الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

المنسيون من جوائز الدولة.. إبداعات تفضح الشللية والقمع السياسي

أبرزهم نجم ودنقل والطاهر عبدالله..

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعتمد آلية اختيار الفائزين بجوائز الدولة على المسيرة الإبداعية التي أنجزها المبدع تقديرا لمجهوداته، التي تبدأ بالتفوق تليها التقديرية فجائزة النيل أرفع الجوائز الأدبية في مصر، بينما تأتي جائزة الدولة التشجيعية لتختلف آليات اختيارها عن ذلك بكثير فيقدم الأديب الشاب عمله ليدخل لجنة تحكيم؛ ثم تمنح الجائزة بناء على تقييم الأعمال وليست على مسيرة مبدعيها.


وفي صيف كل عام تترقب الأوساط الثقافية في مصر الإعلان عن أسماء الفائزين ليفرح من يفرح، لكن يظل التساؤل في النهاية يدور حول الفائز فهل لا يوجد أحد غيره يستحق الجائزة؛ وفي تاريخ الإبداع المصري ما يجيب عن هذا التساؤل فهناك أسماء بارزة في الإبداع الأدبي لم تحظ بنيل أي من جوائز الدولة رغم تفردهم العالمي باعتراف الجميع؛ بل إنهم أكثر نبوغا من كثيرين حصدوا تلك الجوائز؛ ما يثبت أن جوائز الدولة وحدها ليست معيارا في تقييم المسيرة الإبداعية للأدباء أو الفنانين، حيث يرجعها البعض لأسباب تتعلق بالتوجهات السياسية أو أسباب تتعلق بالشللية والحصص والفساد؛ وغير ذلك.
وفي هذا التقرير، تستعرض "البوابة" أسماء عدد من الأدباء البارزين الذين أثروا المكتبة العربية بأعمالهم ورحلوا دون أن ينالوا أي من جوائز الدولة طيلة حياتهم.



تعتمد آلية اختيار الفائزين بجوائز الدولة على المسيرة الإبداعية التي أنجزها المبدع تقديرا لمجهوداته تبدأ بالتفوق تليها التقديرية فجائزة النيل أرفع الجوائز الأدبية في مصر، بينما تأتي جائزة الدولة التشجيعية لتختلف آليات اختيارها عن ذلك بكثير فيقدم الأديب الشاب عمله ليدخل لجنة تحكيم؛ ثم تمنح الجائزة بناء على تقييم الأعمال وليست على مسيرة مبدعيها.
وفي صيف كل عام تترقب الأوساط الثقافية في مصر الإعلان عن أسماء الفائزين؛ ليفرح من يفرح؛ لكن يظل التساؤل في النهاية يدور حول الفائز فهل لا يوجد أحد غيره يستحق الجائزة؛ وفي تاريخ الإبداع المصري ما يجيب عن هذا التساؤل فهناك أسماء بارزة في الإبداع الأدبي لم تحظ بنيل أي من جوائز الدولة رغم تفردهم العالمي باعتراف الجميع؛ بل إنهم أكثر نبوغا من كثيرين حصدوا تلك الجوائز؛ ما يثبت أن جوائز الدولة وحدها ليست معيارا في تقييم المسيرة الإبداعية للأدباء أو الفنانين، حيث يرجعها البعض لأسباب تتعلق بالتوجهات السياسية أو أسباب تتعلق بالشللية والحصص والفساد؛ وغير ذلك.
وفي هذا التقرير، تستعرض "البوابة" أسماء عدد من الأدباء البارزين الذين أثروا المكتبة العربية بأعمالهم ورحلوا دون أن ينالوا أي من جوائز الدولة طيلة حياتهم.

أحمد فؤاد نجم:
رغم أنه منح وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى في العام 2013 عقب وفاته؛ إلا أنه طيلة حياته لم يتلق أي من جوائز الدولة، رغم أن المجموعة العربية في صندوق مكافحة الفقر التابع للأم المتحدة اختارته سفيرا للفقراء عام 2007؛ وفاز بجائزة الأمير كلاوس الهولندية، وهي من أرقى الجوائز في العالم ولكن وافته المنية قبل استلامها ببضعة أيام، وحصل على المركز الأول في استفتاء وكالة أنباء الشعر العربي إلا أن لوتاري جوائز الدولة لم يصيبه طيلة حياته.
ويعتبر نجم أحد أهم شعراء العامية في مصر وأحد ثوار الكلمة واسما بارزا في الفن والشعر العربي، ولقب بالفاجومي المصري، وبسبب ذلك سجن عدة مرات.
يترافق اسم أحمد فؤاد نجم مع ملحن ومغن شهير وهو الشيخ إمام، حيث تتلازم أشعار نجم مع غناء إمام لتعبر عن روح الاحتجاج الجماهيري الذي بدأ بعد نكسة 1967.




