الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

انتصار.. من رحم الهزيمة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد مضى قرابة نصف قرن من الزمن وبمرور الأيام شاء القدر أن تحل علينا ذكرى نكسة الخامس من يونيو «حزيران» ١٩٦٧ وذكرى انتصار الجيوش العربية وفى القلب منها الجيش المصرى فى العاشر من رمضان ١٩٧٣ فى يوم واحد، وما تحمل كل منهما من أحداث وذكريات لن ينساها من عاشها.. وعلينا أن ننقلها للأجيال الحالية حتى لا نتركه فريسة للطابور الخامس الذى يشكك فى قدرات وإمكانيات الجيوش العربية ومحاولاته الدءوبة من أجل الوقيعة بين الشعوب العربية وتلك الجيوش حتى يتم تدميرها ولا يبقى سوى جيش الكيان الصهيونى، ليبسط نفوذه على المنطقة بأكملها، فلم يمض على هزيمة يونيو ١٩٦٧ سوى أيام معدودة حتى كانت معركة رأس العش وتوجيه ضربة للقوات الإسرائيلية ونجاح القوات المصرية المحدودة فى إلحاق الخسائر الفادحة بقوات العدو الأمر الذى اضطره إلى الانسحاب، أما على الصعيد العربى فكانت معركة الكرامة بغور الأردن، حيث تلاحمت قوات الفدائيين الفلسطينيين باختلاف انتماءاتهم مع الجيش الأردنى وتصدوا ببسالة للقوات الإسرائيلية فى الأحراش وتم تدمير دباباته ما اضطر باقى القوات الإسرائيلية إلى وقف عدوانها والانسحاب بسبب الخسائر الفادحة التى لحقت بتلك القوات. لم يكن العدوان الأمريكى-الصهيونى على جيوش البلاد العربية واحتلال سيناء المصرية والجولان السورية والضفة الغربية الفلسطينية الخاضعة للإشراف الأردنى بسبب غلق خليج العقبة أو حشد القوات المصرية فى سيناء للحيلولة دون وقوع اعتداء إسرائيلى على سوريا، إنما كان مخططا معد سلفا بهدف ضرب خطط التنمية الاقتصادية التى كانت تجرى فى مصر، حيث تم تنفيذ الخطة الخمسية الأولى وشرعنا فى تنفيذ الخطة الخمسية الثانية والتى كانت ستنقل مصر نقلة كبيرة على طريق الاستقلال الاقتصادى والتخلص من التبعية، ورغم كل هذا نجحت الشعوب العربية فى تحويل النكسة التى حدثت فى ٥ يونيو ١٩٦٧ إلى انتصار عظيم فى العاشر من رمضان ١٩٧٣، حيث تمت التعبئة الكاملة ورفع شعار لا صوت يعلو على صوت المعركة وتوجيه كل الإمكانيات للمجهود الحربى، ولعبت الركيزة الاقتصادية التى تمت إقامتها خاصة شركات القطاع العام دورًا سياسيًا فى الصمود، فشركات المقاولات المصرية لعبت دورا أساسيا فى إقامة حائط الصواريخ، وسلع شركات القطاع العام كانت القوت الأساسى لقواتنا على الجبهة، أما على صعيد العمليات العسكرية فكانت عملية إغراق المدمرة إيلات فى ٢١ أكتوبر ١٩٦٧ بواسطة لنش صواريخ مصرى ضربة موجعة لقوات العدو الإسرائيلى ثم قيام القوات المصرية بتدمير تشوينات السلاح المصرى الذى جمعته إسرائيل ليبقى وسيلة ضغط نفسى لقواتنا المصرية، وشرع الجيش المصرى فى التحضير لعملية العبور فكانت البداية حرب الاستنزاف التى وصلت لحد الاشتباك اليومى بطول الجبهة وبكل أنواع الأسلحة والعبور اليومى للمجموعات العسكرية المصرية لتضرب الخطوط الخلفية للعدو الأمر الذى حول حياة الجيش الإسرائيلى المحتل إلى جحيم لا يطاق فلم يجد جيش الاحتلال الإسرائيلى سوى توجيه نيران أسلحته إلى صدور المدنيين المصريين العزل بمدن القناة والمحاولات الأمريكية من أجل وقف القتال بإيعاز من العدو الصهيونى، فكانت مبادرة روجز وزير الخارجية الأمريكى والتى قبلناها ليس بسبب ضعف إنما كمناورة لبناء حائط الصواريخ الذى كان له الفضل فى ضرب التفوق لسلاح الجو الإسرائيلى وكان له الفضل فى إسقاط طائرات الفانتوم الأمريكية كالعصافير، إنها بحق ملحمة كبيرة أظهرت للعالم عبقرية الجيش المصرى والذى يحسد فى اختراع مدفع المياه الذى نجح فى فتح أكثر من سعبين ثغرة فى خط بارليف فى أقل من ثمانى ساعات وصاحبها اللواء باقى زكى يوسف، والخلطة السحرية لغلق أنابيب النابلم وبروفة العبور «الجنرال» يوم ١٠ يوليو ١٩٦٩ بالهجوم على النقطة الحصينة فى لسان بورتوفيق وإجبار قوات العدو على الانسحاب من الجزيرة الخضراء وجزيرة شدوان، وكانت كل هذه العمليات تمهيدًا للانتصار الكبير فى العاشر من رمضان الموافق ٦ أكتوبر ١٩٧٣ فكان انتصار من رحم هزيمة ٥ يونيو ١٩٦٧.