الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

استيلاء "داعش" على مخبأ بن لادن بشرق أفغانستان يدشنها كوريث لـ"القاعدة".. خسائر التنظيم في الشرق الأوسط جعلته يبحث عن أرض خصبة لأفكاره بديلة للعراق والشام

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جاء استيلاء تنظيم "داعش" الإرهابي على مخبأ زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن، فى تورا بورا شرقي أفغانستان، ورفع الإعلام الداعشية فى محيطه يوم الخميس الماضى؛ ليرسم ملامح نهاية داعش المنحسر تمددها فى الشرق الأوسط، ويدشنها كوريث للقاعدة فى عالم الإرهاب، وفقا لما توقعه جهاز المخابرات الروسى فى تقرير صدر عنه مؤخرا.
وحذر تقرير الاستخبارات الروسية من احتمالات نقل تنظيم داعش الإرهابي التكفيري لجانب من أنشطته وعملياته ومناطق تمركزه الرئيسية إلى أفغانستان، وذلك فى أعقاب الضربات التى تلقاه التنظيم فى الشرق الأوسط، وجاءت تحذيرات الاستخبارات الروسية كمحصلة لنتائج سلسلة مباحثات أجراها وزير الخارجية الروسى مع نظيره الأفغانى فى السابع من فبراير الماضى، تناولت التعاون فى مجال مكافحة الإرهاب واستتبعتها على مدار الأشهر التالية لقاءات تباحث بين مسئولى الاستخبارات والأمن فى كلا البلدين.
وتعمل روسيا على تعزيز تماسك الجبهة الداخلية للحكومة الوطنية فى أفغانستان؛ لدعم صمودها أمام أنشطة الإرهاب المسلح، وذلك من خلال حزمة من اتفاقيات التعاون الفنى والأمنى والتبادل المعلوماتى فى مجال مكافحة الإرهاب، فضلا عن اتفاقات أخرى لتدريب قوات الشرطة والجيش الأفغانى والعاملين فى الأجهزة الأمنية الأفغانية.
من جانبها.. تسعى افغانستان إلى لملمة أوضاعها الداخلية وإعادة بناء الدولة الوطنية منذ العام 2001، بعد أن مزقتها صراعات المنظمات الإرهابية المتأسلمة وفى مقدمتها حركة طالبان الإرهابية التى تتخذ من قطر مقرا وحيدا فى العالم لمكتبها السياسى وذلك برغم انتشار القوات الأمريكية للدفاع عن المصالح الغربية فى أفغانستان باعتباره بلدا اسيويا مهما، وتعمل الحكومة الأفغانية على مواجهة هجمات مقاتلى طالبان وبقايا تنظيم القاعدة على أراضيها وهى الهجمات التى أخذت فى التصاعد على مدار الأعوام الماضية برغم الضربات الأمنية وبلغت ذروتها أواخر مايو الماضى فى تفجيرات لمواقع عسكرية وأسواق فى كابول نفذتها طالبان وحلفاؤها من القاعدة.

وقد خلق هذا الوضع حالة من القلق لدى أجهزة الاستخبارات الروسية من احتمالية أن تنضم داعش برجالها وعتادها إلى عناصر طالبان والقاعدة؛ لتشكل بذلك مثلثا إرهابيا جديدا فى أفغانستان ذات الطبيعة الطبوغرافية الوعرة، ولم يكن هذا القلق الروسى وليد اللحظة بل يعود تاريخه إلى العام 2014، عندما نقلت موسكو مخاوفها تلك إلى الاستخبارات الأفغانية بينما كانت داعش فى أوج قوتها، لكن الاستخبارات الأفغانية نفت آنذاك رصدها لأية مؤشرات تدل على تحالف بين داعش والقاعدة وطالبان على الأراضى الافغانية.
و استمرت قناعة الجانب الأفغانى بهذا التصور إلى مطلع العام 2015، عندما أبدى قادة "البنتاجون" مخاوف مماثلة للمخاوف الروسية، ففى الثانى عشر من فبراير 2015 وأمام لجنة القوات المسلحة فى مجلس الشيوخ الامريكى قال الجنرال جون كومبيل قائد القوات الامريكية فى افغانستان انه لا يستبعد تحرك داعش على الساحة الافغانية كمتغير ارهابى جديد فى هذا الجزء من العالم وان يكون ذلك بمثابة النسخة المحدثة من تنظيم طالبان الارهابى، وشدد على المشرعين فى بلاده اخذ هذا الرأى على محمل الجد كتهديد خطير محتمل وقوعه وتعزز من تلك الاحتمالية حالة التقارب العقيدى والعملياتى بين داعش وطالبان والقاعدة.

