الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"آباء.. وقتلة" .. "البوابة نيوز" تحقق في مقتل طفلة معاقة على يد والدها.. الأم: رفض استخراج شهادة ميلاد لها.. أهله قالوا له "هتجيب لك الفقر".. وتخلص منها بعدما عايروه بإعاقتها

البوابة نيوز في منزل
"البوابة نيوز" في منزل والدة طفلة ضحية والدها الحداد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

داخل شارع صغير مطل على طريق زراعي بأبو رواش، الهدوء التام، البيوت متشابهة، الأبواب مغلقة، الشارع خالٍ من المارة، أمام منزل سكني صغير يخيم عليه الحزن، أهل المنزل غارقين في دموعهم، لفراق طفلة عمرها عام ونصف، بعدما قتلها والدها بدم بارد لمعايرة أهله له بإعاقتها.

تناثرت الأقوال حول مقتل "ريتاج" ما بين الوفاة طبيعية بشهادة التقرير الطبي، وما بين الشبهة الجنائية باتهام والدة الطفلة لوالدها بقتلها والتخلص منها بسبب معايرة أهله لها بعجزها وإعاقتها وعدم قدرتها على المشي.


والتقت "البوابة نيوز" بوالدة الطفلة تدعى "شيماء بليدي سعيد" 25 عامًا ربة منزل، التي روت تفاصيل معاناتها مع تلك الفاجعة التي مرت بها: تزوجت منذ 5 سنوات من "أحمد سعد الدين حجازي" 38 عامًا حداد، وكان عمري وقتها لم يتعدَ الـ20 عامًا، وكنت بالنسبة لفتيات القرية قد تأخرت في الزواج، بالإضافة إلى تَركي للتعليم منذ الصف الثالث الابتدائي.

وأضافت: تم الزفاف وأقمت في منزل عائلي مكون من ثلاث طوابق وكان من المفترض أن يكون لي شقة خاصة به إلا أني كنت أجلس طوال اليوم برفقة عائلته لخدمتهم وقضاء حاجتهم، لم أشتكِ مطلقًا من سوء معاملة أهله فكنت راضية بما قسمه الله لي، وقررت أن أصبر على حياتي بحلوها ومرها، إلى أن أنجبت طفلتي الأولى "منة" وانقلب المنزل بما فيه على رأسي بسبب إنجاب "أنثى"، فهو كان يرغب في أن تكون أول ذريتهم ذكر، عاملني معاملة سيئة وحبسني في المنزل ومنعني من زيارة أهلي، وإذا جاءوا لزيارتها جلست برفقتهم حماتي أو إحدى شقيقاته لمراقبتي ومنعي من التحدث مع أهلي والشكوى لهم.

وتابعت: بعد مرور عام ونصف، من ولادة الطفلة الأولى، اكتشفت حملي مرة أخرى مما أثار غضب زوجي بحجة أنه لم يقدر على مصروف طفلة واحدة فكيف باثنتين، وبدأت تتفاقم المشاكل بيننا شيئًا فشيئًا، إلى أن اعتدى عليّ بالضرب فذهبت لمنزل أهلي غاضبة، فتوجه خلفي وقام بإشعال النار في منزل عائلتي، مما أثار غضب والدي الذي أصر على عدم عودتي له مرة أخرى، ومرت عليّ الأيام في منزل والدي إلى أن وضعت طفلتي الثانية "ريتاج"، وطوال تلك الفترة لم يسأل عني، وعندما علم بولادتي للطفلة الثانية رفض تسجيلها باسمه وعمل شهادة ميلاد لها، ثم بعد ذلك قررت "شيماء" العودة له من أجل طفلتيها رغما عن أهلها، وعادت معه على أمل أن يصلح الله حاله، وعندما بلغت طفلتي "ريتاج" العام والنصف، وعندما رأوها أهله تعجبوا من عدم قدرتها على المشي ففي اعتقادهم أن الطفل إذا بلغ العام من عمره يجب أن يجري وليس يمشي".


