الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

في اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال.. الفقر يدفع "الزهور" للعمل في سن البراءة.. 50% من النشء يتوقف عن الذهاب للمدرسة لأسباب اقتصادية.. وخبراء: يتعرضون للشيخوخة المبكرة والاكتئاب

عمالة الأطفال
عمالة الأطفال
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

سوء الأحوال الاقتصادية، وقلة الوعي، والجهل بحقوق الإنسان، أصبحت ضريبة كارثية يدفع ثمنها الطفل، على حساب نفسيتهم وصحتهم، وربما عُمرهم.
وفى الآونة الاخيرة تزايدت أعداد الأطفال عالميًا فى العمالة المنزلية سواء بأجر أو بدون أجر، ما يعرضهم لسوء المعاملة، فضلًا عن الأضرار النفسية والصحية والبدنية، ما دفع حقوق الإنسان أن تقف ضد انتهاكات الأطفال فى الفترة الأخيرة.
واليوم تنظم منظمة العمل الدولية بالقاهرة احتفالية بمناسبة اليوم العالمى لمكافحة عمل الأطفال لتسليط الضوء على جهود مكافحة عمل الأطفال فى مصر، وتشجيع الشركاء على التعاون وتوحيد جهودهم فى سبيل ضمان فرص حياة أفضل للأطفال.
وكانت منظمة العمل الدولية أطلقت اليوم العالمى لمكافحة عمل الأطفال فى الرابع من شهر يونيه عام 2002 لتحفيز لشركاء على الانضمام إلى الجهود المبذولة لمكافحة عمل الأطفال، وتوفير بدائل مستديمة لهم، للقضاء على هذه الظاهرة.
وترصد "البوابة نيوز" أسباب ونتائج عمالة الأطفال:
مواثيق تهاجم عمالة الأطفال

وأصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1989 اتفاقية حقوق الطفل التى عرفت الطفل بأنه كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره، وأكدت ضرورة السعى لحماية الطفل من الاستغلال الاقتصادى ومن أداء أى عمل يرجح أن يكون خطرا أو يمثل إعاقة لتعليمه أو ضررا بصحته أو بنموه البدنى أو العقلى أو الروحى أو المعنوى أو الاجتماعي.
وأوجبت الاتفاقية على الدول الأطراف فيها اتخاذ التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتربوية، تكفل هذه الحماية، وبشكل خاص وضع حد أدنى لسن الالتحاق بالعمل ونظام ملائم لساعات العمل وظروفه وفرض عقوبات مناسبة لضمان فعالية تطبيق هذه النصوص، وقد صادق الأردن على هذه الاتفاقية عام 1991 إضافة إلى معظم الدول العربية والعديد من دول العالم.
وفى نفس العام، أقرت الجمعية العامة، الإعلان العالمى لحقوق الطفل الذى كان قد تم إعداد مسودته فى عام 1957، الذى نص على "وجوب كفالة وقاية الطفل من ضروب الإهمال والقسوة والاستغلال، وألا يتعرض للاتجار به بأى وسيلة من الوسائل، وألا يتم استخدامه قبل بلوغ سن مناسبة، وألا يسمح له بتولى حرفة أو عمل يضر بصحته أو يعرقل تعليمه أو يضر بنموه البدنى أو العقلى أو الأخلاقي.
وأصدرت منظمة العمل العربية، 19 اتفاقية و8 توصيات تضمنت معظمها نصوصا حول عمل الأطفال أو شؤون الأسرة، وتنظيم الشئون الخاصة بعمل الأطفال وبشكل خاص الحد الأدنى لسن العمل ورفعه بما يتناسب مع المخاطر التى يشكلها العمل والمشقة فى ممارسته، كما اهتمت فى توفير ضمانات الرعاية الطبية الدورية وتحديد ساعات العمل.
