الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

محاكمة الأيوبي.. يوسف زيدان في مواجهة محمد فريد أبو حديد

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الثقافة الموسوعية ميزة غلفت شخصية الأديب المصري الراحل محمد فريد أبو حديد، فمن خلال أعماله الكثيرة يستطيع القارئ أن يحدد بدقة منابع ثقافته، ففي مرحلة التكوين انطبعت نفسه على الكتب العربية القديمة وتمثليات شكسبير، ومقطوعاته الشعرية وقصص والتر سكوت التاريخية؛ ومن قراءاته الأولى في الأدب الغربي كانت أعمال دكنز وثاكري فقد نهل كثيرًا من الأدب الانجليزي خاصة في عصر ازدهاره من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر؛ المنبع الآخر هو التراث العربي فقد تعمق بشدة في التراث الإسلامي وغاص في أمهات الكتب لعلماء الخلفات الإسلامية المتعاقبة وبالتحديد العصر العباسي.


ويعتبر كتابه "صلاح الدين الأيوبي وعصره" مرجعا أساسيا لجميع القصص التي نشرت عن صلاح الدين في الكتب المدرسية أو ترجمتها لأعمال سينمائية التي رسخت في الوعي الجمعي الصورة الأسطورية لصلاح الدين الأيوبي، حيث يتناول الكتاب حياة صلاح الدين وجهاده ضد الصليبيين، ويبين الوضع في أوروبا قبل بداية الحملة الصليبية الأولي وما الداعي من قيام هذه الحملات بالأساس ثم يذكر الدور المهم الذي قام به "نور الدين محمود" مستكملا عمل والده "عماد الدين زنكي" في تكوين دولة قوية قادرة علي رد الصليبيين عن بلاد الإسلام وهو النهج الذي سار عليه صلاح الدين بعد ذلك واتخذ نور الدين قدوة له في حفاظه علي دولته وتقوية دعائمها؛ قدم خلال الكتاب تحليلا لأكثر من موقف لصلاح الدين اختلف في تفسيره المؤرخين وقتها؛ كما لم يغفل ذكر بعض محاسن الأمراء والجنود الصليبيين كالقتال بشجاعة واستبسال كانت تضاهي كثيرا مثيلتهما عند المسلمين، ولم يحرص علي إظهارهم بشكل شيطاني بما أنهم كانوا أعداء المسلمين.


وقام الكاتب يوسف زيدان مؤخرا بالإدلاء بعدد من التصريحات تشكك في أسطورية صلاح الدين وتصفه بأنه أحقر شخصية في التاريخ وكان ديكتاتور وله مطامع في السلطة ليس أكثر؛ ما أحدث بلبلة كبيرة في الرأي العام بعد أن رسخ أبو حديد هذه الشخصية في أذهان الناس على اعتبارها أسطورية؛ وساهمت في ترسيخها الكتب المدرسية والأفلام السينمائية منها فيلم "الناصر صلاح الدين" ليوسف شاهين.


ولد أبو حديد بمدينة القاهرة بحي العابدين عام 1893؛ التحق بالمدرسة الابتدائية في دمنهور ونال شهادتها ثم التحق بمدرسة رأس التين الثانوية ثم مدرسة المعلمين العليا التي تخرج فيها عام 1914 بعدها عمل بإحدى المدارس الإعدادية ومنها عينته وزارة المعارف عام 1919 في مدرسة ابتدائية في بني سويف؛ ثم انتسب إلى مدرسة الحقوق الخديوية؛ وتخرج فيها واتجه إلى العمل بالقاهرة حيث عين بمدرسة الأمير فاروق ومكث بها 11 وتمثل هذه المرحلة نقطة فاصلة في حياة أبو حديد فأثناء وجوده في هذه المدرسة اتجه إلى الكتابة وأنتج وقتئذ قصة ابن الملوك وأوبري تميسون الغجرية وقصصًا مدرسية؛ ومن الكتب التي تأثر بها في تلك الفترة كانت رواية آلام فرتر للألماني جوته فتأثر جدا بذلك الأديب الذي رفض أن يشغل قلمه الكبير ويشغل الناس معه بمسألة تافهة.

شغل العمل العام مساحة كبيرة من حياة أبو حديد فكان أبو حديد عضوا في عدد هيئات منها رابطة الربية الأهلية وجمعية المعلمين والجمعية المصرية للدراسات الاجتماعية ومؤسسة التأهيل المهني ورعاية الأحداث.

نال جائزة الدولة عن كتابه "الوعاء المرمري" عام 1952؛ ومن أبرز مؤلفاته صحائف من حياة، مقتل سيدنا عثمان، ميسون الغجرية، صلاح الدين الأيوبي، خسرو شيرين، سيرة عمر مكرم، الملك الضليل، جحا في جانبولاد، مع الزمان، المهلل سيد بني ربيعة، زنوبيا، آلام جحا، عهد الشيطان، أبو الفوارس عنترة، عمرون شاه، كريم الدين البغدادي، أزهار الشوك، أنا الشعب؛ وترجم عدة كتب إلى العربية من أبرزها سهراب ورستم، فتح العرب لمصر، دعائم السلام، آلة الزمن، نبوءة المترجم، فن التعليم، ما كبث؛ وتوفي في 18 مايو سنة 1967.