واستطردت: "بدأ أهله بالإلحاح علينا لعرض الطفلة على طبيب، وتوجهنا بالفعل لزيارة أحد الأطباء والذي قال إن الطفلة تعاني من ضعف في الأعصاب ولكنها ليست عاجزة، ولكنهم فسروا تشخيص الطبيب أن الطفلة عاجزة ومعاقة، وأن زوجي سوف يصرف كل ما يملكه من أجل علاجها ولذلك عليه التخلص منها، وبدأوا في معايرته بها وكأنها عار عليهم متناسين أن الطفل المعاق هو جنة والديه على الأرض، مما جعله يعاملها بوحشية ويلقيها على الأرض، قائلًا: "جبتلنا الفقر"، ليصيبها بشرخ في الركبة.

وعن يوم الواقعة، روت الزوجة الملكومة: بعد مرور أيام كانت الساعة تشير إلى الثامنة مساءً طلبت من زوجي أن يسمح لي بالذهاب إلى الكوافير وأخذت طفلتي "منة" وتركت "ريتاج "معه هو ووالده وشقيقاته، وعندما عدت سألته عنها ليخبرني أنه قام بتنويمها، وطلب مني ألا أدخل إلى الغرفة حتى لا تفيق، وحاولت أن أدخل إلى الغرفة التي تتواجد بها الطفلة ولكنها كانت مغلقة، وفي الليل قال لي إنه سينام بجانب الطفلة، وفي الصباح وجدتها جثة هامدة وبها خدوش بالظهر وكدمات بالصدر.

وأضافت: توجهنا إلى مستشفى أحمد سعيد للكشف الطبي على الطفلة، ثم استلمنا تقرير طبي بأن الوفاة طبيعية ولا يوجد بها أي شبهة جنائية، وتعجبت من التقرير الطبي حيث إني رأيت بعيني أن طفلتي قُتلت، وبعدما تم دفن الطفلة دون تصريح وفاة نظرا لعدم تسجيلها بشهادة ميلاد من الأساس، وتوجهنا إلى المنزل لأخذ العزاء فقلت لحماتي إن زوجي قتل طفلتي، فهددوني ألا تقول هذا الكلام مرة أخرى أمام أحد وإلا سوف يكون مصيري نفس مصير طفلتي.

وأشارت: "حضر والدي وشقيقتي لتقديم واجب العزاء، وراقبني حماتي وحمايا، حتي لا أتحدث بأي كلمة لأهلي، وبعد أن غادروا قال لي حمايا إنها إذا استمرت علي هذا النحو ولم تخبر أحد بمقتل طفلتها سوف يشتري لها "قرط ذهبي"، وبعد مرور 3 أيام على دفن الطفلة قالوا لي إنهم سوف يفتحون القبر بحجة ترميمه ولكني كنت أعلم أنهم يرغبون في فعل ذلك حتى يقوموا بإخفاء الجثة خاصة أنه لا يوجد شهادة ميلاد أو وفاة تثبت أن لدينا طفلة من الأساس، وقاموا بحبسي لمدة 19 يومًا بالمنزل وحاول زوجي أكثر من مرة أن يتخلص مني حتى لا أكشف سره، ففي إحدى المرات حاول أن يصيبني بماس كهربائي عندما وضع "فيشة الغسالة" أثناء إخراج الملابس منها ولكني انتبهت على آخر لحظة.

وذات يوم غافلتهم "شيماء" وهربت إلى منزل أهلها لتبوح لهم بمقتل طفلتها، ثم أخذها والدها بعد ذلك إلى قسم الشرطة وحررت محضرًا ضد زوجها وعائلته تتهمهم فيه بقتل طفلتها، وبعرضهم على النيابة العامة، اعترف والد المتهم بإعطائه رشوة للعاملين بمستشفى أحمد سعيد ليستخرجوا تقرير طبي للطفلة يفيد بأن الوفاة طبيعية لإبعاد الشبهة الجنائية عن نجلهم.

وبسؤال مغسلة الموتى أقرت بأن الجثة كان بها كدمات بالصدر وخدوش بالضهر والرقبة، فأمرت النيابة بسرعة استخراج الجثة لتشريحها.

اختتمت الأم حديثها لـ"البوابة" أنها لم تتخيل أن يوجد إنسان بهذة القسوة يعذب ويقتل رضيعته لاعتقاده أنها معاقة وعار عليه وسوف ينفق كل ما يملك على علاجها، وأنه أهله سوف يساعدونه في ذلك، مطالبة من القضاء حق طفلتها والحكم بإعدامه.