الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"البوابة نيوز" تجيب عن السؤال.. كيف نحمي أطفال مصر من الاغتصاب؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إشراف: على عبدالمعتمد
إعداد: حاتم حمدان وشيماء مدحت وسمر فتحي وطه هاشم ونورهان مطاوع وعبدالله رشاد
الدكتور عبدالرحيم علي يتعهد برعاية طفل «الدقي» 
استشاري طب نفسي: عدد كبير من المغتصبين تعرضوا لوقائع مماثلة في صغرهم 
"مارجريت عازر": مشروع قانون لتغليظ العقوبة على الجناة
مدير مركز القاهرة للدراسات القانونية: قانون العقوبات وضع نصوصًا كافية لحماية الطفل تحتاج للتفعيل

زار الكاتب الصحفي عبدالرحيم على عضو مجلس النواب عن دائرة الدقي والعجوزة ورئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير «البوابة»، الطفل المعاق الذي تعرض للاغتصاب في منطقة الدقي، وتعهد بتقديم كل أوجه الرعاية اللازمة له صحيًا ونفسيًا. 
وأبدى والد الطفل تخوفه من ضياع حق نجله، وتعهد الدكتور عبدالرحيم علي بتبني القضية ورعاية الطفل نصرة لجميع الأطفال الذين جرى الاعتداء عليهم من قبل الذئاب البشرية.
وكانت واقعة الطفل المعاق أثارت ردود فعل غاضبة في المجتمع، وتعود الواقعة، عندما قام «ع.م.ا»، عاطل، يبلغ من العمر ٥٨ سنة، بالاعتداء على الطفل وسط غفلة من أسرته التي تقطن بمنزل مجاور لمنزله بمنطقة الدقي، حيث استدرج الطفل الذي أراد أن يذهب إلى دورة المياه، بعد لهوه مع أصدقائه إلى منزله حتى يدخل دورة المياه الخاصة به، وبعد ذهابه إلى المنزل اعتدى عليه المجني عليه باغتصابه عنوة، وتمكن الأمن من إلقاء القبض عليه داخل منزله في حالة سُكر.
هذه الواقعة كانت مدخلًا لـ«البوابة» لتفتح الملف في محاولة لإنقاذ الأطفال وحمايتهم نفسيًا واجتماعيًا وقانونيًا، ولردع الجاني واستعراض كيفية عقابه بما يلزم لإجباره على عدم تكرار فعلته، والاستفسار عن طريق العلاج وسبل الوقاية من الكارثة التي تهدد مستقبل الطفولة في مصر.
قديمًا كان خبر الاعتداء على طفل أو اغتصابه يشعل البلاد من أقصى جنوبها حتى الشمال، ويتساءل الجميع: من ذاك المخبول الذي يعتدي على طفل ويسلبه براءته التي فُطر عليها؟ إلا أننا الآن اعتدنا على أخبار الاعتداء على الأطفال واغتصابهم، وتجاوز الأمر الأطفال الذين يتمتعون بصحة جسدية ونفسية ووصل إلى الاعتداء على الأطفال المعاقين واغتصابهم، في مشهد يبرز الوجه الوحشي للمغتصب الذي لم يرحم إعاقة الطفل أو براءته، وتكون النتيجة طفلًا مشوهًا نفسيًا وجسديًا، يمشي في الشوارع وعينيه تتخبطان خوفًا مما تعرض له على يد ذئب بشري سُلبت منه كل معاني الإنسانية والرحمة، وغلبت شهوته ورغباته الدنيئة على إنسانيته وآدميته، واتخذ سبيل التوربيني أشهر السفاحين ومجرمي اختطاف أطفال الشوارع واغتصابهم ثم قتلهم ورميهم من فوق القطارات، حتى لا يستدل على معالمهم، الذي تمكنت الأجهزة الأمنية من القبض عليه عام ٢٠٠٧، حيث اختطف وقتل ما يزيد على ٣٢ طفلًا في محافظات مختلفة في الفترة ما بين ٢٠٠٤ و٢٠٠٩ بعد اغتصابهم.

