الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

مستشفيات الحكومة مرفوعة من الخدمة

تحت رعاية وزارة الصحة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في سوهاج.. مستشفى «عنيبس» مبنى بدون خدمات.. و«أبنوب المركزي» على الورق فقط.. ووحدة طب الأسرة في «بهنيا» وهمية
نقص في الأطباء والأجهزة الطبية.. والوحدات مغلقة بـ«الجنزير»!
بعيدًا عن القاهرة.. أصبحت الخدمة الصحية خاصة فى صعيد مصر فى خبر كان.. بعد أن تحولت الوحدات الصحية والمستشفيات إلى مجرد هياكل جدرانية خالية من الأطباء والممرضات، وفى بعض الأحيان تغلق الوحدات الصحية أبوابها أمام الجمهور.
مشاكل عديدة للخدمات الصحية رصدتها «البوابة» فى عدد من المحافظات، كان أهمها نقص الأطباء والأجهزة الطبية والأدوية، ورغم الشكاوى العديدة التى يقدمها الأهالى للمسئولين، إلا أن أحدًا لم يسمع أنين المرضى.عنيبس إحدى قرى مركز جهينة بمحافظة سوهاج، تحوى بين جدرانها العديد من المشاكل التى لا حصر لها على مر السنين، يعمل أهالى القرية ببيع المشروبات والعصائر، وتعتبر المهنة السائدة بالقرية، ويبلغ عدد سكانها حوالى ٤٠ ألف نسمة.
«البوابة» رصدت عدة مشاكل داخل جدران القرية، وكان من أهمها مشاكل العلاج والمستشفيات، فالوحدة الصحية مغلقة على مدار اليوم، وكذا مستشفى القرية، مما أثار غضب الأهالى، وناشدوا محافظ سوهاج الدكتور أيمن عبدالمنعم، ومن قبل الدكتور محمود عتيق المحافظ السابق حل المشكلة، ثم لجأوا إلى أعضاء مجلس الشعب وجميع المسئولين دون استجابة من أحد. 
قال أبوعقيل حسين على ٤٠ سنة صاحب محل ملابس، ويقيم بجوار وحدة صحة بالقرية إن القرية بها مستشفى فى وسط البلد مساحته ٧٠٠ متر تقريبا، لكن لا يوجد بها أى مرافق أو أدوية، فضلًا عن عدم وجود أطباء منذ الساعة الخامسة مساء وحتى اليوم التالى، حيث إن المستشفى يعمل ٨ ساعات لا أكثر، ولقد قدمنا العديد من الشكاوى للمسئولين دون إجابة من أحد.



الوحدة مغلقة
أما عن الوحدة الصحية فقال «أبوعقيل»: حدث ولا حرج، حيث إن وحدة صحة الأسرة بالقرية قطاع خاص، فإنها لا تفتح أبوابها أبدا ودائما مغلقة بالقفل ولا نستفيد منها بشىء، قائلا: خسارة قطعة الأرض فيها ـ على خد قوله. 
وأضاف «حرام عليكم هنموت عايزين مستشفى كويسة وعايزين نعرف نعيش حتى شوية مياه نشرب». 
أما الشاب عماد حسين ٢٩ سنة فيقول: نفسى وحدة الصحة بالقرية تقدم لنا أى حاجة، إحنا مش مستفيدين حاجة منها خالص، على طول مقفولة ومفيهاش أى حاجة، ولو احتجنا حقنة أو سرنجة بنشتريها من برة، والدكتور اللى موجود فيها كلمناه كتير قالنا مفيش فى إيدينا حاجة.. عايزين نتعالج. 
أما الحاج أحمد.ح من أهالى القرية، فقال إنه ذات ليلة أصيب طفل بلدغة ثعبان وكانت الساعة تشير للثامنة مساء، وهرع الأهالى إلى الوحدة الصحية وكانت مغلقة بالقفل والجنزير من الخارج، ثم توجهوا إلى مستشفى عنيبس البلد ولم يجدوا حقن «التاتنوس»، مع العلم أن هذه الحقن تصرف مجانا، ولا بد من تواجدها داخل كل المستشفيات التابعة للوزارة، وعقب البحث عنها بالصيدليات المجاورة تم العثور عليها، ولكن كانت حالة الطفل ساءت وتم نقله إلى مستشفى جهينة العام، ولم نجد أحدا بالمستشفى وبعد حدوث حالة من الهيجان من قبل الأهالى قام العمال بإيقاظ الطبيب وتعامل مع الطفل وتم حجزه لمدة ساعتين داخل المستشفى على سرير مكون من مجموعة من الأسلاك الحديدية المطاطة وحالته سيئة. 
الأهالى طالبوا المسئولين بمحافظة سوهاج ووزارة الصحة بالنظر إليهم حيث إنهم لا يطالبون إلا بالعلاج، وتوافر الأدوية داخل مستشفى القرية والوحدة الصحية التابعة لها طبقًا للقانون والدستور. 



