الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

جان دوبوفيه.. عدو التفاخر الثقافي

الرسام الفرنسي جان
الرسام الفرنسي جان دوبوفيه
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رسام متعدد المواهب عشق المسرح والموسيقى فأبدع فيهما، فرض فنه الذي لم يكن مألوفًا في عصره من خلال عبقريته التي تجلّت فيما قدمه من أعمال، إنه الرسام الفرنسي جان دوبوفيه، المولود بفرنسا، عام 1901، والذي كان مترددًا بين عمله مع والده في الخمور وبين فنون الرسم، حيث اختار طريق الفن عندما تجاوز الأربعين من عمره، وقال عنه مؤرخ الفن توماس ميسر: "كان دوبوفيه خصمًا لدودا للتفاخر الثقافي، ونصيرًا متحمّسًا لتعبير جادّ وطريف يتجاوز عالم الثقافة".
أقام "دوبوفيه" أول معرض له وهو في الثالثة والأربعين من عمره، وفرض فنه الذي لم يكن مألوفًا في عصره، واختار المواد الخام في رسوماته، والتي كان يستخدمها في طفولته، والتي عبرت عن الحياة اليومية مثل "الجالسون في مترو باريس".
كان دوبوفيه ينتمي إلى المدرسة الوحشية، واستخدام الطين، والفحم، والحصى، والأسمنت، في عمل لوحاته التي تختلف عن الطريقة التقليدية والرسم على القماش مما جعله يختلف عن رسامي عصره.
كما وجه فنه للعناية بالبرية المهملة المكسوة بالأتربة، والحجارة، وذلك أتضح جليًا في لوحة "وادي البرية"، وكذلك لوحة "للأعشاب الطفيلية"، ولوحة "الحمار التائه"، واستقر بنيويورك لمدة سنة، ثم عاد إلى فرنسا ليوزع وقته بين باريس وفانس على الساحل اللازوردي، سائرًا على خطى ماتيس، حيث ركز اهتمامه على المواد الفقيرة واللامادية فأنجز بورتريهات يغلب عليها الغموض والالتباس سماها "دمى بشرية".
تواصل بحثه في نطاق ما أطلق عليه ثيمة "اللحى"، حيث بدأت تظهر في أعماله خطوط معقدة يرسمها بالقلم أو الريشة، وأحيانا بقلم حبر جاف. ثم أقبل على الألوان الفاقعة ليعبر عن عالم معاصر محموم، يضل طريقه في متاهات المدينة وممرات محلاتها التجارية كما في لوحة "جاليري لافاييت".
قبل أن ينصرف إلى الكتابة الآلية بابتكار رسوم يكشطها بمشارب حمراء وزرقاء، كانت بداية حلقة "عدسة الساعة" مثل لوحة "إبريق الشاي"، وكان لخصوماته العاصفة مع السلطة وقناعته الراسخة بأن آثار الفنان لا تفهم، إلا عبر رؤية شاملة ومعزولة، دور في التشكيلتين المعروضتين في معرض لنديرنو، فقد اختار في منتصف مسيرته أن يؤلف "وثائق مرجعية مكتملة لمن يريد دراسة تطور أشغاله"، كما عبر عن ذلك بنفسه.
وهب جان دوبوفيه لمتحف الفنون الزخرفية، مجموعة تتكون من 21 لوحة و7 منحوتات و144 رسمًا على الورق وعدة مطبوعات حجرية، نظرًا لصداقته القوية مع مديره فرانسوا ماتيه، ثم بعث مؤسسته الخاصة لحفظ جملة من الأعمال يمكن للجمهور الاطلاع عليها، وجعلها خاضعة لتسلسل زمني يوازي تطور تجربته، ورحل جان دوبوفيه عن عالمنا في مثل يوم غد الجمعة 12 مايو من عام 1985.