وقالت الدكتورة مارجريت عازر عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، إن تزايد وقائع الاغتصاب التي يتعرض لها الأطفال خلال الفترة الأخيرة دون تمييز لجنسهم سواء ذكر أو أنثى يرجع إلى تدني الثقافة في المجتمع ونظرة المجتمع للمرأة على أنها جسد بلا روح، فضلا عن الزيادة المفرطة في ارتكاب مثل هذه الجريمة تجاه الطفل بشكل عام. 
وأضافت عازر لـ«البوابة»: «لا بد من تغيير الثقافة المجتمعية وتنوعها واختلاطها بالدين لأنه بالتدين يصل المجتمع إلى أعلى درجات الفضيلة كما أن من أسباب حدوث هذه الكارثة الفقر وانتشار العشوائيات، لانعدام الوعي لدى هؤلاء ما يجعلهم يتحولون إلى حيوانات مفترسة دون النظر إلى العواقب، فلا بد من القضاء أو التعامل مع هذه الظاهرة المجتمعية وعدم انتشارها لكي نحد من انتشار مثل هذه الجرائم». 
وأضافت عضو لجنة حقوق الإنسان: «تقدمت بمشروع قانون لحماية الطفل وطالبنا فى مواد القانون بتغليظ العقوبة لتصل إلى الإعدام شنقًا لمرتكبى مثل هذه الوقائع حتى يكون عبرة لغيره». 
وعن كيفية التعامل مع ضحايا هذه الكوارث، طالبت عضو لجنة حقوق الإنسان بإنشاء أقسام داخل جميع المستشفيات، لتأهيل هؤلاء الضحايا لإخراجهم للمجتمع فى صورة مستقرة نفسيًا، حيث إن الضحية يكون ناقمًا على المجتمع، وفى حالة نفسية سيئة للغاية، فلا بد من التعامل معه بشكل نفسى أكثر منه علاجيًا، وأكدت أنه لا بد من الإشراف الطبي النفسي الكامل من قبل متخصصين على هذه الأقسام، للتوصل إلى حالة نفسية مستقرة بالنسبة للطفل، حتى يصبح قادرًا على مواجهة المجتمع والتعامل معه. 

وقال الدكتور إبراهيم مجدي استشاري الطب النفسي بجامعة عين شمس، إن جزءا كبيرا من الذين يرتكبون وقائع الاغتصاب تعرضوا إلى وقائع اغتصاب منذ الصغر وجزءا آخر منهم يتناولون المواد المخدرة التي تغيب عقولهم، ويتعرضون للاغتصاب وجزء يعاني من اضطرابات «بيدوفيليا» وهي اضطرابات جنسية. 
وأضاف لـ «البوابة": «من المفترض بعد إلقاء القبض عليهم يتم عرضهم على إخصائى كيميائى مثلما يحدث فى بعض الدول الأجنبية مثل «إندونيسيا، كوريا، ألمانيا»، حيث يعرضون المتهم على إخصائى كيميائي ليعالجه ببعض الأدوية التي تقلل من الشهوة وتفقده الرغبة نهائيا، وهذا لم يتم في مصر وقد اقترح بعض النواب بمجلس النواب تطبيق مثل هذه الإجراءات في مصر ولم يتم تنفيذها حتى الآن».
وأكد استشاري الطب النفسي أن الطفل الذي يتعرض لواقعة الاغتصاب يصاب بكوابيس أثناء النوم، وقد يتعرض للتبول اللا إرادي، وينعزل عن الجميع، وقد تصل به فى الكبر إلى تناول المواد المخدرة أو يميل إلى نفس الإحساس والتعدى بالاغتصاب على طفل، والإحساس بعدم الأمان وميله إلى العنف أو الأفعال العدائية.
وعن العلاج قال استشاري الصحة النفسية، إن العلاج ينقسم إلى مرحلتين سلوكي ودوائي، والدوائي يتم إعطاء الطفل بعض الأدوية التي تقلل من ذاكرته حتى لا يتذكر ما حدث له، والمهدئة، أما السلوكي فيبدأ بالتحدث مع الطفل حتى يحكى له كل ما حدث حتى يتمكن من نسيان الموقف، ويشعره بالطمأنينة، وأضاف: «نصحت الأهالي الذين تعرض أبناؤهم إلى واقعة تحرش أو اغتصاب، إذا حكى لهم أى شيء يصدقونه ولا يكذبونه والتعامل مع الموقف بالهدوء وعدم إلقاء اللوم على الطفل لأن لا ذنب له، ويشعرونه بالأمان والطمأنينة، كما أن الظهور اللافت لاغتصاب الأطفال جاء بسبب تسليط الضوء الإعلامي عليها، فلذلك نشعر بأنه انتشرت كثيرا في مجتمعنا، فالناس لم تسمع من قبل عن هذه الوقائع لأنه لم يتم تسليط الضوء عليها».

