الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

صدقة المليار جنيه.. الحكومة رفعت شعار"قرشنات قليلة تمنع بلاوي كتيرة".. قررت دعم المواطن في رمضان بـ14 جنيهًا.. نفحة تُصرف على بطاقة التموين.. خبراء: الفقراء يدفعون ضرائب أكثر 10 أضعاف من الدعم المقدم

الحكومة المصرية -صورة
الحكومة المصرية -صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بركاتك "يا مصيلحي"، هتافات الفرح فور إعلان وزير التموين والتجارة الداخلية عن منحة المليار جنيه دعمًا من الحكومة للمواطنين في الشهر الفضيل، تصرف بقيمة 14 جنيهًا لكل فرد على البطاقة التموينية، في إطار خطط وإجراءات الحماية الاجتماعية للشعب، وهل هذا يكفي في ظل جنون الأسعار وارتفاع مؤشرات الفقر، مواطنون ردوا "أحسن من مفيش"، ورأى خبراء أن الحكومة يبدو أنها تستفيق ناحية المواطن، وأكدوا أنها تحصل من الفقراء ضرائب 10 أضعاف من الدعم المقدم لهم".

وقال الدكتور وليد جاب الله، الباحث والخبير الاقتصادي، المؤكد أنه وفقًا لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تتبناه الحكومة فإن أحد أركانه هو ترشيد الدعم الحكومي من خلال إعادة هيكلته ليقتصر على المواطنين غير القادرين فقط، وقد تبلور الاتجاه لترشيد الدعم بوضوح في زيادة أسعار الكهرباء والوقود والعديد من الخدمات الحكومية، فضلًا عن الاتجاه لتخفيض أعداد المواطنين المستفيدين من بطاقات التموين، ذلك الأمر الذي تسبب في زيادة الأعباء على المواطنين.
أضاف جاب الله، انه فى محاولة التخفيف من هذه الأعباء اتجهت الحكومة إلى تطوير مظلة الضمان الاجتماعي، من خلال عدة طرق أهمها مشروع تكافل وكرامة والذي بموجبه تم تقديم دعم نقدي إلى نحو 1،7 مليون أسرة فقيرة، وكذلك بعض الزيادات الطفيفة في دعم المقررات التموينية، إلا أن تلك المحاولات لم ترتب سوى أثر محدود في ظل استمرار زيادة معدل التضخم الذي وصل لنحو 29% في يناير2017، والذي كان من أثره زيادة كبيرة في الأسعار أثرت في مستوى معيشة كل المواطنين خصوصا الطبقة المتوسطة والفقيرة، وأمام ذلك طالب البعض بزيادة الأجور، وهو الأمر الذي لن يحل المشكلة في ظل تعثر عجلة الإنتاج وانخفاض الإيرادات من العملات الأجنبية.
ورأى جاب الله أن الحل الحقيقي يتمثل في الدور الحكومي في مجال تشجيع الاستثمار وتنمية قطاعات الإنتاج والخدمات التي تُدر عملات أجنبية بما يعزز من سعر صرف الجنيه المصري فترتفع القيمة الحقيقية للأجور الحالية، فضلًا عن دور الحكومة في إعادة هيكلة سوق التجارة الداخلية وزيادة مرونته، والعمل على القضاء على احتكارات استيراد وتجارة السلع، وفي الجانب الآخر يجب على المواطنين وتنظيمات المجتمع المدني محاربة جشع التجار الذين يستغلون الوضع الحالي، وإعادة الترويج لنظام الجمعيات الاستهلاكية التي توفر السلع لأعضائها دون المرور على مراحل التجارة الداخلية.

ولفت محمد أبو الفتوح نعمة الله، مدير مركز وادى النيل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إلى أنه فى ضوء الزيادات المعلنة للأسعار بعد تحرير سعر الصرف وفقد الجنيه المصري أكثر من 60% من قيمته الحقيقية خلال ساعات من تحرير سعر الصرف كان من المتوقع زيادة قيمة الدعم التمويني إلى ما يزيد عن 77 مليار جنيه مقابل أقل من 38 مليار جنيه فى الموازنة للحفاظ على القيمة الحقيقية لدعم المواطن الفقير لكن ما حدث أن الحكومة قامت بزيادة الدعم العيني للمواطن بثلاثة جنيهات فقط، والنتيجة أن السلع العينية التى كان يحصل عليها المواطن قبل قرار التعويم كانت تمثل ضعف ما يحصل عليه بعد قرار التعويم.
تساءل نعمة الله، هل تمثل 21 جنيها شهريا دعما حقيقيا للمواطن الفقير، وهى لا تكفى لشراء كيلو واحد من السكر والزيت أو الأرز، خصوصًا أن لدينا أكثر من ثلث المصريين يعيشون فى فقر مدقع بأقل من 444 جنيها شهريا طبقا للتعريف الحكومي للفقر، بينما نجد الحد الحقيقي للفقر يصل إلى 1100 جنيه شهريا للفقر بمعدل دولارين يوميا أى أن متوسط الدخل للأسرة المكونة من 5 أفراد يجب ألا يقل عن 5 آلاف وخمسمائة جنيه وإلا كنا أمام أسرة تعيش فى فقر مدقع ولا تستطيع الوفاء باحتياجاتها الأساسية، وبالتأكيد لا يمكن القول أن الحكومة فى مصر تقدم دعما حقيقيا للفقراء فى مصر بينما نجد ضرائب استهلاك وجمارك تزيد على ثلث قيمة السلع الأساسية، بينما تخصص لهم الحكومة 21 جنيها دعما غذائيا شهريا وهو ما يعنى أن الحكومة لو رفعت ضرائب الاستهلاك على السلع الأساسية والاستراتيجية للفقراء فسيكون الفقراء أفضل حالا.
تابع نعمة الله، أن قيمة ما تحصله الحكومة من أكثر الأسر فقرا من ضرائب وجمارك للسلع الأساسية يزيد عن عشرة أضعاف الدعم على أقل تقدير فكل أسرة فقيرة فى مصر طبقا لمتوسط أبحاث الاستهلاك تدفع للحكومة أكثر من 1000 جنيه شهريا على استهلاكها الغذائي من السلع الأساسية وهو أمر غير مقبول على أى مستوى ويجحف بحقوق الفقراء والمستهلكين كذلك، خصوصا فى مجتمع تزيد نسبة الفقراء به عن ثلثى عدد السكان طبقا للكثير من الإحصاءات الدولية، خصوصا أن ثلثي السكان يعانون من أنيميا حادة وأمراض سوء تغذية، وهو ما يؤثر على معدلات النمو والذكاء بل والقدرات الجسمية والصحية فلدينا على سبيل المثال نحو ربع أطفال مصر يعانون التقزم نتيجة سوء التغذية ويتسربون من التعليم نتيجة للفقر المدقع لأسرهم.
وطالب الباحث الاقتصادي، الحكومة بإعفاء السلع الأساسية من جميع أنواع الضرائب والرسوم والجمارك ولو بحد أقصى للمشتريات شهريا للفئات الفقيرة والأكثر فقرا، كما عليها أن تعمل بفعالية لعلاج مشكلات الفقر والبطالة وتحسين معدلات القيمة المضافة ومضاعفة الدخل القومي ومتوسط الدخل حتى نتحدث عن دعم حقيقي للمواطن أما ما يحدث حاليا فلا يمثل أي نوع من الدعم للمواطن الفقير، بل على العكس يحمله الكثير من أعباء التنمية والأزمات الاقتصادية التي تسببت فيها الحكومة بشكل مباشر.