنتج المصرى قادر على منافسة العالمي
«قاسم»: تهريب الغزول والأقمشة يضرب الاقتصاد فى مقتل
لا شك أن تطوير قطاع صناعة الغزل والنسيج فى مصر، يعد من أهم محاور التنمية الاقتصادية، فى ضوء الاستراتيجية التى أطلقتها وزارة التجارة والصناعة، لتعزيز التنمية الصناعية والتجارة الخارجية بحلول عام ٢٠٢٠.
الوزارة بالفعل بدأت السعى بالفعل لتحقيق هذا الهدف، من خلال التنسيق والتعاون مع الاتحاد الدولى لمصنعى النسيج، لإنشاء سلاسل توريد خاصة بصناعة النسيج، بما يسهم فى رفع كفاءة الصناعة الوطنية وتحسين قدرتها التنافسية، فى ضوء إسهامها فى توفير فرص عمل وزيادة الصادرات المصرية للأسواق الخارجية حسبما يقول المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة، لافتا إلى أن الوزارة تستهدف حاليا طرق أبواب الأسواق الإفريقية، والحصول على ثقة المستهلك الإفريقى فى منتجات الغزل والنسيج المصنعة فى مصر، واصفا المنتج المصرى بأنه قادر على منافسة المنتجات العالمية المعروضة فى الأسواق الإفريقية، بفضل جودته العالية، واتفاقيات التجارة الحرة الموقعة مع عدد كبير من الدول، كذلك مع التكتلات الاقتصادية الرئيسية فى العالم بصفة عامة، وفى القارة الإفريقية بصفة خاصة.
ويؤكد قابيل، أن الحكومة تسعى لجذب المزيد من رءوس الأموال الأجنبية لصناعة النسيج فى مصر، مشيرا إلى أن الوزارة طرحت إنشاء منطقة صناعية متخصصة فى الصناعات النسيجية بمدينة بدر على مساحة مليون متر مربع، كما أنه جار العمل على إنشاء مدينة للصناعات النسيجية بصعيد مصر، مشيرا إلى أن صناعة الغزل والنسيج فى مصر، تعانى مشاكل هيكلية ضخمة، سواء فيما يتعلق بـ«المواد الخام والآلات والمعدات» أو بالقرارات الاقتصادية والسياسات الموجهة لها على المستوى القومى.
ويلفت قابيل النظر، إلى أن الحكومة تعمل على وضع خريطة جديدة لزراعة القطن تتناسب مع احتياجات الصناعة المصرية، مع العمل على استنباط أصناف وسلالات جديدة من القطن القصير ومتوسط التيلة نظرا لانخفاض تكلفتها؛ حيث إنهما يمثلان ٩٨٪ من استهلاك المصانع فى مصر، مضيفا أن هذه النوعية من الأقطان تجود زراعتها فى الوجه القبلى، وتعطى انتاجية عالية، مما يشجع الفلاح على زراعتها، كما أن تكلفته ستكون أقل على الصناع الذين سيتسلمونه من الفلاحين مباشرة. مشيرا إلى أنه سيتم توجيه مزيد من الاستثمارات لهذا القطاع، لافتا إلى أن عدد الشركات التابعة لـ«القابضة للغزل والنسيج»، يبلغ ٣٧٥ مصنعًا، فيما لم يتبق من مصانع شبرا الخيمة سوى ٤٨٠ مصنعًا فقط، من إجمالى ١١٠٠ كانت موجودة فى المدينة، لافتا إلى أن عددًا كبيرًا من مصانع الغزل والنسيج فى المحلة أغلقت أبوابها بعد ثورة يناير فى ٢٠١١.
من جهته يؤكد محمد قاسم، رئيس المجلس التصديرى للصناعات النسيجية، تأثر صادرات الغزل والنسيج فى السنوات الماضية، نتيجة عدم الاستقرار السياسى فى عدة دول منها سوريا، ومما نتج عنه توقف صادرات قطاع المنسوجات من غزل «الإكريليك» إلى السوق السورية، الذى كان يصدر له غزل «الإكريليك» بقيمة تتراوح بين ٢٠ و٣٠ مليون دولار، مضيفا أنه يستهدف خلال العام الحالى زيادة صادراته بنحو ٥ ٪ من خلال التركيز على البعثات الترويجية والمشترين الدوليين، مشيرا إلى أنه فى إطار استراتيجية وزارة التجارة والصناعة لمضاعفة الصادرات إلى السوق الإفريقية؛ فإنه سيتم التركيز على السوقين «الإثيوبية والكينية»، كما يجرى حاليا التعاون مع المكتب التجارى بإثيوبيا لتنظيم بعثة ترويجية خلال الفترة المقبلة.
