الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الطابور الخامس الأمريكي.. وسياسة "ترامب" ووعوده

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يوجد طابور خامس داخل الولايات المتحدة الأمريكية. بعض أعضائه من الأمريكيين من أصول عربية وكورية وروسية وبريطانية يعمل لصالح التنظيم الدولى للإخوان المسلمين وروافده وأهمها جماعة الإخوان الإرهابية، ويعمل أيضًا ضد المصالح القومية الأمريكية.
استطاع هذا الطابور الخامس أن يسهل لبعض قيادات وأعضاء جماعة الإخوان الإرهابية أن تخترق مؤسسات صنع القرار الأمريكى مؤسسة الرئاسة (البيت الأبيض) والكونجرس ووزارة الخارجية والوكالة المركزية للمخابرات الأمريكية والعديد من مراكز البحوث والدراسات السياسية والاستراتيجية التى لها علاقة بمؤسسة الرئاسة الأمريكية، ولم يتمكن الطابور الخامس الأمريكى من اختراق المؤسسة العسكرية الأمريكية (البنتاجون).
وقد تلاقت أهداف الطابور الخامس مع أهداف جماعات الضغط الأمريكية وأهمها وأخطرها منظمة «أيباك» الإسرائيلية وبالموافقة والدعم والتخطيط والاشتراك من الرئيس الأمريكى السابق أوباما. وكان أوباما يكره العرب والمسلمين على الرغم من أنه من أصول إفريقية إسلامية فوالده حسين كان إفريقيا مسلمًا وعضوًا فى جماعة الإخوان، فعمل أوباما منذ ولايته الأولى على أن ينشر الفوضى والتمرد والثورات داخل ربوع الوطن العربى لإسقاط الدول العربية وإعادة تقسيمها؛ ولذلك كان على علاقة بقيادات التنظيم الدولى للإخوان فى الولايات المتحدة وتبنى جماعة الإخوان المسلمين فى مصر ودعمها ماليًا وسياسيًا وعسكريًا حتى أوصلها إلى حكم مصر فى شخص الإرهابى الخائن مرسى العياط الذى استمر فى الحكم عامًا كئيبا مظلما (يونيو ٢٠١٢- يونيو ٢٠١٣) ضرب فيه كل شىء وأخرج المجرمين والإرهابيين والخونة من السجون وعبث بكل الأصول والثوابت المصرية وخان الوطن وباع أسراره العسكرية لقطر وتركيا وإسرائيل. فاعتدى بذلك على الأمن القومى والسيادة المصرية وفقًا لاتفاقه مع أوباما. هنا لم يتحمل الشعب أن يكون رئيسه العميل الخائن مرسى العياط، فقام بثورته المجيدة فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣ ليسقط حكم الخيانة والمرشد العميل للولايات المتحدة ويعيد السيادة والأمن والاستقرار وحرية القرار لمصر، ويبدأ فى إصلاح وترميم وإعادة بناء مؤسسات الدولة وفى مقدمتها كنائسها ومساجدها التى دمرها وحرقها حكم مرسى والمرشد والشاطر، فعادت الابتسامة على وجوه الشعب المصرى، وبدأ يسمع أذان الصلاة وأجراس الكنائس.
وشعر أوباما أن مخططه الإجرامى الذى كلف الخزانة الأمريكية نحو ٨ مليارات دولار قد سقط، فقام بمحاصرة مصر اقتصاديًا وعسكريًا وسياسيًا ودعم الإرهاب والتطرف فى مصر والوطن العربى وزرع داعش ودعمها بالمال والسلاح والتدريب لتتحول المنطقة العربية إلى ساحة من الصراعات العسكرية والنار والدمار، ظنًا منه أن السبيل الوحيد لإعادة إحياء مشروعه الاستعمارى لإسقاط الدول العربية وإعادة تقسيمها هو نشر الإرهاب واستنزاف الموارد والثروات العربية فى تحمل تكلفة مواجهة هذا الإرهاب مما يؤدى إلى تدهور أحوالها الاقتصادية ويشعر الشعب بالضيق لارتفاع أسعار السلع والخدمات فيثور وينزل إلى الشوارع وتنتشر الفوضى والخراب من جديد.
وقد وصف كثير من السياسيين والاستراتيجيين الأمريكيين والأوروبيين تلك السياسة بالتطرف والإرهاب ضد الدول العربية والإسلامية ومحاولة التدخل فى أنظمتها السياسية وشئونها الداخلية بحجة مساندة شعوبها فى حصولهم على الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وهى كلمات لم تعد تخدع أى إنسان بسيط، فقد نجحت الدول العربية فى كشف القناع عن وجه أوباما الإرهابى الذى ضرب المنطقة العربية ونشر فيها الفوضى والفساد والخراب والتطرف والدمار وضرب ليبيا بالصواريخ والقنابل المحرمة دوليًا حتى تحولت إلى حفائر وأطلال وصارت أهم بؤرة إرهابية فى العالم. ثم عرج على سوريا فخربها ومول الإرهاب داخل الأراضى السورية لإسقاط النظام والدولة وتقسيمها، كما قام بترويع الدول الخليجية النفطية وتخويفها من دول الجوار إيران والعراق واليمن بعد أن أنهى الأزمة الإيرانية الأمريكية، التى انفجرت بسبب محاولة إيران بناء محطة نووية تستخدم للأغراض السلمية، وتم رفع الحظر عن الأموال الإيرانية التى كانت موجودة داخل البنوك الأمريكية.