شهادة طبيب
وقال طبيب رفض ذكر اسمه إنه لا توجد أى أجهزة، ونحتاج لجهاز رسم قلب وجهاز الضغط وأجهزة الأشعة التليفزيونية ومنظار، مشيرا إلى أن حالات كثيرة تأتى إلى الوحدة، ونقوم بتحويل المصابين لأقرب مركز «جهينة، طهطا» وأحيانا تتواجد حالات لا تحتمل التأخير أو التنقل، فضلًا عن عدم وجود وسيلة نقل كالإسعاف مثلًا، فقرية تعداد سكانها ٤٠ ألف نسمة لا توجد بها وحدة إسعاف وطوارئ. 
وعن أوضاع المستشفى والوحدة الصحية من الداخل، قال الطبيب: لا يوجد صرف صحى داخلهما، بالإضافة إلى أن المبنى يحوى غرفتين لا أكثر وباقى الغرف مغلقة، كما أنه لا يوجد أطباء متخصصون، فالطبيب المتواجد بالوحدة أو المستشفى يعمل بجميع التخصصات رجالًا ونساء وهذا يمثل مسئولية كبيرة على أطباء القرية.



مستشفى أبنوب المركزي
يخدم مستشفي أبنوب المركزى ما يزيد علي ٣٥٠ ألف نسمة بقرى ومركز أبنوب، وحتى نطاق مركز الفتح شرق النيل بمحافظة أسيوط، هذا بخلاف خدمة جميع الطرق الصحراوية الثلاث من وإلى أسيوط، فهو يخدم من حدود «منطقة البرشا» بمحافظة المنيا وبطول ما يزيد علي ١٠٠ كم لحدود مركزى أبنوب بمحافظة أسيوط.
كما يخدم المستشفى المركزى بمركز أبنوب الطريقين الصحراويين أولهما: طريق «أسيوط ـ القاهرة الشرقي» الصحراوى وطريق «الغردقة ـ البحر الأحمر».
وبالرغم من أهمية تلك المستشفى، ووجود معظم التخصصات الطبية بها، ووجود أكثر من ١٠٠ طبيب و٣٠ صيدلانيًا و٢٥٠ كطاقم تمريض من الكوادر الطبية المتميزة، إلا أنه ما زالت الخدمة المقدمة محل انتقاد المواطنين، فهناك مرضى يعانون من منحهم أدوية بديلة، ومن يعانون نقص الأطباء، ومن يشتكون من عدم وجود الأدوية، وآخرون يشتكون من أجهزة الغسيل الكلوى، وأنها أجهزة غير فعّالة، ولا تسمن أو تغنى من جوع وآخرون من يشتكون اكتظاظ المرضى على الأسرّة بواقع مريضين على السرير بقسم الأطفال.
فى البداية قال «رشاد عبداللطيف محمد» مقيم بدائرة المركز أبنوب: إن المستشفى يكتظ بالنفايات الخطرة بجوار الأسوار، وما يزيد خطورة ذلك زيادة أعداد المرضى لدرجة أن قسم الأطفال يقومون بحجز طفلين وثلاثة على السرير الواحد، وبإدارة العلاج على نفقة الدولة تجد عددًا لا حصر له من البشر ينتظرون العلاج، وكأنهم منتظرون أمام مخابز، ولأن معظم العلاج غير موجود أو غير متوافر، فتأتى النتيجة مخيبة لآمال المرضى.