ويرجع قاسم، تراجع صادرات القطاع خلال العام الماضى إلى ٧٦٤ مليون دولار، مقارنة بـ ٩١١ مليون دولار فى عام ٢٠١٥ بنسبة تراجع بلغت ١٦ ٪، إلى التغيرات السياسية فى بعض أسواق الدول مثل: «ليبيا وسوريا واليمن»، بالإضافة إلى معاناة قطاع الغزل والنسيج المصرى من مشاكل اخرى عدة، على رأسها مشكلة التهريب التى سببت للشركات المصرية خسائر فادحة على مدار الأعوام الماضية، مؤكدا أن مشكلة تهريب الغزول والأقمشة تعد من أهم أسباب تدهور صناعة الغزل فى مصر، نظرًا لأن الغزل المستورد والقماش الوارد من دول شرق آسيا وبالتحديد من «الصين والهند وماليزيا» تصل إلى السوق المصرية بأسعار تقل كثيرا عن أسعار الإنتاج المحلى، الأمر الذى يصيب الإنتاج المصرى فى مقتل، ويهدد بإغلاق مصانع وشركات مصرية، مضيفا أن هناك ٢٤٠٠ مصنع حاليًا متوقفة عن الإنتاج، فضلا عن معاناة القطاع من الضرائب الجزافية، فهناك ضريبة مبيعات بنسبة ١٨٪ من قيمة الخامات، و١٠٪ على الآلات المستوردة، و٣٠٪ رسوما جمركية، و٣٢٪ ضريبة أرباح صناعية، وضريبة إيراد عام تبدأ من ٨٪ وتصل إلى ٤٧٪، وضريبة أجور تبدأ من ٢٪ وتصل إلى ٢٢٪، وضريبة دمغة تتراوح بين ٦ فى الألف و١ فى المائة، والتأمينات الاجتماعية على الأجور ٤٠٪ منها ٢٦٪ لصاحب العمل و١٤٪ للعامل، و٨٪ ضريبة عقارية بالإضافة إلى ذلك زادت أسعار الطاقة بنسبة ١١٠٠٪ منذ عام ٨٤ وحتى الآن، وبعد تحرير سعر الصرف زادت المشكلات، نتيجة لارتفاع أسعار الغزول المستوردة وعدم توافرها، وهو ما أدى إلى توقف العديد من المصانع عن العمل.
ويرى قاسم، أن أهم الحلول التى يجب على الحكومة سرعة العمل عليها، تتمثل فى التدريب ورفع المهارات للكوادر الموجودة بالفعل، وإعداد قيادات جديدة، وإجراء تغييرات فى إدارات الشركات، وتوفير قطع الغيار والخامات ومستلزمات التشغيل، واستخدام تكنولوجيا حديثة مع تحديث وتطوير الطاقات الصالحة القائمة، مع إدماج شركات بأخرى وإعادة الهيكلة الإدارية لبعض الشركات، مشددا على ضرورة إنشاء كيان مشترك لشراء الأقطان، يصاحبه إنشاء كيان مشترك لتسويق المخزون، وبيع الأراضى الشاغرة لتوفير التمويل اللازم لإعادة هيكلة الشركات وإدماجها فى سوق العمل مرة أخرى، وضرورة إنشاء مركز معلومات بالشركة القابضة والشركات التابعة لها للربط المعلوماتى بينهم وبين مراكز المعلومات الأخرى، من خلال التنسيق مع وزارة الزراعة.

 رئيس غرفة الصناعات النسيجية: عاطف عبيد وراء تدمير صناعة النسيج.. 2500 مصنع توقف
نظام السماح المؤقت كارثة.. والمناطق الحرة الخاصة بؤرة للتهريب ولا بد من سد ثغراتها
طلبنا من مركز بحوث القطن استحداث سلالات قصيرة ومتوسطة التيلة
 لا توجد صناعة فى العالم تنمو بفائدة 20 % 
قال النائب محمد المرشدى وكيل لجنة الصناعات الصغيرة بمجلس النواب، رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات، إن صناعة النسيج فى مصر عانت منذ سنوات من إهمال متعمد، مؤكدا أن تدمير الصناعة مخطط عالمى للخروج من المنافسة العالمية لصناعة الغزل والنسيج لما تميزت به مصر فى هذه الصناعة، حيث بدأ المخطط منذ عام ٢٠٠٢ بمشاركة من المخابرات الأمريكية، بالاتفاق مع الحكومة المصرية فى عهد عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق.
وبالفعل تم اتخاذ عدد من الخطوات لخروج مصر من هذه الصناعة، وبدأت المشاكل تتفاقم منذ هذا التاريخ، وبدأنا فى استيراد القماش من الخارج لنتحول من صناع إلى «ترزيه»، وتحملنا نتيجة هذه المؤامرة معاناة حتى تخطينا هذه الكبوة وأفشلنا هذه السياسة، ولكن بعد أن سيطرت علينا عدة قرارات أدت لتحول مصر إلى بيئة طاردة للصناعة.