أسباب عمالة الأطفال
توصلت عديد من الدراسات، إلى أن عددا كبيرا من الأطفال يعملون فى الزراعة، والصناعة أو كخدم فى المنازل، والتى تتراوح أعمارهم بين 10 -14 عاما، خاصة فى المناطق الريفية فيما توجد عدة أسباب دفعتهم للعمل هي:
الأسباب الاقتصادية
سوء الاحوال الاقتصادية، والاجتماعية ومعاناة بعض الأسر من الفقر، يدفعهم دائمًا بدفع أطفالهم للعمل وترك الدراسة، من أجل كسب المال، والمساعدة بظروف المعيشة، حيث تبين أنه من بين الأطفال المتوجهين لسوق العمل، 67،7% منهم يقومون بذلك لأسباب اقتصادية أى بدافع الحاجة المادية، وتعود الأسباب للمشاركة فى رفع دخل الأسرة 31،1%.
المستوى الثقافي للأسرة
كثير من الأسر، خاصة المتواجدين بالمناطق الريفية، لن يكتمل تعليمهم، وثقافتهم، ما يجعل أطفالهم عرضة لجهلهم وقلة معرفتهم، بمخاطر عمالة الأطفال، كما أنهم يستسهلون ترك أطفالهم للمدارس، والتعليم من أجل لقمة العيش.
وأظهرت دراسات منظمة العمل الدولية مؤخرًا أنه من 30% إلى 50% من الأطفال الذين يعملون فى البرازيل، غانا، الهند، إندونيسيا، السنغال، وتركيا توقفوا عن الذهاب إلى المدرسة.
عدم المعرفة بأسس قوانين العمل
فكثير من الآباء، يجهلون أسس وقوانين عمالة الأطفال، فيتركون أطفالهم عُرضة للانتهاكات.
نقص البرامج الدولية لمحاربة الفقر
يعد الفقر أحد الأسباب الرئيسية لعمالة الأطفال، فيضطر للعمل لضمان بقائهم على قيد الحياة وكذلك فى حالة فقر الأسرة فإن جميع أفراد الأسرة يعملون لضمان دخل كافٍ.
وتشير الإحصاءات إلى أنه كلما زاد عدد أفراد الأسرة، كلما زادت فرص عمالة الأطفال، وكلما قلت فرص الالتحاق بالدراسة. 
الآثار السلبية لعمالة الأطفال
تتعدد الآثار السلبية الناجمة عن عمالة الأطفال، فيؤكد الباحثون أن العديد من الأعمال تسبب مشاكل نفسية، واجتماعية خطيرة للأطفال.
خاصة أنهم يعيشون بعزلة بعيدًا عن آبائهم وأمهاتهم، فضلا عن انتهاك التوازن النفسى والاجتماعى الخاص بهم.
وقدمت منظمة الصحة العالمية تقريرًا كشف عن أن الأطفال العاملين فى كينيا يعانون من أعراض خطيرة منها الانطواء، الشيخوخة المبكرة، والاكتئاب.
ووفقًا لباحثين أمريكيين، وأن الأداء المدرسى للشباب الذين تتراوح أعمارهم من 12الى 17 سنه يتأثر سلبًا بعد أكثر من 15 أو 20 ساعة من العمل فى الأسبوع. 
وفى بعض البلدان، وخاصة الأجنبية، تستغل الاطفال للقيام بأعمال الدعارة، وخاصةً الفتيات. فضلا عن تعرضهم لوباء الإيدز نتيجة لتلك الأعمال، وذلك لاستغلال الكبار للأطفال لحماية أنفسهم من المرض.
وإليكم أبرز سلبيات عمالة الأطفال:
إهدار صحة الطفل
نتيجة لتعرضه للجروح والكدمات الجسدية، أو استنشاق الغازات السامة، مما يؤدى به احيانًا لفقد أحد حواسه.
ويتعرض العديد من العاملين إلى مخاطر بدنية، على سبيل المثال يتعرض جامعو القمامة الصغار فى الفلبين إلى خطر شديد وهو الإصابة بمرض أو الإعاقة الدائمة، تركيز عال من الرصاص أو الزئبق فى الدم، خروج الطلقات النارية، الإصابات الناجمة عن سوء المعاملة، التهابات خطيرة مثل التيتانوس، الاضطرابات الرئوية، تشوهات الهيكل العظمى نتيجة لرفع الأثقال، الأمراض الجلدية وغيرها من الأمراض الناجمة عن الانعدام العام للنظافة الشخصية
وفى الآونة الأخيرة توجه عديد من الأطفال للعمل بالمناطق الريفية، والزراعية، ويعد هذا المجال من أكثر القطاعات خطورة على الصحة والسلامة.
