الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لستم وحدكم.. نحن معكم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نقول هذا لأسرى شعبنا الفلسطينى البطل، بمناسبة دخول إضرابهم عن الطعام أسبوعه الثالث، والذى بدأ فى ١٧ إبريل الجارى فى جميع السجون والمعتقلات الصهيونية، تحت شعار «فى معركة الحرية والكرامة» والذى شمل ١٥٨٠ أسيرًا يمثلون جميع أطياف الشعب الفلسطينى وفصائله المختلفة، إلا أن الغالبية العظمى من حركة فتح، حيث يشكل عناصرها على ما يزيد على ٥٠٪ من إجمالى الأسرى فى سجون ومعتقلات الكيان الصهيونى. وكان طبيعيًا أن يقود هذا الإضراب القيادى فى حركة فتح المناضل «مروان البرغوثي» عضو المجلس التشريعى الفلسطينى، والذى أعيد انتخابه عضوًا باللجنة المركزية لحركة فتح فى مؤتمرها السابع، وحصل على أعلى الأصوات، رغم سجنه واعتقاله، وكان على رأس المضربين وخيار الإضراب فرض على الأسرى فرضًا، بعد أن استنفدوا جميع الخيارات الأخرى، وعجز المؤسسات الحقوقية والإنسانية عن إلزام دولة الاحتلال الصهيونى باحترام الاتفاقيات والمواثيق الدولية فى تعاملاتها مع الأسرى الفلسطينيين فى السجون والمعتقلات، خاصة اتفاقية جنيف بشأن معاملة الأسرى التى تم إبرامها فى ١٢ أغسطس ١٩٤٩ والتى بدأ سريان بنودها فى ٢١ أكتوبر ١٩٥٠ وملاحقها الأربعة. والمناضل مروان البرغوثى يعد رمز وأيقونة المقاومة الفلسطينية الذى ولد فى عام ١٩٥٨ وبمجرد بلوغه سن الـ١٨ عامًا لعب دورًا بارزًا فى الانتفاضة الفلسطينية الأولى ودورًا قياديًا فى الانتفاضة الثانية وانتفاضة الأقصى، ولن ننسى هتافه الشهير «إذا كان ثمن حرية شعبى فقدان حريتى.. فأنا مستعد لدفع هذا الثمن»، والذى قال عنه إرييل شارون «يؤسفنى إلقاء القبض عليه حيًا.. كنت أفضل أن يكون رمادًا فى جرة». ومنذ بلوغه وهو ضيف على السجون والمعتقلات الإسرائيلية، وحكم عليه بخمسة مؤبد ولم يمنعه السجن من الحصول على الدكتوراة فى العلوم السياسية من معهد البحوث والدراسات التابع لجامعة الدول العربية، وكان عنوانها «الأداء التشريعى والسياسى للمجلس التشريعى الفلسطينى ومساهمته فى العملية الديمقراطية فى فلسطين من ١٩٩٦ إلى ٢٠٠٦»، ويجيد عددًا من اللغات الأجنبية.. إنه حقًا «مانديلا» الثورة الفلسطينية وقبل الإضراب عن الطعام وقيادته نجح فى تهريب مقال له من داخل السجن، وتم نشره بصحيفة «نيويورك تايمز» كإعلان عن بدء هذا الإضراب ودعاية له، وكان له صدى كبير على المستوى العالمى والذى تضمن عددًا من الفقرات: «إن المعتقلين الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية، باتوا ضحية الاعتقال التعسفى ولممارسات سيئة من قبل السجان حيث التعذيب اللا إنسانى، وعدم تقديم العلاج الطبى اللازم للمعتقلين وحرمانهم من حقوقهم التى كفلها القانون الدولى دفعتهم إلى الإضراب».
وأضاف: «ليس أمامنا سوى خيار الدخول فى هذه المعركة التى سيثبت فيها المعتقلون قدرتهم على تأمين حقوق الإنسانية، هذه فرصة لإنهاء كل المظاهر السلبية التى عانت منها الحركة الأسيرة خلال السنوات الماضية وسيكون هذا الإضراب محاولة لإرساء حقيقة جديدة من الوحدة والقوة».
واستكمل: «الجوع هو الشكل الأكثر سلمية فى المقاومة المتاحة للمعتقلين. فهو يلحق الألم فقط على أولئك الذين يشاركون على أمل أن بطونهم الفارغة وتضحياتهم، سوف تساعد فى إيصال رسالة يكون لها صدى خارج السجون».
وأكد أيضًا أنه: «طوال السنوات الطويلة الماضية كانت دولة الاحتلال الإسرائيلى تعمل على كسر روح السجناء والأمة التى ينتمون إليها خلال المعاناة بأجسادهم وفصلهم عن أسرهم».
