الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

ما لا تعرفه عن "آكلي لحوم البشر" في مصر

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مرت مصر بظاهرة "آكلي لحوم البشر" في عصر الدولة الفاطمية استمرت لنحو 7 سنوات، نتيجة اختفاء مياه النيل، واختفى الحرث والزرع مما تسبب في مجاعة، حيث روى أن الأحباش كانوا يتربصون بالنساء في الطرقات ويخطفوهن ويقتلوهن ويأكلوا لحومهن.
حدثت المجاعة في عهد الخليفة المستنصر بالله، وعرفت بـ"الشدة المستنصرية"، حيث أكل الناس بعضهم البعض، وأكلوا الدواب والكلاب والقطط، وكان حينها يباع رغيف الخبز بـ50 دينارًا، والكلب بـ5 دنانير.
وروى المؤرخون أنه قد تصحرت الأرض وهلك الحرث والنسل، وخطف الخبز من على رءوس الخبازين، وأكل الناس القطط والكلاب حتى أن بغلة وزير الخليفة أكلوها وجاع الخليفة نفسه حتى أنه باع مقابر آبائه من رخام وتصدقت عليه ابنة أحد علماء زمانه وخرجت النساء جياعا صوب بغداد.
وكشفوا عن مدى القحط والمجاعة التي استبدت بالناس أن الخليفة المستنصر نفسه باع كل ما يملك في القصر، حتى بيع من المتاع ثمانون ألف ثوب، وعشرون ألف درع، وعشرون ألف سيف محلي، حتى الجواهر المرصعة بالأحجار الكريمة بيعت بأبخس الأثمان، ولم يبق له إلا حصيرة يجلس عليها وبغلة يركبها وغلام واحد يخدمه.
وذكر المؤرخ "ابن إلياس" أن الناس أكلت الميتة وأخذوا في أكل الأحياء وصنعت الخطاطيف والكلاليب لاصطياد المارة بالشوارع من فوق الأسطح وتراجع سكان مصر لأقل معدل في تاريخها".
وأشار تقي الدين المقريزي، في كتابه "إغاثة الأمة بكشف الغمة"، أن الناس أكلوا القطط والكلاب بل تزايد الحال فأكل الناس بعضهم بعضا، وكانت طوائف تجلس بأعلى بيوتها وعليهم سلب وحبال فيها كلاليب فإذا مر بهم أحد ألقوها عليه ونشلوه في أسرع وقت وشرحوا لحمه وأكلوا.
ولفت "المقريزي"، في كتابه "إغاثة الأمة"، إلى حدوث مجاعة مشابهة للسابقة، "أيام الحافظ لدين الله وفي عهد الفائز وفي سلطة العادل أبي بكر الأيوبي سنة 576، بسبب توقف النيل عن الزيادة، فأكل الناس صغار بني آدم من الجوع فكان الأب يأكل ابنه مشويا ومطبوخا والمرأة تأكل ولدها، وكان يدخل الرجل دار جاره فيجد القدر على النار فينتظرها حتى تتهيأ فإذا هي لحم طفل".
وأوضح "المقريزي" أن المحن التي تعرضت لها البلاد أدت إلى حدوث ذلك الأمر، مرجعًا ذلك إلى ثلاثة أسباب: 
1- توصل الجهلاء والظالمين بالرشوة إلى تقلد أعلى مراتب الحكم في الدولة كالمناصب الدينية وولاية الخطط السلطانية من وزارة وقضاء ونيابة وغيرها واضطرارهم لتسديد ما وعدوا به السلطان من أموال إلى تعجلها من أعضاء حاشيتهم وأعوانهم، فيقرروا عليهم ضرائب تدفعهم أن يمدوا أيديهم إلى أموال الرعايا الذين يضطرون إلى الاستدانة وبيع ما يملكون من أثاث وحيوان.
2- ارتفاع إيجار الأطيان، وغلاء نفقات الحرث والبذر والحصاد، وارتفاع ثمن المحاصيل مما نتج عنه خراب كثير من القرى وتعطيل الأراضي الزراعية ونقص فيما تخرجه الأرض من غلال لموت كثير من الفلاحين والزراع، وتشردهم في البلاد وقد هلكت دوابهم، ولعجز آخرين ممن يملكون الأراضي عن زرعها لارتفاع سعر البذر ونقص اليد العالمة.
3- رواج الفلوس النحاسية التي أصبحت النقد الغالب، واحتفاء الدراهم والدنانير من التعامل لعدم ضربهما ولسبك ما بأيدي الناس منهما لاتخذاه حليا، وقد تفنن الأمراء والأتباع والأعوان في الترف والتأنق وتباهوا بفاخر الزي وجليل الحلي، فكان أن دهى الناس وذهب المال وقلت الأقوات وتعذر وجود المطالب.