الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

موقعة الثانوية العامة.. البوكليت يدخل التجريب بعد أيام.. خطة تعليمية لمواجهة ظاهرة الغش في امتحانات البكالوريا.. اللجان تحت سيطرة الأمن.. والوزارة ترفع شعار: "نحن هنا"

امتحانات -صورة ارشيفية
امتحانات -صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كل عام يتجدد الجدل في مسألة الغش بامتحانات الثانوية العامة، القلق بدأ يتصاعد مع اقتراب ساعة الصفر وبدء الامتحانات، وزارة التعليم في وضعٍ لا تُحسَد عليه، تخشى تكرار سيناريوهات التسريبات السنوية، غير أن الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم قرَّر ومبكرًا رفع استعدادات الوزارة القصوى للامتحانات، ووضع خطة لمواجهة تسريبها عبر البوكليت، رافعًا شعار: "نحن هنا"، لكن هل تصدق الوزارة؟ وهل يختفي التسريب والغش؟

حسين إبراهيم، الأمين العام لنقابة المعلمين المستقلة: يرد "نأمل"، وتابع: إن التسريب قديمًا كان يتم عن طريقين: الأول أن يسرِّب الطالب ورقة ويرفعها على الإنترنت ليحصل على الإجابة ويوزعها على الطلاب، والشكل الثاني وهو تسرب الامتحان نفسه قبل بدء اللجنة، وهذا ما حدث العام الماضي في امتحان التربية الدينية، بعدها قيل إن الامتحانات تُسرَّب من المطابع، وتم القبض على بعض المسئولين، مضيفًا أنه خلال الامتحانات نفسها كان يتضح وجود مصدر في مكتب الوزير يسرِّب المعلومات؛ لأن "شاومينج" كان يذكر كلامًا يحدث فى مكتب الوزير، وهذا يدل على اختراق مكتب الوزير نفسه، والوزارة فى هذا الوقت لم تخرج بيانات تكذِّب هذه المعلومات.
تساءل إبراهيم: لماذا يلجأ الطالب للغش؟ ويجيب: لأنه يرى أن العملية التعليمية ليست ذات أهمية بالنسبة له، ولا ينفع التعليم فى الجانب العملي، والمدارس أصبحت طاردة وليست جاذبة، والدليل أن طلاب الثانوية العامة يحضر منهم من 10 إلى 15% فى الفصول على الأكثر، والباقي متغيبون لأنهم فى الدروس الخصوصية، والوزارة لم تفكر فى حل، موضحًا أنه لو لم يتم إصلاح تلك العيوب فلن تنجح وزارة التعليم فى القضاء على ظاهرة تسريب الامتحانات أو الغش. 
وتابع: "الوزارة لن تستطيع السيطرة على الغش، وتغليظ العقوبات بسجن الطالب أمر مستبعَد؛ لأنه يحوِّله لمجرم، وهذه العقوبة غير موجودة فى العالم"، وأضاف: الطالب جاء إلى المدرسة ليتعلم ويكون شخصًا صالحًا ليس ليتحول لمجرم، قائلًا: لا بد من القضاء على الأسباب التى لجأ بسببها الطالب إلى الغش كحشو المناهج التي تعقِّد الطالب، مشددًا على أن يكون المنهج متطورًا ومرتبطًا باحتياجات السوق، إضافة إلى حقوق المعلمين.

وتساءل أيمن البيلي، الخبير التعليمي: كيف يتم تسريب الامتحانات؟ ويجيب أنها تحدث نتيجة أسباب داخل منظومة التعليم، وأخرى خارجها، فالخارجية تتمثل في أن أولياء الأمور والأعباء المثقلة عليهم فيما يخص الإنفاق على العملية التعليمية، خاصة الدروس الخصوصية التي بلغت 25 مليار جنيه سنويًّا، تدفع أولياء الأمور والطلبة إلى عملية التحايل للغش بأي أسلوب، وبأي وسيلة للخلاص من العبء المسمَّى الثانوية العامة، بل محاولة الحصول على أعلى الدرجات للالتحاق بكليات القمة.
ولفت إلى أن منظومة التعليم نفسها تقوم على عدم الثقة بين الطالب والمؤسسة التعليمية بشكل عام، حيث انتقال المعلمين من محافظة لأخرى للملاحظة والمراقبة على الامتحانات، بالإضافة إلى أن الطلاب ينظرون للمعلم والمراقب والملاحظ على أنهم سلطة غير مقبولة تفرض عليهم قيودًا في الامتحانات، إضافة إلى أنه بعد اختراق منظومة التعليم بالغش والاختراق لم تعد هذه المنظومة صالحة للعمل بها فى هذه المرحلة، مطالبا بالرقابة الشديدة لمنع الغش بتثبيت كاميرات أو أجهزة تشويش.
وقال البيلي: أشكُّ في حديث الوزير أنه لن يحدث تسريب هذا العام نتيجة مجموعة من الإجراءات محل دراسة مثل الورقة ذات العلامة المائية أو اختلاف ترتيب الأسئلة، مضيفًا أن هذه الحلول لن تحل مشكلة التسريب ومشكلة الغش لأنها مشكلة ثقافة عامة ومشكلة مالية واقتصادية تدفع أولياء الأمور للتخلص من العبء، إضافة إلى أن التعليم الخاص يدفع الفقراء داخل التعليم الحكومي للغش والتسريب للحاق بكليات القمة.
وطالب البيلي بالبحث عن تجارب أخرى تم تجريبها في العالم تغير نظام الامتحانات في مصر، موضحًا أن هناك عددًا من التجارب المهمة فى العالم بنظام الامتحانات، منها التجربة الفنلندية التي تقوم على إلغاء امتحانات الشهادات تمامًا، وتقوم على فكرة التقويم التراكمي التقديري للطالب وتحديد نسبة مستواه عبر امتحانات شهرية، والتجربة الثانية تجربة إنجلترا والتي تقوم على تقسيم الامتحانات من المركزية إلى اللامركزية بحيث تضع كل محافظة امتحانها الخاص بها، والتجربة الثالثة تجربة اليابان وهى تشابه نظام الامتحانات فى مصر لكن ليس هو المؤهل للجامعة، لكن هناك سنة تأهيلية تؤهل كل الطلاب لدخول الجامعة ثم يتقدم هؤلاء الطلاب لاختبار عام ثم يتم اختبارات قبول داخل كل كلية، وهناك تجربة رابعة وهى تجربة الدنمارك وهى أن تتم امتحانات داخل كل مدرسة، ويتم التصحيح داخل كل مدرسة، وهذه لا يمكن تطبيقها فى مصر، في ظل وجود الدروس الخصوصية، موضحًا أن أفضل الطرق التي يمكن تطبيقها فى مصر هي تجربة فنلندا، والتي تعتمد على التقويم التراكمي التي تحقق حضور الطلاب للمدارس، إضافة إلى أنها ستقضي على الدروس الخصوصية وستعيد المدرسة كمصدر أساسي ومؤسسة تربوية تعليمية للدولة، إضافة إلى أن التقويم سيكون لمدى طويل وليس من خلال امتحان واحد فقط يحدد حياة الطالب، كما أنها تجربة تزيد من معلومات الطالب نتيجة الخبرات التي يحصل عليها خلال التراكمية.