و فى 17 مارس 2015، نقل نيكولاس هيسون مدير عمليات الأمم المتحدة فى افغانستان مخاوفه لمجلس الأمن الدولى حول سعى / داعش / لغرس " جذور قوية " فى افغانستان، وفى 18 ابريل من العام نفسه حمل الرئيس الافغانى اشرف غانى "داعش" مسئولية تفجيرات ارهابية اودت بحياة 33 فردا فى شرق افغانستان مؤكدا بذلك الهواجس الخاصة بتسلل داعش الى افغانستان ومؤكدا أن " الجذور القوية " التى تمت الاشارة اليها امام مجلس الأمن أضحت غرسا حقيقيا يانعا، ثم جاء استيلاء داعش على مخبأ اسامة بن لادن فى تورا بورا شرقى افغانستان ونشر الاعلام الداعشية السوداء فى محيطه ليدلل على ان التغلغل الداعشى فى افغانستان قد بات حقيقة واقعة كوريث لتنظيم القاعدة.
وفى السادس من يوليو 2016، قرر الرئيس الامريكى السابق باراك اوباما استبقاء 8400 من افراد القوات المسلحة الامريكية المقاتلين فى اأفغانستان حتى نهاية العام 2016 على ان يتم خفض هذا العدد الى 5500 عسكرى امريكى بنهاية العام 2017، وذلك لاغراض حماية المصالح الأمريكية هناك ومعاونة القوات الحكومية الافغانية على مكافحة الارهاب، ولاتزال القيادة العسكرية والأمنية فى الولايات المتحدة تعتبر افغانستان نقطة تهديد للولايات المتحدة، فمنذ انتهاء العمليات القتالية الرئيسية لقوات التحالف الدولى المناهض للارهاب فى افغانستان بقيادة الولايات المتحدة فى ديسمبر عام 2014 لقى 38 أمريكيا مصرعهم فى حوادث ارهاب واستهداف متفرقة على الأراضى الافغانية.


وفى الثامن من أكتوبر من العام 2016، شهدت افغانستان واقعة تبرهن على دخول داعش إلى افغانستان عندما نشرت وكالة " أعماق " التابعة للتنظيم صورا لاسلحة وذخائر وبطاقات عسكرية أمريكية قالت الوكالة ان مقاتلى داعش قد غنموها فى اشتباك مسلح مع جنود أمريكيين بمنطقة ننانجنهار فى افغانستان، لكن الناطق باسم وزارة الدفاع الامريكية قالت فى حينه أنه لم يتسن الى الآن التحقق من الواقعة ومن صدقية الصور التى اوردها موقع "أعماق ". 
وتود الولايات المتحدة لمكافحة تحالفا يضم 41 دولة لمكافحة ارهاب القاعدة وطالبان فى افغانستان يصل مجموع قواتها الى ستة الاف مقاتل بخلاف القوات الامريكية، اما عدد افراد القوات النظامية للجيش وقوى الأمن الافغانية فيصل الى 320 ألف فرد تعمل واشنطن وحلفاؤها على صقل قدراتهم على مواجهة الارهاب وتحقيق الأمن فى ربوع البلاد. 
ويصل عدد القوات الامريكية غير المقاتلة التى تم استبقائها فى افغانستان فى الوقت الراهن ما بين 1000 الى 3000 فرد من المدربين والمستشارين العسكريين وخبراء تخطيط العمليات الخاصة وذلك بعد أن سحبت الولايات المتحدة قواتها الرئيسية من افغانستان قبل عامين تقريبا عقب الاعلان عن انتهاء العمليات العسكرية الرئيسية ضد القاعدة هناك.
وبرغم الانسحاب الأمريكى عمد تنظيم طالبان الارهابى على تسخين مناطق التماس الحدودى بين باكستان وافغانستان فى مناطق وزير ستان والجبال البيضاء حيث معاقل بقايا القاعدة ومعسكرات التدريب، وبنت طالبان بمعاونة القاعدة تحالفات قبلية تقوم على تقاسم ملايين الدولارات من عائدات بيع الهيروين الخام مع زعماء العشائر القبلية فى مقابل تقديمهم الحماية والتسهيل والاحتضان الاجتماعى لمقاتلى طالبان والقاعدة.