كل هذه الممارسات أدت إلى وجود كساد اقتصادى فى الولايات المتحدة والعالم، فتراجعت حركة التجارة العالمية وانتشر الإرهاب والفساد وأتاحت الفرصة لكوريا الشمالية بأن تطور قدرتها النووية حتى صارت تمتلك قوة نووية هائلة تهدد أمن وسلامة الولايات المتحدة الأمريكية، وهذه الدولة تسعى اليوم لتكوين علاقات صداقة مع بعض دول العالم وهو ما يمثل خطرًا جسيمًا على السلام والأمن الدوليين. وإذا ما تمكنت كوريا الشمالية من مساعدة بعض الدول فى امتلاك السلاح النووى مقابل الأموال التى تحتاج إليها ونكاية فى الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية فإن العالم سيصبح مهددًا بحروب لا يعلم إلا الله عز وجل نتيجتها، وستتغير موازين القوى فى النظام الدولى ويصبح مبدأ توازن القوى بديلًا عن توازن المصالح، وهكذا يدخل العالم فى صراعات قد تتحرك وتتحول إلى صراعات عسكرية يستخدم فيها السلاح النووى.
وفى إطار هذه الظروف والمتغيرات لمس الخبراء السياسيون لأول مرة حياد الشعب الأمريكى فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة وبعده عن انتمائه الحزبى أو العقائدى أو العرقى فاختار الأقوى والأصلح والأكثر مصداقية وخدمة للمصالح القومية الأمريكية وهو الرئيس دونالد ترامب الذى أكد على ضرورة عودة هيبة واحترام الولايات المتحدة بين دول العالم، والاهتمام بالاقتصاد الأمريكى وأيضًا بناء علاقات محترمة مع دول العالم دون التدخل فى شئونها الداخلية، ولذلك انتظر العالم نتيجة الانتخابات الرئاسية التى تنافس فيها دونالد ترامب مع هيلارى كلينتون التى تتبنى سياسة أوباما الإرهابية، وشعر العالم خصوصًا الدول العربية بالارتياح بعد فوز ترامب وسقوط كلينتون.
وإذا كان بعض المحللين السياسيين والاستراتيجيين العرب بدأوا يشعرون بالقلق ويعلنون بأنهم لا يتوقعون خيرًا من وراء الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إزاء قضايا الوطن العربى الساخنة التى كان قد وعد ترامب بحلها، وفى مقدمتها القضاء على داعش ومحاربة كل أشكال الإرهاب وضع جماعة الإخوان ضمن الجماعات الإرهابية بالنسبة لأمريكا، مساعدة مصر فى حربها ضد الإرهاب، حل القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية للوطن العربى على أساس دولتين والأرض مقابل السلام.
إلا أننى أجد أنه من المفيد أن ننتظر ونشاهد ولعلى أكون قد بنيت تصورى هذا من خلال سير الأحداث على الساحة السياسية الأمريكية، ونتائج الانتخابات التى لم تستطع آلة الإعلام الأمريكى القوية للغاية ولا اللوبى اليهودى الخطير الذى كان يدعم كلينتون ولا الطابور الخامس الأمريكى أن يؤثروا على نتائج الانتخابات كما كانوا يفعلون قبل ذلك دائمًا.
ويرجع ذلك لسببين: الأول، إذا كان اللوبى اليهودى الذى يمثل أهم وأخطر جماعات الضغط فى الولايات المتحدة قد ساند المرشحة كلينتون، فإن جماعات المصالح الموجودة داخل الولايات المتحدة الأمريكية والتى تتكون من أباطرة المال والصناعة وعمالقة رجال الأعمال وبيوت المال والدعاية والعلاقات العامة كانت تساند ترامب.
والسبب الثانى، وهو الأهم أن الشعب الأمريكى كان غاضبًا من هيلارى كلينتون التى سبق أن حملت حقيبة وزارة الخارجية الأمريكية فى بداية فترة حكم الرئيس أوباما، وهو الرئيس الأمريكى الذى كان الشعب رافضًا لسياسته التى أضرت بالمصالح الأمريكية، وزلزلت مكانتها وقوتها، وضربت اقتصادها حتى أصبح حجم الدين الخارجى للولايات المتحدة نحو ٢٤ تريليون دولار، إلى جانب ما أدت إليه هذه السياسة من تأثير سيئ على شعور العداء والكراهية ضدها من معظم دول وشعوب العالم وخاصة الدول العربية. وهى الدول التى تتركز فيها المصالح الأمريكية وتعتبر من أهم حلفائها.