الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

على باب الله.. أسامة.. المعنى "أسد" لكن الحال "كحيان"

أسامة
أسامة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أمنيتك إيه؟ تكون ضابط.. مهندس.. دكتور.. طيار.. غنى وعندك فلوس ويخت وعروسة حلوة.. تصدق بالله «أسامة» ما تمناش حاجة خالص من كل اللى فات، أسامة بقاله سنتين بيتمنى يسلموه «شهادة محو الأمية»، وكأن الحياة هتتغير تماما بعد لما يستلمها أسامة، طولة باله ما تتوصفش فى إصراره على طلبه، وبرغم إنه بسيط لكن ما اتحققش.
أسامة بيقول: «أنا قدمت وحضرت الفصل بتاع محو الأمية، وامتحنت هنا فى البلد ونجحت، بس قالوا لازم تروح تمتحن تانى فى المديرية وتستلم الشهادة، وفعلا روحت بس الأستاذ اللى هناك ملانى كلمة صعبة معرفتش أكتبها فقالى سقطت يا أسامة، روح وتعالى بعد شهرين، وبقالى سنتين مش عايز أروح أصل يكسفنى قدام الموظفين ويقولى سقطت، أنا والله ما كان ليا ذنب إنى سيبت التعليم بس ظروفنا كانت فى الحضيض وكان لازم أشتغل لأن مكنش فيه دخل للبيت، أنا بتحسر على روحى وأنا شايف زمايلى اللى كانوا معايا فى الفصل وفى نفس الدكة اتعلموا وبيشتغلوا فى أماكن حلوة، وأقل واحد فيهم الناس بتقوله يا أستاذ، وسيبك من الفلوس، كفاية إنه يبقى قدام ابنه أستاذ».
يخلط «أسامة» الدقيق والماء والملح و«يربهم» بشدة حتى يصبحوا عجينة، يزيد النار حتى يسخن الفرن، قبل أن يشرع فى ملء كوب العجين، لعمل الكنافة البلدي، تلك العادة التى تعلمها من والده وينتظرها الناس كل رمضان، فما من بيت فى القرية إلا ويعرف «كنافة عمك محرث»، والد أسامة، الذى ظل لسنوات حريصا على ذلك العمل، إلا أن صحته باتت لا تحتمل الوقوف أمام النار، فحل محله أسامة ولو مؤقتا حتى يحصل على شهادة محو الأمية.
يضحك أسامة ويردد سؤاله المعهود لكل صاحب بنطال وقميص: «مفيش أى حاجة قدامك.. شغلانة أو عقد أو حتى سفرية أصل الحكاية ضنك»، وتأتى الإجابات إما مقتضبة: «ربك يبعت»، أو «دور ليا وليك»، أو «ربنا يسهل بيقولوا فيه ناس هتطلع معاش وهيعينوا ناااس مكانهم»، وهنا يتعصب «أسامة» ويخبط بيد على يد ويردد: «بس هتعين إزاى وأنا مش عارف أجيب أم شهادة محو الأمية، يا جدعان محدش له سكة ولا واسطة، ده لو شهادة دكتوراه كنت زمانى خدتها، لكن هنقول إيه: «يا بلدنا فيكى حاجة محيرانى نزرع القمح فى سنين يطلع القرع فى ثواني»، يضحك أسامة فيتسلل الدخان من بين فراغات أسنانه ينفثه فى الهواء فيختلط ببخار الكنافة، يقبض يده عليه ثم يفتحها، ويدندن «وحوى يا وحوى إيوحا وكمان وحوى إيوحا.. وحوى يا وحوي.. اللى عايز الكنافة الكيلو بـ٤ جنيه بس يا بشر والله بلاش يا كنافة، لا هتحمر ولا تقلي.. من إيدى على طول لبؤك.. قرب يا جدع قبل العرض ما يخلص».
ويختتم أسامة حديثه: «أنا هقول كلمتين جد بقى بعيدا عن الكنافة وشهادة محو الأمية، إحنا عايزين نشتغل يا ريس ونفتح بيوتنا، ونعيش كويس، هيجرا إيه لو عملته فى كل محافظة مصنع واتنين يشتغل فيهم الشباب، الشغلانة اللى بتيجى يا بتبقى فى العاشر يا فى آخر الدنيا والمرتب بيروح مواصلات، لو كان عندنا أرض كنا زرعناها وقعدنا جنبها، كمان الأرض اللى بتقولوا عليها للشباب، اللى زى نوبة حالى هياخد فيها إزاى وهو ما يحتكمش على عشرة جنيه فى جيبه، بصوا للناس شوية ربنا يكرمك بحق ده الشهر المفترج».