تضمير المعرفة
تتأثر قدرات الطفل التعليمية، والتوعوية، بسبب تركه للدراسة، والتوجه للعمل، كما تنخفض قدراته على القراءة، الكتابة، وإبداعه الخاص.
فقد الذوق العام
نتيجة لتنشئة الطفل مع طبقات دُنية، فى الأخلاق والتعاملات، يتأثر التطور العاطفى عند الطفل العامل فيفقد احترامه لذاته وارتباطه الأسرى وتقبله للآخرين، وذلك جراء بعده عن الأسرة ونومه فى مكان العمل وتعرضه للعنف من قبل صاحب العمل أو زملائه.
كما أنه يفقد الكثير من المعايير الأخلاقية.
المخاطر النفسية
يترك الطفل العامل، حياته الأساسية التى تتألف من اللعب، واللهو، كباقى الأطفال، كما يترك دراسته، ويذهب للعمل، فيتعامل مع الجيد والسيئ، ويتعرض للعنف، والتعذيب، مما يصيبه بعديد من المخاطر النفسية، التى تؤثر على سلوكه فيما بعد، حتى مع أهله.
عمالة الأطفال فى مصر
أصبحت مصر من أكثر الدول العربية التى تعانى من عمالة الأطفال، وقد انخفض عدد الأطفال العمال فى المجموعة العمرية من 5 إلى 14 سنة، والمجموعة العمرية من 5 إلى 17 سنة على السواء بنسبة 11 فى المائة خلال السنوات الأربع من 2000 إلى 2004.
وتحاول البلاد جاهدة فى السيطرة على تلك الظاهرة الكارثية، عن طريق مشروع مكافحة عمل الأطفال فى مصر، لإعادة تأهيل وإدماج الاطفال العاملين فى التعليم بمختلف انواعه، وتوفير الدعم اللازم لمنع الاطفال من خطر الانضمام الى سوق العمل، فضلًا عن وضع استراتيجيات جديدة ومبتكرة لتوفير سبل العيش المستدامة لأسر الأطفال المستهدفة. 
كما تسعى لالحاق الأطفال العاملين والمتسربين من التعليم بالتدرج المهنى من خلال توفير: شهادات للتدرج، وفصول لمحو الأمية، وتدريب مهني، وتدريبات حول اجراءات السلامة والصحة المهنية فى مكان العمل.
وقال المحامي، محمود بدوى رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان: "عقوبة عمالة الأطفال بمصر ماشية بمبدأ البيضة ولا الفرخة"، متابعًا: "نعيش فى واقع مرير فبعدما كان أصحاب العمل يستغلون الأطفال، أصبح المعلمون ايضًا، وخاصة التعليم الفنى والمهني، مستشهدًا بواقعة أحد المُعلمين الذى أجبر طلابه على العمل بصيانة التكييف والتبريد بحجة التدريب، حتى سقط أحد التلاميذ من الدور العاشر اثناء العمل. 
وأضاف "البدوي" لـ"البوابة نيوز" أن الوضع الاقتصادى الراهن التى تمر به البلاد، نتيجة للأوضاع السياسية الصعبة، أجبر عديد من الأهالي، بدفع أطفالهم للعمل، متابعًا: "أنا مش ضد فكرة إنه يشتغل لكن لازم الشغل يتناسب مع سلامته الأمنية والصحية والنفسية، يعنى ميروحش يشيل طوب وبلا يشتغل فى الحرفيين".
وأشار إلى أنه يجب تدريب الأطفال التى يترواح اعمالهم من 13- 15 عاما للعمل، ولكن عدم نزولهم لسوق العمل إلا بعد بلوغ سن الـ18 عاما.
ولفت إلى أن البلاد حتى الآن لا تستطيع تطبيق عقوبات عمالة الأطفال على الأهالي، وأصحاب العمال، لأن كلا منهما يلقى بالحمل على الآخر.
وناشد المحافظين والمسئولين، بوضع اللوائح التى تنظم عمالة الأطفال، وتطبيقها على المخالفين، كما ناشد وزارة التضامن، بتخصيص أموال من صندوق التضامن والتكافل، للأطفال الصغيرة الذين يلجأون للعمل من أجل المعيشة.