وأضاف «المرشدي» أن بداية الإصلاح يعود للإرادة السياسية، وإذا تحققت تلك الإرادة فى عودة قطاع الغزل والنسيج إلى سابق عهده، فإننا سنعود سريعا، حيث لدينا الإمكانيات لذلك.
وأضاف المرشدى أننا أمامنا تحدٍ لعودة النسيج فى مصر ولا حل إلا الإنتاج، ونحن مررنا بالتجربة وفتحنا الاستيراد من الخارج، وشفنا التجربة، ومصانع كثيرة أغلقت لعدم المنافسة بسبب بالإضافة إلى ما حدث من الضغط بسبب الدولار، صعوبة الحصول عليه وبيعه فى سوق موازية وسوق عادية، مما تسبب فى زيادة الواردات من الخارج، على حساب عدم التوسع فى الصناعة والإنتاج والتى تأثرت بها الصناعة المحلية.
وتابع، أن رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى قال إنه لكى يحدث إصلاح لا بد من الاهتمام بالصناعة المحلية، ولا بد من تقنين الواردات من الخارج، لترجمة هذه السياسة إلى أفعال وإجراءات قوية تساعد قطاع الغزل والنسيج إلى العودة، ونطالب بسرعة الإجراءات، لأن خطوات الإصلاح إذا تأخرت سوف تضر البلاد.
وأشار «المرشدي» إلى أنه لا بد من خلق المناخ المناسب لعمليات التطوير لزيادة الإنتاج والبيئة المحيطة للمنتج المحلى من حمايات وأمن لحماية استثماراته، بحيث لو حصل على قرض من البنك يستطيع أن يسدد ولا ينتهى به الحال للسجن، مؤكدا أن هناك حالات مماثلة حدثت لشخصيات صناعية كبيرة من قبل، وإذا حدث هذا التأمين سيحدث طفرة خطيرة فى قطاع الغزل والنسيج وتوسع كبير فى الإنتاج لنغطى الاحتياجات التى يحتاجها المواطن المحلى، ولكن لن يجدى أن ننمى الصناعة وباب التهريب متملكا من منافذ الدولة المصرية.
ولفت إلى أنه فيما يخص الإجراءات التشريعية، نحن عندنا إجراءات وقرارات وزارية لتعديل القرار رقم ١٥٣٥ لسنه ٢٠٠٢ من رئيس وزراء مصر من القواعد المنظمة للاستيراد والسماح المؤقت، مشيرا إلى أنه لا بد من سد الثغرات فى نظام السماح المؤقت بحيث تكون هناك سيطرة قوية عليه، وكذلك لا بد من السيطرة على المناطق الحرة الخاصة والعامة، لأن نظام السماح المؤقت الذى ينص على أن من حق الصانع أن يستورد مستلزمات إنتاج بقصد التطوير، وليس من حقه بيعها فى السوق المحلية، ولكن ما يحدث أنه يستورد منتجات كاملة الإنتاج ويدخلها الأسواق بطرق غير شرعية ونفس الوضع يحدث فى المناطق الحرة الحالية لأنها السبب الرئيس فى زيادة التهريب داخل البلاد.
وأكد «المرشدي» أن هناك ثغرات موجودة فى القانون الحالى، وطالما دخل المنتج الأجنبى أصبحت المنافسة غير شرعية بينه وبين المنتج المحلى، لأنه لا يسدد جمارك ولا قيمة مضافة ولا ضريبة دخل، وللأسف يدخل ليسرق المنتج المحلى ويستورد خامات غير مطابقة للمواصفات ويبيعها بأسعار أقل من المنتج المحلى، متسائلا عن مصير السوق المحلية فى هذه الحالة.
ولفت إلى أن وزير المالية، عمرو الجارحى، كان ضد استمرار المناطق الحرة الخاصة وقال إنها بؤرة من بؤر التهريب، ويعلم تماما مدى استفادة الدولة من المناطق الحرة أو الأضرار التى تقع على الدولة، ولكن مع عودة العمل بالمناطق الحرة الخاصة فى قانون الاستثمار الجديد نطالب بوضع ضوابط حاكمة وسد هذه الثغرات.
وأشار «المرشدي» إلى أننا حذرنا وزير قطاع الأعمال فى جلسة مجلس النواب بأننا سننفق مليارات على تطوير قطاع الغزل والنسيج التابع لقطاع الأعمال العام، ولكن بدون تغيير البيئة المحيطة واتخاذ الإجراءات القانونية التى تحمى الأسواق ستكون النتيجة إهدارا للأموال التى تنفق على التطوير، لأن الشركات لن تستطيع المنافسة فى ظل المناخ الحالى 
وأضاف، أننا ننادى بحل هذه المشاكل منذ عام ٢٠٠٢، وتعاقبت الحكومات وراء بعضها دون الوصول لحلول قاطعة.
