الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

المسيحيون يدفعون الثمن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
سوف يكتب التاريخ أن مسيحيى مصر قد دفعوا الثمن غاليًا من أجل إفشال مشروع ذوبان مصر على يد جماعات التأسلم السياسى وقوى الإرهاب، الدماء المسيحية التى تنزف كلما ضاقت الحلقة على رقبة الإرهاب هى دماء الفداء لأكثر من ٩٠ مليون مصرى يعيشون على ضفاف النيل منذ قديم الأزل. هذه الصورة أكتبها ليس من باب التضامن مع أشقاء الوطن الذين واجهوا الرصاص فى صحراء المنيا، ولكنها إقرار بحقيقة قاسية، كلمات التضامن والتعاطف لم يعد لها محل من الإعراب، يومًا بعد يوم يتأكد للجميع أن الفاتورة المرتفعة التى يدفعها المصريون منذ بدء الفوضى غير الخلاقة بالمنطقة يدفعها المستضعفون وحدهم، مسيحيو مصر على رأس القائمة المستهدفة، من أجل تركيع وطن قرر شعبه التمرد على المخطط، كما قرر الانتصار لمبدأ واحد اسمه «الدين لله والوطن للجميع». هذا المبدأ البديهى الذى أغضب حفنة من المجانين اعتقدوا أنهم قد حصلوا على توكيل من السماء لنشر الموت والذل والتفجيرات ضد كل من يختلف معهم، هذا المبدأ البديهى سيظل شوكة فى ظهر كل متخلف توهم احتكار الحكمة والحقيقة، وستظل الدماء عنوان انتصار ولن تكون مؤشر هزيمة أبدًا، شهدنا فى المنيا وفى الصعيد بشكل عام جرائم طائفية متكررة، شهدنا حرق أكثر من سبعين كنيسة وشهدنا السكاكين وهى تذبح أكثر من عشرين مسيحيًا على شواطئ ليبيا، شهدنا التفجيرات على كل ناصية يصل إليها الإرهابيون، كل تلك الجرائم هى ترجمة عملية لفلسفة تيارات التطرف الى تقول إما نحكمكم أو نقتلكم، الشعب المصرى رفض حكمهم وها هو يواجه عمليات القتل التى توعدنا بها أمراء الإرهاب والجريمة. نعم المصاب جلل وكل نقطة دماء تسيل هى عندى أغلى من أغلى رأس فى صفوف تيارات الإرهاب، ولكنه الثمن الذى علينا أن نتعامل معه ونحن واثقون من النصر القادم، إن تأمين الحدود الأربعة لدولة عظيمة فى حجم ووزن مصر ليس بالأمر السهل الذى يمكن تحقيقه بضغطة زر أو بالأمنيات فقط، بنظرة شاملة للخريطة سنرى أنهم أرادوا إحكام المشنقة على رقبة النيل، غزة وحماس فى الشمال الشرقى، ليبيا وفوضى السلاح فى الغرب، أما الجنوب فهو معسكرات تاريخية للإرهاب فى السودان.
فى وقت المعركة لا يجوز الالتفات للماضى والبحث عن المتسبب فى ما وصلت إليه الأمور، كلنا يعرف أن جريمة السادات بتحالفه المعلن مع جماعة الإخوان كانت البذرة الخبيثة التى نحصد ثمارها اليوم، وبرغم ذلك فإن التركيز فى اللحظة الراهنة اعتبره البداية الصحيحة التى يمكن لنا أن ننطلق منها، واللحظة الراهنة تقول إن خصومنا كثيرون منهم من يسكن عواصم مجاورة ومنهم من يمشى بيننا بخسة ونذالة يتحين الفرصة لينقض على رقابنا، لذلك يبقى الرهان على نقطتين أساسيتين.. الأولى هى جدية الدولة وإصرارها على اقتلاع جذور الإرهاب.. والثانية هى وعى الشعب المصرى بخطورة المعركة وأهميتها. لا شك عندى فى أن تلك المعركة هى معركة مصير، وأنها مهمة وضرورية من أجل إصلاح تشوهات أربعين عامًا من الفساد السياسى والخلل المنتظم فى دولاب الدولة، لذلك يأتى الثمن الذى يدفعه الفقراء باهظًا، الثمن الذى يدفعه جنودنا فى سيناء من أرواح زملائهم، والثمن الذى يدفعه طفل مسيحى يفتح عينيه على صوت البندقية سريعة الطلقات، الثمن الذى يدفعه عموم الشعب المصرى من احتكارات التجار ولصوصية رجال الأعمال وفساد قطاع ليس بسيطًا من النخبة الثقافية بالبلد. ستتواصل المعركة إلى أمد غير منظور، المؤكد هو الانتصار فى نهاية الطريق، لن تتوقف صلاة المسيحيين بكنائسهم ولا زيارتهم للأديرة، ولن يتراجع جندى مصرى صامد على حدودنا، كل العزاء للدماء التى سالت فى صحراء المنيا، وكل التضامن مع كل خطوة تتقدم للأمام فى سبيل إنهاء تلك المهزلة.