الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الدهس والطعن.. أدوات "داعش" لتفادي التدابير الأمنية.. خالد رفعت: استراتيجية تحقق مكاسب للتنظيم في الغرب.. ونورهان الشيخ: رسالة مرعبة لدول أوروبا

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مع الهزائم المتتالية التي مُنيَ بها تنظيم "داعش" الإرهابي في معاقله الرئيسية بسوريا والعراق، يتجه اهتمام التنظيم لتنشيط خلاياه السرية الموجودة في الدول المختلفة من أجل تنفيذ عمليات خاطفة تحدث دويًا إعلاميًا كبيرًا بدون استخدام الأسلحة والوسائل القتالية المعتادة، ففي بياناته إلى اتباعه حول العالم حث التنظيم رجاله على اللجوء لأساليب هجومية مختلفة تشمل الدهس بالسيارات والطعن بالأسلحة البيضاء، وهي أساليب سهلة وفي نفس الوقت يصعب التنبؤ بها ومنعها من قبل الأجهزة الأمنية، وقد توعد التنظيم بشن مزيد من الهجمات على تلك الشاكلة في الأيام المقبلة.


وجاء هجوم لندن ليثبت جدية تهديدات التنظيم المتطرف، حيث وقعت عدة حوادث متتالية مساء الأمس، خلال ساعة واحدة فقط أسفرت عن مقتل سبعة أشخاص وثلاثة من المهاجمين حسبما أعلنت الشرطة البريطانية "سكوتلانديارد"، وبدأ الهجوم بحادثي دهس على جسر لندن، أسفرت عن سقوط قتلى ومصابين، وعقب ذلك وقع حادث طعن في أحد المطاعم البريطانية بمنطقة قريبة، أعقبه حادث إطلاق نار جديد في الوقت الذى كانت تتعامل فيه الشرطة مع حادث آخر في منطقة فوكسهول وسط المدينة، وقد أعلنت هيئة الإسعاف فى لندن عن وصول 48 شخصًا على الأقل إلى المستشفى.

ووقعت حادثة الدهس عندما انطلقت سيارة "فان" بسرعة 50 ميلا على جسر لندن قادمة من وسط المدينة، وصعدت على الرصيف لتصدم المارة في طريقها، عندها هرع مئات الأشخاص للاختباء، وفق ما ذكرت هولي جونز الصحفية في بي بي سي، والتي تصادف مرورها على الجسر لحظة وقوع الحادث، وشهدت تساقط المارة تحت عجلات السيارة، حيث تدخلت الشرطة بسرعة وتداركت الموقف واعتقلت احد المتهمين، ولكن كانت الهجمات متقاربة زمنيا بشكل كبير، مما استدعى انتشارا امنيا مكثفا في أنحاء العاصمة للسيطرة على الوضع بعد حالة الهلع التي اجتاحت السكان من تأثير الهجمات شبه المتزامنة.


ولم تكن حادثة الأمس هي أولى حوادث الدهس التي ينفذها الإرهابيون في العاصمة البريطانية لندن، ففي 22 مارس من العام الجاري وقعت حادثة دهس على جسر وستمنستر بوسط لندن حيث اندفعت سيارة تجاه عدد من المشاة وفي نفس الوقت تعرض شرطي للطعن خارج مبنى البرلمان، قريبا من مكان الدهس، وقد لقى أربعة من المارة حتفهم جراء الحادث الذي قتل فيه المهاجم أيضا.

كما تعرضت العاصمة السويدية، ستوكهولم، في السابع من إبريل من هذا العام أيضا، لحادثة مروعة عندما اندفعت شاحنة مسروقة في اتجاه المشاة في منطقة مزدحمة بوسط ستوكهولم، مما أدى إلى إصابة خمسة أشخاص من المارة، وتم توجيه الاتهام لرجل من أوزباكستان.

إلا أن أول وأضخم حادثة دهس شهدتها أوروبا تلك التي وقعت في مدينة نيس في فرنسا في يوليو 2016، حيث قتل فيها ما لا يقل عن 86 شخصا عندما قاد أحد الإرهابيين شاحنة كبيرة وتوجه بها إلى متنزه "بروميناد ديه أنجليه" على شاطئ الريفيرا، ودهس عددا كبيرا من الناس في كان مكتظ بالمارة، وأعلن داعش بعدها مسئوليته عن الهجوم.


