الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سقوط أوهام الدولة المارقة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الاتهامات التى حددتها الدول الأربع «مصر والسعودية والإمارات والبحرين»، المقاطعة لدولة قطر، لم تكن اتهامات عشوائية، أو لتورط حكامها فى دعم الإخوان ماديا وإعلاميا فقط، إنما الأمر يذهب لأبعد من ذلك بكثير، منها تمويل كل العمليات الإرهابية التى جرت فى مصر وتجرى فى ليبيا وسوريا والعراق، فهى تحارب مع التحالف الدولى فى اليمن، وتمد الحوثيين بالتعاون مع إيران بالمال والسلاح، تحارب «داعش» فى العراق وسوريا نهارا، وتمنحهم ليلا مليارات الدولارات بألاعيب صبيانية، وتدعمهم إعلاميا بما يشير إلى تفوقهم، إلى جانب نشر ما يريدون بثه عبر قناة «الجزيرة»، فهذه الدويلة المارقة تتحالف علنا لمواجهة الإرهاب، وتقوم بتمويله والإنفاق على تسليحه عبر قنوات سرية، فضلا عن توفيرها الملاذ الآمن لقيادات التنظيمات الإرهابية.
وإذا أردنا معرفة المزيد فعلينا التوقف أمام الممارسات التى صارت معلومة للكافّة، فقد جندت الأسرة الحاكمة للإمارة الصغيرة عشرات المليارات من الدولارات، لزعزعة الاستقرار فى المنطقة العربية، لتنفيذ مخطط إسقاط الأنظمة تحت شعار التغيير، وكانت مصر المحور الأساسى فى هذا المخطط لأسباب عديدة؛ منها أن حكام قطر لديهم عقدة نفسية، مصحوبة بدوافع الانتقام والثأر من مصر، إلى جانب التزامهم بتنفيذ المهمة المحددة لهم من المخابرات الأمريكية فى إطار مخططات التقسيم وهى المخططات ذاتها التى تتوافق مع أوهام حكام قطر ومرجعياته من الإخوان.
أيضًا، الأمير القطرى ووالده الحاكم السابق وأمه الشيخة «موزة» لم ينسوا، أو يسقطوا من ذاكرتهم المريضة بالغل، محاولة مصر والمملكة العربية السعودية إعادة الشيخ خليفة آل ثانى إلى عرشه، عقب الانقلاب الذى دبره «حمد» على أبيه والاستيلاء على الحكم، بمعاونة الشيخ حمد بن جاسم، الرجل الأكثر نفوذا فى الدويلة الصغيرة، وموجه بوصلة علاقاتها الدولية ومؤامراتها الإقليمية، وهو ينتمى إلى العائلة نفسها «آل ثاني».
عقب تمكنه من السيطرة على الحكم فى منتصف تسعينيات القرن الماضى، أراد حمد بن خليفة والد تميم، أن يلعب دورا يفوق قدراته للتخلص من العقدة المترسخة داخله، أن دولته صغيرة وليس لها تأثير إقليمى أو دولى، أغراه وجود قواعد عسكرية فوق الأراضى القطرية (العديد والسيلية وهما أكبر قاعدتين لأمريكا خارج أراضيها)، فبدأ فى إهانة الدول والحكام وإثارة الفتن بلا خوف عبر أذرعه الإعلامية، كانت الأهداف محددة منذ البداية، تتلخص فى العمل على تقزيم الدول الكبيرة فى المنطقة، تمهيدا لنقل مراكز الثقل والتأثير السياسى من القلب إلى الهوامش الهشة، أو بمعنى أكثر دقة تهميش مصر على المستويين الإقليمى والدولى، طارحا نفسه ضمنيا، أنه البديل عبر استخدام الأموال الطائلة لتمويل عمليات نشر الفوضى على أراضيها، بما يجعلها دولة مرتبكة لا تستطيع النظر لأبعد من مشكلاتها الداخلية.
واشنطن التى تغسل يديها الآن من مغامرات الأسرة الحاكمة، كانت قد وجدت ضالتها قبل ذلك فى الرجل الذى صنعته وأيدت انقلابه على أبيه، لبسط المزيد من النفوذ على المنطقة، بادِّعاء التصدى لإيران، ومجابهة المد الشيعى، إلا أن الشق الغامض فى العلاقة بينهما، هو تنفيذ الأجندة الصهيوأمريكية، لتفتيت المنطقة واستغلال النظام الحاكم فى قطر، للإنفاق على مشروعها الاستراتيجى. واشنطن عبر إدارتها الجديدة تريد تحسين صورتها بالتخلى عن الدول الداعمة للإرهاب، إلا أن تميم استمر ببلاهة فى الانسياق وراء أوهامه، متحديا الإرادة العربية دون حساب للعواقب الوخيمة عليه وعلى المنطقة.