مطالب عمالية 
واستكمل عامل نظافة بالمستشفى ـ رفض ذكر اسمه ـ ٣٧ سنة ومقيم بشارع عثمان غزالى مركز أبنوب، أتقاضى مبلغ ٣٠٠ جنيه فقط مقابل أعمال النظافة، فى حين أن شركة توريد عمال النظافة تتقاضى على كل فرد ٧٥٠جنيها، وعند إصابة عامل النظافة بأى مرض فهم غير مسئولين ولا يعلمون عنه شيئا، وقال إن المستشفى يترك النفايات الخطرة بعيدا عن حجرة النفايات الخطرة أمام الحيوانات التى تنقل الأمراض للأطفال.
فيما طالب ما يقرب من ٢٥٠ مساعد معمل للتحاليل الطبية وإداريين وعمال نظافة وزير الصحة بإدراجهم كالأطباء والصيادلة وإخصائيى التمريض وأطباء العلاج الطبيعى والفنيين الصحيين للحصول على الحافز طبقًا للقرار ١٤ لسنة ٢٠١٤.
وأكد مصدر بالمستشفى أحقية الإداريين وعمال النظافة ومساعدى الفنيين بالمعامل للحافز الوارد طبقًا للقرار ١٤ لسنة ٢٠١٤ واستند فى ذلك إلى أن فنى المعمل يقوم بنفس طبيعة العمل لفنى المعمل، كما أن الجميع سواء عامل النظافة أو الإدارى أو مساعد الفنى يتعرضون لنفس المخاطر، ومعرضون للعدوى كالأطباء الذى ورد بشأنهم القرار.
وطالب «محمد زكريا مدكور» ٥٤ سنة، مغسل موتى بالمركز، بضرورة تطهير ونزح بيارات المشرحة بصفة دورية، قائلا: إن امتلاء البيارة الخاصة بالمشرحة أثناء تغسيل الموتى يجعل نتاج المياه المختلطة بدماء المتوفى تفيض خارج المشرحة، وهو حرام شرعًا طبقًا لرأى الدين.
وصف «عبدالكريم محمد زكريا» نائب عن دائرة أبنوب والفتح بأسيوط المستشفى بأنه «مستشفى على الورق فقط»، وقال إن «مستشفى أبنوب المركزى» يحتاج لمركز إصابات متكامل أو قسم طوارئ لكثرة تلقى الحوادث الناجمة على الطريق الصحراوى الشرقى، حيث إن المستشفى هو أقرب مستشفي للطريق الصحراوى، والمسافة بينه وبين أقرب مستشفى بأسيوط المحافظة لا تقل عن مدة ٤٥ دقيقة، ونحن نتعامل مع أرواح المواطنين لا شئ آخر، وأكد أن المستشفى ينقصها، أيضا أجهزة أشعة مقطعية، وجهاز أشعة تليفزيونية «رباعى الأبعاد»، وجهاز «تعقيم بالبلازما»، وجهاز أشعة CR، وجهاز مناظير مسالك بولية، وجهاز منظار جراحى للبطن، جهاز نظارة بالكمبيوتر قائلًا: «حتى أجهزة قياس الضغط بالمستشفى غير فعالة».
كما طالب عضو مجلس النواب الوزير بمغسلة مركزية للمستشفى أيضًا، قائلا: إن ٣٧ وحدة صحية على مستوى مركزى أبنوب والفتح مغلقة، لا تعمل سوى ٤ ساعات يوميًا، ثم تغلق بالجنازير، بما لا يحقق الدور المنوط منها فى خدمة المواطنين.
يذكر أن مستشفى أبنوب المركزى من أقدم المستشفيات المركزية على بعد ١٠ كم شرق محافظة أسيوط ويرجع تاريخ إنشائه إلى عام ١٩٥١، وهو الأعلى استقبالًا لحالات مرضية على مستوى المحافظة بمديرية الصحة، والثاني عقب مستشفى أسيوط الجامعى، حيث يستقبل ما يعادل ٢٨٥ ألف حالة سنويًا، بما يعادل ٩٠٠ حالة يوميًا أو يزيد، ويستقبل قرابة ٣٠٠ ألف حالة «عيادة صباحى» وتم تشييدها من مبنى بملحقاته، ويتضمن العيادات والمبانى الإدارية والمشرحة والمطبخ والمخازن والصيدلية عدد ٩ أقسام تقريبا: «الأطفال، والباطنة، والنساء والتوليد، والعلاج الطبيعى، ومعامل التحاليل، والجراحة والقلب، والأشعة، والعظام».