أمل دنقل:
عبر الشاعر أمل دنقل عن مصر وصعيدها وناسها، ونجد هذا واضحا في قصيدته "الجنوبي" في آخر مجموعة شعرية له "أوراق الغرفة 8"، حيث عرف القارئ العربي شعره من خلال ديوانه الأول "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" الصادر عام 1969 الذي جسد فيه إحساس الإنسان العربي بنكسة 1967 وأكد ارتباطه العميق بوعي القارئ ووجدانه.
مخالفا لمعظم المدارس الشعرية في الخمسينيات، استوحى أمل دنقل قصائده من رموز التراث العربي، وقد كان السائد في هذا الوقت التأثر بالميثولوجيا الغربية عامة واليونانية خاصة.
وعاصر أمل دنقل عصر أحلام العروبة والثورة المصرية مما ساهم في تشكيل نفسيته، وقد صدم ككل المصريين بانكسار مصر في عام 1967 وعبر عن صدمته في رائعته "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" ومجموعته "تعليق على ما حدث".
شاهد أمل دنقل بعينيه النصر وضياعه وصرخ مع كل من صرخوا ضد معاهدة السلام، ووقتها أطلق رائعته "لا تصالح" والتي عبر فيها عن كل ما جال بخاطر كل المصريين، ونجد أيضا تأثير تلك المعاهدة وأحداث شهر يناير عام 1977م واضحا في مجموعته "العهد الآتي". 
كان موقف أمل دنقل من عملية السلام سببا في اصطدامه في الكثير من المرات بالسلطات المصرية، وخاصة أن أشعاره كانت تقال في المظاهرات على ألسنة الآلاف؛ رجح البعض أن تكون ثوريته حالت بينه وبين جوائز الدولة طيلة مسيرته الإبداعية.


يحيى الطاهر عبد الله:
رغم أن أعماله قد ترجمت إلى الإنجليزية والإيطالية والألمانية والبولندية وتهافتتت على طباعة أعماله أكبر دور النشر في الوطن العربي إلا أن الأديب المشاكس يحيىِ الطاهر عبد الله لم ينل جوائز الدولة طيلة حياته التي لم تتعد الــ43 حيث رحل في عمر صغيره إثر حادث.
وكتب الطاهر عبدالله أولي قصصه القصيرة "محبوب الشمس" عام 1961 ثم كتب بعدها في نفس السنة "جبل الشاى الأخضر"، وفى عام 1964 انتقل يحيى إلى القاهرة وكان قد سبقه إليها صديقه عبد الرحمن الأبنودى في نهاية عام 1961 بينما انتقل أمل دنقل إلى الإسكندرية، وأقام يحيى مع الأبنودى في شقة بحى بولاق الدكرور، وفيها كتب بقية قصص مجموعته الأولى "ثلاث شجيرات تثمر برتقالا".
قدمه يوسف إدريس في مجلة الكاتب ونشر له مجموعة "محبوب الشمس" بعد أن قابله واستمع إليه في مقهى ريش، وقدمه أيضا عبد الفتاح الجمل في الملحق الأدبي بجريدة المساء مما ساعد على ظهور نجمه كواحد من أبرز كتاب القصة القصيرة، وكتب يحيى الطاهر بعض القصص لمجلة الأطفال سمير.