وكان لتسريب هذه الرسالة ونشرها أثر كبير حيث هزت أركان مخابرات وأجهزة أمن الكيان الصهيونى، ما دفع وزير الأمن الداخلى جلعاد أروان إلى إجراء تحقيق داخلى واتخاذ إجراءات تعسفية ضد قادة الإضراب عن الطعام، حيث نقل وعزل الأسيران «مروان البرغوثي» و«كريم يونس» من سجن هداريم إلى عزل «الحلمة» ونقل الأسرى «محمود أبوسرور» و«أنس جرادات» وناصر عويس ومحمد زواهرة من سجن نفحة إلى عزل «إيلا» ونقل ٣١ أسيرًا آخرين من سجن ريمون إلى سجن نفحة، وقبل أن يشرع الأسرى فى إضرابهم تقدموا بعدد من المطالب كان معمولًا بها من قبل بسبب إضراباتهم السابقة، والتى بدأت منذ عام ١٩٦٧ عشرات الإضرابات عن الطعام، وأهمها كان بسجن عسقلان فى شهر يوليو ١٩٩٧ بحكم كونه أول إضراب جماعى ومنظم يخوضه الأسرى، واستشهد خلاله الأسير «عبدالقادر أبوالفحم» الذى يعد أول شهداء الإضرابات عن الطعام فى سجون إسرائيل، وتوالت الإضرابات وتقديم الشهداء من بينهم «راسم حلاوة» و«على الجعفري» و«إسحق مرغة وحسين عبيدات» وجزء آخر ضرورى من المطالب كإنهاء العزل الانفرادى والاعتقال الإدارى والإهمال الطبى، ووقف الإجراءات المهنية والمذلة بحق الأسرى، وضرورة تحسين الزيارات العائلية، وتوفير هاتف عمومى لغرض التواصل الاجتماعى مع الأهالى، والسماح لأطفالهم بالدخول بدلًا من رؤيتهم من خلف الأسلاك، حتى يتسنى لهم التحدث معهم واحتضانهم، والتصوير معهم وإدخال الكتب والصحف والملابس والسماح لهم بمشاهدة بعض القنوات الفضائية الفلسطينية والعربية، لكسر حالة العزلة المفروضة عليهم والمعاملة الكريمة لأسرهم أثناء الزيارة، بما يحفظ كرامتهم وعدم بقائهم مدة طويلة أمام أبواب السجون والمعتقلات فى العراء فى البرد القارس فى الشتاء أو الشمس الحارقة فى الصيف، وتوفير العلاج المناسب والأدوية وإعادة التعليم بالسماح بالتقدم للثانوية العامة أو الالتحاق بالجامعة العبرية المفتوحة وهذه مطالب عادلة كفلتها الاتفاقيات والمواثيق الدولية خاصة اتفاقية الأسرى ١٩٤٩ وملاحقها.
إلا أن قادة دولة الاحتلال الصهيونى خاصة بعض وزرائهم ردوا على هذه المطالب بالمطالبة بإعدام الأسرى، وعدم تقديم العلاج لهم وتركهم يموتون وكشف الستار عن واحة الديمقراطية فى الشرق الأوسط، كما تقدمها أجهزة الإعلام الأمريكية والغربية، الأمر الذى يتطلب منا التحرك السريع بإعداد مذكرة بملاحقة هؤلاء المسئولين الإسرائيليين وتقديمهم للمحاكمة أمام الجنائية الدولية عملًا بنص المادة ١٢٩ من اتفاقية جنيف للأسرى التى تنص علي: «لا بد من اتخاذ إجراءات الملاحقة للمخالفين لهذه الاتفاقية وتقديمه للمحاكمة»، خاصة المجلس العالمى لحقوق الإنسان وهيئة الصليب الدولى الأحمر، ومجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ونأمل دورًا للمنظمات الحقوقية التى صدعت أدمغتنا عن حقوق الإنسان، وكذلك جامعة الدول العربية التى شكلت لجنة لمتابعة تطورات هذا الإضراب، وكان ذلك من خلال تصريح الأمين العام المساعد لشئون فلسطين والأراضى العربية المحتلة، الذى أكد أن الجامعة تتابع عن كثب ما يستجد بشأن إضراب الأسرى الفلسطينيين، وإننا نسعى لفضح الممارسات الإسرائيلية دوليًا وتأكيد التضامن العربى والشعبى والرسمى، ولا يفوتنا التنويه بأن هذا الإضراب زاد من التلاحم الشعبى الفلسطينى وجميع فصائله. فكان إعلان أحمد سعدات زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المعتقل فى السجون الإسرائيلية عن دخوله الإضراب عن الطعام وإعلان ١٢٣ أسيرًا أردنيًا عن إضرابهم تضامنًا مع الأسرى الفلسطينيين، وكذلك عدد من القيادات الإسلامية والوطنية وأعضاء المجلس التشريعى الفلسطينى المحسوب على حركة حماس، على رأسهم رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر ورئيس المجلس التشريعى. أما على صعيد التحرك الشعبى فخرجت المظاهرات الحاشدة لعرب ٤٨ سواء فى الخليل أو بيت لحم إلى جانب خيام التضامن فى قطاع غزة والضفة الغربية وأمام هذه الملحمة النضالية الجميلة لا نملك سوى أن نرسل لأسرانا الفلسطينيين فى السجون والمعتقلات الإسرائيلية بتحياتنا وافتخارنا بهم ونشد على أيديهم ونقول لهم: لستم وحدكم.. نحن معكم.