هيكل وهمي
حلقة جديدة من مسلسل الإهمال الطبى فى مصر.. داخل وحدة طب الأسرة فى قرية «بهنيا»، التابعة لمركز ومدينة ديرب نجم بمحافظة الشرقية، البالغ عدد سكانها حوالى ١٨٠ ألف نسمة وتقع «خارج نطاق الخدمة».
«البوابة» تجولت داخل الوحدة لترصد حالة الوحدة الصحية.. فالمكان مهجور بلا رقيب، بدلًا من المرضي.. يسكنها الكلاب والقطط والحيوانات الضالة، ليصبح شعار الوحدة «الداخل مفقود والخارج مولود».
مع أولي خطواتك داخل الوحدة ترصد الإهمال وضعف الإمكانيات، حتى الموظفون بالوحدة تفننوا فى الهروب من العمل دون رقابة أو محاسبة، تاركين المرضى دون رعاية، وربما لا يستطيعون الدخول لتلقى العلاج، ثم يتوجهون لعملهم بالعيادات الخاصة التى تعد «شغلهم الشاغل» دون الاهتمام بالمكان الذى يقدم العلاج للمواطنين البسطاء.
ويشكو أهالى القرية من غياب الأطباء المتكرر، وسوء معاملة طاقم التمريض، وعدم تقديم العناية الطبية اللازمة ونقص الأدوية والمعدات والأجهزة الطبية، فحجرات الكشف تكسو أرضيتها القاذورات وتنتشر القمامة بين الطرقات، وتنبعث الروائح الكريهة والذباب والحشرات الطائرة من دورات المياه غير الآدمية.
الوحدة لم يزرها أحد من مسئولى مديرية الشئون الصحية بالمحافظة، واكتفوا بالجلوس فى مكاتبهم والتحدث بوسائل الإعلام المختلفة عن إنجازاتهم الوهمية.
وفى تمام الساعة الثانية عشرة ظهرا، تجولنا فى الطابق الأول من مبنى الوحدة الصحية، ورصدنا جميع مظاهر الإهمال، فوجدنا جميع أقسامها مغلقة بالأقفال وزجاج النوافذ محطم ومقاعد انتظار المرضى متهالكة، وغياب تام للأطباء أو الممرضين.
وبالصعود للطابق الثانى لم نجد به أحدا سوى عاملة تجلس برفقة صديقتها تعملان بـ«التريكو»، وحين تلاحظ لهما وجودنا فى المكان همت مسرعة تجاهنا محاولة منع التصوير، وبسؤالها عن مدير المكان فقالت: «هو دلوقتى مش هنا ومحدش موجود من الدكاترة ومش جايين النهاردة، ولو سمحت متصورش من غير إذنهم ومن الأفضل إنك تيجى بكره بنفسك تقابل أى حد فيهم».
ويقول المواطن «محمد نشأت طنطاوى» ٣٥ عاما مزارع وأحد أهالى القرية: «إحنا هنا ميتين بالحياة ومحدش من البهوات المسئولين حاسس بينا ولما بنتعب أو حد بيتعور بيروح الوحدة عشان يتعالج مش بيلاقى قطن ولا شاش، ولا بيلاقى دكتور يعالجه أو ممرض يعطيه حقنة».
ويضيف: قدمنا العديد من الشكاوى، لكن صوتنا مش مسموع ولا حد حاسس بينا من بتوع الصحة اللى بنشوفهم فى التليفزيون.
فيما طالب العشرات من أهالى القرية بإعادة هيكلة القائمين على الوحدة الصحية لتحسين مستوى الخدمات الطبية المقدمة لهم، وتطبيق قوانين وعقوبات صارمة تصل إلى حد الفصل من العمل وإغلاق المستشفيات والعيادات الخاصة بالأطباء المقصرين الذين يتجاهلون المرضى بالمستشفيات الحكومية ولا يؤدون واجبهم وعملهم من أجل إصلاح القطاع الصحى الذى يمثل الحياة بالنسبة للمرضى البسطاء.