عبد الحكيم قاسم:
يعتبر عبد الحكيم قاسم واحدا من أهم كتاب جيل الستينيات بدأ مسيرته الأدبية في عام 1957 حيث كتب أول قصة له بعنوان "العصا الصغيرة" واشترك بها في مسابقة نادى القصة بالقاهرة لكنها رُفضت.
بدأ الكتابة الأدبية خلال فترة السجن حيث كتب روايته "أيام الإنسان السبعة" والتى صدرت في عام 1969 عن دار الكتاب العربي والتى ترجمت إلى الإنجليزية في عام 1989، ونُشرت أولى قصصه "الصندوق" في مجلة الآداب البيروتية عام 1965 ثم تتابع النشر بعد ذلك في مجلة "المجلة القاهرية" التي كان يشرف عليها الأديب يحيى حقي في منتصف الستينيات من القرن الماضي، وصدرت له روايته "محاولة للخروج" في عام 1978، وصدرت له مجموعته القصصية "الأشواق والأسى" والتى ضمت تسع قصص في عام 1984، كما صدر له في كتاب الهلال حكايات للأطفال بعنوان "الصغيران وأفراخ اليمامة" في عام 1990م، كما صدرت مجموعته القصصية "ديوان الملحقات" في سلسلة مختارات فصول.
وصدر بعد رحيله في عام 1991م كتابه "الديوان الأخير" عن دار شرقيات، الذى ضم 17 قصة قصيرة، وعدة فصول من روايته التى لم تكتمل "كفر سيدي سليم" والمسرحية الوحيدة التى كتبها لإذاعة البرنامج الثاني عام 1988م "ليل وفانوس ورجال"، وصدر له كتاب " كتابات نوبة الحراسة الحراسة -رسائل عبد الحكيم قاسم"، والذى يضم مراسلات ورسائل عبد الحكيم قاسم التى كتبها بخط يده.
سافر إلى ألمانيا سنة 1974 للمشاركة في ندوة أدبية، غير أن المقام امتد به هناك 11 سنة، عاشها في برلين المنقسمة آنذاك إلى شطرين، غربي وشرقي.
وفي برلين شرع قاسم في الإعداد لأطروحة الدكتوراه عن الأدب المصري، وتحديدا عن جيله جيل الستينيات، ذلك الجيل المتمرد على قواعد الكتابة الكلاسيكية وعلى دور الآباء مثل نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم.
كان قاسم يود أن يكتب أطروحة عن معاناة جيله وعن تفرده الإبداعي، أطروحة نقدية عن إبداع إدوار الخراط وإبراهيم أصلان وصنع الله إبراهيم وجمال الغيطاني وسعيد الكفراوي، وبسبب أوضاعه المادية الصعبة اضطر إلى العمل حارسا ليلا لكي ينفق على عائلته، إلى أن عاد إلى مصر سنة 1985.



ميخائيل رومان:
أحد أهم كتاب المسرح في تاريخ مصر، وأبرز أدباء جيل الستينيات، كان مطلعا بعمق على المسرح العالمي، قديمه وحديثه؛ وقد تجلى هذا في مسرحياته المختلفة على شكل ملامح، من دون أن يتأثر بتيار محدد، لا في الموضوعات ولا في الأشكال الفنية، ونظرا لإتقان رومان اللغة الإنجليزية، فقد ترجم الكثير من المسرحيات العالمية عن الإنجليزية لصالح الإذاعة والتليفزيون، كما بدأ بكتابة القصة القصيرة والمقالات الأدبية، لكنه اتجه كليا نحو التأليف المسرحي بدءا من عام 1959، فكتب حتى وفاته المبكرة والمفاجئة 17 مسرحية، بعضها قدمته مسارح القاهرة، وبعضها الآخر نُشر داخل وخارج مصر، إلا أن القسم الأكبر منها ما زال مجهول المصير.
ويعتبر الباحثون أن ميخائيل رومان هو من أكثر الكتاب المسرحيين إشكالية في المسرح العربي؛ فقد واجه الواقع الاجتماعي والسياسي في الستينيات بموقف حاد تمثل في التمرد والاحتجاج والرفض لكل الممارسات الرامية إلى مصادرة الحرية بكل مستوياتها، وممارسة كل أشكال القهر ضد الإنسان. ولعل ما يبرز تلك الحدة وذلك الغضب العارم في موقف رومان تجاه القهر والاستبداد بحسب عبود هو أنه ينظر إلى الحرية كمعادل للوجود الإنساني، فبتحققها تتحقق كرامة الإنسان وإنسانيته.
يركز رومان في معظم مسرحياته على شخصية البطل الفرد الذي ينتمي إلى الطبقة البرجوازية الوسطى، ويمثل دائما شخصية الرجل المثقف الذي يعاني أساليب القهر كافة في ظل أنظمة استبدادية تكاد أن تنجح بوسائلها القمعية في إلغاء هويته الفردية؛ أما على صعيد التعبير اللغوي فقد لجأ كمعظم كتّاب جيله إلى العامية المصرية بمستوياتها المختلفة، حسب طبيعة ومنطق الشخصية.