الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بداية النهاية "5"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
علت الدهشة وجوه قادة الجيش المصرى العظيم وهم يستمعون لتوجيهات الرئيس محمد مرسى مطالبا إياهم بالحفاظ على أرواح الخاطفين والمخطوفين - وهو الأمر الذى انتهى به مقالنا الأخير- ولحسن الحظ فإن حديث مرسى كان مصورا ومنقولا على الهواء، أى أنه لم ينقل عبر ألسنة الرواة ولا من خلال بيان يسهل تكذيبه أو التراجع عنه أو الادعاء بتحريفه، ومما زاد الطين بلة أن مرسى لم يكتف بما ذكره عن خاطفى جنودنا وسلامتهم، بل راح يؤكد على ذات المعنى فقال: «إننا مع الحل السلمى ولسنا مع العنف وإراقة الدماء» وهذا كلام لا يصح أن يخرج من فم رجل دولة، فأنت لست فى مواجهة عسكرية مع جيش دولة أخرى، وإنما هى عصابات مسلحة، خارجة عن القانون ولا بد أن نتعامل معها بكل حزم، فكيف لك أن تتحدث عن سلام مع هؤلاء؟ ومما قاله مرسى أيضا فى نفس هذا اللقاء «إن أى اعتداء على الخاطفين قد يؤدى إلى إشعال الوضع فى سيناء وربما يؤدى إلى قتل المخطوفين» والحقيقة أننى مندهش لعدم محاكمة مرسى حتى اليوم عن هذا التصريح الذى ردده فى مايو ٢٠١٣ والذى يحمل بين سطوره معاني كثيرة، منها تأييده الواضح لخاطفى جنودنا، ومنها أيضا محاولة بث الخوف فى نفوسنا من هؤلاء الخاطفين، وفى تلك الليلة تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعى مقاطع عديدة لحديث الرئيس فاستقبلها الجميع بكثير من التهكم والسخرية، وكان التعليق الأكثر انتشارا هو «أنت مع مين، معانا ولا معاهم؟» وقد ساهمت هذه التصريحات فى خفض شعبية مرسى حتى وصلت إلى أدناها، فى الوقت الذى كانت فيه حملة تمرد تواصل جمع التوقيعات الرافضة لاستمرار حكمه، وفى يوم الأحد الموافق ١٢ مايو ٢٠١٣ أى بعد ما يقرب من أسبوعين فقط من تدشين الحملة عقد مؤسسوها مؤتمرا صحفيا أعلنوا فيه جمع أكثر من مليونى استمارة، وفى هذا اليوم أعلنت نقابة المحامين فتح مقراتها على مستوى الجمهورية لأعضاء الحركة وللمواطنين على حد سواء لجمع الاستمارات، وفى هذا المؤتمر الصحفى أيضا جاء على لسان محمود بدر أحد مؤسسى الحركة أنهم يهدفون إلى جمع ١٥ مليون توقيع قبل ١٥ يونيو لسحب الثقة من الرئيس وقال إن الخطوة التالية بعد جمع العدد المطلوب من التوقيعات هو الخروج يوم ٣٠ يونيو فى مظاهرة حاشدة تجمع ملايين الشعب المصرى وتتجه إلى قصر الاتحادية للمطالبة برحيل الرئيس، عندها لا عاصم له من دون الناس ولن يكون هناك بد من إجراء انتخابات رئاسية مبكرة تحت إشراف رئيس المحكمة الدستورية العليا، فى المقابل وفى نفس اليوم علق محمد زيدان المتحدث الإعلامى باسم حزب الحرية والعدالة على المؤتمر الصحفى لحركة تمرد بأن تصريحات بدر ما هى إلا مراهقة سياسية وعدم نضج، بينما طالب أحمد المغير الذى عرفته صحيفة اليوم السابع باعتباره الحارس الشخصى للمهندس خيرت الشاطر- بسحب الجنسية المصرية من أعضاء حملة تمرد معربا عن تشككه فى صحة الأرقام التى أعلنتها، ونعود إلى حادث اختطاف الجنود حيث لم يكن يخفى على أجهزة المخابرات (الحربية والعامة) ولا على قادة القوات المسلحة أن مرسى وجماعته يريدون إحراج الجيش المصرى والضغط على قائده العام من أجل تنفيذ ما سبق وأن طلبه مرسى منه أكثر من مرة وقوبل بالرفض، كوقف هدم الأنفاق فى سيناء ودخول وحدات من الجيش فى مواجهات عسكرية داخل الأراضى السورية، وكان واضحا أن مرسى سيتخذ عملية خطف الجنود ذريعة للإطاحة بالفريق أول عبدالفتاح السيسى الذى يقف أمام مشروع جماعته بالمرصاد والذى كما ذكرنا فى المقال السابق أصبح أكثر شعبية من مرسى لدرجة أن ما يقرب من مليون مواطن قد حرروا توكيلات له كى يدير شئون البلاد، وقد فوجئ القائد العام بمكالمة فى المساء من الرئيس مرسى يطلب فيها عدم اتخاذ أى إجراءات مع الخاطفين لأن هناك من يفاوضهم، وبالفعل نشرت الصحف فى اليوم التالى خبرًا عن سفر الشيخ محمد حسان إلى سيناء لإجراء مفاوضات مع عناصر مقربة من الخاطفين، فظهر لمن لا يملك بصرًا أن الأمر قد دبر بليل ولذا اتخذ الفريق أول عبدالفتاح السيسى قراره بتحديد مكان المخطوفين وتحريرهم دون الانتظار لنتائج مفاوضات الشيوخ مع الخاطفين، وبالفعل تحركت مجموعة من القوات المسلحة نحو الهدف الذى تم تحديده بدقة متناهية فى منطقة الجورة بقرية صلاح الدين وقاموا بمحاصرة المكان تمهيدا لاقتحامه، فأدرك الخاطفون أنهم على وشك الموت فأطلقوا سراح الجنود وفروا إلى مناطق عامرة بالسكان فخشيت القوات أن تطلق النار فيقتل من لا ذنب له وعادوا بجنودنا، فبهت مرسى حين أبلغه السيسى بأن قواتنا قد نجحت فى تحرير الجنود السبعة، وكان على المرشد أن يبحث عن سبيل جديد يشغل به الرأى العام الذى بدأ يتحدث عن حركة تمرد وعن فشل مرسى الذريع فى إدارة البلاد وعن الدعوات التى انتشرت بين الناس عن مظاهرات ٣٠ يونيو للإطاحة بمرسى فاقترح عليه إجراء تعديل وزارى سريع فى حكومة هشام قنديل ولكن للأسف كان هذا التعديل بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير.. وللحديث بقية.