وأكد «المرشدي» أن عدد المصانع التى تعمل فى قطاع الغزل والنسيج سواء كانت تابعة لشركات قطاع أعمال أو استثمارية أو خاصة تصل إلى ٥٤٠٠ مصنع مسجلة فى غرفة الصناعات النسيجية، منها ٢٥٠٠ مصنع متوقف بين التعثر الكلى والتعثر الجزئى وتعود أسباب التوقف للأسباب التى تم ذكرها.
وقال «المرشدي»: «إننا كغرفة للصناعات النسيجية ممثلون مع جميع الجهات التى تعمل فى هذا القطاع من قطاع الأعمال أو الخاص، حيث نعمل مع الدكتور أحمد مصطفى رئيس الشركة القابضة للغزل والنسيج والتى تمثل قطاع الأعمال العام، وعبدالفتاح إبراهيم ممثل اتحاد الغزل والنسيج، وأنا ممثل عن القطاع الخاص، حيث سجلنا ملاحظاتنا وطلباتنا فى ورقة واحدة للنهوض بالقطاع.
كما لفت إلى أن هناك أزمة أخرى لا بد من طرحها بلا عواطف، لأننا ما زلنا نعيش فى قضية الذهب الأبيض، وقضية التاريخ أن مصر من كبار دول العالم فى إنتاج القطن، وأن القطن المصرى من أجود أقطان العالم، ولا خلاف أن القطن المصرى به من المواصفات النسيجية التى لا يوجد منافس لها فى العالم، ولكن خلال العشرين عاما الماضية حدث تغير فى أنماط الإنتاج والسلوك البشرى، لأننا نستورد القطن لغرض إنتاج الأقمشة والملابس، ولكن حدث تغيير فى أذواق المستهلك العالمى وتحول الذوق العالمى إلى منتج «كاجوال» وهذه الموضة يستخدم فيها الأقمشة التى تصنع من القطن القصير والمتوسط، والاتحاد الدولى لمنتجى الغزل والنسيج على مستوى العالم فى تقريره ذكر أن حجم القطن القصير والمتوسط المستخدم فى العالم يمثل ٩٧.٥٪ من حجم الإنتاج العالمى، إذن استخدام القطن طويل التيلة لا يزيد على ٢.٥٪، إذن مصر فى هذه الشريحة التى أصبحت السوق العالمية لا تقبل عليها، وأصبح ينتج أقمشة بديلة منها بحكم التطوير التكنولوجى واستحداث آلات حديثة، وأصبح القطن طويل التيلة المصرى ليس له سوق عالمية. وتابع «المرشدي» إننا طالبنا مركز بحوث القطن من وزارة الزراعة باستحداث سلالات من القطن المصرى على أن تكون هذه السلالات من القطن «قصير ومتوسط التيلة» والتى تحتاجها الصناعة المحلية، والمفارقة أن مصانع النسيج المحلية تستورد هذا النوع من القطن الذى لا يتم زراعته فى مصر، لكى يستطيع أن يستمر لأن تكلفة القطن طويلة التيلة باهظة للغاية، وبالتالى لن نستطيع المنافسة به عالميا أو محليا، مؤكدا على وجود مشاورات مع وزارعة الزراعة فى التوسع الزراعى للقطن قصير ومتوسط التيلة. وأضاف أنه لدينا مصانع بأحدث التكنولوجيا العالمية والتى تستطيع أن تنافس عالميا والدليل على ذلك أننا نصدر لكبرى الأسواق العالمية مثال الأسواق «الأوروبية والأمريكية» والذى يستوعب ٩٠٪ من إجمالى حجم التصدير المصرى للخارج.
ولفت «المرشدي»،إلى أنه فيما يخص الفائدة التى وضعتها البنوك على الإيداع والإقراض، لا توجد صناعة فى العالم تنمو بفائدة ٢٠٪، لأنه فى كل دول العالم نجد أن الصناعة لها خصوصيتها وبرامجها التمويلية التى تعمل بفائدة منخفضة، وبالنسبة للتعامل مع المستثمر الأجنبى بالدولار الفائدة تتراوح ما بين ١ إلى ١.٥ ٪، ولكن بالنسبة للوضع فى مصر جعل الفائدة التمويلية تصل إلى ٢٠٪، ولكن تحرير سعر الصرف قد يؤدى إلى ثمار إيجابية للمنتج المحلى، بمعنى أن خفض قيمة الجنيه أمام الدولار يكون بمثابة تشجيع للمنتجين على زيادة الإنتاج، وخلق فرص عمل وزيادة الصادرات إلى الخارج.