الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

صلاح الدين الأيوبي في عيون الغرب.. مؤرخ سقوط الإمبراطورية الرومانية: كان متواضعًا لا يعرف البذخ.. "دانتي": أعظم أبطال العرب والإسلام.. و"بوكاتشيو": أسطورة

صلاح الدين الأيوبي،
صلاح الدين الأيوبي،
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قائد عسكري أسس الدولة الأيوبية، ولد بمدينة تكريت في العراق عام 532 هـ/1138، ووحد مصر والشام والحجاز في ظل الراية العباسية، بعدما قضى على الخلافة الفاطمية التي استمرت 262 سنة.
اشتهر بتسامحه ومعاملته الإنسانية لأعدائه، ويُعد من أكثر الأشخاص تقديرًا واحترامًا في العالمين الشرقي الإسلامي والأوروبي المسيحي، حيث كتب المؤرخون الصليبيون عن بسالته في عدد من المواقف، أبرزها عند حصاره لقلعة الكرك في مؤاب.
إنه صلاح الدين الأيوبي، الذي قاد عدّة حملات ومعارك ضد الفرنجة وغيرهم من الصليبيين الأوروبيين لاستعادة الأراضي المقدسة بعدما استولى الصليبيون عليها في أواخر القرن الحادي عشر.


لم يكن "الأيوبي" مجرد شخصية تاريخية، بقدر ما أصبح أسطورة يقدسها العرب والغرب أيضًا.
وأمس خرج علينا الكاتب والمُفكر، يوسف زيدان، الذي صرح بأن "صلاح الدين" من أحقر شخصيات التاريخ، لتعامله العنيف، وأفعاله مع الدولة الفاطمية، وبعيدًا عن الجدل الذي نتج عن ذلك التصريح من شيوخ ومفكري مصر والعرب، ترصد «البوابة نيوز» رد أساطير الغرب على اتهامات "زيدان".
هناك الكثير من الشهادات المُشيدة بأسطورة صلاح الدين الأيوبي، الموجودة داخل حقول وأساطير بلاد الغرب، خاصةً ما تناولوه عنه بتعامله وسماحته في قضية الأسرى، فذكره المؤرخ الفرنسي "كلود كاهن" بأنه الشخصية الشعبية الأكثر تقديرًا لدى عامة المسلمين خلال عصر الحروب الصليبية.
وكان لاستعادة الأراضي المقدسة، طفرة كبيرة في تاريخ "الأيوبي" التي أظهرت منه الجانب الإنساني اكثر من المحارب المغوار، فذكره المؤرخ الصليبي أرنول: قائلًا «اجتمع كثير من النساء اللواتي دفعن الجزية وذهبن للسلطان يتوسلن قائلات: إنهن إما زوجات أو أمهات أو بنات لبعض من أسر أو قتل من الفرسان والجنود، ولا عائل ولا سند لهن الآن ولا مأوى، ورآهن يبكين فبكى معهن تأثرًا وشفقة، وأمر بالبحث عن الأسرى من رجالهن وأطلق الذين وجدهم منهم وردهم لنسائهم».
وأضاف خلال سرده عنه، وأما اللواتي مات أولياؤهن، فقد منحهن مالًا كثيرًا.

وعندما تحدث عنه، قال المؤرخ البيزنطي "نيكتاس خونياتس": «المسلمون أكثر رحمة من الصليبيين، فعندما استعادوا بيت المقدس عاملوا اللاتين بلطف ورقة، وحافظوا على حريمهم، ولم ينتهكوا، ولم يدنسوا على الإطلاق قبر المسيح، وحرصوا على عدم دفن موتاهم بجواره». 
وأشاد به مؤرخ سقوط الإمبراطورية الرومانية "إدوارد جيبون"، قائلًا: «كان متواضعًا لا يعرف البذخ ولا يرتدي إلا العباءة المصنوعة من الصوف الخشن، ولم يعرف إلا الماء شربًا، وكان متدينًا قولًا وفعلًا، يشعر بالحزن لعدم تمكنه من أداء فريضة الحج، لأنه كان منهمكًا في الدفاع عن دين الإسلام».
وعن سعيه لبناء تاريخ قوي بين الشرق، والغرب، قال المؤرخ البريطاني "هاملتون": «عهد صلاح الدين أكثر من مجرد حادثة عابرة في تاريخ الحروب الصليبية، فهو يمثل إحدى تلك اللحظات النادرة والمثيرة في التاريخ البشري» مضيفًا: «استطاع صلاح الدين أن يتغلب على جميع العقبات لكي يخلق وحدة معنوية برهنت أن لها من القوة ما يكفي القول للوقوف بوجه التحدي من الغرب».