أما السبب فهو أن حكام قطر لديهم أوهام التوسع الجغرافى، بالحصول على نصيب من تقسيم شبه الجزيرة العربية والاستحواذ على مملكة البحرين، أو هكذا تتوهم فى إطار تنفيذها للاستراتيجية الصهيوأمريكية المعدة سلفا، التى تتوافق فى الوقت نفسه مع أوهام دولة الخلافة، التى تداعب خيالات الرئيس التركى «أردوغان»، وهى، أيضًا، الأوهام ذاتها التى تمثل استراتيجية تنظيم الإخوان منذ تأسيسه، ونظرة عابرة لما تفعله الدوحة من توسعات وتركيز حكامها على بناء المراكز العلمية والمنشآت الرياضية، وإنفاق المليارات من الثروات الهائلة، لاستقطاب العلماء فى جميع التخصصات، خصوصا المصريين، فإن جميعها تشير إلى التطلعات -وما زالت قائمة- رغم أنها لا تتناسب مع حجم الدولة.
تضمنت المهمة القطرية لتنفيذ أهدافها لتوسيع دوائر نفوذها السياسي، مشروعين لنشر الفوضى، بما تيح الفرصة لتحويل بعض البلدان العربية إلى دول فاشلة، ويمهد للسيطرة عليها، المشروع الأول أطلق عليه مشروع «النهضة»، ويديره الإخوانى القطرى الدكتور جاسم سلطان، أما الثانى فهو «أكاديمية التغيير»، وأوكلت مهام إدارة الأكاديمية فى العاصمة البريطانية لندن إلى طبيب أطفال مغمور اسمه «هشام مرسى» زوج ابنة يوسف القرضاوى.
أما مشروع النهضة الممول من قطر، فيعمل على تفتيت ثوابت الأنظمة العربية، بالحشد ضدها والتنفير من سياساتها، وهو المشروع الذى رفعه القيادى الإخوانى خيرت الشاطر شعارا وبرنامجا لجماعته، ولم يكن صدفة أن يتأسس فى نفس العام حزب إخوانى يحمل اسم «النهضة» فى تونس، ولم يكن صدفة، أيضًا أن يطلق على سد الألفية فى إثيوبيا اسم «سد النهضة»، خصوصا إذا علمنا حجم الدعم القطرى لإثيوبيا، وحجم الوجود الإسرائيلى فيها بهدف حصار مصر.
كما أسست الدوحة بأموال الشعب القطرى مركزا فى بريطانيا أطلقت عليه اسم «أكاديمية التغيير».. ما هى تلك الأكاديمية، وما دورها فى نشر الفوضى ودعم التنظيمات الإرهابية؟
الأكاديمية تأسست عام ٢٠٠٦، أى نفس العام الذى عقدت فيه الدوحة بالاتفاق مع الخارجية الأمريكية ما أطلق عليه منتدى «مستقبل التغيير»، هدف الأكاديمية تحريض الشعوب على تغيير أنظمة الحكم العربية من خلال تدريب كوادر وتمويل منظمات المجتمع المدنى والنشطاء.
هذه الأكاديمية هى أبرز أدوات المشروع القطرى لإحداث الاضطرابات، وإسقاط الأنظمة العربية، ولديها فرع فى الدوحة، يدير مركزها الرئيسى بلندن واحدًا من أهل الثقة اسمه هشام مرسى، يعمل طبيب أطفال ويحمل الجنسية البريطانية، ورغم أنه شاب مغمور على المستويين السياسى والمهنى، فإنه يكتسب قوة هائلة داخل التنظيم الإرهابى، لأنه زوج ابنة يوسف القرضاوى.
بالمناسبة هذا الشاب حضر إلى القاهرة قبل إطلاق الدعوة للتظاهر فى ٢٥ يناير، للإشراف على تنفيذ الخطط التى تدرب عليها مئات الشباب، وقد ألقى القبض عليه بمعرفة أجهزة الأمن المصرية ليلة ٣١ يناير ٢٠١١، وتم إطلاق سراحه بضغوط بريطانية.