تبعتها حادثة برلين بألمانيا في ديسمبر 2016، عشية الاحتفال بعيد الميلاد، حيث شهدت العاصمة الألمانية هجوما بشاحنة يقودها أحد مؤيدي تنظيم داعش حيث هاجم سوقا مزدحما بالمواطنين الذين جاءوا لشراء هدايا أعياد الميلاد، وأسفر الهجوم عن مقتل 12 شخصا وقد اطلقت الشرطة النار على المشتبه به وأردته قتيلًا، بالقرب ميلانو في ايطاليا بعد بضعة أيام من الحادث.

وفيما يتوعد التنظيم بمزيد من تلك الهجمات حول العالم، لم يحدد بعد وجهته القادمة، ويبدو أن التنظيم اعتمد تلك الأساليب لتفادي التدابير الأمنية التي تفرضها الدول المستهدفة بالهجمات.


من جانبه قال الدكتور خالد رفعت، رئيس مركز طيبة للدراسات السياسية: إن تكرار تنظيم "داعش" لحوادث الدهس واستخدام الطرق البدائية في تنفيذ العمليات البدائية في أوروبا مثل الطعن واستغلال الأماكن المفتوحة لتحقيق أكبر قدر من الخسائر، هي استراتيجية تحقق مكاسب للتنظيم في الغرب.

وأضاف رفعت، أن هناك رقابة صارمة داخل الأراضي الأوروبية تعرقل دخول الأدوات المتفجرة والأسلحة التابعة للتنظيم في الغرب الأوروبي، وبالتالي تكرار استخدام الأدوات البدائية تسهل على التنظيم تنفيذ العمليات الإرهابية وتحقيق أكبر قدر من المكاسب.

وأوضح أن دخول أوروبا في مرحلة مواجهة مع التنظيم، هو نتاج طبيعي لاحتضان الغرب لهذه العناصر وتدريبها وتوفير ملاذات آمنه لها داخل أراضيها، الوضع الذي يمكن وصفه بانقلاب السحر على الساحر على حد قوله.

ولفت إلى أن تركيز العمليات الإرهابية لتنظيم "داعش" نحو آسيا وأفريقيا، يؤكد فكرة انتقال عناصر التنظيم إلى آسيا وافريقيا، خاصة بعد دحر التنظيم في سوريا والعراق وطردهم من معاقلهم، الأمر الذي دفع التنظيم للتوجه إلى آسيا لخلق أراض ثابته لهم وذلك من خلال سرعة تنفيذ العمليات الإرهابية وتحقيق أكبر قدر من الخسائر.


من جانبها قالت الدكتور نورهان الشيخ، استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: إن التنظيم يقابل صعوبة في تداول المواد المتفجرة والأسلحة بسبب التشديدات الأمنية داخل أوروبا، ومن ثم الاتجاه نحو عمليات الدهس والطعن واستخدام أدوات بسيطة في تنفيذ عمليات إرهابية هي الأسهل بالنسبة للتنظيم.

وأضافت الشيخ: "أن تكرار تنفيذ عمليات إرهابية في أوروبا من خلال الاعتماد على أدوات بسيطة ومتداولة مثل الطعن والدهس، تحمل رسالة بها قدر كبير من العنف والإرهاب للمجتمعات الأوربية، وتأكيد على أن التنظيم قادر أن ينفذ عمليات مرعبة بطرق بسيطة وسهلة.

وأشارت إلى أن تكرار الحادث واستخدام طرق مماثلة، هي رد من التنظيم على الإجراءات التي اتخذت من قبل المجتمعات الأوروبية لمحاربة التنظيم وأن ليس لها جدوى، مبينة أن تقارب المدى الزمني لتنفيذ العمليات الإرهابية في بريطانيا وسرعة تنفيذها، هو ضرب للحكومة البريطانية وقراراتها التي تخص محاربة الإرهاب.