"دانتي"
ركزت معالجة "دانتي" على مكانته في أوروبا، في القرون الوسطى، والتي جعلته أسطورة عظيمة توازي سقراط، وأفلاطون، وأقليدس، وجالينوس، لإثبات شهرته بالفضائل في أوروبا القرن الرابع عشر.
ووصف دانتي، صلاح الدين الأيوبي، بعد وفاته بمائة عام أعظم أبطال العرب والإسلام ومؤسس الدولة الأيوبية (1171) الذي هزم الإفرنج (الصليبيين) في موقعة حطين الفاصلة (1187).
وشمل دانتي صلاح الدين مع العظماء ووضعه في منزلة رفيعة في كتابه الكوميديا الإلهية التي كتبها (1308 - 1320)، وأكرمه على الرغم من أن شهرته أتت من انتصاراته على (الإفرنج – الصليبين).

"بوكاتشيو"
سرد "بوكاتشيو" صلاح الدين بـ"الأسطورة"، بعدما حقق العديد من الانتصارات على الملوك المسلمين والمسيحيين، مؤكدًا بسالته في التعامل مع الأبرياء والنساء والأطفال خلال حروبه مع الصليبيين. 
ليسنغ
اختار صلاح الدين ممثلًا للإسلام في مسرحيته (ناثان الحكيم)، عام 1779، وذلك لأنه كان على دراية بالتراث الأسطوري، الذي كان قد نشأ في أوروبا عن صلاح الدين، ويعد ليسنغ، أحد الرموز البارزة في عصر التنوير الألماني.
الأيوبي بالتراث الفرنسي 
أصبح "صلاح الدين"، أسطورة داخل بعض الكتب الفرنسية، مثل "تاريخ ما وراء البحار، حيث أطلق صاحب هذا الكتاب عليه بأنه التركي، الفارس، الذي كان باسلًا جدًا، وحكيمًا
وظهر صلاح الدين، بشخصية رئيسية عن عائلة "بونتيو" الفرنسية بعنوان (ابن الكونت بونتيو).
كما اعتمدت سلسة حكايات "نظام الفروسية" على رصد حرب صلاح الدين مع ملكة تركيا، تظهر صورة مماثلة (صلاح الدين) كبطل شهم، في العديد من الرومانسيات الفرنسية في القرون الوسطى.
وكان على رأسها، "أغنيات المطرب الجوال من مدينة ريمس" الذي يربط "صلاح الدين" بـ"إليانور" صاحبة يوردو، زوجة لويس السابع ملك فرنسا.
وظهرت صورة صلاح الدين، بقصيدة "نظام الفروسية" في القرن الثالث عشر ملكًا مسلم أكثر ولاءً.

"صلاح الدين في الدراسات البحثية في القرن العشرين"
ظهرت عديد من الدراسات حول شخصية صلاح الأيوبي، لكبار الكُتاب والمؤرخين، مثل: "لين بول، وهاملتون كب"و أكد كُتاب هؤلاء على صورة صلاح الدين السليمة. 
وصفه روزبولت، بأنه "بطل متجذر في أسمى مبادئ الفروسية"، "وفارس لجميع الأزمنة، كامل في مظهره، كامل في سلوكه؛ عظيم في السخاء والتهذيب الأخاذ، كما لو أنه قد ولد بالتأكيد ليرتدي الأرجواني.
وقال لين بول، انه كرفيق مألوف، وأنيس، يحمل اسمًا محببًا.
مجلة (TIME) أصدرت
عدد خاص 1993 عن الألفية الثانية وكان صلاح الدين الأيوبي الوحيد من العرب، جاء فيه: "لم يخرج في التاريخ قائد عربي يشبه صلاح الدين لقدرته العسكرية وحبه للجهاد إلى جانب عدله ورأفته بالضعفاء وقد أعطى مثلًا غير مسبوق لقادة التاريخ بأنه لم يقتل أي شخص عندما انتصر وحرر القدس من الغزاة وحافظ عليها.