السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"الإسراء والمعراج" منحة ربانية ومعجزة نبوية ثابتة بالقرآن والسنة.. الرحلة كانت تكريمًا لسيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وبيان فضله ومنزلته.. صلاة النبي في المسجد الأقصى رسالةُ سلام للعالم

الإسراء والمعراج
الإسراء والمعراج
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تهل ليلة الإسراء والمعراج لتذكرنا بالعديد من الدروس التي يجب أن نستفيد منها لنواجه الأزمات التى نعانى منها في كل مجالات الحياة، وما أحوجنا إلى تلك الدروس ونحن جميعًا نعيش في زمن كثرت به الفتن التي حذرنا منها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أجمع علماء الدين أن معجزة الإسراء والمعراج هي إحدى المعجزات العظيمة التي اختص بها الله سبحانه وتعالى رسول الله عليه الصلاة والسلام لتكون بمثابة منحة ربانية وعون للنبي بعد المحن والشدائد التي مر بها عام الحزن، وستظل تلك المعجزة رسالة سلام للعالمين، وفى هذه الليلة فرضت الصلاة معراج المؤمن والصلة التى تقوى العلاقة بين العبد وربه. 
منحة ربانية
أن رحلة الإسراء والمعراج معجزة إلهية ومنحة ربانية وتم ذكرها بالقرآن الكريم وصحيح السنة النبوية المطهرة بنصوص قطعية، لتثبيت قلب النبي الخاتم إيمانًا ويقينًا بما يدعو إليه من حق، لمواجهة المحن والشدائد بعد وفاة زوجته السيدة خديجة وعمه أبى طالب ورحلته إلى الطائف التي لاقى فيها الاستهزاء والأذى، فتوجه رسول الله صلي الله عليه وسلم إلى الله تعالى بالدعاء بعد أن سدت قريش كل الطرق في وجه الدعوة وظل رسول الله صلى الله عليه وسلم ماضيًا في طريقه صابرًا محتسبًا في تبليغ أمر ربه، فاختاره الله سبحانه وتعالى دون جميع الخلائق ليكرمه على صبره وجهاده ولكى يخاطبه دون واسطة ومن غير حجاب، ويطلعه على عوالم الغيب وأراه من الآيات الكبرى وأكرمه بعد ذلك بأن جمعه بإخوانه الأنبياء والرسل فى السماوات العلا، فكان ذلك إشعارًا بأنه إمامهم وقدوتهم وخاتم الأنبياء.
ما معنى الإسراء والمعراج؟
دار خلاف بين علماء الدين ليس في ثوابت معجزة الإسراء والمعراج ولكن وقع الخلاف بين هل النبي عليه الصلاة والسلام أُسرى به بجسده وروحه، أم بروحه فقط؟، ففي قوله تعالي في سورة الإسراء "سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِه" تدل على كيان الإنسان كله، روحه وجسده.
كانت رحلة الإسراء والمعراج تكريمًا لسيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لبيان فضله ومنزلته فمعنى كلمة الإسراء هي الرحلة الأرضية التي تمت بقدرة الله حيث قام بها النبي من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى بسرعة تتجاوز خيال البشر وتم ذكرها في القرآن الكريم في سورة الإسراء "سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ".
أما عن معنى المعراج فهو تلك الرحلة السماوية والارتفاع من عالم الأرض إلى عالم السماء وسدرة المنتهى، ثم الرجوع بعد ذلك إلى المسجد الحرام، وتم ذكرها في القرآن الكريم في قوله الله تعالى في سورة النجم "وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أخرى * عِندَ سِدْرَةِ المنتهى * عِندَهَا جَنَّةُ المأوى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يغشى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وما طغى * لَقَدْ رأى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكبرى". 
مشكاة واحدة
جاءت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فى المسجد الأقصى برسالةُ سلام قوية للأمم، فيجب ألا يكون هناك صراع بين الأمم وأتباع الأديان، فرسالات الأنبياء جميعهم جاءت من مشكاة واحدة لتدعو إلى توحيد الله عز وجل وعبادته وبث الأخلاق والسلام ومن حاد عن منهج رسالات الأنبياء فيحمل رسالة الحرب كما أـن رحلة الإسراء التي كانت من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، تعطى دلالة بأن المسجد الأقصى له مكانة عظيمة في كل الأديان السماوية لأن الثابت أن جميع الأنبياء حجوا إلى بيت الله الحرام وأدَّوا المناسك، وكذلك صلَّوا في المسجد الأقصى. 
الدروس المستفادة
من أهم الدروس المستفادة من معجزة الإسراء والمعراج، أن الله سبحانه وتعالي، فرض الصلاة التي هي معراج المؤمن إلى ربه كما اختبر إيمان المؤمنين وميز بعد هذه المعجزة المنافقون من المؤمنين، فقد ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذه المرحلة المؤمنون الصادقون، وابتعد عنه المتزعزعون فى عقيدتهم الذين كانوا مترددين لا إلى المؤمنين ولا إلى الكافرين، حالة النفاق هذه تخلص منها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذه المرحلة الضرورية، فبرز المنافقون وظهروا على حقيقتهم، وأن المحن والشدائد تكشف الصديق الصادق الصدوق، فالصديق الحقيقي هو الذى يقف مع أخيه عند الأزمات، هو الذى يكون له عونًا، ويسعى بكل ما يملك من قوة فى أن يسهم فى رفع هذه الشدة عنه ورفع ما أصابه من هم أو حزن أو كرب، إن لم يكن ماديًا فمعنويًا فى أضعف الأحوال، كما أن هذا درس عظيم لكل مسلم يتعرض لشدة أو تصيبه محنة أو كرب فإذا صبر وتحمل الشدائد فلا شك أن الله سيكرمه بالعطاءات الإلهية والمنح الربانية، وإن كل محنة وراءها محنة، فلنصبر ولنحتسب ولنتق الله حتى نخرج من هذه الأزمات.