وأكد محمود بدوي المحامي بالنقض ورئيس الجمعية المصرية لرعاية الأحداث ارتفاع معدلات ظاهرة الاعتداء على الأطفال جنسيا قائلا، إن الظاهرة انتشرت بشكل كبير خلال الفترة القليلة الماضية، مؤكدًا أن إحصائيات اغتصاب الأطفال لا تكون دقيقة بعدد الأطفال الذين يتعرضون لانتهاكات جنسية فى مصر بسبب قيام الأهالى بعدم الإبلاغ عنها خشية الفضيحة وأن معظم حالات الاعتداء الجنسى على الأطفال يتم التكتم عليها من قبل الأسر، ويتم التعامل معها بشكل ودى ما يؤدى لضياع حقوق الطفل.
وتابع بدوي: «الأسرة المصرية تفتقد للفكر الوقائي لحماية الطفل من الاعتداءات الجنسية من خلال توعيتهم وتنبيههم»، مشيرا إلى أن القانون المصرى والمادة ٨٠ من الدستور والاتفاقيات التي وقعت عليها مصر لحماية الطفل رادعة ولكنها غير مطبقة.
وفيما يتعلق بدور الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، قال بدوى إن الجمعية متخصصة فى تقديم الدعم القانوني للأطفال الذين يتعرضون لانتهاكات جنسية أمام المحاكم والنيابات، وتدريب المحامين والإعلاميين والصحفيين على كيفية تناول قضايا الطفل، وفقًا لضمانات القانون، بالإضافة إلى الجانب التوعوى للمواطنين فى التعامل مع الأطفال المعتدى عليهم.
وتابع رئيس الجمعية المصرية لرعاية الأحداث: «يجب تطبيق سياسات حماية الطفل، لأن ذلك يحول دون تعريض الأطفال للخطر، وفى هذه الحوادث تتنوع اختصاصات الجناة على خلاف الماضي، فكان المتهم الرئيسى وراء تلك الوقائع هو المجرم والمسجل خطر فقط، والآن أصبح المتهم هو الدكتور والمدرس وغيرهما، وقوانين حماية الطفل موجودة ولكن لا تطبق ولا يوجد تغليظ فى الأحكام، ودور الأسرة رئيسي في مواجهة هذه الجرائم من حيث التربية والتوعية للأطفال من خطر هذه الحوادث، وكذلك متابعة الأطفال في كل تصرفاتهم، والاطمئنان عليهم وعدم تركهم فريسة لـهؤلاء المرضى بالجنس.

وقال شوقي السيد، خبير القانون الجنائي، إن المادة ٢٦٨ من قانون العقوبات تنص على أن «كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع في ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة من ٣ سنين إلى ١٥ عامًا، وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة لم يبلغ ١٦ عاما، أو كان مرتكبها ممن نص عليهم فى الفقرة الثانية من المادة ٢٦٧، يجوز إبلاغ مدة العقوبة إلى أقصى الحد المقرر للأشغال الشاقة المؤبدة».
وأضاف «السيد» أن الاغتصاب في القانون هو جناية يعاقب عليها بالسجن من ٣ إلى ١٥ سنة، وتكون السلطة التقديرية للعقوبة المناسبة هنا للقاضي وفقًا لخطورة الجريمة وخطورة الفاعل، وهناك وقائع لم تكن في ذهن المشرع، لأن المشرع الذي شرع عقوبة الاغتصاب لم يكن يتخيل أبدًا أنه سيأتي يوم تحدث فيه مثل هذه الوقائع التي تحدث الآن، مشيرًا إلى أن اغتصاب الأطفال في المجتمع المصري تحول لظاهرة، ولذلك يجب تشديد العقوبة ومدها لتشمل كل من ساهم وشارك وسهل وقوع هذه الجريمة.
وتابع: «في حالة إذا أدى الاغتصاب إلى وفاة المجني عليها، فنصبح أمام جريمتين وهما جريمة الاغتصاب بالإضافة إلى جريمة القتل، والعقوبة هنا تكون في الجريمة الأشد وهي جريمة القتل، ومع ذلك قد يعتبر القتل هنا خطأ، لأن الجاني هنا قد لا يكون متعمدا القتل، بينما هو متعمد الاغتصاب، وفي هذه الحالة يعتبر قتلًا خطأ، وللقاضي الحق في ألا يحكم فيها بالإعدام، وشدد على ضرورة تعديل القانون بعقوبة تتناسب مع هذا الفعل».

وقال هيثم الجندي، الخبير القانوني، إن عقوبة الإعدام موجودة بالفعل، بحيث جاء في نص عقوبة الاغتصاب في القانون «أنه من واقع أنثى بغير رضاها يعاقب بالسجن المشدد، فإذا كان الفاعل من أصول المجني عليها أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها أو كان خادما بالأجرة عندها أو عند من تقدم ذكرهم يعاقب بالسجن المؤبد، وبناء عليه العقوبة تكون سلطة تقديرية للقاضي لها حد أدنى وحد أقصى لكي يختار العقوبة الملائمة لظروف الواقعة».
وأضاف «الجندي» أن قانون معاقبة الأطفال ليس في حاجة إلى الكثير من التعديلات، ولكنه فقط في حاجة ماسة إلى التفعيل، كما أنه يجب تعديل القوانين الخاصة بالقُصّر، نظرًا لكثرة ارتكاب جرائم القتل والاغتصاب من هذه السن، مشددا على أنه من الضروري أن يحدث تعديل تشريعي بالنسبة للأطفال أقل من ١٨ سنة لتتحول تهمة قتل واغتصاب الأطفال من جنحة إلى جناية. 

ويري الدكتورأحمد مهران، الخبير القانوني ومدير مركز القاهرة للدراسات القانونية، أن قانون العقوبات المصري وضع نصوصًا كافية لحماية الطفل جنائيًا، ولكن هذه القوانين في حاجة ماسة للتفعيل ولسنا في حاجة إلى تعديل للقانون أو تغييره، كما أن قانون الطفل ينظم قوانين وعقوبات جرائم الاعتداء على الأطفال، والتي تعتبر من أخطر وأبشع الجرائم، حيث إن الطفل لا يملك خاصية الدفاع عن النفس، لذا فمن المؤكد ضرورة معاقبة كل من يعتدي على الأطفال بعقوبات رادعة.
وأضاف، أن حوادث اغتصاب الأطفال غالبًا ما تكون نتيجة الإهمال وعدم تطبيق القانون بشكل فعال إلى جانب التدني الفكري والأخلاقي وضعف القيم الدينية وانعدام المروءة، وتخبط التربية في بعض الأسر المصرية وتحتوي بعض الأفلام والمسلسلات المصرية على جزء كبير من أسباب انتشار العنف والقتل، وكثيرًا ما يحاول الأطفال تقليد هذه المسلسلات، ويعتبر أبطالها بالنسبة لهم أبطالًا حقيقيين يجب الاقتداء بهم.